أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد فُتوح - تأملات فى مفهوم الجمال ( 3 )















المزيد.....

تأملات فى مفهوم الجمال ( 3 )


محمد فُتوح

الحوار المتمدن-العدد: 7114 - 2021 / 12 / 22 - 01:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تأملات فى مفهوم الجمال ( 3 )
--------------------------------


الجمال عند مفكرى الرومان
----------------------------------------
إن مفاهيم الجمال عند الرومان ، كانت امتداداً للأثر الذى تركه اليونان فى الشعوب المجاورة . ويعد أفلوطين من أهم مفكرى الرومان لما له من أفكار وآراء جمالية تستحق أن نتوقف عندها . يقول أفلوطين : " من العقل تستمد النفس جمالها ، أما أنواع الجمال الأخرى مثل الأعمال ، والنوايا ، فإن جمالها مستمد من النفس ، ولأن النفس إلهية ولأنها جزء من الجمال ، فإنها تجعل كل ما تمسه وتسيطر عليه جميلاً ، على الأقل فى حدود قدرة الشىء على تلقى الجمال " .
هذه هو لُب نظرية أفلوطين فى الجمال ، إنه لا يبحث عن الجمال فى العمل الفنى ، بل يبحثه فى النفس الإنسانية ، هو يرد جمال النفس إلى المجال العقلى ، وهذا الجمال العقلى مستمد من الله صانع الوجود ، وخالق الجمال .
إن موضوع الجمال عن أفلوطين هو محبة النفس ، لأنه من طبيعتها ، وهو ينتمى إلى عالم الحقائق العقلية ، وطبيعته أقرب إلى النفس منه إلى طبيعة المادة . يقول أفلوطين " عندما تصادف النفس ما هو جميل تندفع نحوه ، لأنها تتعرف عليه ، إذ نه من طبيعة مشابهة لطبيعتها . وحين تصادف القبيح فهى تصدر عنه وتنكمش على نفسها لأنه مغاير لطبيعتها ، فهو أقرب إلى طبيعة المادة . وكل ما تشكل بحسب فكرة معقولة صار أجمل ، فالجميل هو المصدر ، والقبيح هو ما يخلو من الصورة المعقولة . فالحجر الذى يشكل منه صورة إنسان أو إله ، يبدو أجمل من الحجر الذى يترك بغير تشكيل أو صورة معقولة " . فالجمال سواء وجد فى الفن ، أو فى الطبيعة ، مصدره دائماً الصورة التى تنتسب إلى العالم العقلى ، لأن الطبيعة تحاكى النماذج العقلية أو المثل . وإذا أراد الإنسان الوصول إلى الكمال ، فعليه أن يطهر نفسه حتى تتكشف هذه المثل العقلية الموجودة بباطنه ، والتى تصله بالعالم الإلهى الخالد . وبهذا نرى تأثر أفلوطين بفلسفة أفلاطون . إن الجمال لا ينتقل بأكمله بل بجزء منه فقط ، لأن الأصل يتضاءل كلما هبط ، على نحو ما نصف شعاع النور كلما بعد عن مصدره ، ذلك لأن كل علة تكون فى ذاتها أقوى من معلولها . وتنتهى نظرية أفلوطين إلى نوع من الطهارة الروحية ، التى ترتفع بالنفس من العالم الحسى ، إلى عالم الحقائق الروحية ، الذى يعلو على الحس ، والذى يلهم من يصل إلى تأمله ، بالشوق الدائم إليه ، والعزوف عن العالم الحسى ، فيوحد بين الجمال والخير الأقصى أو الحقيقة القصوى . يقول : إن الجمال هو الخير ، ومن الخير يستمد العقل جماله ، ومن العقل تستمد النفس جمالها ، أما أنواع الجمال الأخرى مثل الأعمال والنوايا ، فجمالها أيضاً مستمد من النفس ، إذ أن النفس إلهية وهى تحول كل ما تمسه وتسيطر عليه جميلاً فى حدود قدرته على تقل الجمال ويقول : " تصير النفس جميلة بقدر ما تشبه بالله "). وعلى أساس هذه الإسطيقا الصوفية ، فسّر أفلوطين جمال المحسوسات .
