أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند صباح - ما في السماء من أحد أيها البشرية المتوهمة















المزيد.....

ما في السماء من أحد أيها البشرية المتوهمة


مهند صباح
كاتب

(Mohanad Sabah)


الحوار المتمدن-العدد: 7085 - 2021 / 11 / 23 - 10:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما ‏في السماء من أَحدٍ، أيها البشرية المُتوهِّمة
أفيقي، من هذا العفّن الوخيم، وأَحذُقي تحذقًا وتنبُّهًا فطنًا،
إن البغال لا تطيرٌ والأَحصنة لا تحلق في السماء،
تَراءفوا بعقولكم ووقروا أنفسكم وارحموها من ثلب الدين المعيبٌ،
فما أديانكم إلا فَتقًا كبيرًا في العقوُل
وما طلع البدر عليكم إلا ليفتقكم فتقًا مبينًا.

يا سادة يا كرام إن غالبية الديانات وعلى وجه الخصوص الأديان الإبراهيمية في عالمنا وكوكبنا تعتقد (وتؤمن!) هذه الأديان أن إيمانها بإلهها وكتابها ومعتقداتها هي "الحقيقة المطلقة"، بالنسبة لها وترفض رفضًا قاطعًا الاعتراف بأن تلك التقاليد غير عقلانية ولا يستطيع الإنسان العقلاني تقبلها، وبدلاً من الاعتراف تميل الأديان إلى العنُودُ الشديد والشوفينية في الفكر، فتجنح بصورة مباشرة إلى خياطة النص، ولَوي عنق الحقائق، لستر عورة النصوص المفضوحة فتلَجّأَ إلى إجراء عملية ترقيعية تجعل النص يتكيف مع المعتقد والمذهب.

لقنوهم ثقافة الإبر والخياطة والترقيع، كل فردًا فيهم يحمل في راحة يديه إِبرة يَرتُق بها ثقوب الدين رتقًا، والجميع يريد إصلاح الرداء الممزق، حتى انتقلت تلك الرُتُوق إلى عقولهم، فأصبحوا يغضون البصر عن الأدلة وينبذون العقلانية، فإن اتباع الأديان لا يرون هنالك مشكلة في دينهم ومعتقداتهم، لا يرون أنها مجردة من العقل والعقلانية لأنهم ببساطة شديدة لا يعرفون معنى العقل ولا معنى العقلانية، فهم يرون أن معتقداتهم (عقلانية!) وفي الواقع هي لا تمت إلى العقلانية بأي حالٍ من الأحوال.

أن الأديان في تنافس على طول الوقت للوصول إلى المركز الأول والفوز بلقب أن ديننا خالي من أي خطأ، فإن غالبية المؤمنين في الأديان الإبراهيمية يتفقون على أن محمدًا ركب بغلة وطار بها إلى السماء، ويتفقون على أن عصا موسى تحولت إلى ثعبان وذات العصا شق بها البحر، ويتفقون على أن يسوع (عيسى) ولد من امرأة عذراء، ويتفقون على أن يونس مكث في بطن الحوت ثلاثة أيام وهذا شيء مستحيل، جميعنا نعلم تمامًا إن البغال لا تطير فهي ليست إف-35 .. وهذا الشيء منافي للعلم والمنطق والعقلانية، وجميعنا نعلم أن العصي لا تتحول إلى ثعابين إطلاقًا وهذا الشيء ينافي علم الأحياء البيولوجي وعلم الحشرات الانتومولوجي، وجميعنا نعلم أن العصي والأخشاب لا تستطيع أن تفلق البُحُور فهذا مخالف لقانون الطفو الفيزيائي وينافي مبدأ أرخميدس ويعارض قاعدة الانغمار (ميكانيكا الموائع) وبالتالي يعارض ويتعارض مع المنطق العقلي والعلمي، وجميعنا نعلم أن لحدوث حمل عند المرأة، لا بد من تخصيب البويضة بواسطة الحيوان المنوي وهذه العملية تحتاج إلى ممارسة الجنس وليس إلى إرسال ملاك أو بواسطة النفخ في الفرج، علميًا لا يمكن لامرأة أن تحبل بواسطة النفخ، جميعنا يعلم لا يمكن لأي إنسان يبتلعهُ حوت أو يلتهمهُ ويستقر في بطنه ثلاثة أيام ثم يبقى على قيد الحياة هذا الشيء ينافي علم الأحياء البحرية أو علم المحيطات البيولوجية (ميريبيولوجيا)، وكل هذه الأساطير والخزعبلات تعتبروها حقائق مطلقة هذه ليست حقائق بقدر أن تكون ضربًا من ضروب الجنون والإختلال والهوس العقلي.

