أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي طه النوباني - مسلسل شيخ العرب همام بين الدراما والتاريخ














المزيد.....

مسلسل شيخ العرب همام بين الدراما والتاريخ


علي طه النوباني

الحوار المتمدن-العدد: 7069 - 2021 / 11 / 6 - 03:50
المحور: الادب والفن
    


قبل عشرين عاما، ومع بداية انتشار الانترنت، بدا الأمر وكأن زمن المسلسلات التلفزيونية قد انتهى، وبخاصة أن مواعيد بثها الثابتة كانت تتعارض مع التزامات ومواعيد الكثيرين، ولكن البث المفتوح على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها يوتيوب، أعاد هذه الأعمال إلى الواجهة، وبخاصة أنه أصبح بوسع أي كان أن يشاهد حلقة أو أكثر في أي وقت يشاء.
تؤثر الأعمال الدرامية في المشاهدين تأثيرا بالغا من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وهي بالتالي تساهم في تشكيل عقل المجتمع وما يطرأ عليه من تغيرات إيجابية كانت أو سلبية، وقد اعتدنا أن نتجاهل الأعمال الرديئة على الرغم مما تحدثه من أثر غير محمود، وأن نتناول بالنقد الأعمال المتميزة من أجل تحقيق التفاعل الذي يؤدي إلى مزيد من الجودة والإتقان.
مسلسل شيخ العرب همام الذي كتبه عبد الرحيم كمال، وأخرجه حسني صالح، وتصدَّر بطولته النجم اللامع يحيى الفخراني مع مجموعة من النجوم مثل صابرين، ريهام عبد الغفور، محمود عبد الغني، عزت أبو عوف، عمر الحريري، عبد العزيز مخيون، مدحت تيخة، سامح السريطي، وغيرهم، كان من أهم الأعمال التلفزيونية الهادفة التي أنتجت في العقدين الأخيرين.
كُتِبَ عَلى مُقدمة المسلسل أنَّه مستوحىً مِن معلوماتٍ تاريخية مُقتضبة، وأنَّ تفاصيلَهُ من وَحيِ خَيال الكاتب، وبالتالي فإنَّ النُموَّ الدراميَّ للشُّخوص، والتناسق الفنيَّ للعملِ يقعان على عاتق الكاتب والمُخرِج بالدَّرجة الأولى، ولا يُمكِن على الأغلب ردُّها إلى روايات تاريخية متناقضة.
شَخصية إسماعيل في العمل كانت تمتاز بالقسوة والأحادية والغطرسة، فهو وإن كان مجبرا بحكم العُرف القاسي للصَّعايدة على منع تزويج ابنته ليلى لجابر إلا أن ذلِكَ لا يَمنَعُ أنْ يَتَساءل وَلو لمرَّةٍ واحدةٍ في مونولوج داخلي عن مَعنى هذِه الأعرافِ الَّتي دَمَّرَت حياة ابنته، وحرمتها من فرصتها في العيش، وتكوينِ أسرةٍ مثل بقية البنات. وَبَدلا من تَقديمِ مِثلِ هذا المونولوج كنا نرى إسماعيل وهوَ يُدخِّن على نرجيلته بعصبية.
لقد ذَهَبَ إسماعيلُ إلى أبعدَ من ذلك حين أَحرقَ بيتَ جابر الَّذي يُقيم مع أسرته وهو في حماية شيخ العرب همامّ! وَقَبِلْنا مُجازِفينَ بأَن يَعفُو عَنهُ همامٌ على الرّغم من أن إسماعيل بهذا قدْ ضَرَبَ عُرفاً أساسيا عُرضَ الحائط، لكنَّ الصَّدمَة كانت عِندَما قام همام بتولية إسماعيلَ قيادة الجيش رغم كلِّ ما عَرفَه عن إِسماعيل من طَيشٍ وَغَضَبٍ وَمُيول انقلابية وأحادية في التفكير، وعلى الرغم من كل ما عرفناه عن همام من حكمة ورزانة وعدالة.
بل إن هماماً لما بَلَغَهُ أَنَّ إِسماعيل قد قتل جابرا، تجاهل الأمر، وكأن المخرج يريد القفز إلى النهاية التي يريدها هو لا النهاية التي تسير إليها الأحداث حسب منطق تسلسلها، وكأنه يقول لم يبق سوى حلقات قليلة ولا بد من السرعة.
نعم، إنَّ المعلومة التاريخية تقول إنَّ هماما قد آوى على بك الكبير وساعده على استعادة منصبه في القاهرة، لكن شخصية همام كما هي مطروحة في المسلسل لا تبدو في إطار متناسق مع طبيعتها العامة عندما تؤوي علي بك، بل إن إسماعيل الأهوج المتسرع يبدو أكثر حكمة من همام في هذا الأمر.
ليس من المقبول في الدراما أن يتحول الحكيم إلى أهوج، والأهوج إلى حكيم في لحظات، ثم يعودان كلٌّ إلى طبيعته السابقة دون مبررات يشي بها تصاعد الأحداث والمواقف المفصلية التي تطور الشخوص وتغيرهم، وما عدا ذلك فإن العمل سوف يُسَرِّب لَوثَةً عَقليَّة للمُشاهِدِ الغافل تُساهمُ في تَشويهِ فكرته عن الطَّبيعَةِ الإِنسانية من ناحية تطورها وتفاعلها مع مُحيطها وعلاقاتها الاجتماعية.
ولنأخذ مثالا آخر، فكم من المَرّات قام إسماعيلُ بتذكير همامٍ بكونه لم يُنْجِب أَولاداً فيم تأَكَّدَ من السياق أن إسماعيلَ لَديه الكَثير من الأولاد. والسُّؤال الذي ألحَّ عليَّ: أينَ كانَ أَولاد إسماعيل في الظروف الصعبة التي مرَّت عَليه، لقد كان بعد كل مشكلة يلجأ إلى النَّرجيلة وكأن المخرج أو الكاتب يريد أن يوفِّر مُمَثلاً أو أَكثر. ولنذهب إلى أبعد من ذلك: عندما هَرَبتْ زوجةُ إسماعيل مع ابنتها المريضة بالحب إلى بيت أخيها همام، وطلب منها أخوها همام أن تعود إلى بيت زوجها، قالت أنها ستبحث عن مكان تقيم فيه مع ابنتها، ألم يكن الأولى أن يكون واحدٌ من أولادها خيارا ولو على سبيل الوساطة مع زوجها المتحجر.
أما تلك النهاية التي اختارها المخرج للمسلسل فهي في اعتقادي صادمة بشكل مبالغ فيه: خيانة إسماعيل، موت همام، قيام نساء البلدة بطرد جابر إلى الجبل، الهزيمة التامة في الحرب، ألم يكن من الأولى أن يرمي المخرج وردة نحو المشاهد العربي الذي شاهد المسلسل ثلاثين حلقة، ولتكن هذه الوردة نهاية مفتوحة لقصة حب ليلى وجابر مثلا، لأن أي خلاف آخر قد يسبب اختلافا مع حقائق تاريخية.
ألم يكن مؤلما التركيز الشديد على دمار فرشوط في الحلقة الأخيرة رغم أن مصر الرائعة بقيت دُرَّةَ الدُّهور، وَمُنيَةَ المُسافِر، وَوَلّادَة الأمل رغم كل الدواهي والمصائب. فَلماذا لم تنتقل الكاميرا من الدَّمار إلى الحُقول التي بقيت، والنيل الذي ما زال يجري، والمصريِّ الذي ما زال واقفا مثل أبي الهول ولو لدقيقة؛ لتقول أن أبا الذهب لاحقا تآمر على علي بك، وقامت الدولة العثمانية بإلغاءِ الحُكمِ الثلاثي في مصر، ثمَّ ذهبتْ الدَّولَةُ العُثمانية، وَبَقِيتْ مِصر.
ألا يستحق المشاهد العربي بصيص ضوء في هذا الظلام الحالك؟
بقي أن أحسب لهذا العمل المتميز تقديمه الرائع لروح الشرق من خلال شخصية الشيخ سلام الذي أبدع النجم مدحت تيخة في أدائه مقدما تصورا صوفيا للعالم يمزج بين قيم الحب والصفاء والحرية. لقد تابعت المسلسل دقيقة دقيقة، وأعجبت أيما إعجاب بالأداء المتميز للنجوم الذين شاركوا فيه، وإنما هو عتب على المخرج والمؤلف لإلقاء نظرة فاحصة على التناسق الدرامي للعمل ونمو الشخوص لما لذلك من أثر بالغ على المتلقي.



