أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - ظاهرة انتشار الكتابة الشعرية ونقدنا المحلي















المزيد.....

ظاهرة انتشار الكتابة الشعرية ونقدنا المحلي


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 7146 - 2022 / 1 / 26 - 15:42
المحور: الادب والفن
    


ظاهرة انتشار الكتابة الشعرية في الثقافة العربية الفلسطينية داخل اسرائيل تثير الانتباه والتحفظ.

الملاحظة العامة لا تبعث على التفاؤل. لاحظت ان العديد من الشعراء الشباب بدأوا بدايات مقبولة. لسبب لا أفهمه، وقد تكون له تفسيرات نفسية واجتماعية وثقافية طبعاً، نلاحظ على الأغلب تراجعاً عن البدايات. المنطق والتوقع ان الأديب يزداد خبرة وممارسة، يتسع عالمه الثقافي والفكري، تتنوع تجربته الحياتية، تتعمق قدراته الصياغية وتنمو قدرته على نقد أعماله بنفسه.

لا أعمّم هذه الظاهرة رغم كونها واسعة جدا.

من هنا بدأت أتردد في تناول الأعمال الأولى للأدباء الشباب، الغريب انهم اختاروا الشعر تحديداً وليس ألواناً أدبية أخرى. القصة القصيرة مثلاً. حتى اليوم لا أعرف كتّاب قصة ناشئين وآمل ان أكون مخطئاً.

لا يمكن تجاهل ما أنجزه شعرنا الفلسطيني المقاوم واحتلاله الصدارة الشعرية العربية، بصفته عاملاً جاذباً بقوة لاختيار الشباب للكتابة الشعرية، بعضهم بلا موهبة إطلاقاً، بعضهم يبشرون بالخير، والمهم ان لقب شاعر أصبح الهدف وليس الإبداع نفسه.

هذه الأفكار راودتني حين أهدتني ابنة مدينتي الناصرة، الشاعرة الشابة لبنى فريد دانيال، ديوانها الشعري الأول "خطى" (تبين لي قبل نشر المقال انه ديوانها الثاني) وهي عاملة اجتماعية أيضا، وكنت قد قرأت لها العديد من القصائد في صحف ومواقع محلية.

لباكورة الأعمال الإبداعية حماسة خاصة واستقبال خاص. من حق الأدباء الشباب ان يغضبوا لقصور حركتنا النقدية في التناول الجاد لأعمالهم. المؤسف أكثر ان تناول الإبداعات الأدبية بالنقد يتميز أكثر بتكريس جهد الناقد لتسجيل إعجابه وانبهاره. هل هذا حقاً ما ينتظره المبدعون؟ ان يصلوا للقمّة بأوهام يزرعها ناقد بظنٍّ خاطئ ان التصفيق يدعم مسيرة الأديب الإبداعية؟ او بالأصح يوهم الناقد انه يرفع من قيمته النقدية، والظاهرة الأكبر ان نقدنا أصبح أشبه بقصة ابريق الزيت، أي تكرار بلا معنى وبلا رؤية نقدية، وليغضب من لا يعجبه رايي!

لست ناقدًا في معالجاتي وأميل لتسمية كتاباتي مراجعات ثقافية. كتابتي انطباعية أساساً وفكرية في مضمونها ، ويشدني النص الناضج. اما النص الذي لا يمرّر لي فكرة ما أو رؤية جمالية معينة لا تثيرني صياغاته وديباجاته مهما تفنن صاحب النص بنحت الكلام.

لا يوجد إبداع كامل. صفة الإبداع الكامل للنصوص موضوع النقد، هو ما يطرحه معظم نقدنا للأسف. لست ضد الإشادة، لكن جعلها صفة مطلقة هو تجاوز للمنطق الثقافي البسيط.

