أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد البرهو - أسطورة التكوين في معبد بيل















المزيد.....

أسطورة التكوين في معبد بيل


احمد البرهو
باحث

(Ahmad Barho)


الحوار المتمدن-العدد: 7110 - 2021 / 12 / 18 - 15:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يقول النابغة الذبياني:

إِلّا سُلَيمانُ إِذ قالَ الإِلَهُ لَهُ
قُم في البَرِيَّةِ فَاِحدُدها عَنِ الفَنَدِ

وَشَيِّسِ الجِنَّ إِنّي قَد أَذِنتُ لَهُم
يَبنونَ تَدمُرَ بِالصُفّاحِ وَالعَمَدِ

بالرغم من أن معظم النصوص التي عثر عليها في تدمر كانت نصوص رسمية اوتكريسية للالهة اوتكريمية ونصوص جنائزية ولم تطلعنا النصوص التدمرية على أساطير التكوين فيها او قصص عن مجمع الالهة التدمري الا ان النقوش التي كانت تزين المعابد فيها وخاصة معبد بيل تمنحنا قصة مصورة كاملة لاسطورة التكوين لتكتب بلغة كل عصر


فأذا دخلنا معبد بيل من الباب الرئيسي من جهة الغرب نصبح داخل ساحة المعبد وأمام الباب الرئيسي مباشرة وعلى تلة اقيم الهيكل وهو بشكل مستطيل

وقبل ان نصل لباب الهيكل يكون على يميننا من الجهة الجنوبية الحوض المقدس وعلى يسارنا قاعة المأدبة والمذبح

واذا وصلنا للهيكل كان هناك درج يقود إلى رواق باعمدة كورنثية وجسور حجرية تحمل سقف الرواق وعليها نقوش وزخارف

حيث نجد منحوتة يتصارع فيها حصان وحية وبجانبها الاله بيل يضع رجله على تنين

هذا المشهد قبل دخول الهيكل ليس إلا الحدث الأول قبل تأسيس الكون وخلق السموات والأرض

هو الصراع مع قوى الخلق البدئية وقوى الفوضى التي ظهرت من المحيط الكوني

صراع خاضه بعل الاوغاريتي مع التنين لوثان وزيوس اليوناني مع تايفون واندرا الهندوسي مع فراترا ومردوخ الرافديني مع تيامات و...

والتنين أو الحية ليس إلا كناية لطاقة الأرض وفي الاديان الابراهيمية أصبح يعرف بالشيطان ومن خاض هذا الصراع معه في الاديان الابراهيمية هو الملاك ميكائيل

فالملاك ميكائيل هو المعادل الابراهيمي ل(بيل وبعل ومردوخ واندرا وزيوس..)

"وحدثت حرب في السماء: ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته ولم يقووا، فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء. فطرح التنين العظيم، الحية القديمة المدعو ابليس والشيطان، الذي يضل العالم كله، طرح الى الارض، وطرحت معه ملائكته" رؤيا يوحنا

ووجود هذا النقش عند المدخل هو إشارة الى ان الصراع مع التنين سبق تأسيس السموات والأرض وقبل دخول (الهيكل)

هذا الحدث الكوني الذي تم اختصاره في هذا النقش على مدخل الهيكل يشغل في اسطورة عندما في الاعالي الرافدينية مساحة اربع الواح من أصل سبعة حتى ينهي مردوخ هذا الصراع مع جيش تيامات ويبدأ بتأسيس السموات والارض

اما عندما نصبح داخل الهيكل سيكون هناك على يميننا المحراب الجنوبي وعلى يسارنا المحراب الشمالي

وفي المحراب الشمالي نجد تتمة الاسطورة بعد صرع التنين وتقييده حيث تم نقشها على سقف المحراب

وفي منتصف السقف تمامآ هناك نحت يمثل الاله بيل ويحيط به شكل سداسي كل ضلع منها يقابله اله و يشكلون بمجموعهم مع الاله بيل سبع الهة

هم الهة الكواكب السبع وجميعهم تحيط بهم دائرة أولى ثم دائرة ثانية وبين الدائرتين توجد نقوش تمثل الابراج الاثني عشر ويحيط الدائرتين شكل مربع يحصر في زواياه الاربع التي يشكلها مع الدائرة الخارجية أربعة نسور يحملون القبة السماوية وتحيط بالمربع أشكال هندسية وزهور

وتوسط بيل دائرة الالهة ودائرة البروج يعني انه أصبح الموكل بالعالم وحامل الصولجان وصاعقة السماء وصاحب الكلمة النافذة وان العالم أصبح الان في ثبات واستقرار وبعيد عن عودة سيطرة قوى الفوضى

وقد كان السائد في العالم القديم مايعرف بيوم المثل ومدته 7000 سنة وكل الف سنة تعرف بيوم الرب وخلال السبعة الاف سنة يكون أحد الكواكب السبع هو الملك والحاكم الرئيسي

وفي كل الف سنة منها يصعد احد الكواكب السبعة ليكون مؤثر في العالم ومشارك في عملية الخلق إلى جانب الكوكب الحاكم ليوم المثل

حتى إذا تم يوم المثل تبدأ دورة جديدة ويحكمها كوكب جديد

هذه الدورية يمكن ملاحظتها بشكل صريح في الاساطير اليونانية حيث بدأت الدورة الأولى بحكم اورانوس ثم انقلب عليه ولده كرونوس (زحل) وأصبح ملك الالهة ثم انقلب عليه ولده زيوس (المشتري) وأصبح الملك الجديد

