أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - مقتنياتي التراثية















المزيد.....

مقتنياتي التراثية


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 6747 - 2020 / 11 / 29 - 14:33
المحور: الادب والفن
    


بدأ اهتمامي بجمع المقتنيات التراثية منذ طفولتي الباكرة، بتشجيع من والدي الذي تشكل شغفه بها في عشرينات القرن الماضي، وقد ورثت عنه بعد رحيله مجموعة ضاعفتها مع مرور الأيام، وأصبح لدي في الوقت الراهن مجموعة كبيرة من المقتنيات التراثية المشغولة من الخشب والزجاج والفخار والفضة والنحاس بالإضافة إلى طبعات صحف أولى ومخطوطات أصلية ومسكوكات نقود قديمة وقطع من السجاد العجمي والحلي التقليدية والمكاحل والزنانير والملابس التقليدية المطرزة على نمط قرى أهل بلدي التي طرزتها الجدات في زمن مضى.
يعود عمر مقتنياتي إلى مئات السنين، وأحدثها اشتراها والدي قبل النكبة من حيفا وقد ورثتها عنه ،تحمل كلها دلالات عربية وعجمية تُظهر نبضاً إبداعياً يتشاكل فيه خيال مبدعيها من الصناع المهرة، ما زالت حتى الآن تحتفظ بوهجها،كأنها صُنعت بالأمس،استطاعت أن تتحمل تغيرات السنين الطويلة التي مرت عليها،لا تغفو أبداً، وأتحامل على نفسي دوماً لإزالة ما يعلق عليها من غبار،ألمسها بعناية فائقة حتى لا تتأثر من خشونة يديّ لأنها بالنسبة لي كائنات حية تتأوه إذا أصابها مكروه، أغني لها في صوت أجش خالِ من النغم، وأقص عليها أجمل القصص التي عشتها معها على مدار أيام طويلة منذ أيام يفاعتي المبكرة حتى أيام شيخوختي التي أعيشها في زمني الراهن على مقربة من الهزيع الآخير من العمر.
عندما أجلس وحدي في صالة عرض مقتنياتي في بيتي،أنظرإليها لساعات بعيني الضيقتين، أدنو منها وأرتشف منها كؤوس شراب الفرح الذي ينقلني إلى زمن مضى،يتدفق منه مجرى لا ينتهي من الذكريات،تُسمعني دقات أجراسها بدء استعراض دورة واسعة من الذكريات ،وأبدأ بتذكر قصة كل قطعة منهاعلى شكل مشاهد ملونة كأنها مرسومة بفرشاة فنان ماهر تتكرر أمامي بين أذرع جدران عالية مبسوطة على اتساع المكان،أشعر وأنا أنظر إليها بشعور رائع لا يوصف كأنني أصعد معها فوق أردنة الغيوم وتحوطني رعاية خاصة لأنني معها، وهكذا تتعاقب المشاهد وألتقط منها بعض المعلومات المتعلقة بها كمكان شرائها واسم بائعها وما أجريته معه من أحاديث في شؤون الفنون والدنيا، أرى كل قطعة ملفعة بمعلومات كثيرة تظهر في صور ملونة تتماوج أمامي أقلبها بكل مضامينها، أسترخي أمامها وأسمع صخباً مدوياً ينبعث منها يذكرني بقديم أيامي، أطلقُ لها العنان وأدفعها لتصطف أمامي، أكشف عن خباياها وأضعها فوق أكتاف عريشة دائمة الإخضرار تتدلى منها قطوف عنب جاهزة للقطف في كل المواسم.
كلما أرى مقتنياتي أضرب على وتر حيفا مسقط رأسي المكان الأثيرعلى نفسي،أراها تمتد أمامي، وأرى الطفل الذي كنت أنا ملصقاً كفي بكف والدي وأسير معه في بطء في شوارع حيفا،كنت أقف معه طويلاً في سوق الأتتيكا نتجول فيه ويشتري فقط من صديقه "أبو أنطون" الذي كان يُعرف من خلال ببغاء كان يضعها فوق كتفه تردد كلامه وإذا أزعجها تنقره برأسه الأصلع،أتذكره كلما أرى بين مقتنياتي مصباح الإضاءة بالكاز الذي قرأت على ضوئه منذ الصف الأول الابتدائي،ما زال متألقاً في بيتي بين مصابيح أخرى كثيرة مصنوعة مثله من مادة الأبولين،لكنه يبقى الأفضل بينها لأنه يذكرني بكتاب راس روس للمربي خليل السكاكيني المقرر على تلاميذ الأول الابتدائي في كل مدارس فلسطين،أسمع أصوات التلاميذ في مدرستي مدرسة البرج وهم يرددون راس روس، أنصت بفرح وفي أحيان أغفو لبعض الوقت وأرخي ذقني على صدري.