عارض أفلوطين الرواقيين ، وشيشرون ، فى جمال المحسوسات ، وقال بأنها لا ترجع إلى تناسب أجزائها ، فلو كان التناسب هو سبب جمالها فسوف يقتصر على الأشياء المركبة ، وينعدم من الأشياء البسيطة . ولهذا يكون الكل جميلاً ، والأجزاء قبيحة ، وهذا يؤدى إلى التناقض ، فكيف يتولد الجمال من اجتماع أجزاء قبيحة . كما أن التناسب والمقاييس تتعلق بالكم ، فلا يجوز تطبيقها على الحقائق الروحية ، كالأفعال والأخلاق والأفكار . ويرد أفلوطين الجمال إلى علة ، أو سبب معقول ، وينتهى إلى نظرية صوفية ، توحد بين حقيقة الوجود والخير والجمال . ويصور شوق النفس الإنسانية المستمر إلى الاتصال بهذه الحقيقة والتشبه بها . وبهذا يكون قد تأثر بفلسفة أفلاطون ، الذى بحث عن الجمال فى العالم العقلى المثالى ، وطالب الفن أن يحاكى الأصل لا الظلال ، ونأى بالفن عن كل الاتجاهات الحسية ، والنزعات الواقعية .
وينطلق أفلوطين مثل أفلاطون من ربط الجمال بحاستى السمع والنظر ، فالجمال يتوجه إلى هاتين الحاستين ، وهو يرفض أن يكون مجرد تناغم ، وأن الجمال مرتبط بموضوع اللذة . ولكنه يتساءل ، ولماذا تطلب النفس اللذة وهى أصلاً لا تملكها ؟ ، ولماذ تجد راحتها فى الجمال ، لقد انبثق وجودى من الينبوع الأصلى للوجود ألا وهو الخير ، أو الواحد ، وهذا الواحد ينبثق منه الكون كله ، المبدأ العقلى ، والعالم ، والنفس ، والأفراد ، والفرد متباعد عن هذا الواحد ، ولهذا هو يريد العودة إليه ، ولهذا يتم الحنين إليه ، وإلى الجمال باعتباره هو مصدره ، إننا نحن إلى السكن ، للخير أو الحقيقة أو الله .
الجمال فى الفكر المسيحى
---------------------------------------
وسوف نعرض هنا للفكر الجمالى لكل من القديس أوغسطين ، والقديس توما الإكوينى .
القديس أوغسطين :
تتسم روح فلسفته الجمالية بتشبعها بالفلسفة الأفلاطونية ، وهو ما يمكن تسميته بعلم الجمال الميتافيزيقى . فقد أشار فى ثنايا فكرة الجمال ، المشبع بروح الأفلاطونية ، إلى أن الجمال هو إحدى الصفات ، وهى من الصفات التى تقربنا من الله . كما أن بالأخلاق مسحة جمالية ، أما الشر فهو كما يقول مثل اللون الأسود فى لوحة جميلة ، ولكنه مُستخدم بعناية .
لقد شاعت فكرة أن الجمال هو الاكتمال أو الكمال Perfection لدى فلاسفة العصر الوسيط ، وها هو أوغسطين الذى ينتمى إلى هذا العصر ، يرى أن تحقق الكمال فى شىء ما يتطلب تناسباً ، وشكلاً ونظاماً . وتصور الجمال باعتباره كمالاً ، يعنى أن الشكل أو الموضوع الجميل ينطوى على ضرب من النظام بين أجزائه ، بحيث تتمثل فيه نوع من الغائبة والوحدة العضوية ، التى تبدو فى النسب المنسجمة بين أجزائه ، على غرار تلك الوحدة التى نجدها فى الجسم البشرى الذى تتضافر أجزاؤه فى صورة متكاملة . وهذا الكمال أو النظام قد يتمثل فى صورة متعلقة ، كما هو الحال فى البناءات الرياضية ، التى بعد جميلة بسبب خضوعها لقانون الانسجام الرياضى . وقد يتمثل الكمال فى موضوعات الكون ، ويعرف فى هذه الحالة ، باسم " الكمال الموضوعى Objective Perfection .
ويرى توما الإكوينى وكذلك القديس أوغسطين ، أن الجمال هو الذى يدخل السرور والبهجة فى النفس عندما يُرى . وهو مظهر متغير للجمال الأعلى الخالد ، الله الذى هو مصدر كل جمال ، وما الطبيعة إلى وجه لفنه العظيم .
وأيضاً يربط توما الإكوينى فكرة الكمال بفكرة الجمال ، فيرى أن الجمال يوجد فى الأشياء ، على أساس من صفات ثلاث : الاكتمال Completness أو الكمال Perfection– ولهذا يوصف الشىء الذى توقف نموه الطبيعى بأنه قبيح – ثم صفة ال Harmony أو النسب المنسجمة بين أجزاء الشىء ، وأخيراً صفة Beauty البهاء أو الإشراق .
وبوجه عام يمكن القول بأن فكرة الجمال بوصفه كمالاً ، كانت سائدة فى التصور الميتافيزيقى واللاهوتى ، وأنه وفقاً لهذا التصور ، يكون كل شىء حسناً أو جميلاً ، بقدر ما يكون واقعياً ، حيث أو الوجود نفسه يُعد كمالاً ، فهو وجود قد أحسن صنعه ، ومن ثم كان أيضاً جميلاً .
من كتاب " التلوث البصرى والتذوق الجمالى " 2008



