أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد الكحل - حين أزال المغرب جبلا من أجل إنقاذ أحد أبنائه.














المزيد.....

حين أزال المغرب جبلا من أجل إنقاذ أحد أبنائه.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 7156 - 2022 / 2 / 8 - 17:40
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


حادث سقوط الطفل ريان في البئر لم تتعامل معه الدولة كحادث عارض مثل حوادث السير أو السقوط من أماكن مرتفعة أو الغرق في النهر أو البحر ، وهي حوادث شبه يومية تحدث في كل الدول ، بحيث تربطها بأسبابها وترتب عنها الجزاءات بقدر المسؤولية التي يتحملها كل طرف. بل إن الدولة المغربية تعاملت مع الحادث كواقعة استثنائية تقتضي تدبيرا استثنائيا يتحكم فيه روح الشعب بقيمه السامية وعواطفه النبيلة . فالتعاطف الجياش الذي حرك وجدان الشعب ومسؤولي الدولة تمت ترجمته إلى فعل جبار وجهد كبير على أرض الواقع ، بحيث هبّت مؤسسات الدولة ، بعد أن جنّدت كل إمكانياتها المادية والبشرية ، إلى إزالة جبل من أجل إخراج "ريان" من جوف البئر، رغم وعورة التضاريس وصعوبة المسالك . هكذا توارى القانون لفائدة الوجدان والواجب الأخلاقي والإنساني . لم يطرح أي مسؤول قضية ترك البئر بدون غطاء أو مسألة إهمال الأطفال في سن صغيرة كما يحدث في المجتمعات الأوربية ، أو كما ينص القانون المغربي على معاقبة كل من ارتكب ، بعدم التبصر أو عدم الاحتياط أو بالإهمال ، قتلا غير عمد أو تسبب فيه عن غير قصد بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات. فالانفجار العاطفي الذي أحدثه سقوط الطفل ريان بالبئر في نفوس الشعب المغربي وبقية شعوب الأرض ، ثم حالة الحزن التي تملّكت النفوس عن وضعية وظروف طفل في قعر بئر مظلمة وكذا حالة الترقب والأمل في إخراجه حيا يرزق ، خلقا حالة وجدانية عامة تداعت لها النفوس، داخل المغرب وخارجه لدرجة ، بالترقب والحزن ، أصبح معها أمر المساءلة غير مستساغ اجتماعيا وشعبيا وحتى ثقافيا حيث يلعب "المُكتاب" أي القضاء والقدر، دورا مركزيا في مثل هذه الأحداث المجيِّشة لوجدان الشعوب.
لقد أظهرت عملية أخراج "ريان" من غور الجبل أمورا جوهرية لا بد من استحضار أهمها كالتالي:
1 ــ تجنيد كل إمكانيات الدولة، المادية والبشرية ، لتنفيذ عملية الحفر بكل دقة واحترافية حافظت على سلامة كل المشاركين فيها من مخاطر انهيار التربة . فالدولة وضعت مهندسيها وخبرائها ومعداتها رهن اللجنة المشرفة على عملية الحفر لإخراج الطفل "ريان" من باطن الجبل . وبهذا ،أثبتت الدولة اختلاف تعاملها مع حادث سقوط "ريان" في البئر عن تعامل ، مثلا، دولة روسيا مع غرق الغواصة النووية "كورسك" ، يوم 12 غشت 2000 في بحر بارينتس ، وبداخلها 118 عنصرا من طاقمها . ظل طاقم الغواصة عالقا على عمق 108 أمتار دون أن توظف الدولة كل إمكانياتها ، ولم تقبل بالمساعدة الخارجية إلا بعد تسعة أيام حيث نجح الغطاسون النرويجيون في فتح بوابة الغواصة وانتشال جثة عناصر الطاقم . الأمر الذي جعل صحيفة "إيزفستيا" تنتقد بشدة الدولة الروسية ورئيسها بوتين لكونهما لم يجعلا الكارثة هاجسا لهما .
2 ــ الدولة أزالت جبلا من أجل مواطن مع ما يكلف ذلك من جهد وإمكانيات . جهد قدّره عموم المواطنين وأثنى عليه الأمين العام للأمم المتحدة ،أنطونيو غوتيريش، على لسان نائب المتحدث باسمه ، السيد فرحان حق ، حين قال في مؤتمر صحفي ، يوم الاثنين 7 فبراير (نشيد بالعمل والوقت الذي استغرقته فرق الإنقاذ لإنقاذ الصغير ريان).