بين مشاهد المقتنيات أسمع في رقة صوت والدي وأراه وهو يقلب اللوكس الذي اشتراه من طبريا قبل أن أولد، أنظر إليه بشئ من المتعة الجارفة وأتذكرأماسي حيفا التي كان والدي يشعله فيها ويضيء الساحة المجاورة لبيتنا في أول شارع الناصرة، أستذكر أماسي صاخبة كان يتحدث فيها والدي عن أخطاء القيادات الفلسطينية المتحجرة، ويردد صديقه رشيد الأدريسي أهداف عصبة التحرر الوطني،تلاحقني أحاديث تلك الأماسي كلما أحدق في اللوكس، أزحف إليه بقدمين متعثرتين وأضع أمامي أول عدد لجريدة الإتحاد وأرى والدي أمامي وهو يبتسم بفرح زائد عندما أقول له أنني أكتب في كبري على صفحاتها،أشعر أن انفعالاته تموج بموجات هادئة ويبدو تارة ساكناً ثم اكتشف أن تياراً قوياً يجري في داخله يعيده إلى شاطئ حيفا قريباً من أمواج العزيزية، يقترب منها ويقدم عروضاً مبتكرة للسباحة على طريقته، ويلاحق بضع نوارس كانت قريبة منه ثم ابتعدت عنه حملتها الريح صعوداً إلى أعلى فوق الأمواج المتكسرة على الشاطئ.
كل قطعة من مقتنياتي يرد على ذاكرتي بمشاهدها المثيرة أعيد دوماً كل ما هدأ منها وسكن، وها أنا أقف الآن أمام الفونغراف المنتصب ببوقه الطويل في الزاوية الغربية من قاعة العرض في بيتي،يتجسد في مشهد خاص به يثيرني، يرجعني إلى طفولتي أرى نفسي بجانب والدي وكفي لا يفارق كفه ،أتذكر في هذا المشهد يوم دخلنا محل بوتاجي الشهير في حيفا، وأسمع الآن صدى كلمات البائع وهو يتحدث عن الفونوغرافات التي لديه كانت كلماته تخرج من أطراف شفتيه الجافتين،وكان والدي يستمع له ويحاول الكشف عن خفايا هذه الآلة الساحرة، أما أنا فما زال يثيرني من هذه الآلة علامتها المحددة بصورة كلب مرسوم عليها.وتحته بضع كلمات باللغة الإنجليزية تعني أنه صوت سيده.
اشترى والدي الفونوغراف الذي أحتفظ به حتى الآن،واشترى معه عدة اسطوانات مشهورة شعرت وقتها بفرح عندما وصل الفونوغراف إلى بيتنا، كنت أمسك على عواطفي في شفتي اللتين كانتا في تناوب تعض إحداهما الأخرى، لكنني بعدها عبرت عن فرحي بكلمات معدودة أعجبت والدي عندما سمعنا صوت أغنية شهيرة للفنان المصري سيد درويش " الحلوة دي" كان يطرب لها والدي كثيراً ويهتز طربوشه فوق رأسه وهو يحرك جسمه على إيقاعها يمنة ويسرة، وكنت أنا أشعر بسعادة عندما أسمع كلمة "كوكوكوكو " ثم أسأله ببراءة الصغار" هل الأسطى عطيه هو جارنا"ابو أحمد" فيرد علي وهو يربت على رأسي :" لا يا ولدي إنه صنايعي من عمال أهل الأسكندرية".
قطع كثيرة تذكرني بوالدي وطفولتي الباكرة، أشعر وكانني أعيش أيام كبري في حضانتها؛ تفرحني وتبكيني وتملي عليّ خيالاً ثرياً يعيدني إلى ماضي أيامي في حيفا، عندما كنت أمشي متعثراً على درج عجلون في كل صباح في طريقي من بيتي في وادي الصليب إلى مدرستي مدرسة البرج التي مازالت تتربع فوق تلة البرج حتى الآن، ومازالت أبوابها مغلقة تنتظر رجوع طلابها .
