أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - ظاهرة العنف بين السياسي والديني















المزيد.....

ظاهرة العنف بين السياسي والديني


فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 6721 - 2020 / 11 / 2 - 10:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


العنف لغة الشديد في القول والغلظة في الخطاب ، وهو سلوك عدواني يستهدف الاضرار بحياة ومصالح اخرين او التهديد بها وهو سلوك غير قانوني .. بشكل عام يرتبط العنف بالإنسان منذ بدايات الوجود وفقا لتكوينه المادي والروحي ونزعاته بين الخير والخير وهي نزعات يتأرجح معها سلوك الانسان ومواقفه وتبريراته ، يسلك وفقا لنزعاته الحيوانية او غريزته العدوانية او يسلك وفقا للمصالح الانانية او المصالحة وفق فوائدها للعامة والخاصة . وقد مرت المجتمع الإنساني بحروب عبثية من اجل الملوك او تحت راية الاساطير ومنها حروب دينية وعصبوية لم تفيد الانسان في شيء لكنها عكس مسار وجوده الاجتماعي ووعيه بذاته وبمحيطه ووعيه بمنظومة الثقافة والرموز والدين ، في زمن لم يكن هناك مؤامرات ولا امريكا ولا رأسمالية.. ثم مع مسارات التغير الاجتماعي اخذ الانسان يهذب من سلوكه تدريجيا من خلال الخبرة والمعرفة ثم جاءت الفلسفة والقوانين والأديان ومعها جميعا انخفض منسوب العنف تارة ونقصد بذلك العنف الفردي والجمعي ، وارتفع منسوب العنف المنظم والمؤدلج تارة أخرى وفق متغيرات السياسة والاقتصاد بل واعتماده نهجا لبعض الحكومات والاحزاب والجماعات كما المليشيات ..والعنف السائد في عالمنا المعاصر يتمظهر بكل صوره ومجالاته ماديا ورمزيا ، وكلاهما يؤثران في الافراد والجماعات بل وعامة المجتمع ..
العنف بكل مظاهره اصبح ظاهرة عامة له حضور في كل المجتمعات بدرجات متفاوتة لكن صفته العالمية لا يجب ان تغيب معها الأسباب المحلية أيا كانت ، ومجتمعاتنا العربية مليئة بموروث تاريخي وسياسي وفقهي يتم احيائه وفق متطلبات الصراعات السياسية غير الوطنية داخليا ومع الخارج دونما اهتمام بممكنات الحياة وتعزيز ها كفكرة وقيمة بل ونهج عام يحقق الاستخلاص وتعمير الأرض وهو الامر الذي يعبر عن مدنية الانسان في تفاعلاته وعلاقاته من الاخر المختلف معه او الانا داخل المرجعية ذاتها .
والسؤااال المهم هنا هل هناك مبررات حقيقية للعنف اكان فرديا او جماعيا ام انه نتاج سياق مجتمعي وفق متغيراته سلبا وايجابا يدفع الافراد أحيانا للخروج عن قواعد المجتمع ، واذا كان العنف مؤدلجا هل يمكن القول بصناعته وفق مصالح سياسية اقتصادية ضمن لعبة كبيرة اعتمدت في بعض الاحيان الحروب والغزوات والاستعمار ، واحيانا أخرى جماعات وتنظيمات تقوم بما كانت تقوم به الحكومات سابقا او كلاهما يتبادلان الأدوار والممارسات ضمن اجندة موحدة ..
وفي عالم اليوم يستمر العنف كعدوان على فضاءات الحرية العامة وعلى مسارات الحياة المدنية لان هذا العدوان يرفض فكرة التعدد والتنوع وهي اصل رئيسي في كل المجتمعات والحضارات والاعتراف بها يشكل ثراء حضاريا يعزز الاستقرار وتقل معه نزعات العنف .. خطورة العنف المؤدلج انه يؤسس على فكرة انه وحده يمتلك الحقيقة الدينية او السياسية (الايدولوجية) ولا يقبل النقاش حولها ، وينظر الى العالم كله من زاويتها ، وهذه الفكرة تصبح "دوجما " تجعل صاحبها منغلق فكريا لا يرغب في معرفة متجددة ولا يناقش حتى ابسط مسلمات ما يؤمن به ..
واذا كنا نعيش في مجتمع المخاطر وفق مسار العولمة ومتغيراتها المتدفقة في مختلف المجالات فان مظاهر العنف الفردي لاتزال مرتفعة ومنتشرة بشكل واسع لكن الاخطر هنا هو العنف المصنع سياسيا وفق جماعات ذات تمويل واجندات لا يدرك من يمارس العنف حيثيات ممارساته واهدافها احيانا ويدرك هذا الامر احيانا اخرى وفقا لمرتبته داخل جماعته او تنظيمه ..
واذا كان الصحيح ان العنف التكفيري يستند الى تراث فكري وفقهي كما يستند الى تراث تاريخي واحيانا اسطوري فالصحيح ايضا انه يستند الى مختارات يتم انتقائها من بطون امهات الكتب وهذا ما عبر عنه منظر جماعة داعش بعد الامساك به .. لكن من يقرا كتبهم ورواياتهم (مختلف الجماعات المعتدلة والمتطرفة ) منذ مائة عام سيكتشف هذا الامر ببساطة لان كتاباتهم سطحية ويتم كشفها ممن له قدرة على اعمال عقلة في البحث والتفكير ..اما اتباع تلك الكتب والمنشورات فلا يعملون عقولهم بل يتم تدريبهم لممارسة العنف ظنا انه طريقهم الى الخلاص والفوز بالجنة والحوريات اللاتي ينتظرن القادم اليهن ...
