أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي طه النوباني - حِزبُ الكُتّاب وَرابِطَةُ الحِزبِيّين














المزيد.....

حِزبُ الكُتّاب وَرابِطَةُ الحِزبِيّين


علي طه النوباني

الحوار المتمدن-العدد: 7043 - 2021 / 10 / 10 - 20:57
المحور: الادب والفن
    


وَقَفَ الحزبيُّ العَجُوز مُتَمَثِّلاً آلاف الاجتماعات المَليئَة بالمُماحَكاتِ والجَدلِ العَقيم الَّتي شاركَ فِيها شَخصيّاً عبرَ عُمره المَديد مُعلِناً أنَّ أَيَّ شِعر أو قِصة أو كِتابة إِبداعِية لا تَلتَزِمُ بالقَضِية كَما يَراها هُو، وَكَما تراها كَوادر حِزبه المُتحَجِّرة لا تَعنية، بَل إِنَّها لا تُعادِلُ قِيمَةَ الوَرَقِ الَّذِي كُتِبَتْ عَلَيه، وهو بذلِك يَفتَرِضُ لِنَفسِة مَكاناً مُتقدِّما في بِيئَةٍ أقحِمَ عَليها ابتِداءً كَما كوخٍ خشبيٍّ مُهتَرئٍ في وَسَطِ ملعَبِ كُرَة قَدم.
الرَّفيقُ غَيرُ مَعنِيٍّ بِالحُبِّ والجَمال، ولا بالبيئة والأرض، ولا بالفَضاء الفَسِيحِ بِكلِّ ما فِيه من غُموضٍ وَجُنون، وَلا حَتى بجَدَلِيات الاستِقرارِ والاضطراب، والحرب والسَّلام، والعلم والجهل، والحياة والموت، وكل ما يَعنِيه هُو تِلك المُماحَكاتُ الَّتِي يَستَذكِرها عَلى طاوِلة الرِّفاقِ الَّتِي تَعلوها لَمْبَةٌ خافِتَةٌ كَئيبةٌ من فئة 100 شمعة حَيثُ تَتَجَمَّدُ العِباراتُ في قَوالِبَ تُفَرِّخُ المَلَلَ، وَتُشْعِلُ الرَّغبةَ بالثَّوْرَةِ والرَّفْض لَدى كُلِّ صاحِبِ قَلبٍ حُرٍّ وَعَقلٍ مُستَنِير.
لِسانُ حالِه وَهوَ يَستَعرِضُ رَأيَهُ يَقول إِنَّهُ في اللَّحظَةِ الأَخِيرة لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِرجاع سَبتة وَمَليلة، وَلَولا ذلِك لاسترجَعَ الأَندلس كامِلَة! فَمَنْ أنتُم أيُّها النَّكِرات؟
خِطابُك كَخِطابِ بَطَلٍ تاريخِيٍّ عَظِيم، فَقْلْ لي -بِحَقِّ الجَحِيم- ما هُو السرّ؟ كَيفَ بَلَغتَ هذا العُمرَ وَلَم تَستَشْهِد؟ كَيفَ تَشرَّفَ بُسطاءُ مِن أَمثالِنا بِلقائِك؟
أَلمْ تَرَ إِلى الأَنبِياءِ والقِدّيسين والعُظَماء وَهُمْ يَستَشهِدونَ بِكُلِّ تَواضُع؟
أَلمْ تَرَ إِلى الحَلاجِ وَهوَ واقِفٌ عَلى الصَّلِيبِ يَفُوحُ عِشقاً وَكَشفاً وامتِزاجاً بِقضايا الكَونِ كُلِّها دُون كِبرٍ تافِهٍ أو صَلَفٍ قَمئٍ أَو عُيونٍ تَفيضُ مِنها الكَراهِيَةُ والتَّعالي؟
أَلمْ تَرَ إِلى فُؤاد حجازي ومحمَّد جَمجُوم وَعَطا الزِّير وَهُم يُقَدِّمُون أَرواحَهم مُفْعَمينَ بالحُبّ وَالتَّواضُع والفَهمِ العَمِيق لِجَدَليّات التَّطوُّر الطَّبيعِيَّ للحَياةِ والشُّعوب دُونَ فَذلَكَةٍ قَمِيئَة مكشوفَةٍ وَعَجْرَفَةٍ مُقْرِفة.
ولنَفترضْ أنَّ مُعْجِزَةً حَصلت، فَنَجَوتَ أَيّها العَظيمُ مِنْ غُبارِ المَعارِكِ وَمَخاطِرِ الاغْتيالِ:
كَيفَ تَحَمَّلتَ أَنْ تَعِيشَ كُلَّ هذا العُمرِ في هذا القالب القَميءِ المَليءِ بالنَّمْلِ الأَسْوَدِ وَمُماحَكاتِ الرِّفاقِ ذَوي العُيونِ الضَيِّقَة الَّذينَ سَيَخْتَلِفونَ دائِما مَعَك حَتّى في اختيارِ لَونِ قَمِيصِك.
يا لَكَ مِنْ مُعجِزة!
اخرج من فضائِنا، وَخُذ قُيودَكَ مَعك، وابْحث عن نِعاج تَمتَطيها بِمَحضِ إِرادَتِها، فَأَمثالُكَ جَعَلوا انتهازيَّةَ اليَمينِ في عُيونِ النّاس أَجمَلَ مِنْ فذلكة اليَسار وَعَجرَفَتهِ الجّالسِةِ فَوقَ خَوازيقِ الفَشَلِ والضَّياعِ، وَأَمثالُكَ جَعَلُوا أَجيالاً بِأَسرِها لا تَعْرف عَن قضايانا سِوى أَنَّ مُتَحَجِّراتٍ مِنْ عَصرِ الدّيناصوراتِ تُشبعُ الجَوَّ بِالقَوالِبِ الجاهِزَةِ والمُسَلَّماتِ العَبِيطَةِ والأفكار المُحَنَّطَةِ الَّتِي تُثير الرَّغْبَةَ بالتَّقَيُّؤِ، وَتَمْلأُ الجَوَّ بِالغَثَيانِ والرَّتابَةِ.
لَوْ كُنتَ مُناضِلاً حَقّا لَذَهبتَ إِلى الشّارع حَيثَ يَتَعلَّمُ الأَولادُ وَالبَناتُ مِنَ "التيك توك" و "الفيسبوك" و "اليوتيوب" بَدَلاً مِنَ المَجيءِ هُنا بَينَ الكُتّاب لِتَبدوَ مِثلَ كاريكاتير مُثيرٍ للضَّحِكِ حيناً والاشْمِئزازِ حيناً آخر.
هكذا احتَشَدَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنْ مُحَرِّري صَفحَةِ التَّعلِيقِ السِّياسِيِّ اليَومِي السَّطحِيّ، والكَلِمَةِ الضّائِعة وأَلعابِ التَّسلِيَة واكتِشافِ الفُروقِ بَينَ الصُّورِ لِيُقَرِّروا لِلشُّعراءِ والرِّوائيين والنقاد والمُفَكِّرينَ كَيفَ يُفكِّرونَ ويكتُبون، وَكيفَ يَنظُرونَ إِلى الحَياةِ والأَشياء!
هَبْ أَنَّكَ حَصَلتَ على عُضوية نقابةِ المُهندسينَ دونَ أن تكون مهندسا أو نقابة الأطباء دون أن تكون طبيبا، ألا يَستدعي ذلِك مِنكَ أَن تَدعَ أصحابَ الشأنِ – ولستَ منهُم حُكماً - يُحَقِّقونَ أهدافَهم؟ ألا يَستدعي مِنكَ ذلكَ أن تَخجلَ عِندما تُعرقِلُ مُؤسَّسَتَهُم بِخِطابِكَ الخَشَبِيِّ وَفَجاجَتِكَ الظاهِرَةِ؟ ألا يستدعي ذلك مِنكَ أنْ تَبحثَ عن نَفسكَ وَتعرفَ بِتَواضُعٍ دَوركَ الحَقيقيَّ في مِثل هذه المُؤسَّسَة؟
وَأَنتَ يا صَديقي الفَيلَسوف، يَبدو أنَّ العَطّار قد مات، وَأَنَّ الدَّهر قَد شَبِعَ سُكرا عَلى مَصائِبنا، وَيبدو أَننا نَحتاجُ إلى تَأَمُّلٍ طَويلٍ لِنَستَخلِصَ طَريقاً في هذه الفَوضى العارِمَة بَينَ ذَوي العُيونِ الضيِّقة والقَوالب الجاهزة والأَحكامِ المُسبقة والمُتَقَلِّبينَ كالحرباء دون سبب معروف حتّى بِتنا لا نَعرِفُ لَهم طَعماً أَو لَوناً أو رائِحة.



