أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - المخرج الماركسي -عثمان سمبين- يطلق رصاصته الاخيرة على عملية ختان الاناث في فيلم -موولادي-















المزيد.....


المخرج الماركسي -عثمان سمبين- يطلق رصاصته الاخيرة على عملية ختان الاناث في فيلم -موولادي-


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 7109 - 2021 / 12 / 17 - 15:53
المحور: الادب والفن
    


Film - Moolaadé

علي المسعود
الجزء ( الأول)

الروائي والسينمائي السنغالي عثمان سمبين (1923 ـ 2007) ، يمثل صوت أفريقيا في عالم السينما، بالرغم من أنه كاتب رواية من طراز رفيع - صدر له باللغة الفرنسية عدة روايات مثل : "عامل تحميل السفن الأسود"، و"خالا" و"قطع الخشب السماوية" إلا أنه إختار السينما وسيلة لتوصيل أفكاره وأراءه ، لإيمانه بالسينما بأن تعمل على مساعدته في نقل وجع وهموم أفريقيا بأسلوبه الخاص به، من خلال النزعة الإنسانية القوية والحيوية التي تمنحها الصورة السينمائية، و حسب اعتقاده في أن نشر كتاب مكتوب باللغة الفرنسية لن يصل إلا إلى أقلية ، على النقيض من ذلك يجد في السينما متسعاً له في المناقشة والحوار مع العمال و الفلاحين والبسطاء من الناس وتسهل عملية اللقاء الفكري بين أفريقيا والعالم الآخر، حين تسلط الكاميرا الضوء على الظلام في الداخل والخارج . تجربة الروائي والمخرج "عثمان سمبين" في توظيف العلاقة بين الرواية والفيلم هي تجربةً فريدة ومميزة، فالروائي السينغالي قام بتحويل الكثير من أعماله الأدبية إلى أفلام سينمائية .
وُلد عُثمان سمبين في العام 1923 بقرية زينشوار الواقعة على ضفاف نهر كازامانس، لأسرة صائد أسماك وتُوفِّي والده في صِباه فرعاه خاله أبدول، الذي كان مدرِّساً للتربية الإسلامية ومسلما مُتشددا، مارس تأثيره الإيجابي الكبير على عُثمان في جَعْله مُحافظا على التقاليد الإفريقية، وعلى الرُّوحانيات الإسلامية في آن واحد ، جاء مَوْته المبكر مُوجعًا لعُثمان سمبين؛ مما جعله يترك الدراسة وهو ابن الخامسة عشر عاما ويتَّجه إلى دكار ليبدأ عمله كمساعد ميكانيكي، وهناك تفتَّح وعيه السينمائي؛ فأصبح مُشاهدا مُنتظما للأفلام في دُور السينما حتى تم استدعاؤه -وهو في العشرين من عمره- جنديًّا في الجيش الفرنسي؛ حيث أدَّى دَوْره لأربع سنوات في الحرب العالمية الثانية مع الجيش الفرنسي . غادر بعدها إلى مَرسيليا في العام 1948 ، وعمل حمَّالا بميناء مرسيليا البحري، وهناك أصبح رئيساً لاتحاد نفايات العمال الأفارقة وعضواً بالمؤتمر العالمي العام المرتبط بالحزب الشيوعي الفرنسي . الروائي والمخرج عثمان سيمبين متحفظ في مناقشة تجربته السياسية ، لكنه يعلق على علاقته باليسار الماركسي منذ الخمسينيات" " بصفتي أفريقي كنت عضوا في الحزب الشيوعي الفرنسي . لم أكن أفعل ذلك تضامناً - كنت ناشطأ. إذا ذهبت إلى منزلي فسترى أنني قمت بتأطير جميع بطاقات عضويتي من الحزب الشيوعي ووضعتها على الحائط . هذا شيء لا أريد محوه من الماضي . وعلم " عثمان سمبين" نفسه اللغة الفرنسية قراءة وكتابة الى ان استطاع ان ينشر روايته الاولى (عامل