أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - في ذكرى فنان عظيم














المزيد.....

في ذكرى فنان عظيم


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 7078 - 2021 / 11 / 15 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


كانت مدينة ملاهي الكويت في ذلك اليوم الربيعي مكتظة بالأطفال والأهالي ، تزهو بألعابها، وتنبعث من اقسامها العديدة موسيقي عالية ... توقفت مع أولادي الثلاثة في قسم لعبة "الإنزلاق" المائي ... الإنزلاق فوق سطح الماء الجاري عبر قناة طويلة على درجة عالية من الارتفاع تتدفق منها أصوات المياه ، وهي تنحدر من علٍ كانحدار السيول الهادرة ... دخل أطفالي الثلاثة هذا القسم ، انضموا الى صف طويل من الاطفال بانتظار دورهم للصعود على سلم الى أعلى نقطة في القناة ... يتوالى عادة حشد الاطفال في هذا القسم ، تمتلئ القناة بهم ، ينزلقون فيها على إيقاع اصواتهم العالية ممزوجة بصوت جريان كميات ضخمة من المياه .
طالعت عن بعد أولاد ي وهم ينتظرون دورهم للصعود إلى أعلى القناة ، وجدتهم يتجاذبون اطراف الحديث مع أطفال يقفون على مقربة منهم … في تلك اللحظة توقف بصري عند شخص كان يقف على مقربة مني ، عرفته لتكرار ظهور صورته في وسائل الاعلام العربية ،إنه ناجي العلي ،الذي كنت أحمل صورته في ذاكرتي لإعجابي بفنه ،ولتقديري الكبير لجرأته في التعبير عن مواقفه الوطنية... اقتربت منه ثم حييته بتحية فبادلني التحية باحسن منها … انتقيت كلمات قلتها له تتناسب مع لقائي بفنان فلسطيني كبير ، عبرت له فيها عن إعجابي برسومه الموشومة بالحرارة والصدق والمعاني الوطنية السامية .
هكذا تعرفت عليه بالمصادفة … تجاذبنا أطراف الحديث ، علمت منه انه يزور مع أولاده مدينة الملاهي بين الحين والحين في عطل نهاية الاسبوع … أسعدني وهو يحدثني عن أهمية الألعاب في حياة الاطفال ، تابعت باهتمام كلماته عن اهمية إدخال السعادة في نفوس الأطفال … كانت كلماته متاّلفة من غير مغالاة مع فهم الفنان الحقيقي للحياة ، ينسجها من منوال محكم الأوصال، وتعبر عن مشاعر انسانية داخلية هادئة ،وعن قرب الاطفال من قلبه وأحاسيسه العميقة .
تطرقنا في حديثنا بحرارة وانفعال شديد إلى أيام ما قبل النكبة في فلسطين ، أعلمني أنه نزح عن فلسطين عندما كان مثلي في العاشرة من عمره ، لديه ولدي الكثير من الذكريات عن أيام الطفولة في فلسطين ، تثير في النفوس البهجة والسعادة ، كان حديثنا عن أيام طفولتنا قبل النكبة على صورة واحدة، عبرنا بها عن لحظات عزيزة غالية تدفء القلوب .
أثرت انتباهه عندما سألته عن قريته الشجرة بالجليل الشمالي ، وهذا هو ما أردت ، حدثني عنها بشغف كبير ، وعاطفة عميقة … وجدتها قابعة في أعماق روحه ، وفي سياق حديثه سألني عن اسم بلدي ، أجبته ان حيفا هي مسقط رأسي ، وقريتي اسمها بُرقة ، تنحدر منها أسرتي وأهلي وأ جدادي .
عندما سمع اسم بُرقة قال لي وقد غلبته نشوة الفرح :
- أهم استاذ من أساتذتي في مدرسة الشجرة من بُرقة اسمه حسين الدسوقي ، لم تستطع الأيام أن تمحيه من ذاكرتي ، إنه ذكرى مهمة من ذكريات وعيي الأول على الحياة الدراسية في سنواتي الباكرة .
أجبته بحماس واضح :
إنه أستاذي ايضا ، علمني بعد النكبة في مدرسة بُرقة ،وهو من أقاربي ، أمه بنت عم والدي وأكن له تقديرا خاصا بين الاساتذة الذين علموني في صغري .
ذكرت له ان استاذنا المشترك كان يحدث طلبته كثيرا عن قرية الشجرة وأهلها ، وعن معركتها التي استشهد فيها الشاعر الفلسطيني الكبير عبد الرحيم محمود ، وكان يكرر على مسمعنا بنغمة واحدة لا تتبدل ، قصيدة الشاعر الشهيد الشهيرة " ساحمل روحي على راحتي "، استطاع بها أ ن يرسخ في نفوس وعقول طلابه قاعدة وطنية صلبة .
أسعدني كثيرا استشعار حياة ايامنا الماضية من ذكرى استاذ مشترك لنا …



للأسف لم أتمكن من إبلاغ أستاذي حسين الدسوقي بأنه ساهم في تعليم تلميذ في مدرسة الشجرة من أعظم رسامي الكاريكاتير في العالم … كان استاذي يعيش في بُرقة ، وانا أعيش خارج الوطن في منافي الشتات ، وعندما زُرت بُرقة في عام 1995 لأول مرة بعد احتلالها ، كان استاذي حسين الدسوقي قد فارق الحياة ...عدم إخباره عن تلميذه ناجي تثير في نفسي حتى الان قدرا كبيرا من الاضطراب .
قبل سنوات قليلة شعرت برغبة للكتابة عن الراحل الكبير ناجي ، ولا أدري لماذا وجدتني أكتب عن حنظلة ، الذي ابتدعه ناجي في رسومه ، واستمر بالتعبيرعن الحقيقة الخالدة لناجي بعد استشهاده ورحيله … بحنظلة نحس بالأثر الذي تركه ناجي كفنان كبير ، وهو أثر يصعب على الباحث ادراك ابعاده وسبر أغواره لأنه الأعمق في تجربة ناجي الإبداعية .
نشرت مقالتي عن حنظلة في كتاب لي صدر عام 2012 عن دار فضاءات في عمان بعنوان " رؤى وتأملات " ونشرتها ثانية في كتاب جماعي صدر عام 2012 في عمان عن دار البيروني والصالون الثقافي الأندلسي بعنوان " نبضك ما زال فينا " بمناسبة مرور 25 عاما على رحيل فقيدنا الكبير ناجي ، شارك فيه مجموعة كتاب وشعراء من محبيه .
نعم ، نبض ناجي ما زال فينا بعد مضي سنوات طويلة على رحيله ، لان ناجي يعبر عن دلالات وطنية ، مؤثراتها في رسومه باقية حتى الآن ، وهذه معجزة فنية لا مثيل لها في مسيرة أي فنان اّخر ، ستتوالى إيحاءاتها في أذهان أجيال كثيرة قادمة الى ما لا نهاية ، ولن تنالها مخالب النسيان .



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا كانت قرية أجدادي هوشيلاجا
- جلال الدين الرومي شاعر الحب والتسامح والسلام
- جورج فلويد
- متحف الذاكرة الحيفاوية
- عندما كنا عربا
- مقتنياتي التراثية...استعادة الذكريات لمحاصرة شبح-كورونا-
- عائدٌ إلى دير ياسين
- المستعربة الإسبانية كارمن رويث برافو عاشقة اللغة العربية
- مقتنياتي التراثية
- أيام الكورونا لا تُنسى
- صدى أيام مضت ... استذكارات في زمن الكورونا
- انطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا
- الألم الفلسطيني في أعمال إميل حبيبي
- تَصَالَحُوا
- تغريبة شعب في بلده
- كَذِبٌ
- لوركا
- البحث عن قصيدة منسية
- الفكر العقلاني عند العرب: ابن رشد أنموذجاً
- رسالة الغفران لأبي العلاء المعري بعيون اسبانية


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - في ذكرى فنان عظيم