أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود غانمي - تنويعات معجم المرأة أو تأنيث العالم في -ديوان النّساء- لجميلة الماجري















المزيد.....



تنويعات معجم المرأة أو تأنيث العالم في -ديوان النّساء- لجميلة الماجري


محمود غانمي

الحوار المتمدن-العدد: 7121 - 2021 / 12 / 29 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


تنويعات معجم المرأة أو تأنيث العالم
في "ديوان النّساء" لجميلة الماجري
مدخل:
ينبني كتاب الشّاعرة التونسية جميلة الماجري الشعريّ الذي عنونَتْه بـ "ديوان النّساء" الصّادر سنة 1997 على تواتر ملحوظ لتيمة غالبةٍ مهيمنةٍ Dominante Thème هي تيمة "المرأة". فكانت تيمةً تتشظّى في معادلات لغوية لكلمة المرأة عبر قصائد هذه المجموعة الشعرية من جهة، وتتبأّر se focalise من جهة ثانية في كلمة "النساء" على نحو متواتر ولافت أيضا. وهذه التيمة هي نقطة ارتكاز دراستنا هذه في هذا الأثر، فنحن – على حدّ عبارة حنا عبود - «دائما نبحث عن نقطة انطلاق في أيّ أثر أدبيّ. فهناك بؤرة ينطلق منها الكاتب أو الشاعر ويبني عليها بأدواته المعرفية والأسلوبية واللغوية تكوينا جميلا بشكل من الأشكال الوطيدة والمعروفة التي أرساها التقليد الأدبي على مرّ التاريخ، ساعيا أن يضيف ما أمكنه من عناصر جديدة أو فريدة » . هكذا بدَت لنا كلمة النّساء بؤرة منها تنتشر تنويعات تأنيث المرأة أو تسمية أنوثة العوالم الشعرية بها وفيها ومن خلالها. وذلك على اعتبار أنّها أكثر الدّوال حصرًا للرؤية الشعرية التي رامتها جميلة الماجري في مجموعِ هذه القصائد التي قال الرّاحل كمال عمران عن علاقتها ببعضها البعض وتمدّد الدّلالة أو الهاجس الشعري الواحد عبرها جميعا، على النّحو التالي في تقديمه لهذه المجموعة: «كذا القصيدة الواحدة، تجدها عبر الديوان تتشقّق فتنفلق فيها الصور وتتراكب الأنغامُ لتجعل من البداية نهاية وقد جاء الانتقال على شكل يذكّر بالرياضة والمجاهدة. فما ورد في عفو الخاطر في هذه القصيدة يثوب في القصيدة الأخرى بكدّ الرؤية» .
ومن منطلق هذا التصوّر لدراسة هذه المجموعة على أساس المهيمنة الدّلالية والسيميائية الكبرى فيها يمكن أن نستدعيَ بعض المفاهيم في توضيح معنى المهيمنة Dominante ومنها مفهوم التّلاشي، الذي على ضوئه تشابهت دلالات القصائد، وتقاربت في معجمها، وهو ما نروم البرهنة عليه. وفي هذا الأفق يعني «التّلاشي شحنَ النصّ بمتشابهات لفظية ودلالية ثمّ التدرّج العكسي نحو الاستغناء عنها إلى الصورة البدائية البسيطة» . ففي قصائد هذه المجموعة تراوح جميلة الماجري بين تكثيف الصورة الشعرية للمرأة بتقنيات مجازيّة مبنية على الإبعاد في هذه الصورة والغلوّ فيها، من جهة، وبين استدعاء التيمات البسيطة للمرأة، على نحوٍ مألوف، ومطروق في لغة اليومي التي يمكن أن تسمّي عوالم المرأة. ومن المفاهيم المؤكّدة لهذه المهيمنة للدلالة النّسويّة مفهوم التواتر الذي اعتمدناه منذ بداية هذا المدخل، و« نقصد به الحضور المكثّف لظاهرة معيّنة في النصّ، حيث تتكرّرُ عدّة مرّات، فتصبح هذه الظاهرة لافتة للنظر» . إذن هذه الظّاهرة هي مهيمنة معجم المرأة وتواتر ممكنات تيمتها الدّلالية على نحو تتلاشى فيه المعاني الصّغرى لهذه التيمة، وتتواتر بين كلّ قصائد المجموعة، حتّى تلك التي عنوانها: "قاموس الرّجال"، ففيها من العبارات ما يوحي بحضور أثر ذات المرأة في تبلور ماهية الرّجل وهويّته المرسومة بأنوثةٍ شعرية، القصد منها تأنيث العالم.
وعليه نخلص من المفهومين السابقيْنِ: التلاشي والتواتر، إلى استدعاء مصطلح يؤكّدُهما ويدْعَمُهُما هو مصطلح "المهيمنة" Dominante فهو «مصطلح براغي من وضع موكاروفسكي وجاكبسون وتينيانوف، ويعني العنصر السّائد في عمل يحدّد بناءه الهرمي» . إذن، استنادًا إلى هذا المعنى للمهيمنة، نتأكّد من هيمنة معجم المرأة وقد صاغته الشاعرة جميلة الماجري في معجم النّساء. وبالتالي ستبرهن هذه الدّراسة على محاولة تأويل مثل هذا الإغراق في تأنيث العالم شعريّا في هذا الإبداع الشعري الحديث، يمكن القول أنّه – ولا تحامل أو مبالغةً في هذا – بإمكاننا حمل ذلك على طبيعة انطواء الإبداع الأدبي عموما أو الشعري خصوصا ذلك الذي تكتبه المرأة على نزعة إبداعية نسوية مفعمة بالجندريّة ولو نسبيّا، وهي في نظر النّقد الجِنساني أو الجندري Gender، عادة ما «تحتوي موضوعاتها الديناميكيّات السيكولوجية للإبداع الأنثوي، واللّساني ومشكلات اللغة الأنثويّة، ضمن المسار الفردي أو الجمعي للأدب النّسوي » . كما يمكن أن يُحسب لجميلة الماجري اشتغالها على شواغل المرأة بمختلف فئاتها ضمن فنّ الشعر، خلافا للكثيرات من الكاتبات العربيات اللواتي اخترن الكتابة الجندرية ضمن النصوص الحضاريّة أو في الفنون الأدبيّة غير الشعر ففي الكتابات الجندرية النسوية في العالم، غالبا ما «وجدت الكاتباتُ ملاذًا لهنّ في الأشكال الأدبيّة المحتقرة من الأدباء الرجال، مثل اليوميات والرّسائل والخيال العاطفي» . هكذا وجدنا جميلة الماجري تقتحم مناخات الجندرية النسويّة بفنّ الشعر الذي يحبّذه الأدباء الرّجال، لتبرهن على القوّة والفاعلية في اللّوذ بالشعر للتدلال على نصيب العالم من الأنثويّة، لا بل رسوخ العالم وتشكّله في رحم الأنثوية.
1 - تيمة المرأة وتنويعاتها المعجميّة / معجم النّساء:
من البديهيّ جدّا أن نعتبر أنّ تيمة المرأة في " ديوان النّساء" متبلورة من وجهة نظر امرأة شاعرة، محكومة بالإبداع الشعريّ الذي يسكنها رؤيا وتقنيةً شعريّةً. وقد تدرّجت جميلة الماجري من رصد معجم المرأة تحت لافتتين سيميائيّتين رئيسيّتين هما: "المرأة" مفردةً ومسمّياتها بصيغتيْ اسم العلم، والصّفة، من جهة، و"النّساء" في صيغة الجمع ومسمّياتها بالصّفة خاصّة، من جهة ثانية. ونعني بالصّفة في الجهتين أن تستعمل الشاعرة صفات تحيل على ذات المرأة أو ذات النساء، كما سيبيّنه الجدول التالي:





معجم المرأة

(صيغة المفرد) المُسمّى الصّريح: قلبُ امرأة (عنوانًا)ص115.

المُسمّى الكنائي وعبارته: حوريّة المحراب/ص22، ركبَة الطّفلة الذّاهِلَهْ/ ص27، إلى الطّفلة الواعدهْ/ ص28، بنتٌ كما برعم مخمليّ/ص29، تسوقُ الصّبيَّةَ/29، أمّ الإناث/ص30، بشّرتها بها القابلهْ/ص30، لَمْ تجئْه البنيّةُ/ص30، يأتين بالطّفلة الذّاهلهْ/30، وتمضي البنيّةُ/ص31، أمّ الفتاةِ/ص32، الصّبيَّةَ عذراءُ/32، والطّينُ للخزّافَة الحسناء مطواعُ/ص35، فلكلّ بارئةٍ /ص35، كهرمانة (عنوانًا)/ص45، أنثى المدينة (عنوانًا)، لأنثى المدينة/ص49، عاتبوا الأمّ/ص50، الجازية تحلّ بالسّباسب (عنوانًا)/ص55، بنِفاسِ أُمِّكَ/ص59، سكينة بنت الحسين (إهداءً)/ص63، أنثى الله (عنوانًا)/ص75، بالأمّ/ص76، في مجلس ولاّدة (عنوانًا)/ص77، عُتبة (عنوانًا فرعيّا)/ص77، ولاّدة (عنوانًا فرعيّا)/ص79، ريحانة (عنوانًا فرعيّا)، ريحانة على مسلك الروح/ص83، أسيّدَةَ الحيِّ/ص88، سيّدة البحار(عنوانًا)/ص91، إلى عِلّيسة مؤسسة قرطاج(إهداءً)/ص91، حورية البحر/ص92، سيّدةُ البحار/ص95، واحدةٌ، وأخرى، وثالثةٌ/ ص100، سيِّدة من ديار الأكابر/ص101، إحدى اليتيماتِ/ص101، للعروس/101، إلى ميّ زيادة (إهداءً)/ص105، من عهدِ بلقيسَ/ص110.





معجم النّساء

(صيغة الجمع)
المُسمّى الصّريح وعبارته: فجُلّ النّساء/ص15، مُدن النساء (تكرّرت مرّتين)/ ص17، مُدن النساء/ص18، لُغة النساءْ/ص21، لم يبق بالبيت إلاّ النساء/ص28، نظرة النّسوة الماكِرهْ/29، في حمّام النّساء/ص33، وعطر النّساء/ ص39، وأنّ النّساءَ (تكرّرت مرّتين)/ ص44، تأتي النساء؟/ص51، وفيها النّساء/ص52، قبل الرّجالِ النّساءُ/ص53، ماذا تجيء النّساء من الإثم/ص53، بذنْب النّساء الجميل/ص53، في النّساءْ/ص66، كتاب النّساء/ص66، دعوتِ النّساء/ص67، مُدن النّساء/ص71، نساءٌ يخضّبنَ/ ص83، تُرى ما تقول النّساء؟/ص84، من هوانِ النّساء/ص84، لكِبْر النّساء/ص85، النّساءُ وَلِينَ/ص87، فمازالت النّسوةُ/ص87، عنادَ النّساءِ/ص88، كلُّ النّساءْ/ص88، لأحلام النّساءْ؟!/ص92، في صمت النّساءِ/ص92، شَادَتْهُ أحلام النّساءْ/ص95، أشياء غامضة للنساءْ/ص98، وتأتي النساءْ/ص99، وهي النساءُ/ (مرّتين) ص108، كلّ النّساء/ص108،


المُسمّى الكنائي وعبارته: لِلْقيرَوانياتِ/ص21، مُدن الصّبايا الساحرات/ص22، موعودة بهما الصّبايا/ص23، وسبع عجائز جئنَ/ص28، تُربِكُها الآمراتُ/ص31، والحوريات/ص34، دُعابة عمّاتكَ الزاهيات/ص39، وأحضان خالاتكَ الدّافئات/ص39، وفاء بنات عمومتك الطامحاتِ إليك/ص40، تُسَمَّى الوَلِيدَاتُ/ص88، لُحْنَ كما الحوريات/ص99، تنازِعُها حبَّهُ أخريات/ص101، تجيء الصّبايا/ ص102،