العنف بشكل عام له اسباب اجتماعية وثقافية وسياسية وتاريخية ولا يمكن ربطه بسبب واحد او ربطه بحضارة وديانة واحدة لأنه يمارس في سياق مجتمعي وحضاري متعدد الثقافات والمرجعيات ، لكن من المؤكد يمكن الإشارة الى جماعات بذاتها تمارس العنف داخل كل ثقافة ومرجعية دينية وهؤلاء يجدون لهم انصار من فئات مختلفة من الافراد ذو مستويات تعليمية متباينة منهم الامي وذو التعليم الاساسي ومنهم من حصل على تعليم مهني وجامعي ومنهم من يعيش وسط حياة مستقرة ورغد العيش ومنهم من يعيش وسط بيئة الفقر والعوز ..
والمؤكد أيضا ان غياب الحريات العامة وفق نظم شمولية –سلطوية تولد قدرا من العنف ، وانتشار الفقر والبطالة مع غياب المواطنة تولد عنفا اخر ، والتعليم المؤدلج ضمن جماعات راديكالية يؤسس لعنف من زاويته ووفق مبرراته غير المتفق عليها من العامة في المجتمع .. وهناك عنف يتم صناعة افراده وتنظيماته وفق اجندات سياسية اقليمية ودولية ومحلية ايضا ..ولابأس من تداخل بعضا من مظاهر العنف وجماعته .. فهناك تبادل مصالح بين جماعات الاتجار بالبشر وبيع الاسلحة غير الشرعية مع غسيل الاموال مع تنظيمات مؤدلجة وتكفيرية بتنوعها المذهبي والطائفي احيانا ..والغرب الرأسمالي بأدواته المتعددة شكل جماعات عنف وصك علاقات مع جماعات يراها معتدلة وخلق مناخات مجتمعية لتشكل جماعات عنف خارج حدوده الجغرافية لكنها تنفذ اجنداته ومصالحه كما يتم استخدامها محليا بطرق واساليب متعددة ..
الغريب في الامر ان كل هذه الجماعات ومؤيدوها لو انفقوا اموالهم على التعليم العام والمهني والفني لتشكل معهم سياق مجتمعي مفيد لهم ويفيد العالم ..فمجتمع مثل افغانستان والصومال لو انفقت الاموال التي ذهبت لشراء السلاح والمخدرات على التعليم والصحة والصناعة الصغيرة والمتوسطة لكانت هذه المجتمعات في ارقى مساراتها الحضارية والانمائية لكنها غرقت في الفوضى السياسية فدمرت فيها الدولة و تحولت جغرافيتها الى ساحة للحروب والاقتتال لا يستفيد المجتمع المحلي شيئا بل تتدمر كل ممكنات حياته ووجوده ، ومثلها اليوم مجتمعات اخرى انزلقت الى ذات السياق وتتضاعف معاناة ابنائها وتتخلف في مساراتها الانمائية .
لامجال من تحقيق انتصارات عبر العنف الذي يستهدف الانسان الفرد الاعزال -المدني - قد تعلن حروب رسمية بين دول وشعوب وهذا ممكن وفق لعبة مصالح وحسابات مسبقة للربح والخسارة فيها ،لان الحروب في عالم اليوم ليست مقامرة بل جزء من لعبة مصالح تحسب فيها كل ادوات القوة والتفوق او لا يتم الدخول اليها .. واذا كان لابد لهذه المجتمعات ان تخرج من دوامة العنف فهذا يستلزم بالضرورة تجديد الاطر المعرفية العامة والخطابات الدينية والسياسية للقطع مع اي خطاب يشرعن للعنف أيا كان مصدره او قائله . فلا يكفي القول بدين التسامح وجماعات متعدة داخل سياقه تعلن العنف طريقا ومنهجا واسلوبا ، ولا يكفي القول بدولة حديثة وحكوماتها تقمع الحريات والتعبير عن الرأي ، ولا يمكن القول للناس كونوا في طاعة النظام والفقر والبطالة وغياب المواطنة ممارسات يراها كل ذي عين .. وكذلك الحال في تدخلات الخارج الدولي والاقليمي .. العنف يزهق الأرواح البريئة ومعها منظومة القيم والتدين والحياة المدنية أيضا ومن يروج لممارسة العنف او يشرعن حضوره انما يستهدف كل مظاهر الحياة .
صفوة القول .. العرب ومعهم كل المجتمعات تريد المساواة والمدنية والاستقرار وان تتولى الدول والحكومات حماية الافراد وهم يمارسون حياتهم وينتجون ممكنات العمران البشري .فلا مجال للعنف كأسلوب لاستملاك السلطة او فرض فكرة او ايدولوجية بالقهر المادي ،ولامجال لاستمرار الحروب بأقنعتها الطائفية والمذهبية لأنها تدمر كل ممكنات الحياة ووجود الانسان ومجتمعه . لن يتوقف العنف او يختفي من الأرض لكن يمكن التقليل منه وتخفيض منسوبه الى ادنى قدر ممكن ..وهذا رهن بإرادة سياسية محلية ودولية باعتباره ظاهرة محل اهتمام من الجميع .. لكن ..هل بالفعل .. الدول الكبيرة تحارب الإرهاب ام تصنعه وتعممه طالما يقع خارج جغرافيتها بل وتستثمره لمشاريعها الاقتصادية في اطار تنافس محموم بين كبرى الشركات المعولمة واداراتها السياسية .وتستثمره داخليا وخارجيا لتمرير سياساتها الامنية والعسكرية ومثلها دول إقليمية تثير المخاوف داخل مجتمعها من الإرهاب والعنف حتى تمرر إجراءاتها الأمنية وتقلل من فاعلية المعارضة التي أصبحت مدجنة وعندها استعداد لان تلعب دور تجميلي للنظام ..!



