|
براجماتية الإسلام السياسي.
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 7119 - 2021 / 12 / 27 - 19:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ـــــــــ ما أصعب أن يجد الإنسان نفسه مكبلة ، وحواسه مخنوقة ، وحريته مقيدة ، وأفكاره موصى عليها باسم دين محرف ، في الوقت الذي ما جاء الدين الإسلامي ببرامجه السماوية الراقية ومناهجه الربانية السامية المنحازة لقيم الحب والصدق والعدل والحق والأمانة والوفاء والجمال والإخاء والحرية والمساواة ، إلا للإرتفاع بالبشرية في مراقي كل ما هو خيّر وجميل ورحيم ومحقق للتوازنات الضرورية لترتيبها في مصاف المخلوقات المميزة المكرمة ، وإبعادها عن وحشية الحيوان ، ولتحيا حياة إنسانية متحضرة ، بعيدة عن التفاهة والسذاجة وتسطيح المجتمعات التي تسوق لها براجماتية الإسلام السياسي وطموحات التأسلم ومساومات المتأسلمين وصراعاتهم على السلطة ، التي أبت بكل تداخلاتها وتفرعاتها - السنية و الشيعية – إلا أن تؤدلج الدين الحنيف وتحوله إلى أيديولوجية سياسية نحت به منحىً مذهبيًا قزم البرنامج السماوي العالمي ، وأبعده عن دائرة اشتغاله الأساسية المنحصرة في تحقيق التوازنات الضرورية لتحقيق حياة أكثر استقرارا لعباد الله، ما حوّل الدين إلى خطابات سياسية طائفية ، تضرب قدرة الناس على التعايش مع أنفسهم ومع أمثالهم من البشر، تسوّق لها تنظيرات براجماتية الإسلام السياسي المروجة للتصورات اليوتوبية المستحضرة من الوهم الجمعي أو المجتمعي لخرافيات مشروع الخلافة الإسلامية ، البعيدة للغاية عن الواقع والمنطق السليم القويم ونتائج تجارب البشر، التي تحولت بسبب القراءات المغلوطة والمقصودة للتاريخ إلى الشعارات اكبيرة والأهداف اللامعة التي يصدقها السذج والجهلة ، وتؤمن بها الذهنية البدائية -التي لفظتها روح العصر- ويعتبرها الأغبياء النهج المستقيم الموعود ، الذي سيسود العالم ويتحكم في البشرية ، والذي يؤسلم رجال الدين من أجلها كل شيء ، ويلوون أعناق الآيات والأحاديث لإقناع الهبّل صدئيي العقول الهُبّل بصدقية وهمها، وإيهام المُغَيَّبَين الغائبين بأنها من صلب الدين ، الذي لا يتم الإيمان إلا بتبنيها ، ورهن النفس والفكر لتحقيقها ، والذي لا يتوانى تجار الدين عن توعد المشكيكين في امكانية قرب حدوثها على أرض الواقع ، بغضب الله وسطوة عذابه ، معززين زعمهم بأقوال غوغائية مجهولة المصدر ، ممهورة بتوقيع الله والرسل والأنبياء والملائكة والشيوخ وأباطرة الفتاوى المليئة بخطير عناصر التخدير الإثني والديني والطائفي ، الذي تُشحن بها أذهان وعقول البسطاء ، لتسهل تدحرجتها إلى هاوية التخلف والانبطاح ، والخضوع للتعاليم البالية والتفسيرات االجامدة الصادرة عمن يطلق عليهم السلف الصالح ، والتي تبعــد الناس عن دين الله الحق، وترمي بهم في أحظان وثنية هرائية مدلسة ، لتصنع من جهلهم المُغيَّب ، والمتخلفهم الأبلـَـه ، وإرهابيهم الداعشي ، وكل من لحست فتاوى التخلف عقولهم ، وسجن كلام شيوخه فكرهم ، وملأت أساطير الأولين أمخاخهم بكل ما تجاوزه التاريخ ، وكذبته الاكتشافات العلمية ، ورفضه المنطق ، وخالفه العلم والعقل والواقع ، وتحولهم إلى كائنات تفرح بإقصاء المخالف ، وتفتخر المغاير،على اعتبار أن تلك أوامر الله وعقوبة منه للقوم الكافرين ، والتي لا يستقيم الدين إلا بإنزالها بهم ، أطفالا كانوا أو نساء أو مسنين ، تقربا منه سبحانه.. أمام هذا التظليل العقائدي السافر، وتلك الغواية الدينية المفضوحة ، الزارعة للفتن والنّعرات بين الشعوب باسم الدين ، والتي يشعر معها المسلم الحق بالألم والأسى ، أتساءل ، كما غيري كثير، كيف لم يقم المسؤولون بتطبيق قانون الإرهاب على من يضلل الناس باستغلال الدين ، ويأمرهم بالإرتداد عن الحاضر والإنغماس في تخلف الماضي ، بدعوى العودة إلى السلف الصالح المعادي لكل انفتاح وتعدد وحوار وتفاوض وتعايش . حميد طولست [email protected] مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية. عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة. عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية. عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صلاح احوال الناخبين من صلاح المنتخبين!
-
البخل حتى بالتعليقات!
-
عبثية كرة القدم 5
-
عبثية كرة القدم 4
-
عبثية كرة القدم 3
-
عبثية كرة القدم 2
-
عبثية كرة القدم!
-
الأمازيغ لا يبيعون الخبز!
-
الكتابة خصوصية ربانية ميز الله بها البعض.
-
سلوكيات تعكس واقعنا إلى حد كبير!
-
مبادرة عظيمة ، تنقصها -العين الحمراء-
-
المتاجرة بالشأن الاجتماعي ، الذنب الذي لا يغتفر !
-
حتى يكون -فاس باركينك- مشروعا اجتماعيا أكثر منه تجاريا.
-
الوعي نعمة أم نقمة، أم كليهما معاً؟
-
حركات احتجاج ، أم وسيلة استرزاق وابتزاز وانتهاز فرص؟
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!10
-
بعض ما سُجل في انتخابات 8 شتنبر من غريب الطرائف ! 9
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!7
-
بعض ما سُجل في انتخابات 8 شتنبر من غريب الطرائف ! 6
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!5
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى المجاهد محمد أحمد رضا (أبو
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى المجاهد محمد قاسم العطار (أ
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى المجاهد أحمد سمير ديب (جهاد
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى المجاهد عبد الله عباس حجازي
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى المجاهد محمود ياسين حمد (فج
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى المجاهد سامر عبد الحليم حلا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى المجاهد حسن حسين ماضي (أبو
...
-
حركة حماس: نثمن التضحيات العظيمة التي يقدمها مجاهدو المقاومة
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تنعى القائد المجاهد إبراهيم عقيل
...
-
رئيس مكتب المرشد الأعلى الإيراني: الرد على اغتيال إسرائيل له
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|