إنّ مثل هذا الاستقراء لحضور ممكنات معجم المرأة في صيغة المفرد وفي صيغة الجمع متمثلا في كلمة "النّساء" وما تفرّع عنهما من مسمّيات كنائية، يمكّننا من استنتاج حكمين: الأوّل عدم انسياق اشاعرة جميلة الماجري وراء تكثيف مشير المرأة في هذه الصيغة على نحوٍ صريح سوى مرّة واحدة بصيغة "امرأة"، في مقابل عدم تكرار هذه الكلمة، انبرت الشاعرة الماجري إلى تنويع مشيرات لغويّة تكرّس معنى هذه الكلمة لكن بتلوينها بالوصف والتّصنيف، لغاية التّعيين والتمييز بالفئة، أو العنوان الاجتماعي، أو التمييز باسم العلم. الحكم الثاني هو أنّ استعمالات كلمة "النّساء" على وجه صريح، كصيغة جمعٍ مقابلة لصيغة المفرد السابقة، كانت ضعف استعمالات مشيرات كنائيّة تفيد معنى "النساء". هذه المشيرات التي انتهجت فيها الماجري ما انتهجته في التنويعات الكنائية للمرأة في صيغة المفرد، حيث ميّزت هذا التنويع بصيغ الوصف والتصنيف على قاعدة الفئة (الصّبايا/ بنات ± عجائز)، وفي هذا غلّبت الصّفات المشبّهة، استجابة لشعريّة القول وتكريس موضوعه/ المرأة في مناخات شعرية مختلفة، تتجاوز سيطرة التّجربة أو القضية كمعطى حضاري فكريّ.
وفي هذا الاختيار الإنشائي لبنية المعجم استفادت جميلة الماجري من ممكنات اللغة وقدرتها على تجميل المسمّى اللغوي، بسب التوسّع المعجمي بين التّصريح والكناية، حيث « إنّ اللغة تختار للنساء أكرم الألفاظ، فهنّ عرض الرجل وشرفه، وهنّ حريمه» . فالشعر هنا وفي الأصل باعتباره عملا فنّيّا يتجاوز مجرّد الإشارة للمرأة / النّساء كمجرّد موضوع، بل يروم إيجاد تفاعل شعري جمالي بين هذا الموضوع والإدراك الجمالي اللغوي له، إضافة إلى التفاعل الثقافي المعرفي والعاطفي من لدن الشاعرة مع هذا الموضوع. ولعلّ هذا الزّخم المعجمي الذي تمحّضت عنه رؤية جميلة الماجري لقراءتها موضوع النّساء على هذا النّخو الخاص، هو الذي يمكن من خلاله أن « نفسّر التناقض بين المرأة في الأدب والمرأة في الواقع. ظلّت في الأدب تحتفظ بتلك الهالة العظيمة من الحبّ والقدسية، بينما راحت تعاني من الاضطهاد في الواقع » .
فإذا كانت جميلة الماجري، رسّخت حضور تيمة المرأة في أفق "القدسيّة" والمفاخرة بها كائنًا واجب العناية والتّقديس، فإنّ حضورها في أفق "الحبّ" انزاح عن المألوف، فلم نجد ذلك الإيغال في شعرية الصورة النمطية للمرأة معشوقةً جسدًا أو وروحا، بل وجدنا صورتها متراوحة بين خبرات شعرية بواقع المرأة الممكن، وبين خبرات شعرية بممكنات أسطوريّة نصفها من الواقع ونصفها من الخيال، إلى حدّ اقتربت فيه المرأة من عوالم مفارقة ممكنة. كما يتحصّل لدينا من هذا الزخم المعجمي لهذه التيمة، امتلاء العبارات الشعرية الحاضنة للتيمتين: المراة مفردًا والنّساء جمعًا بنفحة من الكبرياء والعزّة التي تقطع مع ظلال سلعنة المرأة شعريّا أو فكريّا ومع مع ما يمكن تسميته "امرأة الشعر" ذلك الكائن المجازي المركّب أو الموغل في الأسطوري، وبالتالي الارتقاء بتيمة المرأة إلى تخوم الأسطوري، ذلك أن للأسطورة في عوالم الشعراء غوايةً لا يمكن مقاومتها، فهي تضفي على مسمّيات الوجود ضربا من الإنشائية الشعرية يعيد فيها الشاعر خبراته بالعالم على نحوٍ جديد مغاير لتصوّرات قديمة لهذا العالم وأشيائه، فجميلة الماجري مسكونةً برؤية ثقافية وجنسانيّة عصرية متطوّرة صار كائن المرأة عندها ووفق رؤيتها الشعرية، كائنا مخصوصا، هو مخصوص لأنّه تمّ تطويره شعريّا أي جماليّا ونفسيّا وثقافيّا، فصارت نساء مثل كهرمانة، الجازية، ولاّدة، ريحانة امرأةٌ شعرية أو امرأة الشّعر لا امرأة التاريخ أو الواقع. بل لم تعد الأنثى في شعر جميلة الماجري أنثى ذاتِها او في ذاتها، بل صارت "أنثى المدينة"، و"أنثى الله"، ... وبمقارنة هذا الاختيار في الشعرية العربيّة الحديثة لصورة المرأة، على هذا النّحو الذي تمثّله جميلة الماجري مع الكتَابات السّردية النّسوية، الرّوائيّة والقصصية، خصوصا، يمكن القول إنّ «المرأة كسبت من الأدب واقعية قضاياها. لم تعد صورة زاهية في الأدب بينما تعاني البؤسَ في الواقع. صارت تظهر في الأدب كما في الواقع» . فجميلة الماجري وهي تتطرّق إلى عوالم المرأة من منظور شعريّ، تنزاح عن خصوصيات تسريد دلالات المرأة في الرواية والقصّة التي يتعانق فيها الواقعي بالخيالي، لتجعل صورة المرأة الشعرية مفارقة لصورتها في الواقع فها هي الماجري تنسج صورة تشبيهيّة ترتقي فيها المرأة إلى اللؤلؤة، بقولها في قصيدة "لؤلؤة" (تفعيلة المتقارب):
« فَجُلّ النّساءِ شبيهات بعضٍ
وواحدةٌ بين عصرٍ وعَصْرٍ تجيءُ
كلؤْلُؤَةٍ في الكنوزِ
فَرِيدَهْ ! » .
