أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوروى - مائتا عام مرت على اهتزاز عرش القيصر














المزيد.....

مائتا عام مرت على اهتزاز عرش القيصر


عزالدين بوروى

الحوار المتمدن-العدد: 7081 - 2021 / 11 / 19 - 02:30
المحور: الادب والفن
    


بحلول الحادي عشر من شهر تشرين الثاني الجاري، احتفل الأدباء،الكتاب، القراء، العدميون، العبثيون، وكل بؤساء البصيرة بالذكرى المائوية الثانية لميلاد أعظم أدباء روسيا على الإطلاق، إنه فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي.
قبل مائتي عام من الآن، كان عرش القيصر قد اهتز بقصر الشتاء مذعورا من خبر ولادة أحد المتمردين الروس بمدينة موسكو، وكانت حينها رفوف المكتبات الوطنية في جل عواصم أوربا قد اغتبطت بميلاد واحد من جهابذة الأدب، الذين سيغنون مكتبات العالم أدبا وحكمة. كان مقامرو ومعذبو وبؤساء وسجناء روسيا حينها سعداء بمجيء شخص مثل فيودور دوستويفسكي إلى الوجود، طبيب في صفة أديب يداوي جروحهم تارة، ويكشف أغوار نفوسهم تارة أخرى. كان الحادي عشر من نوفمبر من عام 1821 يوما شبيها بميلاد نبي من الأنبياء، لقد كانت البداية الأولى لأول نبوة في مجال الأدب، نبوة سيحمل رسالتها طفل روسي صغير اختاره القدر أن يكون عراب الأدب الروسي على مر الأزمنة.
مع توالي السنون واشتداد عضده، بدأت الأفكار الاشتراكية تؤثر على فيودور دوستويفسكي، كما أن انحيازه للكداح والمفقرين سيجني عليه العديد من المشاكل، خصوصا في علاقته بالنظام القيصري الروسي الجائر آنذاك. و قد كان فيودور دوستويفسكي عضوا برابطة بيتراشيفسكي السرية، و كانت تعقد اجتماعات هذه الرابطة كل جمعة بمنزل الصحفي ميخائيل بيتراشيفسكي. دوستويفسكي سيلتحق بدائرة " بالم دوروف" المنشقة عن "دائرة بيتراشيفسكي" . وقد ذكر الناقد الادبي الأمريكي هارولد بلوم أن سبب هذا الإنشقاق كان بدعوى أن دائرة بيتراشيفسكي لم تعد تهتم بالشأن السياسي، بل اكتفت فقط بمناقشة المواضيع ذات الصبغة الأدبية أو ما له علاقة بالموسيقى.
فيما بعد، سيعلن القيصر نيكولا الأول حظر كل الجمعيات الأدبية والثقافية السرية واعتقال أعضائها، وسيتم اعتقال ميخائيل بيتراشيفسكي وباقي الأعضاء، منهم فيودور دوستويفسكي الذي سيتم توقيفه واعتقاله في الثالث والعشرين من نيسان/أبريل من عام 1849 داخل منزله بسان بيطرسبرغ. سيتم النطق بحكم الإعدام في حق دوستويفسكي وباقي رفاقه، ليخفف الحكم عليه في آخر اللحظات، ليتحول الحكم من الإعدام إلى عشر سنوات، سيقضي منها أربع سنين من الأشغال الشاقة، وست سنوات بالمنفى في سيبيريا.
بعد كل هذه السنون من الأعمال الشاقة وكل أشكال التعذيب التي تلقاها، سيعمل فيودور دوستويفسكي على ترجمتها إلى أعمال أدبية ستظل خالدة إلى أبد الآبدين. أظهرت بعض أعماله جانبا من حجم التعذيب الذي تلقاه بالمنفى(حلم العم نموذجا) في حين عكست باقي الأعمال الأدبية الأخرى علو كعبه في سبر أغوار الذات البشرية، وقدرته الفائقة على الغوص في دواخل الإنسان. إضافة إلى كل هذا، فإن دوستويفسكي يمتلك قدرة رهيبة على زعزعة ذهن القارئ واللعب على وتره الحساس. أعماله الأدبية تجعلنا نتوقف كل لحظة ونتساءل: هل دوستويفسكي يعرفنا؟ هل يتحدث عنا؟ . دائما ما يجد القارئ نفسه كشخصية من شخصيات دوستويفسكي، مرة كمراهق، ومرة كأبله، ومرة كرجل مضحك، ومرة كمقامر، ومرات عديدة كفيلسوف يطرح الأسئلة الوجودية بكل تلقائية:" هل تعلم يا سيدي الكريم ما معنى ألا يكون للإنسان مكان يذهب إليه؟" . إن دوستويفسكي مستشفى لكل المرضى العاطلين عن الحياة، وكل أولئك الذين أتعبهم طرح الأسئلة، وفي الآن نفسه هو الطبيب الوحيد والأوحد لكل هؤلاء. لقد تحدث في كل شيء وعن كل شيء: الله، الإنسان، الحب،الجمال، الحياة، والموت. بعبارة أدق، إنه الكاتب الذي تحدث عما نخشى نحن التفكير فيه، غرد خارج السرب، طالقا العنان لمخيلته للتفكير في كل شيء، دونما قيد أو شرط.
في مقال بمجلة "ايستوغيا" الفرنسية نشر في شهر نوفمبر من عام 1971 بمناسبة مرور 150 عاما على ميلاد فيودور دوستويفسكي تحت عنوان : " دوستويفسكي، سجين الحرية" أعده الكاتب الفرنسي جورج ريير الذي قال في افتتاحية المقال ما يلي:
-" لقد مرت مائة وخمسون سنة على ميلاد دوستويفسكي بموسكو.أليس هو أكبر عمالقة الأدب الروسي؟ وواحدا من أكثر الذين نالوا حظا كبيرا من التعذيب. لقد عاش في عالم من نار يتقاطع فيه لهيب جحيمه من جهة، وأنوار رجل حالم من جهة ثانية. لقد نال أشد أنواع التعذيب، مرة كسجين، ومرة كمريض بالصرع، ومرة أخرى كمقامر. لكن حساسيته المرهفة مكنته من التعرف على الإله في لحظات سموه وتعاليه".
و أخيرا، وبعد سنين عديدة من العمل على إغناء مجال الأدب وإتحافه بأعمال ستكرس نفسها من خالدات الأدب العالمي، كان دوستويفسكي قد ترجل عن صهوة جواده في التاسع والعشرين من كانون الثاني عام 1881، ونام نومه الأخير وإلى الأبد، ببيته بسان بيطرسبرغ.
ليرحل عراب الأدب العالمي، تاركا وراءه إرثا أدبيا خالدا.



#عزالدين_بوروى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السير بخطى ثابتة نحو الهاوية/ نسخة معدلة من المقال السابق
- السير بخطى ثابتة نحو الهاوية
- تأهيل للقراءة بالنسبة لأشباه القراء
- قرية أبريل/ علي عبدوس
- خاوة-خاوة
- انتصار على السيورانية
- اليسار باقٍ مادام التناقض قائما...
- الله ذلك المجهول


المزيد.....




- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوروى - مائتا عام مرت على اهتزاز عرش القيصر