#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)       Fuad__Alsalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريوهات المشهد الانتخابي الأمريكي ونتائجه
- السودان بين مطرقة الخارج وسندان الداخل
- كلمة عن القضية الفلسطينية
- اعادة بناء النظام الدولي وهيكلته -الضرورة والحاجة -
- انفجار بيروت ..المعنى والدلالات
- بؤس النخب السياسية والحزبية في دول الربيع العربي
- كلمة قصيرة عن الجامعة العربية
- نظرية الصدمة وازمات المنطقة العربية
- كورونا ووعي المشتغلين بالعلوم الاجتماعية
- فشل السياسي والحزبي والمثقف
- رئيس من العالم الثالث في البيت الأبيض
- الاقتصاد السياسي مدخل لفهم وتحليل الازمات الراهنة
- العالم غدا ...!
- العولمة اعلى مراحل الرأسمالية
- ما بعد الجائحة كورونا
- خمس ملاحظات في ازمة كورونا وتداعياتها في الواقع العربي
- نحو تعديل النهج الاقتصادي للرأسمالية المعولمة
- مقدمة في تحليل الازمات الراهنة
- جائحة وبائية واستغلال سياسي
- كورونا ..الخوف والتحدي في آن واحد


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - ظاهرة العنف بين السياسي والديني