ديوان"خطى" الشعري للبنى دانيال

"خطى" لبنى دانيال واستقبالنا للديوان بحماس هو من منطلق البدايات أولاً، والجهد الجاد في نصوصها. بغض النظر عن مدى اقتحامها للفضاء الشعري. وقراءتي هنا مشروطة بعوامل عديدة. وككاتب يعتمد الانطباع الشخصي، أرى ان لبنى تملك مقومات وأدوات وخيالاً له أهميته في استمرار مسيرتها الشعرية. في ديوانها تضع اللبنات الأولى لمسيرة ألف ميل تبدأ ب "خطى" أولى.

انا لا أرى بمجرد صياغة النص الأمر المقرر. أبحث عن رؤية ثقافية، فكرية، اجتماعية، انسانية، فنية، جمالية ولغوية. أبحث عن رؤية فلسفية لمفهوم الشعر ومعرفة صقله في قصيدة تخاطب ليس المشاعر الصماء فقط، انما العقل الواعي أيضا. أبحث عن الصور الشعرية، التي بغيابها يفقد العمل الشعري الكثير من جمالياته.

لم نولد كتّاباً وشعراء. اختيارنا النثر او الشعر جاء اختياراً تعبيرياً عن الذات. هذا يتجلى بقوة في بداياتنا. لماذا الشعر وليس النثر؟ سؤال ليس من السهل الإجابة عليه، رغم كل اجتهادات تحليل الدوافع. أحد الأدباء ذهب لتفسيرات فرويدية، الحب للشعر يولد مع العربي من المهد(؟؟)، كان تفسيره ممتعاً. ولكنه لا يتجاوز المتعة السريعة. لا شك ان التراث الشعري العربي شكل جوهر الثقافة العربية في جميع عصورها. إبداع العرب في الشعر لا منافس له. كان الشعر لسان العرب. سجل أيامهم، مغامراتهم، حروبهم وتعبيراً عن ذاتيتهم في الوقت نفسه.

البعض يختار الفن، الرسم، التمثيل، الموسيقى أو النحت. البعض يختار العلوم او الأبحاث. البعض لا يكتفي بخيار واحد.

السؤال: هل اختيار للّون ادبي هو الهدف الأسمى؟ ما هو الخيار الطبيعي الذي يتسرّب للوعي الشخصي مشكلاً قيمة تعبيرية لا فكاك منها في مسيرة حياة المبدع؟

هل بالصدفة ان شعراء المقاومة محمود درويش وسالم جبران وسميح القاسم بدأوا كتابة الشعر مع بداية تفتح وعيهم وقبل ان يعوا معنى ان يكون الإنسان شاعراً؟ اليست هذه حالة للتعبير عن الذات، عن الأحلام، عن الأماني، وحالة من التأثر بإبداعات شعراء من التراث ومن العصر الحديث بنفس الوقت؟ نحن هنا أمام ظاهرة هامه من اتساع الوعي الانساني لشعراء المقاومة الطليعيين، الفردي والجماعي الى جانب الوعي الجمالي. ويمكن القول انه جيل عاش أحداثاً مأساوية شكلت مضمون وعيه وشخصيته ورؤيته العامة. ورؤيتي ان تخصيص شعراء معينين بالاهتمام الحق الضرر بمسيرة شعرنا المحلي خاصة وادبنا عامة!!

ربما أطلت في مداخلتي، اعترف ان ديوان "خطى" دفعني لهذه المداخلة لأقول أمرين أساسين: أولاً، نحن نقف امام شاعرة شابة يشكل الشعر أسلوبها وأدواتها في التعامل مع محيطها. ديوانها يشمل مواضيع بالغة الاتساع. عمليا كل ما يحيط بالإنسان من مواضيع وأفكار. لبنى لا تعيش بانقطاع عن واقعها، تندمج بواقعها وتعبر عنه شعراً. تفرح حين يكون للفرح وقته، تبكي حين لا يكون مفر من البكاء، تغني حين يكون الغناء تعبيراً عن حالة لا بديل للغناء تعبيراً عنها. تثبت انها شاعرة جادة، اختيارها الشعر ليس فعلاً طارئاً.

