أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - أمريكا تدفع اوروبا وروسيا نحو حافة الهاوية















المزيد.....

أمريكا تدفع اوروبا وروسيا نحو حافة الهاوية


فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 23:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


أوكرانيا وجميع الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي لاتزال تعاني من مشكلة البناء الحداثي للدولة وتعزيز مؤسساتها والتدرب على المسار الديمقراطي وقبول اللعبة الانتخابية ، ثم انها تعاني من صدمة الانهيار للاتحاد السابق ومواجهة البناء السياسي وفق متطلبات كثيرة ومنافسة حادة ووسط متغيرات عولمية غير مسبوقة من بينها التنافس السياسي والاقتصادي بل والصدام أحيانا ناهيك عن مشكلات الحدود مع الدولة الأكبر روسيا او مع بعضها البعض إضافة الى تنامي الدعوات في الانضمام الى الاتحاد الأوربي ظنا انه الحضن الدافئ لمساعدتهم وللحماية أيضا .. اوكرانيا دولة كبيرة المساحة وحدودها مع دول كثيرة أهمها روسيا وثرواتها الطبيعية كثيرة أيضا لكنها دولة تتصف بفساد النخبة السياسية ووجود جماعات موالية لروسيا وأخرى تدعم النزعة القومية بتعزيز الاستقلال واخرين يرون ضرورة الارتباط بحلف الناتو والاتحاد الأوربي ..
في هذا السياق ووفق تزايد المشكلات الداخلية ومشكلات الحدود مع روسيا التي تدخلت عسكريا عام 2014 وحصلت بموجب ذلك على شبه جزيرة القرم في حين كان الغرب - اوروبا وامريكا- في موقف المتفرج وفرض العقوبات الاقتصادية لاحقا على روسيا والتنديد بما اسمته عدوان على دولة مستقلة..
لهذا ضخمت أمريكا مخاوف أوكرانيا ودفعتها لتقديم طلب الانضمام الى حلف الناتو وهو امر يدخل في حسابات الامن القومي لروسيا ولن تسكت عنه ابدا ، وهذا الامر يذكر بما حدث عام 62 وما اطلق عليه ازمة الصواريخ السوفيتية في كوبا ..
امريكا منذ انهيار القطبية الثنائية عام 90 أعلنت انها تدير العالم منفردا وانه حان الوقت لهندسة سياسية وجيو -استراتيجية ظنا ان لا قطب سياسي او عسكري سيكون منافسا لها ، وظنا ان روسيا التي كانت تعاني من حزمة كبيرة من الاشكالات والاضطرابات في عهد يلتسن لن تقوى على الخروج منها . لكن الواقع المعاش اظهر قدرة روسيا في الخروج من تلك الازمات وبروز نزعة وطنية وقومية إعادة البناء سريعا للدولة وتفعيل مؤسساتها الرسمية خاصة المؤسسة العسكرية والأمنية والاستخباراتية واصبح لها حضور في اكثر من مكان ضمن مختلف دوائر الصراع إقليميا ودوليا بل ومنافسة لأمريكا أحيانا كما هو الحال في سوريا وازمات الشرق الأوسط ناهيك عن أزمات في دول اسيا الوسطى وتصاعد حضورها الدولي بالتنسيق مع الصين ودول إقليمية أخرى .
في هذا السياق ذهبت أمريكا لتدق طبول الحرب ضد روسيا . فهي تحرض اوكرانيا وتقدم لها السلاح وتحفز اوروبا حيث تبالغ بمخاطر روسيا عليها وتحفز حلف الناتو لتجديده بعد ان اصبح دون هدف او فاعلية منذ عام ٩٠ حيث انهيار حلف وارسو ، فالتحديات الكبيرة التي كانت مرتبطة بحلف وارسوا اختفت مع انهيار المنظومة الاشتراكية .. والكثير من النخب السياسية والثقافية الأوربية لا ترى أي مبرر واقعي لاستمرار حلف الناتو بل تراه استنزاف للتمويل الاوربي الذي يجب ان يتوجه نحو أولويات داخلية ..لكن ..امريكا لا تريد اقطاب جديدة منافسة لها خاصة وانها قد اعلنت أن يكون القرن الحادي والعشرين قرنا أمريكيا .
لكن التطور الاقتصادي والتكنولوجيا أظهر تقدم الصين وبروزها كقطب فاعل في مجال التكنولوجيا –خاصة تكنولوجيا الاتصالات - ومعها روسيا في مجال الأسلحة الحديثة والحضور الإقليمي والدولي.. وفي نفس الوقت امريكا لا تريد اوروبا الموحدة ان تكون قطبا منافسا بل اتحادا ضعيفا يعلن رسميا حاجته المستمرة للحماية الامريكية..
ومن يتابع المساعي الدبلوماسية مع روسيا سيجد تناقضا كبيرا .. ففي الوقت الذي يؤكد البعض في اوروبا أن الدبلوماسية هي الطريق الأنسب لخفض التصعيد العسكري مع روسيا تتشدد إدارة بايدن في الاعلان عن جاهزية الناتو لردع روسيا وعن ارسال أسلحة امريكية وبريطانية إلى اوكرانيا ناهيك عن التهديد بتدمير خط نقل الغاز الروسي إلى اوروبا خصوصا إلى المانيا . وهذا الأخير مشروع اقتصادي عملاق يعزز الحضور الروسي في اوروبا ويعزز قوتها الاقتصادية والسياسية وهو امر لا ترغب أمريكا باستمراره .. مع ان بدائل الغاز من دول اخرى ستكون ذات كلفة اقتصادية عالية و مخاطرها كثيرة .. لكنه صراع المصالح وفق العقلية الكولونيالية التي تشكل مرجعية للعقل السياسي لأوروبا وامريكا حيث الاصرار الامريكي على عدم ظهور اقطاب منافسة لها حتى لو أدى ذلك إلى حرب اقليمية كبيرة وربما حرب عالمية أي دفع اوروبا الى حافة الهاوية ومعها روسيا . ومن هنا يلعب الاعلام الأمريكي ليل نهار دور دق الطبول في الدفع بأطراف الازمة الى حافة الهاوية .
الجدير بالذكر انه حال قيام الحرب ستكون أوروبا متضررة الى حد كبير سياسيا واقتصاديا وهو يرسم في الذاكرة مخاطر واهوال الحرب العالمية الثانية التي كانت اوروبا مسرحا لها خاصة المانيا و ما حدث لها من تدمير .. هنا ستظهر الشركات الامريكية لتجنى الأرباح اللامحدودة من الإنفاق العسكري وغيره من متطلبات الحرب مثلما استفادت من الحرب العالمية الثانية ..
امريكا تستنفر كل طاقتها في هذا الأمر مع علمها بأن المخاطر ستنالها.. فالقوات الروسية ليست بعيدة عنها وعن مصالحها في اوروبا والشرق الأوسط ووسط اسيا وجنوبها .. واشتعال حرب كبيرة يجعل امداد الطاقة النفطية والغاز امرا في غاية الصعوبة للاقتصاد الأوربي وهذا مظهر من تلك الحافة التي تريد أمريكا دفع حلفائها نحوها لتظهر هي كمنقذ وحيد .