الأرصفة الأسود) والتي اعتمد في تدوينهاعلى تجاربه الشخصية في ذلك الميناء الفرنسي الجنوبي ، غير ان التهابا أصاب عموده الفقري أرغمه على هجرالعمل البدني جاعلا من الكتابة الادبية مصدر رزقه الرئيسي . وفي الفترة ما بين عامي 62-1963، درس الإخراج السينمائي في مُوسكو ليعود ويبدأ حياته السينمائية حتى وفاته في 9 يونيو 2007 ، بعد أن قدم خلال تلك المسيرة أهم تجربة سينمائية في إفريقيا. عثمان سمبين الذي عرف كروائي إفريقي يتسم بالواقعية ، وهو صادق ومحب للحقيقة، تحول للسينما كي يصنع أفلاماً وهي التي ضعت إفريقيا على الخريطة السينمائية للعالم ، علاوة على ذلك، كان عثمان سمبين معنياً باستخدام الفيلم كأداة تحرير وكوسيلة لتقديم الصورة الإيجابية الإفريقية على عكس الصورة النمطية الأجنبية المحرفة للواقع الإفريقي . وبهذا شكل"عثمان سيمبين" ابن الحزب الشيوعي الفرنسي (انضم سيمبين للحزب باعتباره عامل رصيف في موانئ مرسيليا في الأربعينيات)، نهجاً منفصلاً باحثًا عن روح أفريقيا خالصة بدون أي تأثيرات أو مخلفات أوروبية، وهذا ما سيظهر في أعماله السينمائية في شكل "صراع هوية" وصراع مع الموروثات والمعتقدات البالية . في عام 1981 اصدر سمبين روايته الشهيرة " نهاية الامبراطورية" وفيها يتطرق للموضوع القديم المتجدد ، الصراع علي السلطة بين النخب الافريقية بعد رحيل المستعمر عن القارة ، ثم توج مسيرته الروائية بـ’’الحوالة’’ التي ترجمت إلى لغات عالمية عدة، منها العربية ووضعت إسمه بين كبار أدباء القارة. هذا النجاح دفعه لاقتحام مجال إبداعي اخر هو الفن السينمائي، وسبب هذا التحول هوأن السينما كانت هاجساً قديماً راود الروائي عثمان سمبين منذ نعومة أظفاره. ولهذا نراه قد استفاد إلى أقصى حد من المنحة التدريبية التي منحها له اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية للتدريب في أستوديو غوركي على يد المخرج البارز الروسي "مارك دنسكوي". ولكونه كاتباً وروائياً كثيراً ما كان يسأله رجال الإعلام عن سبب اختياره لهذة الوسيلة من وسائل التعبير، فكان جوابه واحداً ومتكرراً وهي إن للصورة لغة أشد تأثيراً وانتشاراً وسط الشعوب الأفريقية في ظل الأمية وعدم القدرة على الكتابة . في عام 1960، حصلت السنغال على إستقلالها من فرنسا وعاد سيمبين إلى بلاده، بعد ما يقرب من20 عامًا غربة في فرنسا. يقول عن هذه العودة " أردت أن أعرف قارتي الخاصة ، ذهبت إلى كل مكان لأتعرف على الناس والقبائل والثقافات . كنت في الأربعين من عمري وكنت أرغب في صناعة الأفلام وأرغب في إعطاء انطباع آخر عن أفريقيا ، وبما أن ثقافتنا كانت شفوية بشكل أساسي، فقد أردت تصويرالواقع من خلال الطقوس والرقص". وهكذا طور"عثمان سيمبين" أسلوب صناعة الأفلام في السنغال الذي كان تعليميًا وأحيانًا دعائيًا، وكثيراً ما استخدم الممثلين غير المحترفين وكتب الحوار بلغات أفريقية مختلفة ومن اهم أفلامه،"باروم شاريت” 1963،وفيلم “نياى” 1964، فيلم“فتاة سوداء” 1966، “الحوالة البريدية” 1968، “تاو” 1970، “إمتيباي” 1971، “خالا” 1974، “سيدو” 1977، “مستعمرة تايروي” 1978، و”مولادي” 2004 .