أن الدين أين ما وجد ينتج ثقافة فرعية اِنعزالية تنخرط تحت الثقافة الأصلية للمجتمع، ويخلق عالمًا واقعي مكدس بالخرافات والجهل فوق الواقع الحقيقي للبشر، ويشيد دولة عميقة مترامية الأطراف داخل الدولة نفسها، ويستحدث عقليات ملوثة موبوءة فكريًا تأرجحها مفاهيم ضالة ومضللة تتحول في وقت رشيق إلى حقائق مقدسة تتناولها الأجيال من جيلاً إلى جيل وتتناقلها إلى الأجيال المقبلة لتبقى تترنح بين حبال الدين، وبحسب زعم كتب الأديان الإبراهيمية أن الله أنزل الزبور على داوود والتوراة على موسى والإنجيل على عيسى والقرآن على محمد، وهنا يذهب ذهني سريعًا أن هذا الإله كان مشغولاً جدًا لدرجة أنه طبع أربعة كتب تكتظ بالآيات والأقاويل والقصص الخرافية وأرسل ملائكة وأنبياء وخلفاء وأئمة، ولم يكن لديه وقت ليظهر ويتحدث مباشرةٍ مع الناس أي إله هذا ؟!

لنأتي لصلب الموضوع أن هذه الأديان تتفق فيما بينها على فكرة المكافأة ولا تختلف عليها لأن كل هذه المرويات والسرديات التي لوثت العقول كانت سببها المكافأة ولا زالت فكرة المكافأة مؤثرة ليومنا هذا بالنسبة لمكافأة المسلم فلهُ بيت في الجنة لكن لن يحصل عليه الآن وله جواري وكواعب اترابا وولدان مخلدون وكأسا دهاقا مليئة من خمر الجنة وهذه الأشياء لن يحصل عليها المسلم الآن وإنما بعد الموت في يوم القيامة أي بمعنى وعد الكَمُّون: أواعدك بالوعد واسگيك يا كمون، بالنسبة لمكافأة المسيحي هي الحياة الأبدية وأن يذهب بعد الموت إلى ملكوت الرب ليحصل على المكافأة والملكوت بمثابة مكان مثالي للسلام والراحة اللانهائية بالنسبة للمسيحي، وبالنسبة لمكافأة الهندوسي هي التناسخ؛ يعتقد الهندوس ”بالكارما والتناسخ“ ويعني ولادة المرء مرة أخرى على هيئة إنسان آخر، أو حيوان، أو حشرة، أو نوع من أنواع النباتات، بعد الوفاة تحدد الكارما الهيئة التي يجب على الشخص أن يتجسد بها على حسب أعماله وتصرفاته في حياته ما قبل الموت، هذه التصرفات التي يحكم من خلالها على شخصيته الجديدة، بالنسبة إلى مكافأة البوذي هي الوصول إلى السكينة والخلود والذهاب إلى النيرفانا يؤمن الهندوس بإنتقال روح الإنسان منه إلى جسد آخر، ويرون أن الحياة هي عذاب وأن الموت هو الراحة الأبدية لروح الإنسان، وإذا كانت أفعال الإنسان سيئة فستعود هذه الروح لنفس الجسد وتحرم من الخلود والذهاب إلى النيرفانا (حالة خلو الحياة من المعاناة عند البوذيين) والتي هي حالة الانطفاء الكامل التي يصل إليها الإنسان بعد فترة طويلة من التأمل العميق فلا يشعر بالمؤثرات الخارجية المحيطة به على الإطلاق، أي أنه يصبح منفصلاً تمامًا بذهنه وجسده عن العالم الخارجي.