#علي_طه_النوباني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَدويرُ الزَّوايا الحادَّة ... واللَّغْوَصَة
- بالشوكة والسكين والقلم
- حِزبُ الكُتّاب وَرابِطَةُ الحِزبِيّين
- التربية والتعليم والعمل الإضافي في جرش
- جائحة الجرب بعد جائحة كورونا
- سبع رصاصات، وسبب الوفاة هو كوفيد
- مراجعة في الوفيات والإصابات بعد مطاعيم كوفيد 19
- حررونا من هذه الدورة غير المجدية للسيطرة على كورونا
- مخاطر سياسة -القضاء- على فيروس كوفيد
- رفض العديد من العاملين في الخطوط الأمامية لقاحات كوفيد 19
- حماية الضعفاء بدلا من تدمير حياة المجتمع
- اختبار COVID-19 RT-PCR: كيفية تضليل كل البشرية. باستخدام -اخ ...
- الشركة عندما تصبح وحشًا، قصة كاري موليس
- التشكيك في فرضية فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز: 30 عامً ...
- كاري موليس: فيروس نقص المناعة البشرية HIV ليس سبب الإيدز
- فيروس COVID ينتشر عن طريق الهباء الجوي الذي يسافر 30 مترًا
- كورونا، والفشل الذريع
- ما هي فيروسات كورونا:
- نداء إلى الجمعية الملكية لحماية الطبيعة: - الذئب والغنم-
- في رثاء أستاذي الدكتور عبد العزيز طشطوش


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي طه النوباني - مسلسل شيخ العرب همام بين الدراما والتاريخ