أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - - الكتابة - وطنى وشغفى .. فرحى ونزفى .. بيتى وقبرى














المزيد.....

- الكتابة - وطنى وشغفى .. فرحى ونزفى .. بيتى وقبرى


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7110 - 2021 / 12 / 18 - 01:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" الكتابة "
وطنى و شغفى .. فرحى ونزفى .. بيتى وقبرى
---------------------------------------------------------

هى وحدها ، وهبتنى معنى حياتى ، وأمطرتنى بثمار الاستغناء عن ملذات
تشمئز منها روحى ، ويتقزز لها جسدى .
هى وحدها ، المناعة ضد فتك الفيروسات ، و غدر الأمراض ، أنانية الأصدقاء ، وغيرة الصديقات .
وحدها ، صومعتى الدافئة ، حينما يبخل الزمن البارد بغطاء يلفنى ، ويعجز
قوامى الطويل الممشوق ، عن دفع الثمن المطلوب .
هى شرنقة الأمان ، تشبع جوعى ، تروى ظمأى ، تسلينى ، تؤنسنى ، تعزينى ، تعوضنى عن سرقة البيت ، والسطو المسلح على عمرى القصير .
كلما التقيتها ، تكون " ليلة زفاف " ، على فارس وسيم الملامح والخلق والطباع ، لا يفض غشاء البكارة ، ويرفض أن يمس امرأة غيرى .
وعدتنى أن تبقينى شامخة فى السماء ، لا أنكسر ، ولا أنهزم ، لا أجزع ، اذا منحتها أيامى المعدودة على الأرض .
أهدتنى اسمى ، وعنوانى ، ولون عيونى ، وغجرية شعرى الأبيض ، وجواز سفرى .
لا غيرها ، ستبقى معى فى زمن الشيخوخة ، بعد رحيل أحبائى ، وتجاعيد
المرآة المشروخة .
ستكون وحدها ، " العكاز" الوفى ، الذى يحمينى من السقوط ، يلتقطنى من الوقوع ، يبعد عن سحابات القنوط ، يعاشرنى دون قيد أو شروط .
بعد أن فقدت أحضان أمى الحانية ، الدافئة ، أمطرتنى بدلال سخى العطاء ، وأمومة نادرة ، أرضعتنى النعيم ، جعاتنى أسافر الى كل الدنيا ، وأنا مازلت فى رحمها ، ستكون هى " الأم " ، على صدرها أشكو ، وأبكى ، واغفو .
عندما ألفظ أنفاسى الأخيرة ، ستكون هى الكفن الساتر اغترابى ، والقبر المحاط بالورود الصفراء التى أحبها ، والتراب الذى أخيرا ينهى أرق الليل ، ونومى المتقلب على الأشواك .
" الكتابة " .. ما أروع أن تكون همى ، وشغفى ، ونزفى ، سريرى ، وسادتى ، هنائى ، وألمى .
ما أجمل أن تكون «الكلمات» قَدَرى.. وطرقات اللغة بيتى.. ما ألذ أن أقضى العُمر، فى اصطياد «الكلمات»، لا العرسان.. وأن أجلس بالساعات أمام الصفحات البيضاء ، لألونها بخواطرى ، لا أمام المرآة ، أتجمل وأتعطر وأتزوق وأزيل الشَعر
الزائد ، لارضاء «رجل» أو إسعاد «زوج» ، أو التنافس المضحك الذى تمخض عنه فكر الذكور ، فيتكرم القدر ويمنحنى لقب ملكة العرب ، أو ملكة جمال كوكب الأرض، أتمختر على السجادة الحمراء ، وتنهال علىّ عقود التمثيل فى السينما وعروض الأزياء وتقديم برامج ساخنة فى الفضائيات، وعمل إعلانات الصابون والزيوت وكروت الشحن .
ما أحلى أن أقوم بتفصيل «الكلمات» على مقاسى وذوقى ومواسم عواطفى وفصول أمزجتى «يرتديها الكون» ، يصبح أكثر بريقًا ، والهاما .
يرسل امتنانه بارسال المزيد من " باترونات " الأبجدية .. يعدنى بتوفير
جميع «أقمشة » اللغة .
لا أقوم بتفصيل ملابس لأطفال ، لا يحملون إلا اسم الأب ، ويلقون باسم الأم فى سلة النفايات والسخرية والعار. لكن لا بأس من شراء هدية مخادعة لها ، تنسيها
أن «تخرس»، حين يتكلم ذكر البيت المُهاب ، وأن عمرها ضاع هدرا ، بين روائح غرف النوم والمطبخ ، متظاهرة أن " التضحية بالذات " ، هى الفضيلة الكبرى ، جائزتها " الجنة تحت أقدام الأمهات " ، فى اليوم الآخر .
ما أمتع اللحظات التى تأخذنى إلى «كلمات» تعرى الكذب.. تكشف الأوصياء على عقول وأجساد النساء ، لإطفاء شهوات مكبوتة، حيث إن الكبت من الثوابت التى ترسم هويتنا ، ومن الوفاء والواجب والأخلاق القويمة والرجولة ، الحرص على استمرارها وترميمها وتبريرها .