يرصد المخرج عثمان سيمبين في جميع أفلامه الواقع السيئ للبيروقراطية الحكومية في بلاده، وتفشِّي ظاهرةالرشوة والفساد ، وانهيار القيم الأخلاقية الروحية للمجتمع الجديد في السنغال. وُجِّهت انتقادات حادة له أهمها تلك التي جاءت من النخب السياسية والثقافية في إفريقيا بعد عرض فيلمه “الحوالة البريدية” مُتهمة إيَّاه بالتشاؤم حِيَال مدى إمكانية تقدُّم إفريقيا بعد المرحلة الاستعمارية السابقة. ويرد عليهم سمبين في حوار أُجري معه بمجلة “السينما الفنية والمسرح” قائلا: “إنَّ ما يهمُّني هو طرح المشكلات التي تواجه شعبي ، إنَّ السينما باعتقادي أداة للحدث السياسي، ولكنني لا أريد عمل أفلام شعاراتية . إنَّ الفيلم مجال آخر، وأنا لست على تلك الدرجة من السذاجة بحيث أفكر أنَّ باستطاعة فيلم واحد تغيير الواقع السنغالي، ولكن باعتقادي أننا إذا ما كنا مجموعة من المخرجين الذين يعملون على تحقيق أفلام تنطلق من ذلك المفهوم؛ فإننا سنتمكن من تغيير الواقع القائم " .
في فيلمه (مولادي) – الحماية - أو الملاذ وهو أحد أشهر أعماله وأخرها ، وقام بإخراجه في العام 2004 ويتناول الفيلم موضوع ختان الإناث . على الرغم من أن عملية ختان الإناث غير قانونية في العديد من الدول، إلا أنها تمُارس بانتظام في مناطق في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط . في إفريقيا ثلاثة مليون فتاة تعرضن لعملية الختان ولكن تلك الممارسة لاتزال موجودة في العديد من الثقافات والقضاء عليها نهائيا يتطلب وقتا طويلا . تعد أكثر الأسباب التي يُستشهد بها في إجراء عملية الختان هي الدين والمفاهيم الخاطئة عن الصحة، فضلا عن اعتبار الختان وسيلة للحفاظ على العذرية وتهيئة المرأة للزواج . ويعتبر ختان الإناث عند بعض الشعوب وفي بعض الثقافات، طقسا للبلوغ وضرورة للزواج ، وتجرى عملية الختان بدون إرادة الفتاة في أغلب الأحوال، والختان شكل من أشكال العنف ضد المرأة وانتهاك لحقوقها الإنسانية . المخرج اليساري" عثمان سيمبين" كان منتقدًا طوال حياته لسلطة الرجال وتهميش المرأة ، "عندما تتقدم المرأة ، يتقدم المجتمع" ، كما قال في وقت متأخر من حياته المهنية وطالب بإنهاء معاناة المرأة ورعايتها وهذا ما أشار له في العديد من أعماله. ويٌظهر فيلمه الأخير ثورة مجموعة من النساء ضد واحدة من الممارسات التقليدية المتمثلة في تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ويتحدى هولاء النسوة سلطة كبار السن في القرية وكذلك رجال الدين الذين يصرًون على هذه الطقوس. الفيلم يبدو ضد الهيمنة الذكورية .
تميز "عثمان سيمبين" بالتحدى للأنظمة ألأفريقية الأفريقي ويحاول أن يخرج بالأنسان الأفريقي خارج أجواء وأحكام القبيلة، دون أن يكسر خصوصية حضارته وطبيعته. وبهذا الأسلوب الذكي تميز فيلم ألحماية أو موولادي ـ بالإرتباط بالحياة اليومية الإفريقية . وفي الوقت ذاته معبر ومفهوم للمشاهدين غير الأفارقة ، ونادراً ما يشعر المشاهد بالغرابة داخل أفلام سيمبين لأنه كان فناناً شعبويًا وعالميًا، أو بعبارة اشمل "أممياُ". الفيلم إنتاج مشترك بين عدة شركات من عدة دول فرنكوفونية ، السنغال وفرنسا وبوركينا فاسو والكاميرون والمغرب وتونس. تم تصويره في قرية دجيريسو النائية في بوركينا فاسو . الفيلم فاز بعدة جوائز، فاز بالجائزة الكبرى في قسم( نظرة خاصة في