أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - سنة جديدة خالية من كلمة - الطاعة -














المزيد.....

سنة جديدة خالية من كلمة - الطاعة -


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7141 - 2022 / 1 / 20 - 23:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


---------------------------------------

نسمع طول الوقت المقولة التى فقدت معناها ، من كثرة ترديدها المزيف ، وهى أننا " ولدنا أحرارا ".
نعم ، " ولدنا أحرارا " . لكن ليس جميعنا ، " يموت أحرارا " .
والسبب ، هو أن ما بين " الولادة " ، و " الموت " ، تستلمنا " الطاعة " ، لترضعنا من ثديها الشهى ، المغرى ، الضرورى لنشبع ونكبر .
" الطاعة " تلك الأم التاريخية الخبيثة ، التى تنتظر كل مولودة ، وكل مولود ،
لكى تواصل مهمتها الموروثة المتجددة .
النساء اللائى " يمتن أحرارا " ، هن اللائى رفضن هذا الثدى الفاسد ، والر جال الذين " ماتوا أحرارا " ، فضلوا اللبن الصناعى عن الرضاعة الطبيعية المهلكة .
الفضيلة الكبرى ، والكفاح البطولى ، وأقصى ابداع ، يكمن فى الخروج من
الصفوف والطوابير .
ليس هناك متعة ، تجعلنا نعيش فى علياء الاستغناء ، مثل متعة تكسير العلب
الصفيحية المجهزة من قبل أن نولد ، لتعبئتنا وحفظنا فى الملح والزيت .
نحن لسنا " سلعة " أو " منتجا " ، علينا التزين والتجمل ، لكى نرضى شخصا ، أو جماعة ، أو ذوقا معينا ، أو مزاجا محددا .
كلمات كثيرة فى حياتنا ، تخنق على أنفاسنا ، تكبل خطواتنا ، تغسل عقولنا بالعطب الموروث ، وتغلف قلوبنا بالعواطف الفاسدة .
كلمات ندعمها بعدم الوعى ، وفتور اللامبالاة ، واستسهال الانقياد وراء المألوف والسائد والمعتاد ، المستأثر بالمديح والتصفيق والجوائز .
كلمات تضيع قوتنا الكامنة ، تهدر ايجابيات فى تاريخنا ، تصور لنا الظلام نورا ، والعدالة رجسا من عمل الشيطان ، والجمال فسقا وفجورا .
من هذه الكلمات ، كلمة " الطاعة " .
ولأننا فى مجتمعات متضخمة الذكورية ، فان " الطاعة " ، تكون عنوانا للكائن الذى يحيض ، ويحمل .
"الطاعة"، للنساء ، ليست الفضيلة الكبرى .
لكنها هى التي تمنحهن أصلاً، انتمائهن إلى جنس النساء . هي "الرخصة"، التي لابد أن تُجدد يومياً، و" الرياضة " الشرعية التى يجب ممارستها بانتظام ، حتى لا يُسحب منها وجودها الإنساني، وتظل "مصنفة"، في خانة "الأنثى" الصالحة ، التى ترضى الرب ، والعبد .
كلما زادت " طاعة " المرأة ، زادت " أنوثتها " ، و " تدينها " ، وكلما زاد " ثمنها " فى سوق الزواج .
" عدم طاعة " المرأة ، كافية جدا لايقاع الطلاق . " عدم طاعة " المرأة ،
تقنن حرمانها من جميع حقوقها ، وتبرر الاعتداء عليها جسديا ، ولفظيا ، وربما تقتل أو تذبح ، لأنها " غير مطيعة " ، أو " ناشز ".
أما بالنسبة للرجل ، فلابد أن يرفض الطاعة ، ليحترمه الناس ، ويبقى مسجلا فى خانة " الذكور " .
المرأة المطيعة نفسها ، تحتقر الرجل " المطيع " ، ولا تقبله زوجا ، وأبا لأطفالها ، فى الأسرة الأبوية التى أجبرتها على الطاعة .