كم أنا محظوظة لأن « الكتابة »، هى طريقى المختصر للقفز فوق العبث ، واللاجدوى ، والعدمية . انتشلتنى من العفاريت والأشباح التى تسكن روحى ، وتشوش على بصيرتى . أخذت بيدى الى أفخر أنواع الزهد والاستغناء .
شكلتنى «الكلمات»، وأنا جنين لم يتشكل بعد.
حينما كنت أرفض الطعام ، وأواصل البكاء ، وأظل " أحرك وأفرك " ، كانت
أمى تسرع وتحضر لى ما يسكتنى ويهدئنى ويجفف دموعى . ليس عروسة بلهاء لأتدرب على الأمومة المقدسة التى لا أحبها ولا أقدسها.. وليست لعبة ذكورية تمهدنى لأصبح فى عصمة رجل.. ولا تقوم أمامى بتلك الحركات البهلوانية المضحكة ، التى تعجب الأطفال . لكنها تسرع وتحضر لى القلم والأوراق.
نعم.. كنت «أشخبط»، وأملأ كل الأوراق، بصور غير مفهومة. عندما أفكر الآن، أشعر بأننى عبرت عن تمردى، كتبت أجمل أشعارى، تخيلت عالمًا أعدل وأجمل، داخل تلك «الشخبطة»، ورسمت مصير حياتى، فى تلك الصور التى لم تكن تعنى إلا شيئًا واحدًا.. سأكبر لأصبح كاتبة.. وحرة.. وشاعرة ، لا يعترف بها كهنة الِشعر، وامرأة لا تعترف بالنساء والرجال، المقيمين فى الفنادق الذكورية ذات الخمسة نجوم .
كل كلمة ، هى امتداد لـ " مزاجي " ، وحالتي النفسية ، والعاطفية، والجسمية .
لا أؤمن بكلمة ، ليست تنتمي الى أوجاع ، وأحزان ، وأفراح ، و أحلام
" ذاتي" . لا أكتب حرفا ، لا يحمل فصيلة دمي ، ولا يشكل لونا ، أو خطا ، أو ظلا ، في لوحة وجهي .
ولهذا فان الكتابة ، بكل بساطة ، هى " جنتى " ، وان كنت أكتب عن الجحيم.
تجعلنى " الكتابة " أشعر أننى " الهة " ، أصنع المعجزات والأشياء الخارقة . لكننى لا أطمع أن يؤمن بى أحد ، ويقدم لى قرابين العبادة والولاء .
" الكتابة " ، موتى ، ولحظة قيامتى .
-------------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - أعتذر - لأرتقى بنفسى
- جسمى ملكى
- حقوق الانسان بين سلطة السماء وسلطة الضمير
- عذابك يشبهك كثيرا .... أربع قصائد
- - حقوق الانسان - محنطة فى المتاحف
- قيامة - ديسمبر - .... قصيدتان
- أزمة العالم بين - تقدم - مظهرى و- تأخر - جوهرى
- الأعياد بعد أمى - نوال - .... قصيدتان
- خمس قصائد ... لذة العيش
- ثلاث قصائد زمن الخفافيش .. لا أطلب حسن الختام والستر .. لقلب ...
- تشريع قانون - ازدراء الحرية -
- المؤامرة ..... سبع قصائد
- - الله أعلم - لماذا اذن - بيزنس - الفتاوى ؟؟؟
- تفسخ أخلاقى يغفره الله بالصلاة والصوم والحج
- مصر ... وطنى وعملية - غسيل حضارة - عاجلة
- هاربة من الصلاة وعباءات النساء ... أربع قصائد
- أفتخر أننى بلا - هوية -
- - صعلوك - يطرق باب الاعتكاف
- خطيئة المرأة غير القابلة للغفران
- أين كل الأشياء ؟ .... ست قصائد


المزيد.....




- قرش يهاجم شابًا ويتركه ليهاجمه آخر بينما يحاول الهرب.. شاهد ...
- اكتشاف شكل جيني جديد لمرض ألزهايمر يظهر في سن مبكرة
- نتنياهو: إسرائيل يمكنها -الصمود بمفردها- إذا أوقفت الولايات ...
- شاهد: إجلاء مرضى الغسيل الكلوي من مستشفى رفح إلى خان يونس
- دراسة: الألمان يهتمون بتقليل الهجرة أكثر من التغيّر المناخي! ...
- رغم الاحتجاجات.. إسرائيل تتأهل لنهائي مسابقة الأغنية الأوروب ...
- البنتاغون قلق من اختراق روسيا لمحطات -ستارلينك- واستغلالها ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط صاروخين أوكرانيين استهدفا بيلغورود غرب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من رفح باتجاه إسرا ...
- العراق يدعو 60 دولة إلى استعادة مواطنيها من ذوي عناصر -داعش- ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - - الكتابة - وطنى وشغفى .. فرحى ونزفى .. بيتى وقبرى