3 ــ الوحدة والتلاحم بين كل مكونات الدولة والشعب طيلة عملية الإنقاذ وإزالة الجبل ؛ وهي لحظة مشرقة أشاد بها بابا الفاتيكان ضمن عظته الأسبوعية في ساحة القديس بطرس كالتالي: “ومع ذلك، تظل لحظات محاولة إنقاذ الطفل ريان جميلة، حيث احتشد الشعب المغربي قاطبة من أجل إنقاذه في عملية نالت اهتمام العالم كله.. اعتدنا على سماع ورؤية الكثير من الحوادث والأشياء والأخبار القبيحة عبر وسائل الإعلام، لكن كان جميلا أن نرى كيف تشبث المغاربة ببعضهم البعض لإنقاذ ريان". لقد أبان المغاربة ، مواطنين ومسؤولين، عن سمو قيمهم الاجتماعية والحضارية وتشبثهم بهويتهم الثقافية والتاريخية ، عبر التلاحم والتكافل والتضامن ، جعل حشود الموطنات والمواطنين يبيتون في العراء يتابعون عمليات الحفر دون أن تتخذ السلطات العمومية قرار إجلائهم أو حرمانهم من الترقب والمتابعة . كما سمحت السلطات العمومية لوسائل الإعلام الوطنية والدولية بنقل مراحل عمليات الحفر على الهواء مباشرة حتى يتمكن الشعب المغربي وعموم شعوب الأرض من المتابعة .
4 ــ سمو الإنسانية ،بقيمها ومشاعرها ، على الأديان والأعراق ، حيث توحدت قلوب البشرية وتمازجت مشاعرها وتفاعلت بنفس الدرجة من الأمل والألم مع حادث سقوط الطفل ريان ووفاته .
5 ــ نجاح الدولة في تنظيم حشود الحاضرين وتدبير عملية إخراج الطفل ريان من جوف الجبل على مستوى فرق الإنقاذ وتوفير الآليات والمعدّات ،مع ضمان أمنهم وسلامتهم إلى حين انتهاء عملية الحفر ، ينبغي أن يكون انطلاقة جديدة وفعلية للدولة الاجتماعية قصد توفير شروط العيش الكريم لجميع المواطنين في كل مناطق المغرب وبواديه ،وفي مقدمتها تعميم تزويد القرى والأرياف بالماء الشروب والكهرباء . فضلا عن هذا يتوجب على الحكومة الحرص على تطبيق جميع القوانين وتشريع أخرى لمواكبة التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي . فحادث سقوط الطفل ريان في البئر يتكرر كل يوم وبصور لا تقل مأساوية (حوادث: سقوط المواطنين في البالوعات بالشارع العام ، حوادث السير وانقلاب العربات بسبب الحفر التي تملأ الشوارع والطرقات في المدن والقرى ، تعرض الراجلين لحوادث السير بسبب احتلال الأرصفة من طرف الباعة والمتاجر والمقاهي وحتى أرباب المنازل ..)؛ الأمر الذي يستوجب تعبئة عامة على مستوى المصالح الخارجية للوزارات والمجالس الترابية والسلطات المحلية وعموم المواطنين لإغلاق الآبار والبالوعات والحفر وتحرير الملك العام . لقد حان الوقت لوضع حد لحالة الفوضى وخرق القوانين .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى الخامسة لعودة المغرب إلى الأسرة الإفريقية.
- المقرئ أبو زيد: هرب النحل علّقوا إسرائيل.
- حين انقلب فرونسوا بورجا على تصوره لمستقبل الإسلاميين.
- الرهانات الخاسرة للجزائر على القمة العربية.
- متى كان الاحتفال والفرح الجماعي يحتاج إلى فتوى ؟
- لما تصغي ألمانيا لصوت الحكمة والمصلحة .
- ما عادت التجارة في الدين تفيد البيجيدي .
- أي مشروع مجتمعي ورّثه الشيخ ياسين لجماعته ؟
- سنحتفل برأس السنة ولوْ كَرِه المتطرفون ؟
- مشروع وزير الأوقاف الذي لم يُرض حركة التوحيد والإصلاح.
- لما يتوهّم الإسلاميون أن الطريق إلى القدس يمر عبر الرباط.
- الاعتراف الذي لم يزد الجزائر إلا خسارا.
- ألا في الفتنة سقطوا.
- جبهة ضد مصالح الشعب والوطن.
- الإسلاميون يشرعنون العنف ضد النساء ويتضامنون مع الضحايا.
- نعيق الجماعة سيقود إلى الجيَف.
- الحاجة إلى قانون جنائي يرقى بالمغرب .
- الخطاب الملكي ينهي مرحلة الابتزاز الأوربي .
- هل سيُعيد بنكيران حزبه إلى بيت الطاعة للحركة؟
- أطباء أفسدت الإيديولوجية إنسانيتهم .


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد الكحل - حين أزال المغرب جبلا من أجل إنقاذ أحد أبنائه.