مهرجان كان لعام 2004 ومهرجان (واغادوغو)وكذالك (بوركينا فاسو) ، صنف من أفضل عشرة أفلام لمعهد الفيلم البريطاني لعام 2005 . يبدأ الفيلم ( الحماية ) – موولادي- من قرية صغيرة في بوركينا فاسو تسمى( دجيريسو) ، هناك لا زال السكان يعتاشون على محاصيل أراضيهم . وبعد بعد سفر الزوج (سيري باثيلي) ويقوم بدوره الممثل (راسماني كويدراكو) مودعا زوجاته الاربعة في سفرة طويلة ، ست فتيات يهربن من مراسيم الختان، أربعة منهن يلتجئن إلى بيت كولي (فاتوماتا كوليبالي) الزوجة الثانية طلباً للحماية، في حين تختبئ اثنتان في بئر ويتبين لاحقاً إنهنُ لقينً حتفهنُ . في هذه القرية ختان الإناث لا مفرّ منه وهو تقليد ديني يمارس منذ عدة سنوات، الفتيات الصغيرات يهربن عند كولي طلباً للحماية، وهي التي عُرِفت برفض إخضاع ابنتها للختان . تعلق كولي عند مدخل منزلها قطعة قماش ملونة تطلق عليها اسم "موولادي" (الحماية السحرية). كل شخص سيدخل منزلها يدخل دائرة الحماية، بينما كلّ من سيحاول الدخول لإيذاء الفتيات، ستلاحقه اللعنة والحظ السيء، كولي فقط تستطيع إنهاء هذه" الحماية" ، كولي "مختونة"، تتذكر معاناتها وتريد تجنيب الفتيات وبينهنّ ابنتها هذه التجربة. الألم لم تنساه أبداً وظل يرافقها منذ ذلك اليوم، وهي ستواجه أهل قريتها . هذا يطلق العنان لصراعات قوية في القرية. يلجأ كبار السن إلى كولي ، كما يفعل فريق من النساء اللواتي يرتدين الرداء الأحمر يُدعى (ساليدانا )، اللائي يقمن بعمليات الختان القاتلة في كثير من الأحيان، تبدو الزوجة الأولى لزوجها ، حاجاتو (ميمونة هيلين ديارا) في البداية تعارض بهدوء ،أما بالنسبة للزوج ، سيري (راسماني ويدراوغو) ، فمن الواضح أنه لا يمارس نفس القدر من السيطرة على زوجاته كما يفضل الرجال الآخرون في قريته ، لكن شقيقه أماث (عثمان كوناتي) يستخدم كل قوته الذكورية من أجل أجبار أخية بعد عودته من السفر من أجل إجبار كولي على إلغاء المولادية - فهو الوحيد الذي يفترض أن لديه سلطة عليها . وفي وقت سابق تمت خطوبة أبنتها من أبن زعيم القرية الذي يعود الى القرية بعد جني ثروته خلال غربته في فرنسا ويحاول ابيه أن يضغط عليه بعدم أتمام تلك الزيجة بحجة أن الفتاة لم يتم ختانها وبالتالي فهي أمراة غير مكتملة ، على الرغم من أسلوبه الغربي الجديد لكنه ينحني أمام مطالب والده ، ويختار له إبنة عمه وهي طفلة وعمرها 11 سنة وهذه جريمة أخرى تضاف الى جريمة الختان لما يحدث للمجتمعات المتخلفة التي يتحكم بها شيخ الجامع بعقليته المتخلفة وفكره الرجعي الذي يؤدي الى حصول الكوارث في القرية. يصور عثمان سمبين في فيلمه الأخير "موولادي"، على أنه درس أخلاقي و تربوي وهو"دعوة صريحة عن حق المراة في الحياة ومقاومة الاضطهاد داخل مجتمع قروي تقليدي، عرض الفيلم ومن خلال وجهة نظر الكاتب اليساري "عثمان سيمبين" واقع حال تلك المجتمعات المتخلفة في افريقيا وأطلاق رصاصته صوب الممارسات الخاطئة بحق المراة ويدعم حق النساء في العيش بكرامة، الممثلة الرائعة " فاتوماتا كوليبالي التي تلعب دور كولي عبّرت عن تجربتها في الفيلم ، على أنه يتقاطع بشكل كبير مع عملها في مالي لتثقيف الناس في المناطق الريفية حول عملية الختان ( وخصوصا وهي تقود حملة عالمية وبالتنسيق مع الامم المتحدة في التصدى لتلك الممارسة الخاطئة ). بعبارة أخرى ، يمكن القول فيلم مولادي يقدم الاسباب لهذا الرفض من خلال النتائج الكارثية لتلك الممارسة التي سببت موت للكثير من الفتاة وكذالك الاضرار للمتعة الجنسية بكونة يتعلق بكبح الرغبة الجنسية للمراة إن صور العنف ضد الجسد الأنثوي التي يقدمها الفيلم – جلد الزوجة كولي امام رجال القرية ، ليلة الجنس المؤلم ، حالات انتحار فتاتين صغيرتين يمكن أن يُفترض بهذا المعنى أن تكون معروفة لتجربة المرأة ومكانتها كموضوعات لتي تتطلبها العديد من خطابات حقوق الإنسان، من ناحية أخرى، فإن الفيلم يكشف واقع المرأة في أسرة مسلمة متعددة الزوجات . ربما تكون رحلة شخصية" إبراهيما دوكوري" إلى موطنه في قرية دجيريسو في بوركينا فاسو وهو القادم من بلاد النور هو الحدث الرئيسي في سرد حكاية فيلم" موولادي" ، ولكنه واقع تحت سلطة الاب شيخ القرية وكلما يحاول الافلات منها يهدده بالبراءة منه لدرجة أجباره على ترك المرأة التي يروم الاقتران بها واختيار طفلة للاقتران بها بديلة لها، يضاف الى ذالك شخصية "الماسونيري" المتميزة و هو العسكري السابق وهو ألان بائع متجول في القرية ، يناديه القرويون الذين يأتون لشراء سلع ، بينما لن يتم الكشف عن المعنى الكامل لاسمه وأصله إلا لاحقًا ، في تلك المشاهد الافتتاحية ، التسوق وشراء البضائع (الباغيت التي لا معنى لها ، والغلايات ، وأدوات الحلاقة ، والملابس ، ودلاء الماء ، وبطاريات ) التي تعتبر ضرورية للحياة اليومية. بضاعته هي رأس المال المادي والرمزي الضروري لتأمين الطريق إلى الأنوثة والرجولة ، أو للزواج ،على سبيل المثال ، تأخذ الشابة أمساتو "سليماتا تراوري "وهي ابنة ( كولي )، البضائع بالدين في بداية الفيلم ، مع وعد بأن زوجها المستقبلي سيفعل ذلك ، بطلة الحكاية كولي ، وهي الزوجة الثانية لأحد الرجال الكبار في قرية ، حين تصل الى بيتها أربع فتيات صغيرات ويطلبن الحماية من ختانهن في يوم المولد النبوي وتوافق كولي على إيوائهن .
تعرف الفتيات أن كولي قررت عدم خضوع ابنتها أمساتو" سليماتا تراوري" لتلك العملية وهي المفترض أن تكون مخطوبة من إبراهيما دوكوري - العائد من فرنسا ، يتم تقديم أسباب كولي لحماية الفتيات جزئيًا على أنها تتعلق بتجاربها الخاصة مع الألم (وفاة اثنين من أطفالها ، والحاجة إلى عملية قيصرية لتلد أمساتو) وجزئيًا حول مسؤوليتها في الحفاظ على حياة البنات الصغيرات اللواتي وجدن عندها الملاذ الآمن، تقترح إحدى النساء في المجموعة التي تواجه كولي للآخرين أنهن بحاجة إلى مواصلة البحث عن فتاتين ما زلن في عداد المفقودين وهربا أيضًا من مراسيم الختان، ونكتشف لاحقا بأنهما قاما بالانتحار ورميها نفسهما في بئرالقرية. لقد تحدت كولي التقاليد مرة واحدة بعد أن رفضت السماح لإحدى بناتها "بالتشويه"، على حد تعبيرها. لذلك وافقت على إيواء الفتيات وإستخدام نظام الحماية لمن يستجير أو يلوذ بهم وهي طقوس تستند إلى إحدى أساطير القرية ، فيلم مولادي لا يصور كفاح أمراة ضد المجتمع بل هو نضال كل النساء . مع تقدم سرد القصة، أصبحت كولي ممثلة لمجموعة من النساء المتمردة على سيطرة المجتمع الأبوي - مجتمع لا يجبر النساء فقط على الخضوع لعملية تشويه ولكنه يقاوم أيضًا أي نوع من التطور باسم التقاليد . في واحدة من أهم نقاط حبكة الفيلم ، يقرر كبار السن من الذكور مصادرة وحرق مصدر الترفيه