ومع كل الف سنة وفق لرؤيا يوحنا تفك قيود التنين الذي تم سجنه في الهاوية العميقة ويعود الصراع من جديد مع الكوكب (الاله) الحاكم

"وَرَأَيْتُ مَلاَكًا نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ الْهَاوِيَةِ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ. فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، وَطَرَحَهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَيْ لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ، حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. وَبَعْدَ ذلِكَ لاَبُدَّ أَنْ يُحَلَّ زَمَانًا يَسِيرًا"

اما الاربع نسور التي تحمل دائرة البروج نجد أيضآ هذا التصور حول وجود كائنات تحمل عرش العالم في النصوص الابراهيمية

ففي تفسير الآية "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"

قال ابن الجوزي : "وجاء في الحديث أنهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أمدهم الله بأربعة أملاك آخرين، وهذا قول الجمهور" "زاد المسير" (4/ 331)

وروى الطبري أيضاً بسنده عن ابن إسحاق قال: " بلغنا أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قال: هم اليوم أربعة يعني حملة العرش ، وإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين فكانوا ثمانية "تفسير الطبري" (29/59)

وورد عن ابن عباس أن النبي محمد قال صدَّقَ أَميةَ في شيء من شعره فقال:
رَجُلٌ وثَوْرٌ تحت رِجْل يمينه ... والنسْر للأخرى وليْثٌ مُرْصَدُ

وبيت الشعر هذا الذي قاله امية ابن الصلت وصدقه فيه النبي محمد هو مما ورد في رؤيا يوحنا عن وجود اربع كائنات تحمل عرش الله

الأول له وجه إنسان والثانى وجه أسد والثالث وجه ثور والرابع له وجه نسر

"وَقُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ. وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ: وَالْحَيَوَانُ الأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ، وَالْحَيَوَانُ الثَّانِي شِبْهُ عِجْل، وَالْحَيَوَانُ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ، وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ. وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ حَوْلَهَا، وَمِنْ دَاخِل مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا، وَلاَ تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلًا قَائِلَةً: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي"

والنسر بدوره يرتبط بالاله الحاكم ليوم المثل ويكون مرافق له في معظم تلك الاساطير

وهكذا فإننا بدخول المحراب الشمالي نكون قد شهدنا قصة الخلق والتكوين وتأسيس السموات والأرض مجملة لا مفصلة

اما اذا دخلنا المحراب الجنوبي للهيكل نجد أيضآ في سقف المحراب نقش وهو عبارة عن زهرة كبيرة تتكون من عدة طبقات من البتلات اصغرها وفي المنتصف تتكون من سبع بتلات تمثل الكواكب السبع تحيط بها اثني عشر بتلة كبيرة تمثل البروج الاثني عشر ثم عدد اكبر من البتلات في عدة طبقات محاطة بدائرة ثم دائرة أخرى وبينهما مايشبه خطوط المتاهة ويحيط بالدائرة الخارجية مربع وفي الزوايا الاربع يحصر المربع مع الدائرة اربع زهور

اما باقي المساحة حول المربع فهي عبارة عن أشكال ثمانية تحوي زهور ثمانية

والزهرة والشكل الثماني هو رمز للأم الكبرى (البتول) وهي قرينة رب الارباب (بعل شمائين) رب السموات

والبتول من البتلة وهي الجزء الملون من الزهرة الذي يجذب الحشرات لتقوم بعملية التلقيح

وتخصيصها بالمحراب الايمن يظهر مدى اهميتها في وعي التدمريين إذ انها المرادة والمقصودة من تأسيس السموات والأرض والحاملة للعرش في اليوم العظيم

ولذالك نجد أيضآ خارج الهيكل نقش يمثل مجموعة من الحجاج تتبعه وتتقدمه مجموعة من النساء(البتوليات) وجمل يحمل تمثال الاله بيل

وقد كان يوم الحج عندهم في 7نيسان (عندما تكون الشمس في برج الحمل)

وفي كلا المحرابين وجدنا أيضآ ان النقوش احيطت بدائرة يحيط بها مربع وهو مايعرف رياضيآ بتربيع الدائرة وهي من المسائل الرياضية التي ثبت استحالة تحقيقها

وهي من الرموز الخيمائية والفلسفية التي تعني توحيد الجانب الروحي (الدائرة) مع الجانب المادي (المربع)

حيث كان الفلاسفة قديما يعتقدون ان حركة افلاك السماوات دائرية وهي تمثل العالم العلوي اما الحركة في عالم ماتحت الافلاك فهي حركة مستقيمة والمربع يمثل الأركان الأربعة المكونة للعالم المادي (التراب-الماء-الهواء-النار)

و الغاية من تربيع الدائرة هي بقصد خلق التوازن بين العالم الروحي والمادي وهو مايبدو رياضيآ امر مستحيل فلابد ان يطغى أحدهما على الآخر

وهذه المسألة هي غاية الغايات لدى الحكماء المتألهين

في النهاية الرحمة والسلام لروح عالم الآثار السوري خالد الأسعد والبقاء لدرة الصحراء السورية ونخلة الوجود



#احمد_البرهو (هاشتاغ)       Ahmad_Barho#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المادة بين العلم والدين والفلسفة
- شجرة الكون 1
- كاهنة الشام
- الطوفان والدورات الكونية
- كنعان بين النهرين
- مصادر المعرفة


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد البرهو - أسطورة التكوين في معبد بيل