أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد البرهو - شجرة الكون 1















المزيد.....

شجرة الكون 1


احمد البرهو
باحث

(Ahmad Barho)


الحوار المتمدن-العدد: 7080 - 2021 / 11 / 17 - 04:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ان أساطير العالم القديمة ثم نصوص الديانات الكبرى جميعها تتميز بوجود عناصر مشتركة فيما بينها ضمن البناء العام لها
وتتميز أساطير كل ثقافة بتفصيل عنصر من تلك العناصر العامة اكثر من غيرها

مايجعل تلك الاساطير اشبه بلعبة بوزل تم توزيع اجزاءها في أماكن مختلفة من العالم

ومن تلك العناصر المكونة للاساطير شجرة الكون ولايوجد اسطورة تعطينا تصور عام عن هذه الشجرة كالاساطير النوردية

حيث يتالف الكون في الأساطير النوردية من تسع عوالم ترتبط فيما بينها من خلال "شجرة يغدرسيل"حيث أن هذه الشجرة تكون اشبه ما يكون بالمسارات العصبية التي تربط فيما بين هذه العوالم التسع

حيث يوجد سبع عوالم افقية وعالم فوق هذه العوالم بشكل عمودي وعالم اسفلها ترتبط جميعا من خلال هذه الشجرة

وفي أعلى شجرة العالم يستقر نسر وعند جذور الشجرة تنين وعدد لانهاية له من الافاعي وفي فروع الشجرة يسكن السنجاب الذي ينقل الرسائل بين النسر والتنين ويبدو ان هذا السنجاب دائمآ مايحاول اصطناع الخلافات فيما بينهما بنقل الاخبار الكاذبة والشائعات

وهذه الشجرة تستقر جذورها في ثلاث ينابيع
الجذر الأول في عالم النار نيفلهايم ويسمى ذالك النبع فارجيلمير وفي هذا الماء الذي يغلي يعيش التنين نيدهوج

الجذر الثاني في عالم العمالقة حيث نبع ميمر الذي شرب منه الاله اودين وقدم أحد عينيه لأجل ذالك وأصبح بعد أن شرب منه مبصرا لكل الأمور

الجذر الثالث في عالم الالهة اسجارد حيث نبع يورد الذي تشرف عليه الحكيمات الثلاث وصانعات الاقدار حيث يغزل مصير الكائنات

هذا التفصيل في وصف شجرة العالم يغدرسيل في الاساطير النوردية ووجود النسر في قمتها والتنين والافعى في اسفلها

يجعلنا ندرك ماهية تلك الشجرة في اسطورة ايتانا الرافدينية والتي كان يقيم أيضآ في قمتها نسر وفي اسفلها افعى

وان كاتب الاسطورة الذي بدأها بالحديث عن نزول الملوكية من السماء ثم ربط صعود ايتانا للسماء بمساعدة النسر الذي عوقب بسبب خطيئته فنزعت منه اجنحته وطرح داخل جحر في الارض

كان يشير من بعيد إلى أن هذا النسر الذي فقد القدرة على الطيران هو ايتانا وان الصعود للعوالم السماوية لا يمكن بدون استعادة ذالك النسر لقوته ونمو ريشه الذي نتفته الافعى ليصبح قادر على الطيران من جديد والعودة إلى عشه في قمة تلك الشجرة

كذالك في النصوص الزردشتية في زند فاهومان ياشت عندما كشف اورمازد عن علمه الكلي حول الحكمة لزردشت نقرأ

"ورأيت شجرة التي ظهر عليها سبع من فرخ نبات الأول كان ذهبيا والاخر فضيا الثالث برونزيا الرابع نحاسيا الخامس من القصدير السادس فولاذيا والأخير كان حديدآ منصهر

قال اورمازد: يازردشت سبيتاما تلك الشجرة التي رأيتها انا اورامازد خالقها وفرخ نبات السبع الذي رأيتها هو المراحل السبع لوجود الكون"

وعن مصدر هذه الشجرة فتخبرنا نصوص الأوبانيشاد الهندوسية حيث نقرأ

"هذا الكون هو شجرة حياتها الأبدية (ذات البراهمن/المطلق)
جذورها تمتد إلى الأعلى
اغصانها تغوص في الأسفل
جذر الشجرة الطاهرة هو البراهمن الذي لا يفنى
به تسكن الأكوان الثلاثة
ولايمكن لأي كان ان يصل خلفهم
يقينا انها الذات
كل الكون خرج من البراهمن
كل الكون يتحرك وسط البراهمن"

أيضآ تمدنا نصوص الاهرام بوصف لهذه الشجرة التي تظل أرباب السماء وتجمع فيها كل الكائنات حيث نقرأ

