أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوروى - السير بخطى ثابتة نحو الهاوية















المزيد.....

السير بخطى ثابتة نحو الهاوية


عزالدين بوروى

الحوار المتمدن-العدد: 7011 - 2021 / 9 / 6 - 20:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ونحن نتابع بأسف شديد المرحلة الكارثية التي وصلها المشهد السياسي المغربي، والسواد الأعظم الذي غطى عالم السياسة ، والنفق الضيق الذي يخطوه شعبٌ بكامل إرادته،غير متطلع لما يمكن أن يصادفه بعد هذا النفق. تأتي العملية الانتخابية مرة أخرى لتكشف أن الشعب المغربي شعبٌ يعاني من الزهايمر، ولتؤكد مرحلة الانتخابات أن الشعب الذي كنا بالأمس القريب نقول عنه أنه أصبح يمتلك وعياً طبقيا يؤهله للتعليق على المشهد السياسي والمشاركة في اللعبة السياسية بالبلاد أو مقاطعتها ، لكن على مرأى الجميع تم تفنيد كل هذه التنبؤات، وتأكد أنها أقرب إلى الهذيان. إننا نعيش عَوْدًا أبديافي عالم السياسة يتكرر كل خمس سنوات. إن الشعبَ الذي يستفيد من أخطاء الماضي هو شعب يجني على نفسه الويلات، هو شعب يحفر قبره بكلتا يديه. شعبنا المغربي يعاني من الخَرَف كما قلت سابقا، فكيف نسي/تناسى الماضي السياسوي لأحزاب إصلاحية وأخرى رجعية ساهمت بطريقة أو بأخرى في إعداد مقبرةٍ جماعية له. هل نسي بالفعل المخططات الطبقية التي أثقلت كاهله في السنوات التي مضت! هل شعبنا الذي يطبل الآن لأحزاب سياسية معينة يعي حجم الكارثة التي ستجتاحه خلال قادم الأيام؟ هل نحن حقا شعبٌ لا يستحيي؟
توالى الزحف على مكتسبات الشعب المغربي خلال السنوات التي خلت من تعليم وصحة وغيرها من المجالات التي كان لزاما على الشعب نفسه أن يتصدى لها قبل أن تضع الحرب أوزارها، لكن المال لعب دورا مهما في تكميم الأفواه ومنع كل من كانت في نيته مثقال ذرة من التغيير. إن المالَ غيَّب مادة الشعب الرمادية، ولا يزال يخدره في كل مرحلة نحاول من خلالها القول أن الشعب سيقول كلمته.
إن الشعب الذي ينتخب الفاسدين ، وهو يعلم أنهم فاسدين، هو شعب مشارك في الجريمة (جورج أرويل بتصرف). فالشعب يعي جيدا أن الحكومات المتتالية لم تزده إلا فقرا وتهميشا بسبب انتخاب رجال مفسدين كل خمس سنوات، أو دعاية غالبية الناس للتصويت على أحزاب معينة. قد يقول قائل أن الطبقة الكادحة تشارك في الحملات الانتخابية للحصول على دراهم بخسة، وفي نيتها أن انها لن تصوت كون الانتخابات مسرحية وأن كل المنتخَبين برغماتيين لا غير! هل يمكننا قبول هذا الفهم، رغم أنه فهمٌ في ظاهره صحيح يظهر وعيا طبقيا ناقصا؟ هذا ما سأجيب عنه، لكن قبل ذلك وجب علينا أن نحدد معنى "الطبقة الكادحة" كي لا يكون حكمنا على الشعب جلدًا لا نقدا.
إن الطبقة الكادحة نقصد بها على العموم النشطين من أعضاء الشعب (القاعديين أو غير المسؤولين) الذين يقومون بعمل ملموس(يدوي أو ذهني أو هما معا) ،منتج،أو مساهم في الإنتاج الإجماعي لعموم الشعب، ويعيشون في منتوج عملهم هذا. دون أن يستغلوا قوة عملهم كغيرهمو. وهم عموما غير مالكين لوسائل الإنتاج ...(طبقات المجتمع/ع.الرحمان النوضة). انطلاقا من هذا التعريف نأتي لنتساءل: هل الطبقة الكادحة التي تحفر قبرها بيدها ، وتدعو غالبية فئات المجتمع للتصويت لصالح أحزاب ساهمت في تفقيرها سنوات طوال يمكن أن نعتبرها طبقة كادحة واعية؟ هل الطبقة الكادحة التي تساهم ـبوعي منها أم بغير وعي ـ في خراب المجتمع وعقم العمل السياسي بالبلاد يمكن أن نسميها طبقة كادحة؟ هل يمكننا أن نصنفها ضمن خانة البروليتاريا؟ لكن أي نوع من البروليتاريا؟
