أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - الاقتصاد السياسي للقطاع الخاص في العراق 2003-2021















المزيد.....

الاقتصاد السياسي للقطاع الخاص في العراق 2003-2021


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 7128 - 2022 / 1 / 6 - 14:13
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بينما يعتاش القطاع "العام" الحكومي، ويتطفّل على الريع النفطي(عائدات صادرات النفط الخام)، ويتم استخدامه "سياسياً" لترسيخ وإدامة ظاهرة "الدولة العميقة"(وهي دولة موازية أكثر قوّةً ونفوذاً وفاعلية من الدولة التقليدية، لأنّها أكثر تحرّراً من رقابة السلطات الأخرى عليها، وأكثر حريّةً في العمل والتصرّف و "الإنجاز" منها).. وبينما يسمح ذلك لهذه الدولة "العميقة" بمقايضة الرواتب والوظائف والمناصب والإمتيازات بـ"الصوت الإنتخابي".
بينما يحدث كل ذلك على مستوى "فوقي- دولتي" مُعيّن من الإقتصاد، يعمل "القطاع الخاص" في العراق حاليّاً على مستوى"بُنى تحتيّة" تابعة للمستوى الأوّل، ويقوم بأداء وظائف وأدوار"سياسية" من خلال ممارسته لأنشطة "اقتصاديّة" محدّدة، ومُرتفعة الربحيّة، يكون هدفها الرئيس هو"خلق" و"مُراكمة" "رأس المال المالي" اللازم لضمان سيطرة "القوى السياسية" الرئيسة الحاكمة، والمُتحكِّمة في العراق الآن.. وضمان تقاسم "رأس المال" هذا، وتوزيعه، و"مُحاصصته" بين هذه"القوى" ذاتها لأطول مُدّةٍ ممكنة، وتقديم مبررات"شرعية"، و"مشروعة" لتبرير التشبّث به، وعدم السماح لأي"قوى" أخرى(عداها) بانتزاعه منها.
وهذا الدور، وهذه الوظيفة لـ "القطاع الخاص" في العراق ليست جديدة. لقد سبق لـ "الدولة" العراقيّة(في مراحل سابقة) وإن قامت بـ "خلق" و"توظيف" قطاع خاص"موازي" للقطاع الخاص التقليدي، وأوكلت إليه مهام وأدوار مشابهة لهذه..غير أنّ الفرق بين الحالتين هو أنّ تلك "الدولة" لم تكن متماهية مع هذا "القطاع"، وكانت "مُستقِلّة"عنه تماماً، و"مُترفِّعة"عليه، وكان هو من "يتطفّل"عليها، ولم يكن يحصل منها إلاّ على "حصّةً" معلومة(ومُحدّدة بصرامة سلطوية شديدة المركزية) من"الفائض الإقتصادي"الذي كانت تُهيمن عليه، كما لم تكن هذه "الدولة" تستمّد أسباب بقاءها و "نفوذها" و"هيمنتها"منه(كما يحدث الآن).
لقد كان "القطاع الخاص" في العراق دائما"اقتصاديّاً"، أمّا الآن فقد اصبح هذا القطاع "سياسياً" بامتياز، وبات يتمتّع بـ "حصانة" سياسية هائلة تجعله عابراً للمساءلة والرقابة والمُلاحقة والعقاب، وغير مُكترِّثٍ بـ "الآليات" القانونية التقليدية التي تعمل هذه "الترتيبات" الرادعة في إطارها العام.
ومنذ عام 2003(وإلى الآن)، يُمارِس هذا "النمط الخاص" من"القطاع الخاص" نشاطه "الإقتصادي" في مجالات رئيسة هي:
- نشاط الأستيراد الذي يشمل نطاقاً واسعاً من السلع .. ليقوّض بذلك أيّ أمكانية للنهوض بإنتاجية القطاعات الرئيسة، ويُضعِف قدرتها(الضعيفة أصلاً)على المنافسة، ويعمل على تفكيك"سلاسل القيمة" الخاصة بها(زراعة/ صناعة/ مستلزمات بناء وتشييد/أدوية ومستلزمات طبية/ صناعات غذائية وكيمياوية..).
- نشاط المقاولات الحكومية.. حيث لا إمكانية لأي تحديث وتطوّر في البنى التحتية الأساسية.
- نشاط التعليم.. حيث لا إمكانيّة لأي تحديث أو تطوّر في نظام و"منظومات"التعليم القائمة حالياً، والتي باتت الآن من بين "المنظومات" الأكثر تخلّفاً، والأدنى نوعية، مُقارنةً حتّى بدول"مُتخَلّفَة" أخرى.
- نشاط المُضاربة، والتجارة غير المشروعة، وتهريب العملة، وغسيل الأموال، والإفلات من "السلطات" الضريبية والجمركّية.. حيثُ لا إمكانيّة لتحقيق أيّ استقرار مالي أو نقدي.
و في المحصّلة ستنتكِس جميع المؤشرّات الإقتصاديّة"الكُليّة" الرئيسة(معدلات نمو الناتج، والتضخّم، والبطالة، وتكوين رأس المال الثابت..)، وستُقمَع المبادرات والمشاريع الريادية(الفردية والجماعية) في جميع المجالات، وتختفي الحوافز اللازمة للعمل والإستدامة.. وستتحوّل أي خطة أو استراتيجية تنموية إلى مجرّد خدعة، أو أكذوبة نظرية، لا قيمة ولا معنى لها على أرض الواقع.
ماهو الحلّ بعد هذا كلّه ؟