هذا كله لا ينفي ان هناك ازمة سياسية داخل اوكرانيا بين قوى سياسية متعددة بعضها موالية لروسيا والاخرى مناهضة لها وقوى ثالثة لا تريد الدخول في حرب تشعلها امريكا واوروبا لان أوكرانيا ستكون ميدانا للمعارك والتدمير اللامحدود.. ولعل هذه الازمة قد يتشكل معها تغيير في الطبقة السياسية الحاكمة في أوكرانيا ومعها تتغير التوجهات السياسية نحو روسيا .وللعلم ذات المشاكل معلنة في أوكرانيا واضحة في بيلاروسيا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا والاخيرتين دخلتا حرب لعدة أسابيع خسرت ارمينا بعضا من أراضيها ..
أمريكا تريد استفزاز روسيا حتى تتورط عسكريا ثم تتدخل القوات الاوربية لإغراق روسيا في مستنقع الحرب وربما تتجه امريكا ومعها حلف الناتو الى شبه جزيرة القرم لاستعادته من روسيا والتي حصلت عليها في حرب خاطفة 2014 وهو امر لايزال يشكل مطلبا للقوميين المتطرفين في أوكرانيا كما ان تحقيق هذا الامر يشكل كسر عظم للقوة الروسية من قبل أمريكا .
اوروبا العجوز غير قادرة على ان تكون مستقلة بقرارها وحماية نفسها لهذا ترضخ للقرار الامريكي .. مع العلم بان ممكنات القوة داخل اوروبا كبيرة جدا اقتصاديا وعسكريا لكن لأسباب متعددة تصر المانيا وفرنسا ومعها بقية الدول الاوربية على تمويل حلف الناتو واستمرار دوره العسكري .. مع ان أوروبا الموحدة تستطيع بناء قوة عسكرية رادعة لحماية اوروبا بديلة للناتو .
أخيرا نحن العرب سينالنا الكثير من هذه الحرب حال اشتعالها بشكل مباشر تارة وغير مباشر تارة اخرى .. خاصة وان العرب لن يكون لهم موقف موحد من الازمة ..والدول النفطية غالبا ستكون داعمة لأمريكا وفق احتياجاتها للنفط والغاز أو التمويل .. هنا ستلجاء امريكا إلى المبالغة في القول ان مخاطر تهدد الخليج من قبل روسيا كما كان الحال عام ٧٩ حيث أعلنت امريكا نفس المبرر بأن مخاطر السوفييت أصبحت قريبة منه وتزداد مبيعات الأسلحة للمنطقة ..
هنا يتكرر غياب العقل الحداثي في اوروبا وامريكا .. فبدلا من استمرار مواجهة الجائحة كورونا والازمات الاقتصادية المرتبطة بها تلجاء إلى افتعال بؤر نزاع جديدة مضافة إلى ما يسود الشرق الأوسط وأكثر من مكان في القارة السمراء وامريكا اللاتينية ..وهنا لا تكون روسيا المقصود فقط بل اوروبا حتى لا تتجرأ على القول بتشكيل جيش أوروبي مستقل عن الناتو كما عبر عن ذلك الرئيس الفرنسي في غير مرة .. وهكذا تعاقب امريكا حلفائها بشكل مباشر مثلما عاقبت فرنسا صاحبة الدعوة السابقة حيث سحبت منها صفقة الغواصات التي كانت قد ابرمتها مع استراليا بأكثر من ستين مليار وشكلت مع استراليا والهند وبريطانيا حلفا أمنيا ضد الصين التي تتوسع اقتصاديا في المحيط الهندي وفي أكثر من مكان في المعمورة .. ختاما على العرب ان يستعدوا للتعامل مع المخاطر الناجمة عن هكذا حرب قادمة وان لا يقول احد بان ما سيحدث هو مفاجئة لان الاضرار حين اندلاع حرب داخل اوروبا ستكون كبيرة جدا في عموم منطقتنا العربية ..!



#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)       Fuad__Alsalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في امريكا واوربا العودة الى الادوار الاجتماعية للدولة
- عن القضية الفلسطينية -2-
- ايران و السعودية .. حوارات سياسية ام صفقات سياسية
- مناورات ايران مع امريكا والسعودية
- الاتجاه شرقا ...-مقدمة قصيرة -
- مسار متجدد لحرب باردة لم تنتهي
- السعودية في عين العاصفة الامريكية -2-
- نحو صناعة ايدولوجيا حداثية
- في بلادنا أزمات متراكمة تدفع ثمنها الطبقة الوسطى
- كورونا بين السياسة والعلم والدين ..!
- ملاحظة في مفهوم المثقف ..!
- ايران والخليج ..(مواجهة ام تخفيف التوتر ) :
- ظاهرة العنف بين السياسي والديني
- سيناريوهات المشهد الانتخابي الأمريكي ونتائجه
- السودان بين مطرقة الخارج وسندان الداخل
- كلمة عن القضية الفلسطينية
- اعادة بناء النظام الدولي وهيكلته -الضرورة والحاجة -
- انفجار بيروت ..المعنى والدلالات
- بؤس النخب السياسية والحزبية في دول الربيع العربي
- كلمة قصيرة عن الجامعة العربية


المزيد.....




- حاول اختطافه من والدته فجاءه الرد سريعًا من والد الطفل.. كام ...
- تصرف إنساني لرئيس الإمارات مع سيدة تونسية يثير تفاعلا (فيديو ...
- مياه الفلتر المنزلي ومياه الصنبور، أيهما أفضل؟
- عدد من أهالي القطاع يصطفون للحصول على الخبز من مخبز أعيد افت ...
- انتخابات الهند.. قلق العلمانيين والمسلمين من -دولة ثيوقراطية ...
- طبيبة أسنان يمنية زارعة بسمة على شفاه أطفال مهمشين
- صورة جديدة لـ-الأمير النائم- تثير تفاعلا
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 50 مسيرة أوكرانية فوق 8 مقاطعات
- مسؤول أمني عراقي: الهجوم على قاعدة كالسو تم بقصف صاروخي وليس ...
- واشنطن تتوصل إلى اتفاق مع نيامي لسحب قواتها من النيجر


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - أمريكا تدفع اوروبا وروسيا نحو حافة الهاوية