|
سلوكيات تعكس واقعنا إلى حد كبير!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 7087 - 2021 / 11 / 25 - 13:28
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
إذا خطر ببالك أن تتعرف على مدى تعصب أي مجتمع من المجتمعات ، فما عليك وانت في الصفّ الأول أمام أي إشارة ضوئية ألا تحرّك سيّارتك لدقائق معدودات عندما يتبدّل اللون إلى الأخضر ، فستسكشف ذلك من خلال السب والشتم المخلوط بزعيق المنبهات الذي سيشنف أذنيك ويتبث أنك في بلد التسامح والتجاوز ، وإذا بدا لك أن تقيس مقدار تحضر مجتمعك ، فانزوي قبالة أي حاوية للقمامة في أي شارع من الشوارع الراقية لأي مدينة من مدن بلادك الجميلة، وكلي يقين ، أنك لن تجد من بين المارة المتأنقين في ملابسهم "السينيي" المتهادين في مشياتهم الطاوسية ، من يتكبد مشقة التوجه للحاوية ليضع بداخلها علبة الكولاكاكولا التي انتهى من شربها ، أو عقاب السجارة التي انتهى من نفث دخانها في تطاوس وتطاول ، وبالمقابل سترى كيف يلقون بها حول الحاوية ، بل وتتفنن الغالبية العظمى منهم في تطييرها بطريقة "مردونية" في جنباتها ، محولين المحيط إلى مطرح يعكس - إلى حد كبير - حقيقة واقعنا الغير الحضاري ، الذي لا يستثنى من المساهمة في استتبابه أحد ، حتى أولئك الذين طالما صدعوا رؤوسنا بالحديث عن عائلاتهم ومراكزهم وثقافاتهم وأفكارهم وعلومِهم وشهاداتهم ، وغير ذلك من الأمور التي تَخُصُّهم وحدهم، ولا تدخل في نطاق ما يبوؤهم الموقع المتميز في خرائط قلوب الناس ورب الناس، الذي أمر الناس بألا تفعل الناي للناس إلا ما يَسُرّهم ويُسعدُهم ليفعلوا لهم ما يَسُرّهم ويُسعدُهم. فلنكن منصفين لأنفسنا قبل غيرنا ، ولا ندَع الناس ترى منا ما يغضبهم أو يُؤلِمُهم أو يهينْهم أو يجرَحهم ، ولا نغضب من ضجر ولوم وعتاب الناس لنا ، إذا نحن قمنا بذلك ، ونحن نعلم علم اليقين أنه لا يطاع إلا من يطلب ما يستطاع، فهل يا ترى يمكن أن تزول من طباعنا مثل تلك الترصفات الرعناء المسيئة للناس ورب الناس، وتختفي ، واقعيا وسلوكيا ، الى غير رجعة ؟ هيهات ثم هيهات أن يحدث ذلك ، ونحن قوم نفتقد أبسط الأسس والمعايير النقدية ، ولا نميِّز بين العقلانية واللاعقلانية، ونتمسك بالتعصب والتذبذب والإنغلاق الفكري المقيت، والأنانية وحب الذات الغير المنطقي ، ونقدس الثقافة السالبة والوعي الشقي البائس ، الذي ولدته ظروفنا وتربينا وتعليمنا وجيناتنا المصابة بكل الأمراض الصغيرة الخطيرة المتفشية في طباعنا البائسة التي لا نكف عن الشكوى والتبّرم منها ، ونصر ونجدُّ في البحث عن المبررات التي تعطينا الحق في ممارسهتا بشجاعة أكبر وصلافة أنضج ، ونغض الطرف عن كل ما يقودنا للتوقف عنها من أخلاقيات تضبط علاقاتنا بالناس ، والتي لا نحتاج إلى مقالات ، ولا بحوث، ولا كتب ، ولا معلِّمين ، ولا دورات تدريبية ، للتشبع بها ، لأنها في حقيقتها ، أخلاق وممارسة ومنهج حياة ، لا تخص فئة دون غيرها ، حيث أنه كم مِن غير متعلمٍ وغير مُثقفٍ قد فاق بمراحلَ في أخلاقه أساتذةً جامعيين ومثقَّفين كبار ، وكم من فقيرٍ ومستور الحال ، قد تجاوزت أخلاقه أثرياءَ كثيرين! ولكي نصل الى بر الأمن والأمان، إننا بحاجة الى ثورة ثقافية وفكرية شاملة تغير نظرتنا لإختياراتنا الغير صائبة الغبية الجاهلة المتخلفة التي تجعل شوارعنا غاية في الوساخة، بينما بيوتنا على النقيض من ذلك ، مرتبة نظيفة وجميلة ، الأمر الذي دفع بــ "روبرت فيسك" لطرح تساؤل في غاية الأهمية : لماذا تبدو بيوت العرب غاية فى النظافة وشوارعهم والاماكن العامة تملؤها القاذورات ؟! ثم يجيب بجواب بسيط لكنه في غاية الخطورة بأن السببهو : أن العرب يشعرون أنهم يمتلكون منازلهم ولكنهم لا يمتلكون أوطانهم. فكفانا من "تثقيف" انتهاك البيئة ومحيطنا المعيشي! حميد طولست [email protected] مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية. عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة. عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية. عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مبادرة عظيمة ، تنقصها -العين الحمراء-
-
المتاجرة بالشأن الاجتماعي ، الذنب الذي لا يغتفر !
-
حتى يكون -فاس باركينك- مشروعا اجتماعيا أكثر منه تجاريا.
-
الوعي نعمة أم نقمة، أم كليهما معاً؟
-
حركات احتجاج ، أم وسيلة استرزاق وابتزاز وانتهاز فرص؟
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!10
-
بعض ما سُجل في انتخابات 8 شتنبر من غريب الطرائف ! 9
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!7
-
بعض ما سُجل في انتخابات 8 شتنبر من غريب الطرائف ! 6
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!5
-
بعض ما سُجل في انتخابات 8 شتنبر من غريب الطرائف ! 4
-
-بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!- 3
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر! 2
-
بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر! . 1
-
-السياسة والمال- أخطر الحروب الإعلامية السيكولوجية.
-
تموقع الإسلاميين في مربع المظلومية.
-
حملات انتخابية مبتدلة تستجدي الصدق والمصداقية !
-
أهمية حسن الإختيار في العملية الانتخابية.
-
ترشيح الأقارب: ديموقراطية حزبية أم عائِلُوقراطية؟ !!.
-
لإنتخابات مقياس للتعرف على نضج الشعب.
المزيد.....
-
تحسن طفيف في وول ستريت وتسجيل أرقام قياسية جديدة
-
-حزب الله- يعرض مشاهد من عملية استهداف معسكر جنوب حيفا أسفرت
...
-
الجيش الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على مدينة بعلبك ومحيطها شرق
...
-
إيران تحذر.. رد إسرائيل قد يورط واشنطن
-
-الأقصى المبارك-.. جوهر الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال
-
إعلام إسرائيلي: نخوض حرب أدمغة مع حزب الله وقدراتنا الاعتراض
...
-
خبير عسكري: اشتباكات جنوب لبنان التي نشرها جيش الاحتلال -تمث
...
-
رغم المذابح وتفوّق القوة لماذا يشعر الإسرائيلي دائما بالهزيم
...
-
حزب الله ينشر صور عملية -العشاء الأخير- التي استهدفت لواء غو
...
-
مسؤول أميركي سابق يدعو إلى -رد فعل قوي- تجاه الصين
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|