الرئيسي للمرأة وهي أجهزة الراديو. رداً على ذلك ، قالت إحدى نساء القرية ، "الرجال يريدون حبس عقولنا". كمصدر للموسيقى المسلية والأخبار العالمية ، تصبح أجهزة الراديو علامة على التقدم ، وهو اختراع تكنولوجي يروج لطرق بديلة في التفكير تحتضنه النساء . يقاومه الرجال ويمنعونه في النهاية، معتقدين أن أجهزة الراديو تجعل زوجاتهم وبناتهم "يسيئون التصرف". وبعد نفاذا صبر شيوخ القرية من خلال التذرع بالحمايةالسحرية ("موولادي") لأربع فتيات هربن من هذه العملية ، وهذا يترك رجال القرية وشيخ الجامع في القرية تتدافع للتوصل إلى حل يجبر كولي على تسليم الفتيات ويسمح لهم جميعًا بحفظ ماء الوجه . يبدأ الضغط عليها من داخل بيتها من خلال الزوج وتحريض أخوه الاكبر في ان يستخدم السوط في جلد كولي واجبارها على التراجع عن حمايتها ، ويسلم الاخ الكبير للزوج السوط لأذلال كولي حتى تكون عبرة لمن يتجاسر في تحدي الرجال أو الخروج عن طاعتهم . وأفضل طريقة لنقل فكرة وقوف الرجال والنساء على جانبين متقابلين في مشهد الجلد للزوجة كولي المعبر والمؤثر . يحاول زوج كولي إجبارها على سحب الحماية . وبينما هي تتحمل الجلد ، يصرخ الرجال "انطقي لكلمة"، بينما تردد معظم النساء "لا تقوليها". ومع ذلك ، فإن سرد الكاتب والمخرج عثمان سيمبين ليس بهذه البساطة ، هناك تطور وغموض في معظم شخصياته مثل شخصية ميرسينيري ويقوم بدوره (دومينيك زيدا) ، على سبيل المثال، هو رغم أنه زير نساء ووقح والشخص، لكنه الشخص الوحيد الذي تجرأ ودافع عن كولي عند أنتزاع السوط من يد زوجها وأستطاع أن يوقف جلد كولي على حساب حياته بعد أن امر شيخ الجامع بطرده من القرية و التخلص منه. ويصدم شيوخ القرية ورجالها بأن كولي لم تتنطلق الكلمة التي طلب منها زوجها ان تنطقها وهي انها لاتمانع في ختان الاناث ورفع الحماية عنهن حتى لاتكسر كلمة شيوخ الدين الذين أدخلوا تلك الممارسة القاتلة من باب الشريعة الاسلامية . وبعد عقابها وإنتهاء المولد تقوم برفع الحاجز الرمز لحماية الاناث بالرغم من انتزاع احدى الامهات وهي (سالبا) لبنتها (دياتو) من أجل ختانها والتي بالنتيجة فقدان حياتها وتظل تندب حظها بانها السبب في موت طفلتها وتلتقي الامهات ببناتهن وسط فرحة عامرة بسلامتهم من تلك المجزرة الا (سالبا) وحدها التي تظل تنوح وتبكي على موت طفلتها ، ويشكرنً كولي على قوتها وصبرها وحمايتها لبناتهن ، ثم يذهبن مجموعة من النساء تقودهم كولي صوب جامع القرية ويواجهن الرجال وهم خارجين من جامع القرية بعد الصلاة وتجمهم لحرق كومة أجهزة الراديو ، وتصرخ كولي بوجه رجال القرية وشيخهم ( لن يتم تطهير اية فتاة بعد الان ، دعونا ننهي تشويه أعضاءنا الجنسية)، ويفاجئ الرجال بتلك الانتفاضة النسائية و مقاومة كولي ورفضها للختان أو التطهير . وتٌنتزع السكاكين من ايدي النساء المكلفات بالتطهير( السلندانا) وتجمعها كولي وترميها أمام حشد الرجال . فألامل يحشد الشجاعة عند النساء ، كولي تهدد باحراق القرية كلها لو تجرأ احد ورفع سوطه عليها، "كولي أردو جولي " المحارب الشجاع الذي يقف بوجه الإعصار قد أنتصرت على تلك العقول العفنة التي أرادت تكبيل أرادتها وهي شجاعة من أكثر الرجال الذين لم يجرؤا على العدل وقول كلمة حق . هي تصرخ بوجوه رجال القرية ( انتم خائفين من أجهزة الراديو ، الخوف جعلكم