بهذا التعبير الشعري، لم تعد المرأة كائنا مقابلا – على سبيل المفاخرة - لكائن آخر متخارج عن جنسها، بل صارت مفاخرة الشاعرة بالمرأة من داخل جنسها، فهي تستثني من بين النّساء امرأةً واحدةً في تفرّدها وبروزها من بنات جنسها، على نحو ما تتميّز اللؤلؤة في جمع الكنوز، فجميلة الماجري معتمدة خبرتها الحياتية وثقافتها الشعرية ومواجدها تحدس معنى واصفا لهذه المرأة الفريدة التي قد تكون إيّاها أو أناها الشاعرة، وهو معنى يظلّ ولقفا في مهبّ التّأويل، فرمزية اللؤلؤة في سياق هذه العبارة كما في غيرها من السياقات هي رمزيّة عميقة، الإمساك بمعناها غير ممكن ببساطة، حيث « يستخدم العديد من الكتّاب المرأة كشكل رمزي لشرح الانصهار بين الحدس والمنطق » . فلنا أن نسأل هل معنى تفرّد المرأة في النّساء – في تشبيهها اللؤلؤة - هو تفرّد صوَري مادّي أم هو جوهري، أو بعبارة أدقّ هل هو تفرّد جسدي أو روحي معنوي؟ ذلك أنّ القول في ماهية الجسد من منظور فلسفي ثقافي اجتماعي يطرح حيرة في القراءة والتّأويل، فالجسد في هذا الأفق الشعري الثقافي، لا يكتفي برمزية ظاهره بل برمزية جوهره وعمقه، إذْ حينَ « تخصّص التصوّرات الاجتماعية للجسد وضعا محدّدا من داخل الرمزية العامة للمجتمع. فهيَ تُسمّي الأجزاء المختلفة التي تؤلّفه والوظائف التي تقوم بها كما توضّح علاقاتها، وتنفذ إلى الدّاخل غير المرئي للجسد لتودع فيه صوَرًا دقيقة، وتحدّد موقعه وسط الكون أو بيئة الجماعة البشرية إنّ هذه المعرفة المطبَّقَةِ على الجسد هي على الفور معرفة ثقافية» .
إنّ تسمية الشاعرة جميلة الماجري لجسد المرأة أو جسد النّساء، لا يختلف جوهريّا عن بعض مكوّنات الرؤية الاجتماعيّة هذه، وإن كانت رؤية الشاعرة هذا الجسَدَ – ولا شكّ – تغتذي من أنوثتها ذاتها، ومن رؤيتها الثقافية النسويّة المنحازة شعوريّا إلى مناخات الجسد الأنثويّ وتشكّلاته وحركاته وتمظهراته، وخلجاته النّفسية، وتحوّلاته ضمن طقوس اليومي مثل الاستحمام فعلا تطهّريّا ملتبسا في المخيال بين التطهّر بالنار والتطهّر بالماء، وقد أشارت الماجري بالإيحاء اللغويّ إلى امتزاج عنصري النّار والماء في لحظة التطهّر التي صار فيها امتزاجهما ممكنًا بإعادة الشاعرة بناء الواقع الممكن على نحو مغاير بسبب من كيمياء الشعر، في قولها من قصيدة "في حمّام النساء":
« حتّى إذا التبستْ بالطّين ثانيةً
وتوحّدتْ بالماء غارقَةً
في صفوِ عُنصُرِها
وتمعّجَ الصّلصالُ بالنيرانِ مُشْتاقًا
وملْتَهِبًا
[...]
بَدتْ
في جذوة الجسَدِ النّقيِّ كأنّمَا
للتوِّ قد جُبِلتْ
مِنْ كَفِّ بارئها» .
صار الجسد في هذه العبارات الشعرية التي تكثّفَ فيها معجما الماء والنّور وتعالقا بين طينٍ ونارٍ، وتشكّلت منهما صورة ذات معانٍ حدسيّة، صار الجسد بؤرة رمزيّة لحدس المعاني الرّوحية الوجدانيّة. وإنّ مردّ هذا الجموح الشعريّ بالجسد إلى تخوم روحيّة بعيدة عن سطحيّة المتداول الشعريّ تعود فيما يمكن تأويله إلى توقّد المشاعر الأنثويّة التي تغتذي لدى الشاعرة من خبراتها في موضوعها الشعريّ هذا: المرأة، ودقائق ممكناته الجسديّة بالخصوص في تجربة التّطهّر في الحمّام وطقوسه وعاداته، وفي هذا الإطار، لا ضيرَ من القولِ « إنّ تصوّرات الجسد، والمعارف التي تبلغها تخضع لحالة اجتماعيّة، ولرؤية للعالم، ولتعريف محدّد للشخص في داخل هذه الرؤية. فالجسد بناء رمزيّ، وليس حقيقة في ذاتها » . لقد صار الجسد بعد معترك التطهّر وطقوسه وهو من عنصري الماء والطّين، أصبح – شعريّا- أشبهَ بالكائن الملائكيّ النورانيّ ذي الجذوة، فعبارة " جذوة الجسَدِ النّقيِّ " تقرّبنا من هذا التصوّر، الذي ينأى بكينونة المرأة عن مجرّد جسدٍ يراه شاعر من وراء عين ذكوريّةٍ. قد لا تغوص إلى عوالمَ أنوثة جسد المرأة على نحو ما أبرزته جميلة الماجري، من خلال عين شاعرةٍ أنثويّة، الفارق بينها وبين العين الذّكورية الرّائية للجسد الأنثويّ هو فارق عاطفيّ، خصوصا و« إنّ الإنسان يُوجد عَاطفيّا في العالم، ... فمزاجه يلوّنُ الحركات والأحاسيس، ويعدّلُ الانتباه للأشياء، ويكدِّر الجسد أو يجعله جاهزًا، ويصفّي الأحداث » .
2 - تأنيث العالم وتنويعاته المعجميّة:
سارت عوالم جلّ القصائد في "ديوان النّساء" في ركب موضوع "المرأة" أو "النّساء"، إلا فيما ندر، فالعوالم الشعرية الغالبة مشدودة لبؤرة هذه التيمة الغالبة، ومبرّر هذا استدعاء الشاعرة الماجري وفرة من مشيرات معجم المرأة مفردً أو النساء جمعًا، لتلفت انتباهنا إلى هذا الزّخم المعجمي الأنثوي في لغتنا، حيث « إنّ اللغة لم تترك شيئا يتعلّق بالمرأة إلّا وذكرته، كالأعضاء والأحوال التي تختصّ بها دون الرّجل أو تغلب عليها مثلا، كـ"الأسوار والعقد والقرط والضفيرة والجارية والضرّة والرحم والحيض والنّفاس والخلع والعِدّة والحمل والولادة والرضاعة. كما خصّصت اللغة مفرداتٍ وصيغا وتصريفات للمؤنّث مثلما فعلت مع المذكّر» . وعلاوة على هذا الثراء اللغويّ الجاهز بطبعه، سلفًا، اعتمدت الشاعرة جميلة الماجري من المشيرات التي تؤكّد رغبتها في إثبات حقيقة اعتقادية قديمة وهي أنوثة الكون هذا القول الشّعريّ لها في قصيدتها "أنثى الله":
«يا قيروانُ ...
وهذه الدّنيا مؤنّثَةٌ
واللهُ أنّثَها، وفي ملكوته
وبأمره
تُجلى وتنفتقُ
لو أنّهُ – سُبْحَانَهُ – ما كان آثَرَنَا
لم يَرْتَهِنْ
برِضَائنا الجَنّاتِ واعِدَةً على أقْدَامِنَا..» .
في هذا القول يتبلور معنى أنوثة الكون في دلالتين هما: أوّلا أنوثة الدّنيا اسمًا من أسماء الوجود والكون، وثانيّا أنوثة الأمومة، وما بين التّصريح بمعنى الأنوثة الأولى " وهذه الدّنيا مؤنّثَةٌ / واللهُ أنّثَها "، وبين إيحائيّة الدّلالة الثانية، ومشيرها التعبيريّ " لو أنّهُ – سُبْحَانَهُ – ما كان آثَرَنَا /لم يَرْتَهِنْ / برِضَائنا الجَنّاتِ واعِدَةً على أقْدَامِنَا "، حيث استرفدت جميلة الماجري معنى الحديث النّبويّ الذي يفيد أنّ الجنّة تحت أقدام الأمهات وموعودة برضاهنّ ، وهو ما يبرهن على اعتماد الشاعرة مبدأ الصدق الفنّي في بلورة تأنيث العالم، وذلك بالتعويل على هذه الروافد الثقافيّة وهضمها شعريّا لخدمة الغرض الشعري، من جهة، وتلبية لرغبة ذاتيّة شعوريّة مستبطنة في وجدان الشاعرة، التي تحيلنا على معنى البدايات، أنّ المرأة كانت هي سيّدة الكون في البدايات، فالصدق مع المشاعر مثّل إلى جانب النّبع الثقافي مصدرًا للصّق الفنّي ضمن شعرية تأنيث العالم، وفي هذا « يمكننا أن ندرّب أنفسنا على احترام مشاعرنا، وتحويلها إلى لغة بحيث يمكن التشارك بها. وحيثما لا توجد هذه اللغة بعد، فإنّ شعرنا هو الذي يساعد في صياغتها » .
2 – 1 تأنيث لغة القصيدة / لغة الشعر:
انخرط الشعر الحديث من خلال لغته المؤسطرة، في الإحالة على منطلقات تاريخيّة أسطوريّة لما يتطارحه من قضايا راهنة، لعبت لغة القصيدة فيها دورًا أكيدًا المناخَ الشعريَّ لصاحب القصيدة. وقد بدا لنا في هذا الإطار أنّ مناخ لغة الأنوثة هو المسيطر في مجموعة "ديوان النساء" هذا لجميلة الماجري، كما بدا لنا حرصها على اختيار معجم مخصوص تؤكّد به تأنيث لغة القصيدة عندها. ودعما لذلك، يمكن أن ننطلق من تاريخ اللغة المتصارعة على محوري الأنوثة والذّكورة في تاريخ الأساطير السّومريّة والفكر المنظّم للمجتمع زمنئذٍ، لبيان عمق هذا الأفق اللغوي، في الجدل الفكري القائم بين هذين المحورين، ففي العصر السّومريّ الذي سادت فيه هيمنة السلطة الأنثويّة، « كانت اللعبة اللغويّة سلاحا من جملة الأسلحة المستخدمة في الصراع بين الذّكر والأنثى. وقد لعبت اللغة لعبتها وأثرت فعلا في تغيير مفاهيم النّاس» .
قصيدة "محاريب القمر"
«ماذا يقول الشكل حين اللونُ يسكُنُهُ؟
وإذا الأصابعُ ألغَزَتْ برموزها
وتحاورتْ بلغاتها
منْ يقرَأُ الإيحاءَ في لغةِ النّساءْ ؟ »
« هذا هو الشعر كاستنارة، لأنّه من خلال الشعر نعطي أسماء لتلك الأفكار التي لا أسماء لها ولا أشكال - إلى أن تصبح شعرًا - والتي على وشك أن تولد، ولكن يمكن الإحساس بها أصلا » .
يجرّنا الحديث عن تأنيث العوالم المحيطة بالمرأة والمشكّلة لهويّتها الاجتماعية والقيميّة إلى الحديث عن مدخل هذا التّأنيث ألا وهو التفكّر في المرأة لا شعريّا فحسب، بل على نحوٍ أنثويّ نسويّ، أو بعبارة أوضح من خلال تأنيث لغة تسمية موجودات العالم، خصوصا ونحن في حضرة نصوص شعرية لشاعرة لا نشكّ في هوسها بشواغل بنات جنسها/ النّساء، وهو ما يعني أنّ الشاعرة حين تفكّر شعريّا في هذه الشواغل، من منظور أنثوي، و«أن تفكّرَ أنثويّا يعني أن تفكّر بطريقة مختلفة عن المنطق الذّكوري الكلاسيكي الذي ساد الفكر» .
ومن مؤشّرات هذا الحَيْد لدى جميلة الماجري عن التفكّر الشعري الذّكوري في موضوع المرأة، وعدم المكوث في صلب الغزليات، التي توائم بين حضور الضّمير المذكّر والضّمير المؤنّث على نحو جدلي تفاعلي متوازن، إذ هي غلّبت حضور مشيرات الأنوثة في جلّ القصائد غالبا، كما أنّها تطرّقت إلى المفاخرة بالقيم والأسرار التي حازتها النّساء. لذلك صار من المهيمنات اللّسانية والمعجميّة التي تفسّرُ تأنيث العالم في خطاب الماجري الشعري هذا اشتغالها بكثافة في كلّ قصائد المجموعة على استعمال ضمير المؤنّث في صيغتي المفرد والجمع. وهو ما يجعل نفَسَ الأنوثة طاغيّا على المعاني الشعرية، مما يعيدنا إلى البدايات، وتصديق القولِ «إنّ الخلق في الحقيقة عملية أنثوية، بطيئة وغامضة وغير مرتبطة بمنطقنا الذكوري، بل بجوهر الأنوثة الذي هو حماية الحياة والحيّ وليس في الحروب التي تقتل ثمار رحمها» . وتأكيدًا لهذه الحماسة الفكريّة لجوهرية المرأة في الخلق وفي ولادة العالم، تتأتّى نزعة جميلة الماجري إلى المفاخرة بعظمة النّساء واستحواذهنّ على أسرار ممكنات الوجود، حيث سرُّهُن محصَّنُ دونه العجيب والنّائي، والشّاهق والمُطلسمُ، والوهم والمُغْلق، كما هو واردٌ في هذا المقطع من قصيدة "مدن النّساء" قصيدة حرّة على (تفعيلة الكامل):
«مدن النّساءِ عجيبةٌ
أرضٌ على القُصّادِ نائيةٌ
أسوارها ...
في البال شاهقةٌ .. وأبوابٌ مُطلْسَمَةٌ
ونوافذٌ
في الوهم فاتحةٌ .. وأغلاقٌ
بكفِّ الجنّ موكَلَةٌ » .