الذكريات تلسعني كالأبر، وتجعلني أحلق بجناحين طويلين في أماكن كثيرة زرتها من قبل واشتريت منها مقتنياتي،أقف الآن وأنظر حولى وأرى الصندوق الدمشقي الخشبي المطرز بصفوف من صدف مرمرة النادرة،أجده يعيدني إلى سوق الحريقة المحاذي لسوق الحميدية في دمشق، وأتخيل صورة "ابو أحمد اللحام" الذي ابتعت منه الصندوق،وهو يغمر رأسه بقبعة مطعمة بخيوط من القصب، ويقول لي :"أوصيك فيه خيراً لأنه ينتمي لأسرة عاشت في دمشق قبل أربعة قرون ولم يبق منها سوى هذا الصندوق الخشبي المثقل بذكريات أجيالها المتعاقبة."
أومأت برأسي في بطء وقلت له:
"أعدك أن أحافظ عليه وكأن ذوائب صدفه مغلفة بكتل ماسية."
أدرك أن الخيال لا حدود له ولكن ما قاله لي بائع الصندوق خارج نطاق الخيال لأنني سمعته منه وصوته ما يزال يدوي في أذنيّ، وكلما أسمعه يحثني على سماع صوت دمشقي آخر جاره في سوق الحريقة اسمه "عبد المجيد عوض" اشتريت منه طقم شمعدان بلوري أحمر اللون،كلماته التي قالها لي عندما استلمت الطقم فيها عاطفة بإحساس فائض بالتقديرللعائلة الدمشقية التي اقتنته من قبل عندما كانت دمشق مدينة صغيرة في بداية العهد العثماني خالية من الكهرباء.
كلما أراه أمامي أتخيل تلك الأسرة الدمشقية التي اقتنته من قبلي، يجري بي الوقت بطيئاً معها وأحس أن العمر لا يعني شيئاً بدون الذكريات،التي تكتحل بحكايا كثيرة تتناثر في كل الاتجاهات وتغدو أفقاً متوهجاً بالعديد من الأشخاص، أراهم حولي أحس بهم وهم يقلبون بأيديهم طقم الشمعدان البلوري ويرقصون حوله لأنه ما زلت أحفظه في أمان،رغم التغيرات التي أغارت عليه من تعاقب الأيام.
بعد طقم الشمعدان البلوري،أتجه نحو النملية الدمشقية التي اشتريتها من محل على مقربة من قصر العظم الأثري،ألمس فيها دبيب ذكريات تأتيني كالرياح الجامحة تكشف عن وجه الشخص الذي ابتعت منه النملية، التمعت الكلمات بين شفتيه عندما قال لي أنه تلحمي من آل قطان،يحلم بالعودة إلى مدينته رغم عتمة الدروب المحصنة بالإغلاق، كان يحدثني وهويغلف النملية بورق مقوى ليسهل حملها،وها أنا أسمع كلماته من جديد الآن كأنه معي وتذكرني النملية ببعض مقاطع ذكريات منسية تكشف الغطاء عنها وتفيض بصورممزوجة بخشب النملية.
من دمشق أنتقل في شطحاتي الخيالية إلى بغداد وألمس نرجيلة منتصبة في إحدى زوايا بيتي مسبوكة من الفضة الخاصة بكل أجزائها، وقد ابتعتها من عبد الرسول الجمالي،أتذكر الآن ما قاله لي عندما باعها بكلمات تشع بالعاطفة،بين بها أنها من بقايا جد والده الأكبر،أخذتها منه بعد أن غلفها بأحجية من العواطف، وها أنا الآن أحدق بصورته وأتذكر دمعة سقطت على خده عندما خرجت بها من بيته الكائن في حي المنصور.
وها أنا الآن أسمع صدى صوته من جديد،على إيقاع حشرجة الماء المحشو بالنرجيلة، أضبط تجهيزاتها حسب رغبته وأراه أمامي وهويقلب جمرها بيديه المرتجفتين ويسند بهما لحظة الحضور، يجلس أمامي وقد أدار لي وجهه لي وأخذ يكسو المكان بابتسامة عريضة استلها من أعماقه،وبدا لي أنه يشعر بالسعادة لمحافظتي على النرجيلة الفضية التي تعاقبت عليها أدغال الأزمنة.