الملاحظ أن الرجل ، ينفر من " الطاعة " ، على الأخص وأولا وأساسا، مع زوجته ، ليثبت رجولته. لكن هذا الرجل ، فى كل حياته ، يطيع الوصاية الدينية دون مسائلة ، ويطيع رئيسه فى العمل دون نقاش حتى لو كان مخطئا ، ويطيع آخرين ليتجنب كلامهم وايذاءهم . لكن فى الأسرة ، هو القائد القوًام الأوحد المطاع ، ولو كان جاهلا ، متناقضا ، فاسدا .
"الطاعة" ، ليست فضيلة . لكنها أعظم الآفات الأخلاقية ، وأكبر الأمراض الاجتماعية ، وأبشع الجرائم . هي، أصل الشرور ، والاحباطات، والتعاسة، وضياع أحلام البشر، وفقدانهم ذواتهم المتفردة، المبدعة ، التي هي مثل بصمات الأصابع ، لا تتكرر . وهى من ميراث العبودية التى انتهت ، ، حيث " أسياد يأمرون " ، و " جوارى وعبيد يطيعون ".
أدرك أن تصوراتى بعالم " خالى من الطاعة " ، ونحن نستقبل سنة جديدة ، هو مثل تصورى لفنجان قهوة رائع المذاق ، أرتشفه مساء ، قبل النوم ، فلا يسهرنى على وسادة الأرق .
أو مثل تصورى ، أن أمى " نوال " ، قد عادت من الموت ، أقبلها بدموعى ، وأحتضنها وأذوب فى تأملات قلمها ، و رائحة جسدها ، وشعرها ودفء عيونها .
وأتذكرها دائما ، أمى ، حينما كانت تقول لى : " كلما استحال الحلم ، كان أجمل وأنبل وله قيمة تشرفك وتميزك ".
امرأة أنا " غير مطيعة " ، وأفتخر .
----------------------------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الدينية أون لاين ... ست قصائد
- اتهمونى بتعدد الأزواج ... أربع قصائد
- المعروف والمنكر ... أربع قصائد
- ثقب الأوزون وثقب البكارة .. قصيدتان
- انتظار محمد .. موسى .. يسوع ..................... ثلاث قصائد
- تصبح على ألف خير .... قصيدتان
- ليلة رأس السنة .... قصيدة
- من يوميات الجحيم ... قصيدة
- تحول التراب الى ذهب وتفتح الأبواب المغلقة
- - فريد - ... العود هو الملك وليس أنا الرحيل 47
- المتدين بفطرته وتغيرات السعودية
- ذات الشَعر الأبيض .... ست قصائد
- - الكتابة - وطنى وشغفى .. فرحى ونزفى .. بيتى وقبرى
- - أعتذر - لأرتقى بنفسى
- جسمى ملكى
- حقوق الانسان بين سلطة السماء وسلطة الضمير
- عذابك يشبهك كثيرا .... أربع قصائد
- - حقوق الانسان - محنطة فى المتاحف
- قيامة - ديسمبر - .... قصيدتان
- أزمة العالم بين - تقدم - مظهرى و- تأخر - جوهرى


المزيد.....




- العراق.. السيستاني يشعل تفاعلا ببيان عن استمرار استهداف إيرا ...
- هل ما يحدث في طهران استهداف لتغيير أو تدمير النظام؟.. شاهد ر ...
- أضرار جسيمة داخل مستشفى سوروكا ببئر السبع إثر قصف إيراني واس ...
- إيران تمدد إغلاق مجالها الجوي حتى يوم غد
- جنرال العقوبات والقبضة الحديدية.. من هو محمد كرمي قائد القوا ...
- ياسين بونو.. أسطورة مغربية تتألق في أكبر البطولات العالمية
- الجيش الإسرائيلي يبث مشاهد لاستهدافه مفاعل آراك (فيديو)
- الخارجية الإيرانية: عراقجي سيترأس الوفد الإيراني إلى مفاوضات ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد باغتيال خامنئي (فيديو)
- روسيا تطالب إسرائيل بوقف ضرباتها للمواقع النووية الإيرانية ف ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - سنة جديدة خالية من كلمة - الطاعة -