وفي مثل هذا المناخ الشعري تعيد جميلة الماجري بناء عوالم اليومي على نحوٍ إنشائي شعري، تكون فيه المرأة محورًا تدور على أساسه الخبرات الشعرية، ليتمّ من خلال هذه الخبرة والقصد الشعري تأنيث féminisation عوالم اليومي، حتّ الموصول منه بتيمة الرّجل. فمن مظاهر هذه الخبرات الشعرية الالتفات إلى صفات الأنوثة في صفات مدن النّساء، "عجيبة"، "نائية"، " شاهقةٌ "، و" مُطلْسَمَةٌ "، وذلك لإحداث أثر الإغراب في تسمية أثر المرأة الأنثوي على مكوّنات اللّغة الشعرية، فتجعلها الشاعرة الماجري لغةً متماهيةً في كثافة مكوّناتها المؤنّثة، مع كثافة عالم الأنوثة في عوالم النّساء، فهنّ من منظور فكر التخصص البيني أو تداخل التخصّصات interdisciplinarity «بسبب قدراتهنّ الإنجابية، وأجسادهنّ التي تحمل... فإنّ الثقافة تميّز المرأة بوصفها غامضة أو محرّمةً أو خطرةً (دوغلاس)» . ومثل هذا التصوّر لغموض عوالم المرأة، هو ما يفتح التّأويل على احتمالات اشتغال الشعريّة المعاصرة على مناطق سرّية في المرأة، خلافا لما كان سائدًا في الغزليات القديمة. فجميلة الماجري تحدو كائن المرأة في قصائدها إلى أن يستقطب عناصر أنوثة الكون في المعنى الرّوحي النّفسي، أكثر من المعنى الجسدي، أو العقلي المتمظهر في الثقافي، كطاقتين تبرز من خلالهما المرأة وتتموضع في الوجود. لذلك استعملت الشاعرة الماجري استعارات ومجازات من عالم المرأة لتصف بها عوالم إنسانية أو وجودية محلوم بها. ولعلّ مثل هذه اللغة الحانية على عوالم أنوثة المرأة أن تدفعنا إلى أن نكون - كما قال باولو كويلهو- «متمتّعين بتأمّلها، محاولين أن نكتشف تلك اللغة السرّيّة التي تخاطب الجانب الأنثوي اللاواعي فينا أكثر ممّا تخاطبُ عقلنَا » .
2 – 2 تأنيث القيم:
انبرت الشاعرة جميلة الماجري في قصائد كثيرة إلى مديح النّساء لا في صفاتهنّ الخِلقيّة، بل في صفاتهنّ الخُلُقِيّةِ القيميّة. فكانت قيمٌ مثل الطّهارة والعفّة والهوى وغيرها، وقد جاوزت بنا الشاعرة جميلة الماجري الطّور الشعري الذي نرى فيه المرأة مجرّد طاقة جسديّة تنبض جمالا ومشاعرَ، لتؤكّد رؤية باولو كويلهو أنّ « المرأة قداسة، طاقة أنثوية، إنّها ما يمنعنا من إشادة الجدران بين ما هو مقدّس وما هو دنيوي، إنّها منطق الغامض العصيّ على الفهمِ والإعجازي» . جاوزت بنا الماجري إلى مناطق ومناخات مشتركة بين المرأة والرّجل وهي منطقة القيم والمعاني الروحيّة والفكريّة التي تعتبر خاما من خامات القيم، فلم تعد تيمة المرأة في متصوّر جميلة الماجري الشعري، فضاء لتكدّس معجمي المادة والجسد والشّهوة الجنسية، بل صارت تيمة لتلاقح الجسدي والقيمي وما هوّ مجال تفكّر قيميّ أخلاقيّ بالأساس. فكأنّ الشاعرة وهي تذهب هذا المذهب الشعري في إعلاء شأن بنات جنسها/ النساء، إنّما تعيدنا إلى البدايات التاريخية، حيث «في المجتمع الأمومي الأوّلي كانت المرأة تعني كلّ ما هو مقدّس، وناعم وشاعري» .
2 – 2 -1 تأنيث الطّهارة:
من خلال عناوين القصائد الدالة على هذا التصوّر، من ذلك "مدن النّساء"، "في حمّام النّساء"، و"في مجلس ولاّدة"، و"سوق النّساء"، وغير ذلك من العبارات الدّاخلية في نصوص القصائد، مما يؤشّر على رغبة من الشاعرة في إضفاء جمالية الأنوثة على أشياء العالم. لكن ليس من خصائص الشّعر أن يمنح الشاعرة أن تقول بالشّعر الأشياء نفسها، كما هي في العالم، إذ من خصائص الشعرية الحديثة خاصّة أن تنزاح بالمجاز وخاصّة بالاستعارة عن حقيقة الشيء، لتخلُق من منطلقه شيئا له الاسم نفسه، ففي قصيدة "تصفيح" ترسم جميلة الماجري بخيالها الخلاّق صورة للواقع الأنثوي وقد تمّ خلقه شعريّا وإعادة صياغته، على النّحو التالي:
« فلكلّ بارئةٍ
منهنّ مطفلةٌ بماء الورد قد
فاحتْ وماء العطرشاءْ
ملأى من الطّفَلِ المعطّرِ والشّذى
تطلي به جسَدًا يتوقُ إلى بدايته
طينًا وماءْ» .
اشتغلت جميلة الماجري في هذا المقطع الشعري على معجم محوري هو معجم الشمّ، مكثفة من علاقات مكوّناته مثل الورد، فاحت، العطرشاءْ، المعطّر، الشّذى، وهي بذلك ترسم طبيعة العلاقة بين ممكنات اليومي التطهّري من جهة وممكنات الرغبة في السموّ بالجسد الأنثويّ إلى تخوم الكائن اللطيف المتخيَّلِ في لحظة التشكّل الأولى في عملية الخلق الإلهي للإنسان فيظلّ هذا التشكيل الشعري فعل تجريد وتخييل للفعل الاجتماعي اليومي. ومثل هذا المعجم /الشمّ خلافا لمعجم النّظر مثلا والمتداول شعريّا، يندر أن ينتبه إليه الشعراء ليحوّلوه إلى مشغل شعريّ، ذلك أنّه « إذا بدت حاسّتا الشمّ أو الذّوق كنشاطات أقلّ بروزًا، فإنّهما لا تحضران بشكلٍ أقلّ في علاقة الشخص بالعالَم» . التي تدخل في اللامتوقّع أو اللامعقول، ويحاول الشعر الانتباه إليها عبر جعل اللغة الشعرية مفكّرةً حالمةً «القصيدة لغة وهي إذن تعني شيئا، والدّال ليس له هدف إلا أن يقودنا إلى المدلول، وكلّ شاعرية للدوال تقع في اللامعقول لأنّها تسلب الرّمز من مكوّنه الأساسي» .
2 – 2 - 2 تأنيث العفّة:
مثّل الشعر لدى جميلة الماجري فنّا لإعادة تشكيل العوالم والمشاغل اليومية للمرأة على نحوٍ شعريّ، يعاد من خلاله النّظر وإعادة الفهم لممكنات الواقع، ولبعض القيم، حتّى يصبح المشغل اليومي للمرأة، لا طقسًا بسيطًا مألوفًا، بل يمكن تطوير معجمه ودلالاته شعريّا. وعلى حدّ قول الشاعرة الأمريكيّة أودر لورد (1934 - 1992) «فبالنسبة للمرأة، الشِّعر ليس ترفًا. إنّه ضرورة ملحّة لوجودنا. إنّه يشكّل نوعية الضوء الذي نبني ضمنه آمالنا وأحلامنا تجاه البقاء والتغيير، بتحويله أوّلا إلى لغةٍ، ومن ثم إلى فكرة، ثم إلى فعل ملموس أكثر. إنّ الشعر هو الطريقة التي نساعد بها في إعطاء اسم لما ليس له اسم، بحيث يمكن التفكير به » . وعلى أساسٍ من هذا أعادت جميلة الماجري صياغة بعض الطّقوس الاجتماعية مثل طقس "التصفيح"، وإن كان في ظاهر العبارة ما يحيلنا مباشرة على واقع مُعاشٍ، ففي قصيدة "تصفيح"، تسرد جميلة الماجري تفاصيل هذا الطّقس بشيء من الإيجاز، تاركةً للقارئ أن يتحسّس مواضع تأنيث قيمة العفّة، بقولها:
« يهنّئنَ أمّ الفتاةِ
على العفّةِ الدّائمهْ
وينشرنَ بين العشيرةِ
أنّ الصّبيَّةَ عذراءُ قد حُصِّنَتْ
من "الجنسِ" والعار والألسنِ القادِحهْ
مُصفَّحَةً ليسَ توطأُ من غيرِ تعويذَةِ الفتْحِ
إنْ حلّتِ الليلة الحاسمَهْ» .
قد صار بسبب من أجناسيةِ الشعرِ الحديثِ المفتوحةِ على أجناس أدبية مثل الرواية، أن تنهض عوالم القصيدة على تسريد وقائع وتلفظات مصدرها اجتماعي، إذ بإمكان الشاعر الحديث، أن يعيد صياغة موضوعات واقعه شعريّا، هذا إذا جعل الواقع نصب عينه الشعريّة. من ذلك أنّ الشاعرة الماجري تستعيد بإعادة الخلق اللغوي ملفوظَ النّساء في هذه التجربة الثقافية الاجتماعيّة التي تُسمّى "تصفيح الصّبيّة" على نحوٍ شعريّ. فقد بدت الشاعرة أكثر حرصًا على الإحاطة بالحدث الاجتماعي هذا باعتباره طقسًا اجتماعيّا محوره العفّة والشّرف، يمكن استنفار اللغة الشعرية لاستعادة ملامحه، أو التداول في شأنه شعريّا من خلال تمثّل ما أمكن من ملفوظ النّساء فيه «على كون مجال الكلام ينتسب إلى الترتيب الاجتماعي ولا ينتسب فحسب إلى الفرد » ، الفرد الذي يمكن أن تكُونَه الشّاعرة الماجري، وقد عبّرت بفعليْ " يهنّئنَ " و"ينشرنَ" اللذين يفيدان الخطابَ بالتلفّظ أو القول المباشر.
وإذا كانت قيمة العفّة مرتبطة بمعنى التّطهّر في "الحمّام" على نحوٍ مادّي غالب، فإنّ للعفّة مجالا من قصيدة "أنثى المدينة" (تفعيلة المتقارب)، يبدو شعوريّا وقيميّا، روحيّا وهو الحب، في قول الماجري:
«فَكَمْ من مُحبٍّ لها صادقٍ
تعفَّفَ في الحبِّ حتّى غدا
لدى الله في محنة العشقِ كالأنبياء» .
صِيغ معنى العفّة في هذه الصورة الشعريّة على نحوٍ مختلفٍ عنه في الموروث الشعري، إذ يمكن أن يكون التعفّف في التراث الشعري مشوبًا بمراعاة محاذير قيميّة والاجتماعيّة، غير أنّ جميلة الماجري خلاف ذلك، تجعل التعفّف منشدّا إلى غاية سامية وهي التشبّه بأخلاق الأنبياء في العشق والتولّه، مسترفدةً هذا المعنى من تجربة الصّوفيّة في عشقهم الله، حتّى ليصير الحبّ محنة على نحو مفارق للسّائد البشري.
2 – 3 تأنيث الأمكنة:
امتلاك المكان يعني امتلاك السلطة، «السلطة كانت بيد المرأة [...] وتأتي الأبحاث الأركيولوجية لتدعم هذه النظرية. فقد تبيّن أنّ الشرق كان فعلا تحت سلطة "الأمّ الكبرى" أو "الربّة الكبرى" فالإلهات والملكات وكهنوت المعبد من النّساء وليس من الرجال، بل إنّ الإشراف على الأقنية (وكانت قليلة ومحدودة) كان بيد المرأة، سيدة المعبد، أو الملكة، أو الكاهنة الكبرى» . ولتأكيد سطوة المرأة على المكان، استعارت جميلة الماجري نموذج "عليسة"، ففي قصيدتها "سيّدة البحار" تقول مخاطبةً عليسةَ:
«هلّا كشَفْتِ لهم إذنْ
كيف البحار تصيرُ خاضعةً
لأحلام النّساءْ ؟!» .
تنسج الماجري معنى تأنيث المكان / البحار بدلالات متوسّطة التّجريد، إذ تسترفد حقيقة علّيسة التاريخيّة، في رحاتها البحريّة وتغذّيها بممكنات الرّغبة الشعوريّة في إحقاق قوّة الشّخصية، أو بعبارة أوضح قوّة العزيمة التي تمثل عليسة رمزا لها في جنس النساء، وبذا تتجاوز الشاعرة مجرّد استدعاء سردية تاريخيّة لشخصية عليسة، بل تُنمي هذه السردية إلى موقف وقيمة هي أميل إلى التجريد، نتأوّلها في أنّ المرأة قويّة ومؤثرة في التاريخ وفاعلة في مجرياته، وإلى ذلك تتجلّى قيمة أخرى هي قيمة التحدّي إذا ارتهنت العلاقة الدّلاليّة إلى علاقة علّيسة بالبحر، وهي علاقة تحدّي، فهي تتحدّى البحر وتخضعه وتسودُه، ومن هنا جاءت عبارة "سيّدة البحار". وفي مثل هذا التصوّر لتأنيث الأمكنة لم تعد علاقة المرأة بالأمكنة مجرّد علاقة مكان بأثاث أو شيء يؤثث المكان، وإنّما، صارت الأمكنة تعنون بالمرأة ويشار للأمكنة بهويّة المرأة أو النساء، كلّ ذلك خدمةً لغرض شعريّ منسرب في القصائد وهو أن لا قيمة للمكان دون تأنيث، أوَ لم يقل ابن عربي ما يدعم قيمة تأنيث المكان، في قولته الشهيرة: «المكان الذي لا يؤنَّثُ لا يعوَّلُ عليهِ، يعني المكانة» . فمن منطلق هذا الوعي بقيمة تأنيث المكان جاء احتفاء جميلة الماجري بأمكنة لها رمزيّتها ومكانتها، على نحو ما يبدو في قصيدة "أنثى المدينة" (تفعيلة المتقارب):
« وإنّ المدينةَ أنثى
لذلك تدعو
فتأتيك قبل الرّجالِ النّساءُ » .
في مثل هذا القول الذي تبدو عبارته صريحة في تأنيث المدينة، " المدينةَ أنثى " يتخطّى التّأنيث المستوى اللغوي الظّاهر ليمضي بنا إلى معنى شعريّ أبدعته الشاعرة من منطلق العبارة الثانية الذي كان في موقع الحجّة التابعة للحكم بأنوثة المدينة، هذا المعنى صنعته قيمة سبْق النّساءِ الرّجالَ في تلبية الدّعوة " تدعو فتأتيك قبل الرّجالِ النّساءُ "، وقد نقرأ علاقة العبارتين على نحوٍ مختلف فتكون أنوثة المدينة سببا في مبادرة النساء قبل الرّجال في تلبية الدّعوة. هكذا يبدو التعالق الجدلي بين العبارتين على مستوى السبب والنتيجة ملتبسًا شعريّا لحدّ لا يمكن فيه التنازل عن إحدى العبارتين في الإمساك بمعنى تأنيث المدينة.