أحاول الآن أن أركز أفكري على مجموعة من المكاحل ابتعتها من القاهرة،أقف أمامها ويقف معي صاحبها القديم مجدي أبو الدهب،قلبها بيده ثم بدأ بالتجول بين بقية مقتنياتي، وفي لحظة وقف أمام كردان يمني عليه عشر حبات كبيرة من الفيروز ، لمسه وهو يبتسم ثم اتجه إلى زاوية وتوقف أمام سيف من الفضة ابتعته منه قبل سنوات طويله،نظر إليّ بعينين دامعتين،ثم قال لي:
" سيوف العرب في زمننا الراهن لا تُجرد من أغمادها إلاعندما توجه للأقرباء فقط"
قلت له:
" وإذا وُجهت للغرباء تتحول إلى خشب."
أريد أن ألفت نظر القارئ بأنه يصعب إرضائي من الذكريات المتعلقة بمقتنياتي،لأنها تبعدني عن شبح الشيخوخة الذي أحس به في زمني الراهن وهو يدق أبوابي ويفرض عليّ السير في طرق متعرجة تمتد حولي من كل الجهات،وتشرئب بنواصيها إلى أعلى كأغصان الأشجار الممتدة على اتساع جبل الكرمل.
بالرجوع إلى الذكريات أتخلص من حمم الشيخوخة بعض الوقت وأتجول في أمكنة كثيرة هنا وهناك لها علاقة بمقتنياتي، وها أنا أجد نفسي الآن في أصفهان التي تسمى بنصف الدنيا، وأجد أمامي صديقي حسين كاظمي الذي ابتعت منه عدة قطع من السجاد العجمي الفاخر أهمها سجادة اسمها شجرة الحياة، تمنى لي لحظة شرائها أن تتفرع فروعي مثلها وتنتشر جذوري كجذورها في أرض أجدادي.
من أصفهان أصل إلى شيراز، أراها ممدة أمامي على نسيج سجادة شيرازية، عليها صورة الشاعر حافظ الشيرازي أمد يدي له وانتزعه من نسيج الخيوط الصوفية المحاكة بإتقان أرى على قبعته قطعة عقيق تضفي عليه توهجاً زائداً، أصافحه وأسمعه يدندن أبيات شعر له منسوجة على سجادتي يقول فيها:
قلبي يروحُ من يديْ أهلَ الوفا فِرارا
سرّيْ سيغدو ذائعاً بين الملا جِهارا
وقد كسرْتُ مَركبي يا ريحُ هُبي فعسى
وجه الحبيبِ أن أرى وأبلغُ المزارا
أوقدت أبياته عدة قناديل شيرازية من مقتنياتي، تراقصت فتائلها بهالات ضوئية من غير رماد،أبهره الضوء وفي لحظة صفق بيديه وخرجت من نسيج السجادة راقصة تتمايل حوله كأرجوحة تتطاير في كل الجهات، وهو يدور حولها وبيده كأس شراب شيرازي يضيف إلى الرقص نكهة خاصة.
تتطاير حولي الذكريات وها هي تفتح ألبومات نقودي القديمة، وتنقلني إلى سهول قرية سبسطية التاريخية العامرة بأعمدة رومانية وقناطر ومبانٍ تاريخية،التي كنت أزور فيها عمتي مريم وأخرج مع أحفادها لنفتش تحت الأعمدة عن النقود القديمة التي داعبت يداي لأول مرة وما زلت أحتفظ بها وأقلبها بين الحين والحين، أراها بعيني المثقلتين وأشعر وكأنني أخرجتها من مخابئها تحت الأرض قبل أيام قليلة.
عندما أستحضر ذكريات النقود القديمة في خيالي لابد لي أن أتذكر الرجل السوداني الطيب عبد الرحمن مكي تاجر الأنتيكا المعروف في أم درمان، لأنه أهداني ثلاث قطع ضربت في عهد الإمام المهدي، وقد أخبرني أنها من القطع النادرة، ورفض أن أدفع أي قيمة لها بشرط أن أحملها معي عندما أعود إلى حيفا وأن أثبتها في لوحة على جدران بيتي عندما أسترجعه بعد طول غياب.
