مصادر المعرفة

احمد البرهو
باحث
(Ahmad Barho)

الحوار المتمدن-العدد: 7071 - 2021 / 11 / 8 - 21:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يقسم عالم النفس والفيلسوف السويسري "جان بياجيه" مراحل النمو المعرفي للإنسان إلى اربع مراحل بيولوجيا

1- #المرحلة_الحسية_الحركية وتبدأ منذ الولاده حتى عمر سنتين وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل في استكشاف العالم من حوله لتكوين مخططات ذهنية بسيطة اولية

2- #مرحلة_ماقبل_العمليات وتبدأ من عمر سنتين حتى سبع سنوات وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل بأكتساب اللغة وتطوير مخططات ذهنية اكثر تعقيد "قبل منطقية" وفيها يكون غير قادر على الفصل والتمييز بين ذات الشيء وصفاته

3- #مرحلة_تفكير_العمليات_العيانية وتبدأ من عمر سبع سنوات حتى سن المراهقة وفيها تبدأ تظهر التساؤلات ومحاولة إيجاد الحلول لها ولكن تكون فيها العمليات المنطقية حول الأشياء والأفعال المادية والمحسوسة

4- #مرحلة_العمليات_الصورية بعد سن المراهقة وهنا يبدأ الانسان يفصل بين الأشياء الحسية والأشياء المعنوية وبين ذات الشيء وصفاته ويدخل مرحلة التفكير التجريدي الأكثر تعقيدآ غير المرتبط بالماديات

بالتالي يمكن تلخيص مراحل النمو المعرفي للانسان
بالمعرفة الحسية الكاملة ثم المعرفة الحسية التجريدية حيث يكون الإنسان غير قادر على التمييز بين الحس والتجريد ثم المعرفة المجردة

هذه المراحل تتضمن مصدرين من مصادر المعرفة المعترف بها وهي الحسية والعقلية

اما المصدر الثالث للمعرفة فهو مصدر تجاوزي يقول به المتصوفة والفرق الغنوصية عمومآ ويسمى بالغنوص أو الإشراق أو الحدس أو الكشف وغيرها من المسميات

المعرفة الحسية: وهي المعلومات المختزنة في صور الموجودات من حولنا ونستقبلها بشكل مباشر عبر حواسنا أو بواسطة أدوات القياس المادية ويتم انتزاع تلك المعارف الحسية من خلال دراسة المادة والاحياء وتحويلها لمجردات

المعرفة العقلية: وهي تنتج عن عمليات بناء عقلية بواسطة مقدمات أولية يتولد عنها معرفة جديدة للانسان تكون يقينية بالقياس وظنية بالاستقراء والتمثيل
ويمكنه الحصول من خلال هذا المسار المعرفي على معلومات لم تكشف بعد في الحس وبالتالي يكون العقل اسرع في الكشف عن المعارف الخفية من الحس ربما باللاف السنوات

المعرفة الغنوصية: وهي الحصول على معلومات أو كشف كما يسميه الصوفية يسبق سرعة معرفة الانسان الحسية والعقلية بمئات أو بملايين السنين

يمتلك الغنوصي المعرفة ولكن لو سألته عن المقدمات العقلية يكون غير قادر على تقديم أسباب منطقية للنتيجة والمعلومة التي حصل عليها

لسبب بسيط انه وصل للمعلومة بطريقة غير سببية
كأنه حصلت له نقلة كمية حيث تم معالجة الاف المقدمات في عقله دون أن يكون مع سلسلة المقدمات والنتائج التي تم معالجتها

بالنسبة له الأمر اشبه بللانتقال من الأرض إلى مكان خارج المجرة فيكون هو ذات نفسه غير مدرك لعملية الانتقال التي حصلت له وكأن المعلومة خلقت من العدم كومضة ظهرت من لاشيء لذالك يسمونها بالكشف أو الاشراق

تفسيري لهذه العملية انها متعلقة بشكل مباشر بمبدأ الرصد الكمي

وان مايحصل للغنوصي هو تمامآ مايحصل للالكترون عندما ترفع عنه عملية المراقبة ويتحول من جسيم إلى موجة

ما يقوم به الغنوصي أو المتصوف أو البوذي وغيرهم من الفرق على اختلاف طرقهم في التأمل هو إلانفصال عن العقل الواعي والأفكار الذاتية والتحول لمراقب خارجي أو الانسلال إلى اللاوعي

ومن تلك الطرق للتأمل المعروفة في البوذية "دخول مجال العدمية" وطريقة "لا انت واع ولا غير واع"

أو كما في الطرق الصوفية يلغي المريد ذاته ويزيل من عقله كل شيء سوى الله ويفني ذاته في اسم الله

بهذه العملية يقوم هو بحجب أو إخراج الأفكار من عقله
يرفع عنها المراقبة مايعيدها لطبيعتها الموجية كما حصل للالكترون عند رفع المراقبة عنه ويصبح الدماغ في هذه الحالة عبارة عن محيط موجي تختلط فيه المعارف المخزنة مسبقا وتتشابك وينتج عنها معارف جديدة

أو أن هذا المحيط الموجي الذي أصبح دالة احتمالية يتعرض لعملية رصد من مراقب أعلى

قد يكون هذا المراقب كما في الطرق الصوفية هو الشيخ في بداية الطريق الذي تستحضر صورته في الخلوة أو حضور الرسول في مراحل متقدمة من خلال طلب النظرة والملاحظة منه

فالمريد بنداءه "نظرة يارسول الله" أو الحظني أو ادركني
يسعى لأن يتم رصده من قبل الرسول(المراقب) ليحصل في نفسه اثر هذه النظرة وهو المعرفة

أو ايآ كان اسم هذا المراقب وصورته لانه يتغير بتغير معتقد الشخص وان كان في حقيقته واحد لاغير ولكنه يظهر بالصورة التي تطمئن لها

وعندما يعود الغنوصي من رحلة صيد وغنص المعرفة إلى عالم الكثرة يجد نفسه قد تحصل على معارف جديدة دون أن يدرك مقدماتها

"كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يمريم انى لك هذا قالت هو من عندالله"

في المحصلة ان تغير المراقب الذي يقوم بعملية الرصد يطبع معرفة وعلم لم يوجد في العارف من قبل

ولو أردنا ان نربط هذه العملية بنظرية الفيض فنقول ان هؤلاء المراقبين هم العقول العشرة أو نفوس الافلاك فوق عالم التكوين والفساد

في النهاية تبقى المعرفة الحسية هي الأرضية الصلبة التي يتفق عليها الجميع ثم المعرفة العقلية لكونها تخضع لقواعد يتفق أيضآ عليها الجميع وبالتالي هي مصادر موضوعية

اما المعرفة الغنوصية هي معرفة ذاتية تختلف فيها الصور والمسميات باختلاف الأشخاص فما اصطدته من البحر في رحلتك سيتجسد وهذا التجسد سيمر من خلالك وبالتالي فهو غير ملزم لغيرك

"ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله ايديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب"

#احمد_البرهو (هاشتاغ)       Ahmad_Barho#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات