أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - لطفية الدليمي تكتب عن -ما لم يقله الرواة- ... ما لم تقله المرأة















المزيد.....

لطفية الدليمي تكتب عن -ما لم يقله الرواة- ... ما لم تقله المرأة


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 7140 - 2022 / 1 / 19 - 00:51
المحور: الادب والفن
    


منذ كتاباتها القصصية الأولى، ظل التعبير عن خلجات المرأة وإحساساتها وتمنياتها، وتناول دخائلها بشيء من الجرأة والشفافية هاجس القاصة والروائية والمترجمة المبدعة لطفية الدليمي، وليس مثل المرأة من يحدثك عن عوالم المرأة، فأنت مهما أوتيت حذاقة وبراعة لست بمستطيع سبر اغوار هذه النفس النسائية، كما تسبرها المرأة القاصة، وتناول هذه الأحاسيس يحتاج إلى جرأة، وهذه الجرأة ما كانت معطلة عند القاصة لطفية الدليمي.
لقد قرأنا قصصها الأولى، فكان عالم المرأة مرتكزها الأول والأساس والثيمةالتي تدور حول جذرها كل قصصها، ففي "عالم النساء الوحيدات " مجموعتها القصصية الرابعة، كان البوح النسائي يمثل مرتكزا مهما فيها، ومن قبلها "ممر لأحزان الرجال " و" البشارة" وتكاد هذه المجموعات القصصية فضلاً عن مجموعتها " التمثال" تمثل مرحلة من التاريخ الطويل في كتابة القصة القصيرة، لدى القاصة لطفية الدليمي. كان في هذه القصص حدث يتنامى، وكان فيها قص وزمان حكائي وسرد ومفردة موحية٠غير أن مجموعتها القصصية " موسيقى صوفية " مثلت تحولا جذريا في عالم القص لديها، فما عادت قصصها " رابسوديات العصر السعيد " و" موسيقى صوفية " و" سليل المياه" التي القتها على مسامعنا في أمسية شاتية من أماسي إتحاد الأدباء في العراق عام ١٩٩٤، تعتمد على أحداث تتنامى، بل امست أشبه بحديث صوفي استذكاري، واستبطان للحدث وتجريده من مقومات الواقع المعيش، ونحت في كتابتها هذه وفي قصصها اللاحقة التي ضمتها مجموعتها القصصية " مالم يقله الرواة " التي أصدرتها( دار أزمنة) في العاصمة الأردنية؛ نحت في كتابتها منحى القصة الأوربية الحديثة التي كتبها الان روب غرييه وناتالي ساروت وماركريت دورا وايتالو كالفينو في " المدن المرئية " و" حديث السيد بالومار" وغيرهم٠كما أن فيها شيئا من عالم القصة الغرائبية السحرية التي كتبها كتاب أمريكا اللاتينية، ففيها فانتازيا فاجعة وفيها تهويمات صوفية منتزعة من عوالم الشرق، حيث البخور وشجر الصندل والعود الماليزي٠
لقد جاءت القصص الثماني التي حوتها مجموعتها " مالم يقله الرواة " لتؤكد المنهج القصصي الجديد ألذي اختطته القاصة، إذ صار بناء الجملة الشعرية طاغيا على النص وانسحب الحدث واخلى مواقعه ،لكن هنا تتناول ثنائية الرجل والمرأة، الرجل الذي لو لم يتلاش في دخان الحرب.. لو إنه.. لكان الآن معها٠ولأضحكها من تجليات خوفها ولضحكا معا، لو إنه لاستسلما إذن لمباهج صغيرة، لهمسة، للمسة، لأحاديث، لاحتساء شاي أو فنجان قهوة، ولألقت برأسها على صدره وبكت من فرط امتلائها بالحياة، لو أنه.. لكنه الآن بعيد.. مسافر في الغروب الكبير، لو أن لها ابنا يشبهه، لكنهما الرجل والابن في غيب من الزمان بعيد، لم يعرفا حاضرها المضطرب، لوعتها، وحدتها، هما: الحقيقة والأمل.. ضاعا معا في الغسق ودخلا لعبة النسيان.
هذا الرجل المبحوث عنه يمثل كما قلت المحور في قصص هذه المجموعة، الرجل الذي قد يأتي ولا يأتي، والذي يقرر في النهاية المغادرة والرحيل، وترك المرأة تواجه قدرها وحدها برغم قساوته وضراوته، فهو ينشد نجاة والرحيل متاح وجواز سفره في جيبه، وباطل ما ترسمين، ولا تخبري أحدا ولا تعلني رحيلي وأريد نسيان كل شيىء، وحقائبي لدى مكتب السفر، وما عدت إلا لأقول وداعا.
فبعد أن جلسا معا في مكان قريب من النهر، في ذلك المكان الفردوسي وسط تعاويذ وموسيقا ومرايا ورخام ونفائس جلود ونحاس وفضة وحرير، لكنه كان قد قرر الرحيل، ليذهب إلى مدن الصخر، حيث في كل منعطف نظرة عداء، وفي كل رصيف رماد كراهية، والريح الغريبة تقضم أطرافك. هو يدخل ثقبا في جدار الريح، يمتصه الثقب ويقذفه في المتاهة.. تصعد إلى أعلى الجسر.. وخاتمه في بنصرها، بنصر اليد اليمنى، تسحبه تمسكه بسبابة وإبهام اليد اليسرى، وتلقي به في لجة النهر.
