أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - منى نوال حلمى - حقوق الانسان بين سلطة السماء وسلطة الضمير















المزيد.....

حقوق الانسان بين سلطة السماء وسلطة الضمير


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7103 - 2021 / 12 / 11 - 07:54
المحور: حقوق الانسان
    


----------------------------------------------------

اذا كنت أتكلم عن مصر ، وطنى ، وبلدى ، وشغفى ، وهمى ، وبيتى ، ومسقط رأسى ،
ورقدتى الأبدية ، فلابد أن تؤرقنى " حقوق الانسان " على أرضها .
وأنا لست منشغلة بحقوق الانسان ، فى المجالات السياسية والاقتصادية والبيئية والصحية
والثقافية . هذا ليس معناه أن هذه الحقوق غير مهمة ، أو أنها قد تحققت واكتملت . هى بالطبع مهمة ، وتؤثر فى بعضها البعض ، والتغير فى مجال منها ، يلقى بنتائجه على المجالات الأخرى ، هذا بديهى .
ولكننى مهمومة ، ومنشغلة ، ومؤرقة ، أكثر ، بحقوق الانسان المصرى والانسانة المصرية ، فى تغيير وتجديد وتحديث وتثوير وأنسنة " الخطاب الدينى " ، و" الخطاب العقائدى " ، و " الخطاب الايمانى " .
ولهذا أسباب وجيهة . أولا ، لأن الدين ، قضية حساسة عند الشعب المصرى ، محاطة بقدسية مبالغ فيها . ثانيا ، لأن على مدى النصف قرن الماضية ، تعرضنا لهجمات شرسة
مسالمة ، ومسلحة ، من الخطاب الدينى السلفى متنمر الذكورية ، المتشدد المتزمت ، المستورد من الصحراء الوهابية ، والذى اخترق الاعلام والثقافة والفن والمؤسسات الدينية ، احتل البيوت ، والعقول والقلوب والمزاج الشعبى العام . ثالثا ، يؤكد لنا التاريخ ، أن الشعوب
التى تقدمت انسانيا وحضاريا ، هى الشعوب التى أخضعت الأديان لتشغيل العقل ، والانحياز الى العدالة والتحرر من كافة القيود ، وصنع علاقة جديدة بين الانسان والدين ، بين العقيدة والحياة المتغيرة المتجددة ، بين الطقوس الدينية ومغزاها وأهميتها .
فى هذا السياق ، ومن هذه المنطلقات ، أود طرح بعض الأفكار ، التى تصب مباشرة فى تغيير وتجديد ، وتثوير وأنسنة " الخطاب الدينى " .
أولا ، ان القيم الأخلاقية النبيلة ، مثل الصدق ، والأمانة ، يجب أن نسلكها ،
" حبا " فيها . وليس " خوفا " ، من العقاب الالهى ، أو ما يعرف بالوازع ،
أو الرادع الدينى .
انها حقا ملاحظة جديرة بالتوقف ... أننا بلد متخم بالمواعظ الدينية ، والفتاوى
الدينية ، والبرامج الدينية ، واللغة الدينية ... وخطب كل يوم جمعة فى الجوامع ،
والمساجد التى تستخدم الميكرفونات العالية ، كلها وازعات ، ورادعات دينية ،
وحض على الأخلاق الدينية ، والسلوكيات الدينية ... ومع ذلك نحن نشهد تدهورا
فى الأخلاق المستقيمة ، وانحدارا فى غياب الضمائر الحية فى كل مجال .
ودائما ما تسائلت ، ومازلت أتسائل ، لماذا فشل الخطاب الدينى ، فى
تحسين الأخلاق ، والاقلال من الفساد ، ومعدلات الجريمة ، وايقاظ الضمائر
النائمة ، وتنظيف النفوس العفنة ، والذمم الخربة ؟؟.
الحقيقة .. أو المفارقة .. أن مع كثرة التحذير من عقاب الله ، فى الاعلام ، ومن قبل المؤسسات الدينية ، والبرامج الدينية الفضائية والأرضية ، ومن منابر المساجد والجوامع ، كل يوم جمعة فى الصلاة الجماعية ، فان الصرط المستقيم للآخلاق ، ليس مستقيما ، بل يزداد اعوجاجا ، وانحرافا .
وأعتقد أن السبب ، هو أن الخطاب الدينى ، يقوم على شدة " التخويف " ، من
سُلطة " خارج " الانسان ، تتربص به .
ان " الصدق " ، أو " الأمانة " ، فضيلة ، لأننا " نختارها " بكامل الارادة والأريحية ،
بتفضيل من وعينا ، ومبادئنا ، وحريتنا . الصدق الذى " ُنجبر " عليه كذب . والأمانة التى
تفرض " بالاكراه " هى باطلة . ، " والانسان ، الذى تُفرض عليه الفضيلة ، يصبح عنيفا ، ومتناقضا ، وقدوة سيئة للآخرين .
هناك الملايين فى العالم ، الذين " لا دين لهم " ، سماويا ، أو أرضيا ، لكنهم خيرون ،
يتحلون بمكارم الأخلاق ، ب " وازع " ، من ضميرهم الانسانى الحر ، وليس بسبب
جهر الميكرفونات بالتخويف المستمر من عقاب الله .
ثانيا ، " ربنا " ، ليس كلام الخطباء فى الميكرفونات الصاخبة ، الذى يخيفنا من سلطة
السماء . لكنه الاقتناع الهادئ ، بأن استقامة الأخلاق هى الطريق المختصر ، للسلام ،
والأمن ، والسعادة .