تقتلون الماسونيري ) وحين يرد عليه شيخ الجامع بان التطهير هو أرث اصدره الاسلام ، ترد عليه ، التطهير لم يكن موروث اسلامي ، كل عام الملاين من النساء يذهبن لأداؤ فريضة الحج في مكة المكرمة ، وجميعنً لم يتم تطهيرهنً ، وترقص مع النساء بأنتصارهم ومع زهز واعجاب زوجها الذي يرد على اخية بعد وضع عليه اللوم فيما وصلوا اليه بسبب زوجته كولي( أنها اشجع من كل الرجال في القرية )، ويثور ابراهيم على أبيه شيخ القرية ويقول ( ان زواجي هو شأن خاص بي ) ، مما يدعوا الاب الى ضربه والبراءة منه . ويرد على أباه أن عصر الطغاة قد أنتهى وسوف يقوم بتشغيل التلفزيون. وينتهي الفيلم برقص نساء القرية وإنتصارهن على العقول المتحجرة . خلال الفيلم مرت الشخصيات النسائية بعدة تحولات وتتعلم من تجاربها وتجد الشجاعة لمقاومة سيطرة الرجال، قام المخرج الأفريقي المخضرم عثمان سمبين بتجميع طاقم ممثلين معظمهم من الهواة ، الأمر الذي أدى بالفعل إلى أضافة المصداقية من خلال لحظات من الأداء الواعي . االممثلة كوليبالي التي تقوم بدور (كولي)، أحدى الممثلات المحترفات القلائل هنا ولها حضور قوي. كما أنها تجعل أداءها الثقيل أحيانًا يبدو طبيعيًا تمامًا ، قبل أن تتم دعوتها للتمثيل في هذا الفيلم ، كانت تعمل بالفعل في الإذاعة والتلفزيون الماليين. كانت وظيفتي تعمل في برامج مصممة للنساء والأطفال ، وتركز على الأسرة. سافرت كثيرًا إلى المناطق الريفية وتحدثت مع النساء والجميع هناك. خلال هذا العمل ، لاحظت أن العديد من الفتيات الصغيرات ماتن بعد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم (خلية النحل ) ينتصر للمرأة وأرادتها في البناء والتغير و ...
- فيلم ( إنتزعت من حضنها) يفضح سياسة الرئيس الامريكي السابق -د ...
- فيلم لبول فيرهوفن -دراسة متأنية للسياسة والدين ونقد لاذع للك ...
- فيلم ( 7 سجناء ) يفضح الاتجار بالبشر والعبودية الحديثة
- (قلوب وعظام ) فيلم يصور صداقة مصور ولاجئ يصارعان صدمة الحرب ...
- فيلم (دونباس) صرخة ضد مجتمع فقد إنسانيته في زمن الحرب .
- فيلم (بعد الحب) لا يتعلق بالإيمان بقدر ما يتعلق بالحزن والخس ...
- فيلم -مقتل كينيث شامبرلين- يدين العنصرية ويفضح عنف الشرطة ال ...
- الفيلم الكردي -أرضي ذات الفلفل الحلو- يرصد تناقضات المجتمع ا ...
- فيلم- الإصلاح الأول - يعكس الصراع بين الشك واليقين في قضية ا ...
- (أنا كارل ) فيلم يحذّر من صعود اليمين المتطرف في أوروبا،
- فيلم (ملكة الصحراء) : يكشف جانب من حياة (مسز بيل ) الخاتون-ص ...
- فيلم - السيد جونز - يكشف معاناة الصحفي من أجل تقديم الحقيقة ...
- أهم ألافلام التي تأثرت بالهجمات الإرهابية في الحادي عشر من أ ...
- الفيلم الوثائقي -نوتورنو- فيلم عن الحياة واستمرارها رغم الحر ...
- -أغنية ألارض- نموذج للفن الراقي والمؤثر والمستوحي من الموضوع ...
- فيلم (المولود مرتين) يُظهر واقع النّساء في أبشع صورٍ عاشتها ...
- - مرحباُ وطني الجميل - فيلم تركي يروي سيرة الشاعر (ناظم حكمت ...
- هل نحن أمة غابت عنها القيم ..؟؟؟
- مسلسل-كيف تصبح طاغية- يكشف حيل الطغاة وأكاذيبهم ويسخر منهم ! ...


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - المخرج الماركسي -عثمان سمبين- يطلق رصاصته الاخيرة على عملية ختان الاناث في فيلم -موولادي-