أزيح ستائر الزمن من حولي وأتمشى من جديد في شارع الشهيد ديدوش مراد في مدينة الجزائر وألتقي فيه بتاجر مقتنيات تراثية اسمه آيت علي ابتعت منه عدة قطع نقود قديمة وحلى بدوية من الفضة من صنع مناطق القبائل التي تعيش فوق قباب الجبال العالية،أراه هنا معي في بيتي يقلب القطع التي اشتريتها منه، وأشعر بسعادة وأنا أرى صورته المتخيلة، وصورة شخص آخر من مدينة الدار البيضاء المغربية وهو يزاحمه ويُذكرني بالدرهم المغربي النادر الذي أهداه لي مع مجموعة من الخواتم القديمة.
أفردتها أمامه واقترب مني ثم استدعى اللحظات الأولى التي تعرفت فيها عليه في الدار البيضاء،ردد ترانيم أعادتني إلى تلك اللحظات وعدنا معاً للتجول في مدينته حتى وصلنا سوق الحبوس للتحف التذكارية، وعلى حين غرة سألني عن مزهرية فخارية ابتعتها من ذلك السوق،أشرت له إلى مكانها في بيتي وفرح كثيراً لوجوده حتى الآن لأنها قديمة تحمل في نقوشها أثقال مئات السنين.
الذكريات لا تطلق سراحي بل تشد وثاقها عليّ وتنقلني إلى شارع الزيتونة في تونس العاصمة، أقف أمام رجب الأخضر الذي أرى دوماً صورته على خنجرضخم ابتعته منه مرت عليه السنون بمتواليات طويلة، تركت أثرها على عشر حبات ضخمة من المرجان والفيروز، أقف أمامه في بيتي وأشد جذعي أمامه وأراه دوماً أطول مني وأشرد بعينيّ بعيداً،وأهيئ نفسي لحديث طويل مع رجب عن المقتنيات الجديدة في محله،يحدثني عن جوانبها المخفية ويجعلني أمر في كوابيس أشبه ما تكون بكوابيس كافكا،
تخيلاتي عن مقتنياتي لا تنتهي، توغل دوماً في ثنايا وعيي وأفك بها وثاقي من ضغوط الشيخوخة اليومية خاصة في أيام الجائحة اللعينة التي تغلق فيها الأبواب وتزداد العتمة في كل مكان، في مثل هذه الظروف أزداد قرباً من مقتنياتي وأشعر أنني أعود ثانية إلى ذلك الشخص الذي كنته في مقتبل العمر، لا يحس ببدايات دروب الحياة ولا نهاياتها الحتمية،أسرح في أحلامي وأمرح بجذل طفولي،أمرعبر عشرات الأبواب،ولا أرغب بالتعرف على مخارج لها، أريد أن أبقى على هذا الحال كأنني لا أمتُ إلى الواقع بأي صلة، وفي لحظة أفيق من جديد على صوت أغنية أحبها والدي للفنان سيد درويش مازالت أسطوانتها في بيتي يدغدغها الفونوغراف بإبرته بين وقت وآخر،ويُخرج منها كلمات ومقاطع نغمية تخفف عني حُرقة الكورونا.



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيام الكورونا لا تُنسى
- صدى أيام مضت ... استذكارات في زمن الكورونا
- انطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا
- الألم الفلسطيني في أعمال إميل حبيبي
- تَصَالَحُوا
- تغريبة شعب في بلده
- كَذِبٌ
- لوركا
- البحث عن قصيدة منسية
- الفكر العقلاني عند العرب: ابن رشد أنموذجاً
- رسالة الغفران لأبي العلاء المعري بعيون اسبانية
- فلسطينية تمتلك ثلاثة متاحف خاصة في قرطبة
- أيام في كوبا
- مرحلة التقاعد بداية حياة جديدة
- خوسيه ميغيل بويرتا وعلم الجمال عند العرب
- رواية العشق المر
- المناضل نجاتي صدقي بعيون إسبانية
- محمود صبح قنطرة وصل بين الإسبان والعر ب
- الصعود إلى أعلى
- ترجمة وديع البستاني لرباعيات الخيام


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - مقتنياتي التراثية