ثانياً، لفتت انتباهي انها لا تسترسل في قصيدتها، بظن يسيطر على بعض المبتدئين ان الشعر هو المعلقات الطويلة، هذه متاهة بالغة الخطورة.

التقاسيم التي تقدمها لبنى هي تعبير كامل لا يرهق القارئ ولا يبعده عن الفكرة. أسلوبها في التقاسيم القصيرة، ينقذها من الاسترسال والترهل، الآفة التي نلاحظها في الكثير من ابداعات الشباب. تحافظ على انتباه القاري ليتواصل معها شعرياً، حتى لو كانت بعض الصور الشعرية ضعيفة. بالطبع هذه تجارب البدايات نستقبلها بترحيب، ونطمع لرؤية أعمال شعرية أكثر اكتمالاً خاصة في بناء الصورة الشعرية.

في قصيدة ابتهال تقول:

يا وطني

لو كان بمقدرتي

لهدمت السور

وعمرت الأرض البور

رغم ان المباشرة تميز معظم قصائدها، وجميع المبتدئين لم يتخلصوا في بداياتهم من المباشرة، الا اننا نلاحظ انها تحافظ على الحلم الشعري.

الأرض تشكل في ديوانها أحد المواضيع التي تتعامل معها من جوانب عديدة وهي ميزة لشعرنا الفلسطيني منذ نكبة شعبنا. وما زالت تشكل مشكلة المصير الفلسطيني الأولى.

أعجبتني قصيدة "أمّاه"، بما تحمله من حسٍّ وتعابير تمسّ شغاف قلب كل انسان:

أراك كلما أيقظت الورد ولملمت الندى

الى ان تقول:

اريد ان أهديك فجراً ملوناً

يمشي على أمواج مهجتي ورمشي.

أماه أعيديني طفلة تغني كالشحرور

في حاكورة دارنا.

وهل يمكن ان لا يتغزّل الفلسطيني بالوطن؟

لا زلت احبك بلادي

يا أحلى من الطير الشادي

القتل الدامي

يضنيني

يشرع أشرعة فؤادي

لطفل يبكي وينادي

أمي!

لا بد ان تبتعد لبنى عن المباشرة بحذر شديد. المباشرة لعبت دوراً كبيراً في شعرنا في سنوات بعد النكبة. المباشرة تضعف الحلم الشعري.

لبنى تثبت أمراً أساسياً، تملك أدوات الشعر واللغة الشعرية، تتميز بلغة سلسة بلا تعقيدات يلجأ اليها البعض بظن انها تعمق مضامين شعرهم. لبنى رقيقة في معانيها، تملك وعياً سياسياً واضحاً، وتملك فكراً متنوراً يمكن ان تعتمد عليه في احداث انطلاقة شعرية في مسيرتها.

ننتظر جديدك دائماً.



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجولة
- هاشم يحتفل بعيد زواجه
- لزعيم !! لوحات قصصية عن الحمير
- من روائع الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري
- ليس عضواً في النادي ..
- نظرة دونية
- الله لا يحب الملحاحين
- قصتان ساخرتان
- موسى والمسيح يلعبان الغولف
- جولة حكومية تفقدية
- حكاية فلسطينية: الأحمر، الأسود، الأخضر والأبيض
- الرئيس الأمريكي في حينا
- يوميات نصراوي: الشتيمة نفسها في واشنطن وفي موسكو
- هل تسقط شرائح الخبز على جهة واحدة فقط؟
- خطـــأ سياسي
- الهنود الحمر يجمعون الحطب بشكل جنوني
- حتى يهديهما الله…
- حتى المسيح عانى من اللاساميين
- يوميات نصراوي: في ذكرى وفاة الشاعر، المفكر، الكاتب والإعلامي ...
- من هو الزعيم ؟!


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - ظاهرة انتشار الكتابة الشعرية ونقدنا المحلي