لنغوص أكثر في عمق الفكرة وننبش فحوى المكافأة وننظر لها نظرةً فلسفية لو أمعنا النظر إلى هؤلاء المتحمسين بكل شوقًا وحماس وإندفاع إلى أديانهم ومعتقداتهم وإيمانهم، سنجد أن جميع هذه الأديان تلتزم بتقديم مكافأة إلى المؤمنين بها وبسبب المكافأة المغرية يلتزم هؤلاء المؤمنين بهذه الأديان ومعتقداتها، إذًا لو كانت هذه الأديان من دون مكافأة هل سنرى هؤلاء المتحمسين ينتمون إلى هذه الأديان ويلتزمون بمعتقداتها؟؛ أنا أعتقد أن الأديان الإبراهيمية والأديان الأُخرى لو كانت من دون مكافأة لطوّحت بمعتقداتها أرضاً ولسقطت سقوطاً مدوي، ولو كانت من دون مكافأة لكان إيمانها خالٍ خاوٍ من كل قوة، وبصورة أدق أن فقدت الأديان عروض المكافأة فقدت قوة الإيمان وأن فقدت قوة الإيمان فقدت قوة السيطرة والنفوذ على الجماهير والعوام والتابعين لها، حينئذ تسقط سطوة النص وهالة القداسة التي تغلفه ويصبح النص الديني غير مؤثرًا لذلك هُم يعتنون بمسألة المكافأة لكي لا يحدث إستفراغ ديني يضعهم في حرجٍ من أمرهم، وحيثما بقت المكافأة بقت الأديان ومتى ما انحسرت قوة المكافأة تبدأ الأديان بالتضعضع والاندثار، إذًا لو قمنا بتجريد الأديان من فكرة المكافأة هل سيبقى وجود للإله؟ وهل استمرارية الدين تعتمد على المكافأة؟ المتدين لا يستطيع أن يرى هذه الأمور لأنه غاطس تمامًا في المكافأة المحشوة في دماغه منذ نعومة أظفاره، والشيء المهم جدًا أن المتدين لم يسأل ولم يبدي أي تساؤلاً عما إذا كانت هذه المكافأة حقيقية أم مزيفة أما أنها مكافأة بشرية صنعها البشر لأن الدين من صنع الإنسان...

الدين خيب ظن البشر لأكثر من مرةٍ فهو أهم أسباب التأخر المعرفي والتقهقر البشري لأنه يسبب إعاقة فكرية وعقلية في عقول البشر فالدين لا يسعى إلى تأمين حياة البشر بقدر استهلاك حياتهم واستعبادهم فهو يقمع الحرية يقمع التفكير يقمع الفلسفة يقمع الشعر يقمع حرية الرأي والتعبير يقمع التقدم يقمع الحداثة والتطور، فالدين برمته لا يحتوي في جوفه فكرًا حديث بقدر احتواءهُ أفكارًا عتيقة مدمرة، لذلك أن معتنقون الأديان لا يرون مشكلة في أن يضحي المؤمن في الحياة من أجل الدين والإله ففي نهاية المطاف هنالك مكافأة في انتظاره حتى لو لم تكون هذه الكائنات رأت المكافأة!



#مهند_صباح (هاشتاغ)       Mohanad_Sabah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في التاريخ العسكري المسيحي الأرثوذكسي
- مصباح التنوير و ظلام الدين ج١
- جهاز مخابرات الله .. أماكن العقاب (ج١)، تاريخ الآخرة ( ...
- المرأة وَ الدين كيف كانت حياة المرأة في المجتمعات العربية ال ...
- وهم الأديان والحياة الآخرة
- مُجازاة الإنسان في مكافأة الأديان (لغز المكافأة)
- الدين والدولة والعقل
- إله الإسلام أبتكر العمليَّة الاستشهاديَّة والجماعات الإسلامي ...
- مصطلحات آلهة و أديان
- فايروسات دينية
- بلهارسيا العراق


المزيد.....




- “TV Toyour Eljanah”‏ اضبطها حالا وفرح عيالك.. تردد قناة طيور ...
- إنشاء -جيش- للشتات اليهودي بدعم من كيان الاحتلال في فرنسا
- بينهم 5 أمريكيين.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل سبعة يهود حاولوا ...
- اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ممتعة لاحلي اغ ...
- لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا ...
- -باسم يوسف- يهاجم -إيلون ماسك- بشراسة ..ما السبب؟
- إسرائيل تغتال قياديا بارزا في -الجماعة الإسلامية- بلبنان
- -بعد استعمال الإسلام انكشف قناع جديد-.. مقتدى الصدر يعلق على ...
- ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة الجديد الحديث على القم ...
- معظم الفلسطينيين واليهود يريدون السلام، أما النرجسيون فيعرقل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند صباح - ما في السماء من أحد أيها البشرية المتوهمة