و " ربنا " ليس سلطة سماوية غير مرئية ، توهبنا ، وتروعنا ، وتتربص بنا لكى توقعنا فى شر أعمالنا . " ربنا " ، هو صوت الخير ، والفرح ، والفهم ، واشتهاء الحياة ، ومساعدة الناس ، والانتاج المثمر ، والعمل الذى يبنى ويعمر وينفع البشرية .
ثالثا ، ان الثورة الدينية ، التى نحتاج اليها ، لابد أن تجيب على أسئلة أساسية .
هل الدين فى خدمة الحياة ، أم الحياة فى خدمة الدين ؟ . هل الدين ، يحتاج الى" وسيط " بين الانسان ، وربه ؟؟.
هل نحن جادون فى تحرير النساء من القهر الذكورى ؟ . هل نؤمن حقا بالدور الكبير للفنون ، والابداع ، فى هذه الثورة الفكرية الدينية ؟؟.
هل الشعب المصرى يشتهى فعلا " الحرية " والتخلص من أوصياء الدين،والمتاجرين به ، والغاء خانة الديانة ، واقرار زواج مدنى موحد ؟؟.
رابعا ، لابد أن نأخذ قضية تغيير وتجديد وتثوير وأنسنة " الخطاب الدينى " مأخذ الجد . يؤسفنى القول ، أننا حتى الآن مازلنا واقفين متجمدين فى عنق الزجاجة السلفية الضيقة الصدئة . كيف نعهد لمنْ تسببوا سنوات طويلة ، فى الأسلمة الشكلية الاستعراضية السلفية ،
المحافظة شكلا وموضوعا ، بأن يكونوا منارة التغيير والتجديد والتثوير والأنسنة ؟؟ . مسنحيل.
كيف للأبجدية القديمة ، أن تكتب كلاما جديدا ؟؟. واللحن المغاير ، لابد له من نوتة موسيقية جديدة . هذا بديهى ، ومنطقى .
كيف التجديد ، وأحزاب المرجعية الدينية ، نشطة ، وتروج للفتاوى السلفية ، المستوردة ؟؟؟ ، والتفسيرات الدينية الجديدة ، المسالمة ، لا تحمل أسلحة قتل مادى أو معنوى ، مدانة بالكفر والارتداد ، عن الدين ؟. كيف نجدد ، وقضايا التكفير الدينية تطارد ، منْ يفتح فمه ، برأى مختلف ، فى الطقوس كيف يتجدد الخطاب الدينى ، والمحاولات كلها ، تشرب منالبئر نفسها ؟.
يؤمنون باله واحد فى السماء ، يقول : " لا اكراه فى الدين " ، ولكن الحقيقة أن هناك مائة مليون على الأرض ، يكفرون ، ويشتمون ، ويشوهون ، ويهدرون دم أصحاب الفكر الدينى
تكفر ، وتشتم ، وتهدر دم ، أصحاب الرأى الدينى المختلف .
خامسا ، تجديد الخطاب الدينى ، اذن ، يسبقه تجديد خطاب الحياة . ومثلما يتضمن
تجديد " الخطاب الدينى العقائدى " ، لابد أن يصاحبه تجديد " الخطاب اللادينى اللاعقائدى " ، تحقيقا لحقوق الانسان ، فى أولى وأهم مبادئها .
---------------------------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذابك يشبهك كثيرا .... أربع قصائد
- - حقوق الانسان - محنطة فى المتاحف
- قيامة - ديسمبر - .... قصيدتان
- أزمة العالم بين - تقدم - مظهرى و- تأخر - جوهرى
- الأعياد بعد أمى - نوال - .... قصيدتان
- خمس قصائد ... لذة العيش
- ثلاث قصائد زمن الخفافيش .. لا أطلب حسن الختام والستر .. لقلب ...
- تشريع قانون - ازدراء الحرية -
- المؤامرة ..... سبع قصائد
- - الله أعلم - لماذا اذن - بيزنس - الفتاوى ؟؟؟
- تفسخ أخلاقى يغفره الله بالصلاة والصوم والحج
- مصر ... وطنى وعملية - غسيل حضارة - عاجلة
- هاربة من الصلاة وعباءات النساء ... أربع قصائد
- أفتخر أننى بلا - هوية -
- - صعلوك - يطرق باب الاعتكاف
- خطيئة المرأة غير القابلة للغفران
- أين كل الأشياء ؟ .... ست قصائد
- العجز عن الحب .. أزمة محلية عالمية
- حبيب ليلة الأحد ..... أربع قصائد
- الاساءة الى - سُمعة الوطن - وصاية ارهابية


المزيد.....




- للسيطرة على حركة المهاجرين نحو بريطانيا.. الشرطة الفرنسية تع ...
- اعتقال عميلين للموساد في طهران وجاسوس في كهكيلوية وبوير احمد ...
- منظمة حقوقية: مقتل 657 شخصا في ايران جراء الضربات الاسرائيلي ...
- منظمة حقوقية تكشف أحدث حصيلة لضحايا إيران من ضربات إسرائيل
- تقرير: عودة اللاجئين السوريين تصطدم بتحديات -بنيوية عميقة-
- بن بيه يستعرض أهمية إعلان مراكش حول حقوق الأقليات الدينية
- السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: لم يفت الأوان بعد أمام ...
- وزيرة دنماركية تهاجم -ميتا-: تطلق الدعاية بدل حماية الأطفال ...
- الأمن السوري يقبض على قيادي عسكري سابق متهم بجرائم حرب
- اعتقال -عميل للموساد- في إيران.. فضحه -واتساب-


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - منى نوال حلمى - حقوق الانسان بين سلطة السماء وسلطة الضمير