تمتاز قصصها مجموعة " مالم يقله الرواة " بالوصف الدقيق لأحاسيس المرأة واستبطان دخائلها، والوصف الدقيق للمكان، وتسعف القاصة المبدعة لطفية الدليمي في ذلك، تسعفها لغتها الشعرية، فأنت إذ تقرأ قصص هذه المجموعة، فضلا عن مجموعاتها التي أشرت إليها في صدر هذا الحديث، تكاد تقرأ شعرا، فلغة لطفية الدليمي لغة شعرية رقيقة موسيقية عذبة، قلما حُبِيت بها كاتبة أخرى، حقا إنها موسيقى صوفية تنقل القارئ إلى عوالم طقوسية خاصة، ولنقرأمعا هذا النص: إنها كانت ذات حلم تحب رجلا، وذات حب حلمت بالسلام، وذات سلام حلمت بطفل، وذات...فقدتهم جميعا: الرجل وأخاه والطفل والحب والسلام، ضاع الرجل وراء أخيه، وأخوه وراء أرضه، وارضه وراء حلمه وحلمه وراء الزمن٠..زمن..زمن".
لطفية الدليمي في كل ما كتبته من قصص تقريباً، تنقل لنا عوالم المرأة المثقفة التي تعاني العزلة والوحدة والخواء العاطفي، المرأة في قصصها قارئة مثقفة تستمع إلى الموسيقا الكلاسيكية ففي رابسوديات العصر السعيد، تستمع المرأة إلى رابسوديات فرانز ليست، كما أنها في قصتها تغيب عن محاضرة الكاتب المسرحي توم ستوبارد، إنها في قصتها " جياد في الليل " تستمع إلى كاسيت يطلق سيلا من موسيقى جمعت فنونا لأمم شتى، موسيقى من مسرح الكابوكي الياباني، رقصة صيفية من عصر سلالة مينغ،أغنية هندوسية، تراتيل لبوذا، كما أن المرأة تستمع إلى موسيقى " بحيرة البجع"، كذلك تستمتع بمشاهدة لوحة للفنان الإسباني غويا في قصتها " أخف من الملائكة " وهذا ما يذكرني بقصص القاص العراقي المبدع جليل القيسي، فأكثر شخوص قصصه مثقفون يقرأون الكتب والمجلات، ويستمعون إلى الموسيقا، ويتطلعون إلى اللوحات الفنية لكبار الرسامين.
ما يميز قصص هذه المجموعة كذلك، أنها تتكىء الواحدة على الأخرى حتى لتكاد القصص الخمس الأولى:" جياد في الليل " و" حمامة في الظهيرة " وشفرات العصر الشمسي " و" شفرة العاصفة " و" أخف من الملائكة " تكوّن رواية قصيرة يأتي ختامها في القصة الثامنة " الريح " وهو ما يعرف نقديا بـ" المتوالية القصصية " التي تختتم حوادثها برحيل الرجل وتركه المرأة تواجه مصيرها منفردة، حيث تقابل سفره وهجره لها، برمي خاتم الخطوبة في النهر ألذي يبتلع احزانها وخيبتها بهذا ألذي كانت تأمل بالعيش معه، هو ألذي ستبتلعه مدن الغربة..مدن الصخر والضجر.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر المطولات والمرتجلات الشعرية عبد المحسن الكاظمي
- هل حقا كتب جيمس جويس ملحمة القرن العشرين؟ رواية قائمة على ال ...
- ضرورة الدقة في نقل وقائع التاريخ دراميا أو سينمائيا
- المُعْجَب بالمعري والسياب والداعي إلى الهم الخاص فوزي كريم ف ...
- نجيب المانع المترجم الضليع والمنشىء البديع
- أزمة خليج الخنازير وقلق العراق
- فاطمة المحسن في(الرحلة الناقصة ) رصد حيوات المثقفين العراقيي ...
- هل هي ثالث الثلاثية الروائية؟ حسب الشيخ جعفر يغدق علينا رواي ...
- علي خيون يجوس بمبضعه أدواء ألمجتمع في روايته (بين قلبين)
- بيت الشعر هذا لم يقله الجواهري الكبير بل قاله عماش
- من التاريخ العراقي الحديث إضراب أواخر آذار ١٩ ...
- الدكتور محمد حسين آل ياسين وبعض توصلاته البحثية
- تناقض بين المَظهَر والمَخبَر سلامة موسى ودعوات للعامية واللا ...
- حق المناقشة
- حق التوضيح والإيضاح الصحافة في عهد عبد الكريم قاسم
- هل بالإمكان أحسن مما كان؟ عبد المجيد لطفي كاتب متشعب الاهتما ...
- حين تتواشج المدن روحا ومعنى جمال العتّابي يقرأ من داخل المكا ...
- رشدي العامل شاعر احترام الذات والرومانسية والقصيدة المكثفة؛ ...
- المُسْتَدْرك على كتاب (حديث الثمانين).. مذكرات الطبيب كمال ا ...
- المفكر عزيز السيد جاسم يدرس العلاقة المعقدة بين المثالية وال ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - لطفية الدليمي تكتب عن -ما لم يقله الرواة- ... ما لم تقله المرأة