تاريخيا، كانت الطبقة البروليتارية في روما القديمة تتكون من الناس الأحرار والفقراء الذين لا يملكون أرضا، لنركز أكثر على عبارة "الأحرار" ، فالبروليتاريا كانت طبقة تتكون الأحرار لا العبيد، وبالتالي فالأشخاص الذين يساهمون في تعبيد الطريق للمفسدين لا يمكن إدراجهم ضمن خانة البروليتاريا أو خانة الأحرار.
في الأدبيات الماركسية، تم تعريف طبقة البروليتاريا بأنها طبقة العاملين بأجر معين،الذين يعملون في الإنتاج الصناعي ويحصلون على دخلهم من بيع المنتجات الناتجة من قوة عملهم. أما عن فئة البروليتاريا الرثة،فقد كان الرفيق فريديريك إنجلز من الأوائل الذين تحدثوا عن هذه الشريحة الإجتماعية في الأدبيات الشيوعية. تحدث يوما في خطاب من خطاباته قائلا: وهكذا نجد هؤلاء الناس يعهِّرون أنفسهم بطريقة أو بأخرى،يتوسلون ،ويكنسون ،يقفون على الزوايا،بالكاد يبقون على الروح في الجسد، بأعمال صغيرة متقطعة، باعة متجولون لشتى البضائع التافهة".[خطاب لفريديريك إنجلز في إيلبرفيلد بألمانيا يومه الثامن من فبراير 1845]
وقد ذكرت عبارة "البروليتاريا الرثة" أول مرة في مؤلف ماركس وإنجلز في المؤلف الضخم "الأيديولوجا الألمانية" ،كما ذكرها إنجلز مرة أخرى في كتابه "المسألة الدستورية في ألمانيا" :
[ويلاحظ بأن البروليتاري الرث يقاتل بقبضتيه العزلاوين في المشاجرات بين البرجوازية ،والنبلاء،والبوليس].
وفي مقدمة لكتاب "حرب الفلاحين في ألمانيا" يلخص إنجلز موقف الشيوعيين من حثالة البروليتاريا (البروليتاريا الرثة) قائلا:" حثالة البروليتاريا التي تمثل نفايات من العناصر المتفسخة أخلاقيا ونفسيا من جميع الطبقات،والتي تتركز بصورة رئيسية في المدن الكبرى،هي أسوأ جميع الحلفاء المحتملين. إن هؤلاء الأوباش مأجورون كليا ومزعجون أشد الإزعاج بلجاجتهم. وإن أي زعيم عمالي يستخدم هؤلاء الأوغاد حرسا له أو يعتمد عليهم، يثبت بهذا وحده ،أنه خائن للحركة".
مما سبق نأتي لنؤكد أنه من الصعب تفييء طبقة الشعب المغربي التي تحفر قبرها بيدها، وهي تعي أن مشاركتها في الدعاية للتصويت لصالح أناس نهبوا "البلاد والعباد" لسنوات طوال ماهي إلا مشاركة في جريمة سيؤدي كل المغاربة ثمنها في قادم السنوات، لكن هؤلاء الذين يساهمون في هذه العملية يمكن إدراجهم في خانة "البروليتاريا الرثة" التي تدافع عن الذين يشترون ذممها بأبخس الأزمنة؛ أي أنها تدافع عن الطاغية وتحارب كل من حاول أن يُعبّد لها طريق الحرية وطريق المشاركة السياسية الفعالة التي من شأنها أن تدفع بعجلة التقدم إلى الأمام.