"التبجيل لك ياشجرة الجميز التي تظلل الاله
التي تقف تحتها آلهة السماء السفلية
التي أطرافها مشتعله وباطنها محترق والتي تشع آلام الموت
لعلك تجمعين الذين في المحيط الأزلي معآ
لعلك تجمعين الذين في اقواس السماء الشاسعة"

وهذا الارتباط بين المقدس والشجرة يظهر أيضآ في النصوص الابراهيمية من خلال تكليم الرب لموسى من شجرة العليق المتقدة نار

1 وَأَمَّا مُوسَى فَكَانَ يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيهِ كَاهِنِ مِدْيَانَ، فَسَاقَ الْغَنَمَ إِلَى وَرَاءِ الْبَرِّيَّةِ وَجَاءَ إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ.

2 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ. فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ، وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ
.
3 فَقَالَ مُوسَى: «أَمِيلُ الآنَ لأَنْظُرَ هذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لاَ تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟»

4 فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ، نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى، مُوسَى!». فَقَالَ: «هأَنَذَا»

5 فَقَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى ههُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ»

أيضآ في الموروث الإسلامي يظهر هذا الارتباط بين المقدس والشجرة في رحلة الإسراء والمعراج للنبي محمد الذي ارتقى إلى منتهى شجرة السدرة

"افتمارونه على ما يرى ولقد رءاه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى"

وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

” رَكَبْتُ البُرَاقَ ثُمَّ ذُهِبَ بي إلى سدْرَة المُنتهَى, فَإِذَا وَرَقُها كآذَانِ الفِيلَةِ, وإذَا ثمَرُها كالقلال قال: فَلَمَّا غَشِيَها مِنْ أمْرِ الله ما غَشيَها تَغَيَّرتْ, فَمَا أحَدٌ يَسْتَطيعُ أنْ يصِفَها مِنْ حُسْنها, قال: فأَوْحَى اللهُ إليّ ما أوْحي.

اما التصور الصوفي لهذه الشجرة فيقول ابن عربي

"فأني نظرت الى الكون وتكوينه والى المكنون وتدوينه فرأيت الكون كله شجرة واصل نورها من حبة "كن"

ويخبرنا ابن عربي ان" العرش" هو بمنزلة بيت مال هذه الشجرة ومنه يستمد مافيه من صلاحها واليه ترفع ايدي المسألة والتضرع لان موجد الشجرة لاجهة اليه

وانما أوجد العرش إظهار لقدرته لا محلآ لذاته واوجد الوجود لا لحاجة له به وانما هو إظهار لاسمائه وصفاته فهو مقدس في وجوده عن ملامسته ما اوجده

لانه كان ولا كون وهو الآن كما كان

إذا فنحن وفق لتلك الاساطير نحيا في شجرة العوالم المباركة التي توقد بزيتها مصباح هذا الكون الذي هو كحبة زيتون في غصن من فرع من شجرة الوجود لنشهد جمال ذات المطلق الذي لاتدركه الأبصار بتجلي اسماءه وصفاته في هذه الشجرة

ولكن الاساطير النوردية تخبرنا أيضآ انه في معركة نهاية العالم الراغناروك بعد أن ينفخ الاله هيمدل في بوقه وتسمع العوالم التسع صوته سيخوض الالهة المعركة الأخيرة مع الثعبان الكوني والذئب فينرير والعملاق سورت الذي سيحرق تلك العوالم فتنشق السماوات وتحترق الأرض ويموت الالهة والبشر وتسقط جميع تلك العوالم

ونجد مايشابه هذا التصور في النصوص الابراهيمية

"ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله "
"فَخَرَجَ صَوْتٌ عَظِيمٌ مِنْ هَيْكَلِ السَّمَاءِ مِنَ الْعَرْشِ قَائِلاً:«قَدْ تَمَّ"

ولكن تخبرنا أيضآ النصوص النوردية انه بعد ذالك ستكون بداية جديدة حيث سيظهر قصر سماوي يضيء ذهبا يقوم على جبال قمر المحاق مصنوع من الذهب الاحمر يعيش فيه الصالحون وقصر اخر مهول ومرعب مضفور بالثعابين

وهو ما يتفق بدوره مع الروايات الابراهيمية فتقول رؤيا يوحنا

"ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ"

وفي القرءان "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله للواحد القهار"



#احمد_البرهو (هاشتاغ)       Ahmad_Barho#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاهنة الشام
- الطوفان والدورات الكونية
- كنعان بين النهرين
- مصادر المعرفة


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد البرهو - شجرة الكون 1