أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - مفهوم الدين لدى جوستاف لوُبون(2)














المزيد.....

مفهوم الدين لدى جوستاف لوُبون(2)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7131 - 2022 / 1 / 9 - 15:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإيمان الديني بحسب لوبون، كما ذكرنا آنفا، يأتي تلقيني أو تقليدي، أي يقلد الأبن ابيه ويأخذ عنه معتقده. وبهذا يؤكد لوبون بأن الايمان لا يمكن أن يكون عقلي، لأن قضايا الدين لا تنسجم و العقل.
لذلك يتساءل لوبون في كتابه "فلسفة التاريخ" يتساءل تساؤل نفي بقوله: هل يستطيع معتقدٌ دينيٌّ أوهنه الزمن أن يتحوَّل إلى معتقدٍ عقلي؟.
يقول ولا يأتي التاريخ بغير مثالٍ على مثل هذا التحوُّل، وهذا هو الذي أتمَّته البروتستانيَّة عندما اتخذت الطور العقلي كما يُسمَّى، فقد رُفِضَ في تطوُّر النصرانية الأخير هذا مبدأ وجود إلهٍ يدع ابنه يهلك في الآلام تكفيرًا عن خطايا مخلوقاته، وقد أضاع يسوع أصله الإلهي وعاد لا يُعَدُّ غير معلِّمٍ بَشَّرَ بحقائق نافعة. والنصرانية بعد أن تحوَّلَتْ على هذا الوجه عادت لا تكون دينًا في الحقيقة، وصارت لا تلائم الرغائب الوجدية في النفوس التي تُقلقها الحاجة إلى الإيمان بعالمٍ قادمٍ أكثر صلاحًا.
ومع ذلك كما يرى لوبون، فأنّ المعتقدات الدينية لا يمكن أن تهزها اكبر الزلازل والصواعق العنفية والاضطهادية، أن تزلزلها، بل على العكس من ذلك تمامًا، إنها ظلت شامخة تناطح جميع القوى التي وقفت ازاءها.
ويضيف وما كان أشدُّ الاضطهادات ليزلزل المعتقدات، وما كانت الاضطهادات لتؤدي إلى غير تقويتها، وقد أتيتُ "أي لوبون" بأمثلةٍ بارزةٍ على أوائل الإصلاح الديني. ولو دُعِيَ الشيوعيُّون في بُقعةٍ ما من بقاع العالم إلى مكابدة العذاب الذي فرضه نِيرون على النصارى لاتَّسع نِطاق الإيمان الشيوعي بأسرع مما يتَّفق له اليوم لا ريب. ولوبون لا يدري أنّ الشيوعية اليوم منتشرة بكثير من بلدان العالم، منها كوريا الشمالية والصين وروسيا، على سبيل المثال.
وقد لخصّ لنا لوبون المبادئ النفسية التي تُسيطر على نشوء المعتقدات، سواء أدينيةً كانت أم سياسية أم اجتماعية:
(١) إن الحاجة إلى معتقدٍ لتوجيه الأفكار والسَّيْر هو من التجبُّر والقوة، كالجوع والحب.
(٢) إن الإنسان وإن كان يُغيِّر اسم آلهته أحيانًا، يستمر على السيطرة عليه ما سيطر عليه دائمًا من العوامل الوجدية.
(٣) يميل الإنسان العصري إلى استبداله بالألوهيَّات الشخصية السابقة عقائد وصِيَغًا عُزِيَ إليها ما لهذه الألوهيَّات من قدرةٍ سحرية، وما تنطوي عليه هذه العقائد الجديدة من صحةٍ ليس أعظم مما تنطوي عليه المعتقدات القديمة على العموم.
(٤) لا تقوم المعتقدات الدينية والمعتقدات السياسية ذات الشكل الديني على العقل، ولا يمكن أن تزول بالعقل.
(٥) تقوم المعتقدات بالتلقين المشتق من النفوذ والتوكيد والتكرار، وتُعَدُّ العدوى النفسية أهمَّ وسيلةٍ لانتشارها.
ويختم بقوله: ويمكن أن يُقال كنتيجةٍ إن نفوذ الأشباح الإلهية التي عَمَرَت السماء، وإن نفوذ الأوهام التي تميل اليوم إلى القيام مقامها، مما يدلُّ على كَون غير الحقيقي يُمثِّل في التاريخ دورًا له من الأهمية ما للحقيقي، فبتأثير غير الحقيقي ظهرت حضاراتٌ عظيمة من العدم وآلت أخرى إلى العدم، فغير الحقيقي أنعم على الإنسان بوهمٍ في السعادة الأبدية التي لا تمنحه الطبيعة القاسية إيَّاها، ولولا قدرته لظلَّت البشرية غائصة في وحشيةٍ خالدة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الدين لدى جوستاف لوبون(1)
- كيفَّ أُعبّر عن صلواتي
- اللاجدوى وعبثية الحياة: الغور في فراغ أجوف
- أناشيد الليل
- بوح!
- عطرك يليق بسمعة بساتيني
- الى عمر الخيام
- محطات مؤجلة
- حفلة شبه تنكرية
- احتساء الشعر و رمزية الجمال في (احتسي الشعر) لوليد حسين
- الصين وامريكا مَن سيهزم مَن؟
- قراءة اولية في فكر الدكتور خزعل الماجدي1/ 6
- السعادة بين ابن خلدون و دوستويفسكي
- قراءة اولية في فكر الدكتور خزعل الماجدي/ المقدمة
- قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 4/ 4
- قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 3/ 4
- قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 2/ 4
- قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 1/ 4
- الاخلاق عند دوستويفسكي3/ 3
- ما هي الرسالة التي أراد ايصالها دوستويفسكي في (المقامر)


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - مفهوم الدين لدى جوستاف لوُبون(2)