لقد تمّ طرح الكثير والكثير من الحلول(والتجارب الدولية المماثلة الناجحة)التي لم يأخذ بها أحد.. وقدعمل على صياغتها وتقديمها خبراء(وطنيّون ودوليّون)، ولم تجد طريقها للتطبيق، بل ولم يُسمَح لها بأن تُطبّق(لأسباب وتفاصيل كثيرة، معروفة ونمطيّة، لاأجِدُ أنّ ثمّةَ داعٍ لإعادة سردها الآن).
بكلّ بساطة، ودون إعادة اختراعِ لـ"عجلات" كثيرة، بعضها"حداثوية" شكلاً، وبعضها عفا على "مضمونها" الزمن.. فإنّ العراق الآن بحاجة إلى دولة مؤسسات"قويّة"(بمعنى دولة فاعلة وحديثة، تؤمن عناصرها الرئيسة بالتداول السلمي للسلطة، وبإدارة الثروة والموارد الوطنية وتخصيصها على أساس مُنصِف وعادل وكفوء .. وليست دولة أبويّة - استبداديّة).
وهذه الدولة هي دولة تعمل بـ "نظام السوق الإجتماعي" ، أي على توفير بيئة مناسبة وملائمة لكي يعمل القطاع الخاص(المحلي والأجنبي) بحريّةٍ فيها، وعلى نطاق واسع.. مع تعزيز قدرة هذه الدولة في الوقت ذاته(من خلال وضع الإطار القانوني والدستوري المناسب)على حماية الملكية الخاصة، وتحصينها من "ولاية" وابتزاز القوى السياسية عليها.. وأيضاً على ضبط ايقاع السوق، والحدّ من اختلالاته وتشوّهاته وانحرافاته، وتقليل كلفته المجتمعيّة على الشرائح الأكثر ضعفاً وهشاشةً من الناس.
دولة كهذه، داعمة لقطاع خاص كهذا، هي القادرةعلى خلق أكثر من"دفعة قويّة" في الإقتصاد.
دولة كهذه ،داعمة لقطاع خاص كهذا، هي الأكثر قدرة على الإستفادة من "الميزة النسبيّة" و"سلاسل القيمة"، و"الهوية الإقتصادية" للمحافظات.
دولة كهذه، داعمة لقطاع خاص كهذا،يمكن أن تنجح في تنفيذ تنمية "مكانيّة" ناجحة بالإعتماد على قدرات وموارد محليّة مُتاحة وعاطِلة(أو مُعطّلة)، و في تحقيق عملية تنمية"وطنيّة"، اقتصادية واجتماعية، أكثر شمولاً واستدامة.
وقد تكون هذه أيضاً هي مجرّد"عجلة" نُعيد التأكيد هنا على اختراعها من جديد.. غير أنّنا في الحقيقة لا نملكُ "عجلةً" أخرى غيرها الآن.
ليس بوسعنا الآن اجتراح حلول غير تقليديّة"فنتازية -طوباوية-شعبويّة"، ودفع مُجتمَعٍ مُنهَك ومَنقَسِم إلى تحمّل كلف إضافية لتجريبها.
إنّ بإمكاننا "ركوب" هذه العجلة بسلاسة(وقد سبق وإن ركبتها اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والصين والإمارات.. رغم اختلاف أنظمة الحكم فيها)، وأن نعمل من خلالها على تنويع الإقتصاد والتخلّص من"عبوديته" للريع النفطي.. وأن نقطعُ بها، ولو متراً واحداً، في طريقنا الطويل لمغادرة هذه المرحلة، التي هي الأسوء، في تاريخنا الإقتصادي"والسياسي" المليء بالخيبات والعثرات والأخطاء.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزنُ عائلةٌ سعيدة
- في بلادٍ لا ينقصهُا شيء، مثلُ بلادي
- الآلهة الضيّقة.. مثل قمرٍ قاحلٍ جدّاً
- أنا رجلٌ قليل
- عندما يكون العراقُ لبنانَ آخر.. شارد الذهن
- الورقة البيضاء والأيّام السوداء (2)
- الورقة البيضاء والأيّام السوداء
- الإقتصاد والحبّ والنفط والعام الجديد
- العُمْرُ ينقُصُ والهمومُ تزيد
- كيفَ وَصَلْنا إلى هُنا الآن؟
- سيرةُ الموتِ والعَيشِ والآخرين
- ذاكرة .. MEMORIA
- جورج الوحيد.. كان يحبّها أيضاً
- عاصمة إدارية جديدة ونمط جديد للتأسيس والتمويل والتشغيل
- مناهضة العنف ضد المرأة.. و حبيبي
- بينما يحدثُ ذاك .. يحدثُ هذا
- ثلاثةُ أيّامٍ قاحلة
- كُلُّ شيء .. ليس بخير
- سكوباس و منظومات البحث والنشر والترقية في العراق
- سيرةُ الوقتِ الشبيهِ بالسُنبلة


المزيد.....




- اعملي ألذ صوص شوكولاته للحلويات والتورتات بسيط جدا واقتصادي ...
- تباين أداء بورصات الخليج مع اتجاه الأنظار للفائدة الأميركية ...
- صندوق النقد: حرب غزة تواصل كبح النمو بالشرق الأوسط في 2024
- لماذا تعزز البنوك المركزية حيازاتها من الذهب؟
- كيف حافظت روسيا على نمو اقتصادها رغم العقوبات الغربية؟
- شركات تأمين تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد عمليات الاحتيال
- صندوق النقد: السعودية تحتاج ارتفاع سعر النفط إلى 100 دولار ل ...
- مسؤول بالبنك المركزي المصري يُعلق على سعر صرف الدولار والسوق ...
- -يكفيه ما فيه-.. هكذا سيتأثر الاقتصاد العالمي بحرب غزة
- -النقد الدولي- ـ الحرب بدأت تؤثر على اقتصادات الشرق الأوسط


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - الاقتصاد السياسي للقطاع الخاص في العراق 2003-2021