أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - صفقة في صالة قسطرة-قصة قصيرة














المزيد.....

صفقة في صالة قسطرة-قصة قصيرة


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 7078 - 2021 / 11 / 15 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


صفقة في صالة قسطرة
قصة: ماجد الحيدر


لم يكن كبيرا في السن، عمره لا يتجاوز الخامسة والأربعين. لكنها الجينات اللعينة التي جعلتهم يتناقلون أمراض القلب جيلا بعد جيل. لا ليس ذلك فقط، بل هو ذل الحاجة والحرمان الذي يثقل على قلوبهم ولا يفارقهم يوماً.
إنه لا يخاف الموت لكنه لا يريد أن يموت الآن، فلديه مسؤوليات جسام، أطفال في المدرسة وزوجة وأم وأب عجوزين عليه أن يقيم أودهم.
فجأة أحس بألم فظيع في الصدر والذراع الأيسر. سارع ابنه الكبير الى ايقاف سيارة أجرة ونقله الى المستشفى العمومي. نظر الطبيب الشاب بقلق الى تخطيط القلب الذي أجروه وسمعه يهمس الى زميله: جلطة قلبية. ثم التفت الى الولد الذي اصفر وجهه واستطاع بالكاد أن يقف على قدميه وقال له:
- الى الطابق الأول، إنعاش القلب، بسرعة.
أعطوه أبرة بالوريد فخف الألم وأغلق عينيه. أفاق بعد وقت لا يعرفه وأفرغ كل ما بمعدته في سلة النفايات التي بجانب سريره، نظر في وجوه من حوله فأدرك بشكل غائم أنهم ابناؤه وبناته وزوجته، ثم غاب عن الوعي مرة ثانية.
- عال عال (قال أخصائي القلب الشهير الذي سبق أن راجعه في عيادته الخاصة لألم بسيط يعتري صدره عندما يتعب) حمدا لله على سلامتك. خوفتنا عليك يا رجل. لكنك عبرت مرحلة الخطر.
ثم كتب بعض الكلمات في أوراق الحالة ومضى يتبعه اثنان من الأطباء المتدربين. بعد يومين أخذت حالته بالتحسن وإن كان يشعر بثقل يجثم على صدره. زاره الطبيب مرة أخرى وقال وهو يخاطبه ومن معه من أهله:
- كانت جلطة قوية. نجوت منها باعجوبة. لكنني بصراحة غير مطمئن على وضعك. ينبغي إجراء قسطرة سريعة.
...

كان أكثر عجزا من أن يعترض، استسلم في خجل للممرضة البدينة التي خلعت لباسه الداخلي وراحت تحلق اسفل بطنه. وضعوه في النقالة وأنزله الى صالة القسطرة.
- هل تشعر بالخوف؟
سأله الطبيب.
- لا أبدا؟
- عظيم. سنعطيك مخدرا موضعا بسيطا ثم نفتح فتحة بسيطة بين الفخذ والعانة لندخل الاسلاك ونرى ما بك. إطمئن، لن تشعر بشيء. يمكنك أن تنظر الى هذه الشاشة وتراقب ما يجري.
نظر الى الشاشة فلم تظهر له سوى بعض الخطوط والنقاط غير المفهومة التي تظهر وتختفي فأشاح وجهه وراح ينظر الى السقف.
- مع الأسف (قال الطبيب) لديك شريانان مسدودان تقريبا. ستحتاج الى زرع شبكتين، أوكي؟
- افعل ما تراه مناسبا يا دكتور.
- لحظة واحدة.. آها! لقد انفتح الشريانان. انظر الى الدم الذي يجري فيهما.
كانت مئات من النقاط السود مثل النمل تجري من مكان لآخر على الشاشة، وأحس من فوره بارتياح كبير في صدره.
- والآن. حان وقت وضع الشبكتين. يتوفر لدينا نوعان من الشبكات، نوع ألماني ونوع هندي. أيهما تفضل؟
- ما الفرق؟
- الألمانية بألف دولار للواحدة والهندية بثلاثمئة.
- ضع لي أرخص شيء!
نظر اليه الطبيب في دهشة وأسى ثم قال:
- أوكي. كما تحب. الهندية أيضا جيدة على كل حال.
...

بعد نصف ساعة أخرجوه كي ينقلوه الى غرفة العناية الفائقة.
- حالته الآن ممتازة. لكنه سيحتاج الى البقاء هنا ليومين آخرين. (خاطب الطبيب زوجته المنتظرة وراء باب الصالة) لقد كتبت له على ابرة مانعة للتخثر. يجب أن يأخذها خلال ساعات. إنها متوفرة في صيدليات العاصمة لكن سعرها مرتفع قليلا، حوالي مئة دولار.
- شكرا يا دكتور. جازاك الله خيرا وحفظك من كل مكروه.
والتفتت الى ابنها:
- أسرع يا ولدي. خذ هذه الأساور الى الحاج فاضل الصائغ. سلم عليه وقل له أمي تريد بيعها. انها تساوي أكثر من سبع مئة دولار. أحمد الله على أننا لم نبعها حتى الآن!
وكان قلبها يرفرف من الفرح.



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير صحفي عن السيد امرئ القيس - قصة قصيرة
- اللص الذكي - حكاية من التراث الصيني
- ترنيمة آنا دستوفسكايا
- من الادب الساخر- ليش ما تصير بعثي
- أعدني الى صباي
- اعتذارات متأخرة
- إنه الماضي .. أليسَ كذلك ؟
- عن البنات الحلوات.. هاي راح تفتح لي الباب!
- من الشعر الكردي المعاصر-ماذا تريدون-ديار أردني
- أنا الشعب، أنا الرعاع
- الخروج من الكادر
- هل يجب على الشاعر أن يكون ناشطا سياسيا؟
- هايكوات الخريف
- شِدّتها أول خمسين سنة
- التسويق يا غبي - مقالة في الشهرة الادبية
- مشروع أم مؤامرة أم مخطط؟
- الرجل العجوز الجالس في الشمس
- يوم عثر بشار على أمه
- نشيد الى النفط
- توقف أيها الأحمق، إنك تدوس على ظلي


المزيد.....




- “شو سارلك يا لولو”.. استقبل تحديث تردد قناة وناسة أطفال 2024 ...
- أحمد حمدي يخطف الأنظار بشخصية -حنظلة- الكاريكاتيرية
- شيخ الأزهر يغرد باللغة الفارسية تضامنا مع إيران
- نجم الغناء ديدي كومز يعترف بالتعدي على صديقته السابقة كاسي و ...
- “القط والفار مشكلة” تردد قناة توم وجيري Tom and Jerry لمتابع ...
- فنانة سورية شهيرة ترد على فيديو -خادش- منسوب لها وتتوعد بملا ...
- ينحدر صُناعها من 17 بلدا.. مؤسسة الدوحة للأفلام تعلن 44 منحة ...
- المغربي أحمد الكبيري: الواقعية في رواياتي تمنحني أجنحة للتخي ...
- ضحك من القلب مع حلقات القط والفار..تردد قناة توم وجيري على ا ...
- مصر.. الأجهزة الأمنية تكشف ملابسات سرقة فيلا الفنانة غادة عب ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - صفقة في صالة قسطرة-قصة قصيرة