|
مقالات في تاريخ الأردن -1-
أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني
(Ashraf Dabain)
الحوار المتمدن-العدد: 7080 - 2021 / 11 / 17 - 16:54
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
يقولون أن الروم كانت دولة احتلال لمنطقتنا، وهذا تحليل تاريخي لا يبتعد كثيرًا عن الحقيقة، فالروم أو بيزنطة "وريث الرومان" والذين غزو العالم القديم، وأخضعوا مساحات شاسعة منه بحكم القوة وخصوصًا حوض البحر الأبيض المتوسط، لكن لم يقم حكم روما وبعدها القسطنطينية على إبادة أو مسح ممالك عن الوجود، بل عملوا على تحويل الممالك والدول الموجودة إلى دول تابعة لحكم روما ثم القسطنطينية. نعم الروم لم يكونوا أهل البلاد الأصليين لكن امتداد الإمبراطورية الرومانية لمنطقتنا قبل الميلاد أدخل لهذه الأراضي الشاسعة للثقافة والحكم السياسي والإقتصادي الروماني لا بل وحتى لأسلوب الفكر والفن الروماني، فتجد تأثير روما وصل لكل الممالك التي أخضعتها روما. لكن دعني أيها القارئ أًذكرك أننا نتحدث عن مقدمة لما أرغب بطرحه في هذا المقال، وليس المحور الأساسي للمقال. فإذا اعتبرنا أن الروم دولة احتلال فلماذا يقال أن الكنيسة الأثرية الفلانية كنيسة بيزنطية؟ مع أنه قد يكون قد بناها وتبرع بها وأدارها أهل المنطقة التي أُقيمت فيها. هنا لا بد من التوضيح أن الكنائس صُنفت حسب البناء والتبعية الطائفية وقتها ولم تُصنف حسب القومية. نعم ارتبطت الأرثوذكسية بالروم فأصبحت الأرثوذكسية قومية طائفية، بينما ارتبطت اليعقوبية بالسريان والأرمن والأقباط والعرب فكانت اليعقوبية أيضًا صفة للقومية الشرقية المناهضة للقومية الأرثوذكسية الرومية، وكذلك الآشورية في العراق مع بعض الخلاف العقائدي! مع أن جميعها تسمّيت بالأرثوذكسية. إذا لماذا لا يقال عن كنيسة أثرية أنها على النمط البيزنطي... كنيسة على النمط القبطي... كنيسة على النمط القوطي... اذا أردنا أن نصنف الكنائس من حيث أسلوب بناء والطقوس التي تجري فيها. أو أن نقول كنيسة رومية أو كنيسة قبطية أو كنيسة آشورية اذا أردنا أن نتحدث عن تبعية الكنيسة في إيمانها وعقيدتها لكرسي ما. سؤال ذا بعد تاريخي: بعد أن أندثرت مملكة الأنباط في بلادنا هل أصبحت هذه البلاد تعج بالروم دون غيرهم؟ ما عددهم نسبةً للعرب في جنوب بلاد الشام وأوسطها؟ أو السريان في شمال بلاد الشام وسواحلها؟ أو الآشوريين في شرق بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين؟ واذا كان الأمر غاية في الصعوبة حصر هذا المكان الواسع فلنقل أقلها في الأردن. الكتب التاريخية لا تحدثنا بإسهاب عن هذه الفترة كثيرًا لكن الرومان كانوا يحكمون وبالتالي فوجودهم مؤكد ولكن هل كانوا يمثلون أغلبية أو أقلية؟ قد يكونوا جنود وتجار وأثرياء وحجاج والبعض منهم سكان مقيمون، لكن لستُ من مؤيدي القول أن المنطقة كانت خالية منهم، فإذا كانوا دولة احتلال في الفترة الرومانية الوثنية وفي الفترة البيزنطية فماذا حدث للأنباط على سبيل المثال؟ تُشير المصادر التاريخية بأن الملك رب إيل الثاني هو آخر ملوكهم وانتهت مملكتهم في سنة 106م حيث أرسل الإمبراطور تراجان حملة اُحتلت فيها البتراء دون مقاومة، وبسقوطها انتهت دولة الأنباط وأصبحت ولاية رومانية، وجزءًا من المقاطعة العربية التي أنشأها الرومان في الطرف الجنوبي من سورية للحماية من هجمات البدو. لكن من حل مكان الأنباط؟ تُشير المصادر ذاتها بأن ممالك أو قبائل عربية أخرى تابعة للروم حلت مكانهم. البعض يسمونهم اللخميين وهم من قبيلة نبطية تسمى تنوخ والتي منها اللخميين حكام الحيرة والغساسنة حكام الأردن وجنوب سوريا، بينما تُشير بعض المصادر القليلة إلى أن المنطقة كانت تقطنها قبائل “الضجاغمة” ومنهم أمير شديد البأس اسمه عمرو بن الهبولة لكن مصادر أخرى ترى ابن الهبولة غساني (سيرة ابن هشام)! بينما يراه آخرون ملك من ملوك سليح ( جمهرة النسب لهشام الكلبي). يجدر الإشارة إلى أن الأردن وجنوبي سورية كانتا تقعان ضمن سلطة سليح، وكان الروم قد ولوا "الضجاغمة" من آل سليح القضاعيين على تلك البلاد والضجاغمة جدهم ضجعم، وكانت ديار قضاعة في المناطق الواقعة بين جبل الشيخ وجبال فلسطين والبلقاء والغور والعقبة وجبال الكرك، فرض الضجاعمة ضرائب على الغساسنة مما أثار فيما بعد خلافات أدت إلى حدوث معارك انتهت لصالح الغساسنة وتولوا حكم ما كانت تتولاه سليح، وآل سليح بدورهم كانوا قد تغلبوا على تنوخ الذين سبقوهم. أخيرًا للأمانة العلمية فإن هذا المقال بحاجة لمزيد من الدراسة والبحث العلمي كون المصادر والمراجع التي تتحدث عن سكان الأردن في الفترة من القرن الأول الميلادي حتى القرن الثالث الميلادي نادرة وقليلة ولكن لنعتبر هذا المقال نقاط للدخول في بحثٍ لاحق يكون أكثر عمق ومنهجية خصوصًا أن النقوش في جنوب وشرق الأردن التي تم دراستها ويتم دراستها حاليًا من قبل خبراء الآثار – وهي كثيرة جدًا بالمناسبة – قدمت وستقدم كم هائل من المعلومات القيّمة.
#أشرف_عبدالله_الضباعين (هاشتاغ)
Ashraf_Dabain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدل تاريخي حول منطقتنا -الجزء الأول
-
اللحم ومشاهده المؤثرة
-
الثورة المجيدة
-
كش مسؤول
-
فِتَن بالجملة - بيان أمانة عمان المأزوم
-
نصٌ قصيرٌ ٢
-
نصٌ قصير (1)
-
السخرية وعدم المبالاة
-
بالشقلوب
-
في اليوم العالمي للمتاحف – التجربة العربية- الجزء الرابع وال
...
-
في اليوم العالمي للمتاحف – التجربة الأردنية/ الجزء الثالث
-
في اليوم العالمي للمتاحف - الجزء الثاني
-
في اليوم العالمي للمتاحف - الجزء الأول
-
التنوير... مهنة لا مهنة له
-
التراث اليهودي في القدس حقيقة أم وهم
-
جائزة الموظف المثالي في القطاع العام الأردني: الفجوة والتطلع
...
-
اليهود والأوروبيون
-
الهيكلة وإعادة الهيكلة في المؤسسات
-
أهمية مجالس الأدب
-
حين تقف في وجه نفسك
المزيد.....
-
أردوغان: نرحب باتفاق وقف النار في غزة
-
احتفالات اتفاق غزة بين الفرح وترقب التنفيذ
-
شاهد كيف كان قطاع غزة قبل الحرب الإسرائيلية وكيف اصبح؟
-
في مشهد مؤثر.. أهالي غزة يبكون فرحًا بعد الموافقة على اتفاق
...
-
قطاع غزة.. حذر وترقب رغم الاتفاق
-
لندن تقر بدعم إسرائيل في حرب غزة
-
مشاركة روسية بمنتدى الطاقة الإماراتي
-
خبراء: قطاع غزة بات غير مؤهل للعيش فيه خلال الـ 40 سنة القاد
...
-
أكثر من 80 قتيلا في غارات إسرائيلية على غزة رغم إعلان التوصل
...
-
رئيس وزراء قطر من دمشق: الدوحة ستزود سوريا بما قدره 200 ميغا
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|