#علي_طه_النوباني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التربية والتعليم والعمل الإضافي في جرش
- جائحة الجرب بعد جائحة كورونا
- سبع رصاصات، وسبب الوفاة هو كوفيد
- مراجعة في الوفيات والإصابات بعد مطاعيم كوفيد 19
- حررونا من هذه الدورة غير المجدية للسيطرة على كورونا
- مخاطر سياسة -القضاء- على فيروس كوفيد
- رفض العديد من العاملين في الخطوط الأمامية لقاحات كوفيد 19
- حماية الضعفاء بدلا من تدمير حياة المجتمع
- اختبار COVID-19 RT-PCR: كيفية تضليل كل البشرية. باستخدام -اخ ...
- الشركة عندما تصبح وحشًا، قصة كاري موليس
- التشكيك في فرضية فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز: 30 عامً ...
- كاري موليس: فيروس نقص المناعة البشرية HIV ليس سبب الإيدز
- فيروس COVID ينتشر عن طريق الهباء الجوي الذي يسافر 30 مترًا
- كورونا، والفشل الذريع
- ما هي فيروسات كورونا:
- نداء إلى الجمعية الملكية لحماية الطبيعة: - الذئب والغنم-
- في رثاء أستاذي الدكتور عبد العزيز طشطوش
- الديمقراطيون وتوظيف فيروس كوفيد 19 في السياسة
- مركزية القدس في رواية - رجل وحيد جدا - للقاص يحيى عبابنة
- اختبارات (PCR) لغايات تشخيص كوفيد 19 لا معنى لها


المزيد.....




- قمر كوردستان
- الشارقة... عاصمة الكتاب وروح اللغة
- الفنان المغترب سعدي يونس : مثلت مع مائدة نزهت، وقدمت مسرحية ...
- لبنان.. تقليد الفنان صلاح تيزاني -أبو سليم- وسام الاستحقاق
- فيلم -ذا رَننغ مان-.. نبوءة ستيفن كينغ تتحوّل إلى واقع سينما ...
- -العطر والدولة- لكمال القصير يبحث في تناقضات وتحولات الوعي ا ...
- مؤسسة منتدى أصيلة تفوز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون ...
- فيلم ”نسور الجمهورية” في مهرجان ستوكهولم السينمائي
- هل انتهى عصر الألعاب حقًا؟.. الشاشات هي العدو في الإعلان الت ...
- -شر البلاد من لا صديق بها-.. علاقة الإنسان بالإنسان في مرآة ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي طه النوباني - حِزبُ الكُتّاب وَرابِطَةُ الحِزبِيّين