#محمد_فُتوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات فى مفهوم الجمال ( 2 )
- تأملات فى مفهوم - الجمال - ( 1 )
- النيولوك للاخوان المسلمين .... الجهاد على أنغام الموسيقى الش ...
- وظيفة شكلية - تصحيح صورة الاسلام والمسلمين -
- العلمانية صمام أمن للمجتمع وشرط للتقدم
- لولا ثورة 23 يوليو 1952 ما كنت تعلمت
- امامة المرأة للصلاة ... نساء تستعذبن الصفوف الخلفية
- الاسلاميون فى تركيا وتعريض المكتسبات العلمانية للخطر
- حفيدات حسن البنا
- الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى
- الجماعات الاسلامية والصيد فى الماء العكر
- ثقافة الحجاب والوعى الزائف للمرأة
- - ثقافة القبح - تفسد حقوق المواطنة
- متى ندفع الثمن لنستحق الديمقراطية أو العدالة أو الحرية ؟؟
- مروجو الفتاوى واحتلال الاسلام الشكلى الخليجى والأفغانى لمسلم ...
- مجهولو النسب .. ضحايا غياب العدالة
- للزوجات فقط .. نصائح للسعادة الزوجية منتهية الصلاحية
- تطبيق الشريعة الاسلامية فى بلاد الأمريكان
- الشرط الأوسط .. الشرع الأوسط .. الشرخ الأوسط الجديد ؟؟!!
- النقاب أهو معركتنا الجديدة ؟؟؟؟.


المزيد.....




- شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس
- زاخاروفا تصف قرار برلين بإغلاق قضية مفتش القوات الجوية الألم ...
- مظاهرة داعمة لتل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بعد اتهام جنو ...
- في عين الإعصار ـ تنامي العنف السياسي يهدد الديموقراطية في أ ...
- هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تعرض سفينة لأضرار بع ...
- مصر.. أدلى باعترافات صادمة أمام النيابة بعد أن شنق زوجته (صو ...
- لحظة مؤلمة في ماضيك قد تزيد خطر إصابتك لاحقا بمرض خطير
- عقار جديد لإنقاص الوزن يتفوق على حقنة -أوزمبيك- في حرق الدهو ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط مسيرة أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم ...
- مصدر عسكري: القوات الروسية قصفت مطارا في بولتافا غرب خاركوف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد فُتوح - تأملات فى مفهوم الجمال ( 3 )