إن دعوة الشباب إلى ممارسة السياسة لم نكن نقصد بها الإرتماء في أحضان الأحزاب التي بخست من قدر الشعب المغربي وأهانت كرامته لسنوات طوال، إننا نعني الممارسة السياسية الواعية والمسؤولة، وليس التطبيل لصالح الحزب الفلاني أو العلاني الذي يحاول أن يوهمنا ببناء مغرب شبيه بالمدينة الفاضلة. أقولها وأكررها، ما دامت العملية الانتخابية تتم بشكل لاديمقراطي ولامسؤول وتكرارها كعملية فارغة من دون محتوى كل خمس سنوات، دونما نية في تغيير الوضع القائم، فلا يمكننا أن نتحدث عن الغاية ما دامت الوسيلة تتم بشكل بيرقراطي. والشعب بشبابه وشيايبه الذي ينتخب من يملك أعلى رصيد بنكي، هو شعب لا يستحيي، هو شعب مشارك في الجريمة، ومسؤول عن وضعه الذي يعيشه آنيا، والذي سيحياه فيما بعد.
لم أكتب هذه الأسطر بغرض جلد الشعب الذي أنتمي إليه، لكن أسفي وخوفي من الهاوية التي سنهوي إليها كلنا هي التي دفعتني، كشاب يعتز بمغربيته، إلى تنبيه كل من يساهم في تخريب وطن بأكمله. هذه الأسطر ليست دعوة لمقاطعة الإنتخابات كون أن التصويت حق يكفله الدستور، ومن حق كل واحد أن يصوت ويمارس السياسة بكل حرية ، وإنما هي دعوة للمشاركين في العملية بالتريث قليلا وإعمال العقل واستحضار حاسة النقد والقدرة على قول كلمة الحق في حق من ساهم في تكريس الأمية والجهل والفقر عبر كل هذه السنين، مع ضرورة تذكير كل الذين ساهموا بالرمي بنا في مستنقع لن نخرج منه إذا لم يكن لنا وعي وحس من المسؤولية يؤهلنا لانتقاد كل ما يمكن انتقاده فور حدوثه. أما أن نصوت وندعوا الأغلبية للمشاركة في العملية الانتخابية بمقابل مادي معين غبر مكترثين بما يمكن أن يترتب عن هذا الفعل من ضرب في مصلحة الشأن العام والرجوع للوراء عوض التقدم نحو الأمام. وهذا الأخير لن يتأتى ما دمنا نثني على الذين خربوا أوطاننا ونبارك لهم أعمالهم بمجرد أنهم اعطونا دراهم بخسة خلال فترة الانتخابات. لكن لماذا لا نحمل المسؤولية للذين ساهموا بكل الأشكال في كل هذه الأوضاع الكارثية التي وصلنا إليها؟ هل الخوف؟ هل القمع؟ وهل هو قدرٌ حتم علينا أن نشاهد دون تعليق؟ لماذا نثني على كل من نصوت لأجلهم ونبارك لهم أعمالهم ،بل نساعدهم في حملاتهم الانتخابية، ونروج لهم برامجهم الحزبية، وندافع عنهم أمام الملأ بجبهة عريضة، وبعدها نتهمهم بأبشع التهم، ونحن من أعطاهم شرعية تمثيلنا؟ أ لسنا منافقين؟ أ لا نستحيي؟
صدق الشاعر العراقي أحمد النعيمي حينما قال "نحن شعبٌ لا يستحيي.
مجمل الحديث، إن المرحلة التي وصل إليها الشعب المغربي مرحلة خطيرة جدا، حيث أصبح هو نفسه يلعب دور الجلاد في علاقته بمن يحاول أن يُعَبِّدَ له طريق الحرية، لقد أصبح يدافع بكامل إرادته عن الساسة الذين همشوه وساهموا في الضرب بعصا من الحديد في كرامته، والأخطر من كل هذا أنه أضحى يحارب من يحاول أن يرده إلى السكة الحقيقية.
هل وصلنا لمرحلة يجب أن نحاكم فيها الشعب، بدل أن نحاكم من ساهم في تهميشنا والرمي بنا إلى مزبلة التاريخ؟
لا أتمنى ذلك.

ب.س(أتمنى أن يتدارك الساسة أخطاءهم ويعملوا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان،فما يحركنا إلا غيرةٌ على وطن أثقلناه خيبات، ولا نريد أن يثقلنا بمزيد من الأوجاع).
٦ شتنبر ٢٠٢١



#عزالدين_بوروى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأهيل للقراءة بالنسبة لأشباه القراء
- قرية أبريل/ علي عبدوس
- خاوة-خاوة
- انتصار على السيورانية
- اليسار باقٍ مادام التناقض قائما...
- الله ذلك المجهول


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوروى - السير بخطى ثابتة نحو الهاوية