وفي مناخٍ آخر من تأنيث الأمكنة تصوّر الشاعرة الماجري الأمكنة مجتمعة ومتفاعلة في دائرة الصّبايا، فهنّ محور المكان يصنعن به فعل الحركة، فيغدو المكان مصطبغا بمناخات الأنوثة، على نحو ما نجد في قصيدة "محاريب القمر" (تفعيلة الكامل):
«قمرٌ ومحرابٌ
ومملكةٌ وتاجْ
موعودةٌ بهما الصّبايا
منذ أوّلِ عقْدةٍ
ومدارجُ مرسومةٌ
ترقى إلى باب السّماءْ» .
في مثل هذه اللوحة الشعرية، التي استوحتها جميلة الماجري من نقوش الصّبايا في نسيج الزّربية - وقد أردفت عنوان القصيدة المذكور بعبارة: "قراءة في نقوش زربية قيروانية"- ينطوي هذا التّشكيل لعوالم أنوثة المكان على رؤية عميقة لتوظيف ما له صلة بالمكان للتعبير عن هواجس الصّبايا الوجوديّة. لذلك تعاضد في هذه الرؤية لدى جميلة الماجري كلّ من التشكيلي والشّعري لرسم مسار عروج الصّبايا ورقيّهنّ تخييليّا ووجدانيّا عبر ما خططنَ أو نسجنَ من محراب "إلى باب السّماءْ" عبر ما رسمنه من مدارجَ. ومثل هذا التوظيف الشعري لفنّ النقش على الزربية بما يصوّره من رغبة لدى الصّبايا في رسم الأمكنة على نحوٍ قصدي لهو دليل على تأنيث الأمكنة لصالح رغبة المرأة في الانعتاق والسموّ بمكانتها وشأنها في الوجود « المكان إذا لم يكن مكانةً لا يُعَوَّلُ عليهِ » وهو ما تستبطنه الصبايا وعبرت عنه الشاعرة الماجري. حيث يتمّ شعريّا شحن عوالم المكان بطاقة من التعبير الشعوري عمّا يختلج في وجدان الصّبايا.
كما ارتقت جميلة الماجري في سياق تأنيث المكان بمفهوم المكان الأنثوي أو المؤنّثِ، إذ اختارت أن تعتبر جوارح الجسدِ أمكنةً مثل الأحداق والقلب، كما نجد في قصيدة "وردة الرّمل":
«منْ قالَ إنّ السّاكنينَ بداخل الأحداقِ
قدْ ماتوا وقد دُفِنُوا
أو عن رحاب القلب قد رحلوا
فالموتُ لا يأتي إلى مُدُن النّساء» .
إنّ مثل هذا العبور إلى جوارح الجسد وأعضائه واعتبارها أمكنة في صلة بالحِلّ والترحال والسّكن إليها، إنّما يعكس موقفا جماليّا ورؤيا صوفية إزاء الأمكنة، تفتكّ فيها جوارحُ الجسد الذي يبحث له عن مكان يليق بشاعريّته، تفتكّ فيه رمزيّة الأمكنة الحقيقية الطبيعيّة التي كانت مسرحًا للمشاعر النبيلة مثل الصّحراء والمدينة ببيوتاتها الحاضنة للعاشقين، فارتدّت هذه الرّمزيّة المفقودة إلى القلب وصفحاته التي يكتب عليها مشاعره ألا وهي الأحداق، حيث « يمارس الخيال فعله بحرية على المكان [...] إنّه يعمل على مستوى الأفكار » . هذه الأفكار الشعرية الشبيهة بالحلم، حيث تصبح النساء رمزًا للمدينة والمدينة متماهيةً مع النّساء، تتبادلان ماهية الهويّة الأنثويّة. إنّه حلم الشاعرة في إرادة نفي التلاشي والموت الذي يصيب الأمكنة المادّية، فيتمّ الاستعاضة عنها بأمكنة روحيّة وجدانية.
شبه خاتمة:
اعتمدت جميلة الماجري في "ديوان النّساء" معجماً لغويًّا يمكن تسميته في الأعمّ الأغلب، بمعجم الأنوثة أكثر من مجرّد تسميته معجمَ المرأة. فالمعجم المعتاد شعريّا في خصوص المرأة صار في خطاب جميلة الماجري الشّعري، بفعل نسغ الأنوثة التي تجري في مضانّ العبارات الشعريّة معجمًا سَلِسًا كالماء تترقرق فيه الكلمات والعبارات على نحوٍ ليّنٍ لِينَ الماء، وتسلك فيه مسالكَ في القصيدة، مهّدتْها قدرةُ الشاعرة الماجري على نسج لغة مُرهفَةٍ رهافة خيوط الحرير أو الصّوف. لذلك بدتْ العبارة الشعريّة المركّبة تركيبا جماليّا وإنشائيّا Poétiquement ليّنةً منقادةً، تتثنّى مع المعنى تثنّي جسد المرأة وتنعطف مع قصد الشاعرة انعطافه، على نحوٍ خالٍ من الحدةِ والخشونة، ذلك بفعل حسن ذوق الشاعرة ورهافة حسّها وإصغائها لتفاصيل اليومي من منظور نسوي féminisme ولهواجس النّساء وحركاتهنّ وسكناتهنَّ، وأيضا لإيقاع عوالم المرأة، جسدًا وحليّا، وعطْورًا، وأحلامًا، وآلامًا، وطقوسًا أنثويّة أو نسائيّة. لذلك غلب على خطاب "ديوان النّساء" نزوع الشاعرة إلى أن تُحلِمنا بعوالم المرأة بعيون المرأة، أو بعبارة أوضح أن تجعلنا نرى عالم المرأة بعين المرأة. لذلك وجدّناها أكثر ميلا إلى تأنيث العالم بممكناته المادّية والأخرى القيميّة الروحيّة. فممّا تحصّل لدينا أنّ جلّ التيمات الإنسانية، الطّقوسيّة والفكرية، والقيميّة التي تطرّقت إليها جميلة الماجري بعينها الشاعرة كانت على نحوٍ أكيد مدفوعةً بطاقة نسويّة لا تخفى على قارئٍ لقصائد هذا الديوان يروم تأويل ما استقرّ من لغة متسربلة بالأنوثة في معجم دار في جلّه على المرأة مفردةً والنّساء جمعًا.



#محمود_غانمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيد أكتب
- الشّارعُ ...!!
- تبكي الطيور ..و يبكي الرجال
- شتاء الروح
- سيسقي الله زيتوناتها
- في سماء الخريف
- أيلان ..أه
- حوار مع الروائي الحسين لحفاوي


المزيد.....




- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود غانمي - تنويعات معجم المرأة أو تأنيث العالم في -ديوان النّساء- لجميلة الماجري