أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - كفرقاسم: من لم يتعلم من - قرش شدمي- لن تنقذه المليارات















المزيد.....

كفرقاسم: من لم يتعلم من - قرش شدمي- لن تنقذه المليارات


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 05:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كفرقاسم: من لم يتعلم من "قرش شدمي" لن تنقذه المليارات
لو كنت مكان الوزير عيساوي فريج ، لاعتذرت، على الملأ، أمام النائبين أيمن عودة وعايدة توما - سليمان، وأمام زملائهما، النواب في القائمة المشتركة، وأمام عشرات آلاف المصوّتين للقائمة وداعميها.
ليس من حق الوزير فريج، ممثل حزب ميرتس الصهيوني، في حكومة بينت- لبيد، أن يزايد على نوّاب القائمة المشتركة لأنّهم أصروا على تقديم اقتراح قانون يطالب دولة اسرائيل بالاعتراف بمجزرة كفر قاسم وبتحمّل المسؤولية على وقوعها؛ فأسلوبه الغاضب لم يزده احترامًا ، ولا تعابيره الفظّة والمستفزة، التي هاجمهم بها، رفعت من مكانته.
في مثل هذا الاسبوع ، قبل 65 عامًا ، وتحديدًا في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1956، قتلت، بدم بارد، كتيبة مما يسمى "حرس الحدود الاسرائيلي" سبعة وأربعين مواطنًا عربيًا من سكان قرية كفر قاسم؛ وكان من بين ضحايا تلك المجزرة أطفال وشيوخ ونساء لم يقترفوا أي ذنب سوى أنهم وصلوا عند تخوم قريتهم وقت حظر التجوّل الذي لم يعرفوا به قبل مغادرة بيوتهم في ساعات الصباح.
أذكر أننا كطلاب في كلية الحقوق في الجامعة العبرية في القدس ، تعلّمنا، قبل أربعين عامًا، عمّا حصل في ذلك اليوم في كفر قاسم؛ بيد أن المحاضر لم يسمّها مجزرة، ولم يبدِ أي تحفظ أو انتقاد "لجهاز العدالة" الاسرائيلي، الذي برّأ قضاتُه قائدَ المنطقة، المدعو يشكا شدمي، من تهمة القتل العمد وادانوه بتهمة " تجاوز الصلاحيات"، وحكموا عليه بالتوبيخ وبغرامة مقدارها قرش واحد؛ أصبح يعرف "بقرش شدمي" الذي اتخذه المواطنون العرب رمزًا للتعبير عن سخطهم على جهاز القضاء الاسرائيلي وعن مشاعرهم بفقدان الثقة بعدل الدولة تجاه مواطنيها العرب. لقد علّمونا في حينه أن الضابط الذي نفّذ أوامر قتل الابرياء تجاوز صلاحياته وذلك لان "راية سوداء" كانت ترفرف عليها وكانت، لسوادها، توجب رفضها وعدم الالتزام بها.
لم أصطدم في الماضي مع الوزير عيساوي فريج، الذي اكن له احترامًا، ولا مع حزب ميرتس الذي ينتمي اليه منذ سنوات طويلة؛ وعلى الرغم من وجود اختلافات وخلافات سياسية واضحة بيننا، دأبتُ على التمييز بينهم وبين حزب العمل، وبينهم وبين سائر الاحزاب الصهيونية، لا سيما اليمينية منها والفاشية. أقول ذلك مقتنعًا بأن الحالة الهستيرية التي وقع الوزير فريج تحت تأثيرها وأدت الى هجومه غير المسبوق على نواب القائمة المشتركة، هي نتيجة للوضع غير الطبيعي الذي أفضى الى استوزاره طوعًا في حكومة يقف على رأسها زعيم متدين ويميني وتدعمها أحزاب يمينية عرف زعماؤها بمواقفهم العنصرية تجاه المواطنين العرب والعدائية الاستيطانية تجاه الفلسطينيين وأراضيهم .
ما شاهدناه من على منصة الكنيست يوم الاربعاء الفائت كان في الواقع انعكاسًا لتلك الحالة السياسية الشاذة، التي اتوقع انها ستتكرر في المستقبل؛ وهي نفس الحالة التي دفعت، عمليًا، نواب الحركة الاسلامية، بعد قرارهم بدعم هذه الحكومة، للتصرف بعكس ما كان يتوقع منهم، أو بالتنكر التام لممارسات الحكومة ولخططها التوسعية في القدس وفي الاراضي الفلسطينية وتشجيعها لاقتحامات المستوطنين لباحات المسجد الاقصى، وفي استمرار تنفيذ سياساتها العامة في معظم الميادين وفق المفاهيم السلطوية الصهيونية القديمة، التي يمكن ان نعبر عنها، مجازًا، بالاستعانة "بقرش شدمي "وبرايته السوداء التي خرقتها العواصف والرياح، ولم يبق منها الا غبار الرصاص والأسى.
لقد صرّح الوزير فريج بأن عرض القانون من قبل النائب عايدة توما للتصويت في قاعة الكنيست قد تم بغرض احراجه، وهذا الادعاء هو نفسه الذي لجأ اليه نواب الحركة الاسلامية عندما عارضوا مشاريع قوانين قدّمها نواب القائمة المشتركة واسقطوها بحجة الاستحراج أمام حلفائهم من احزاب اليمين. فهل علينا اذن أن نقبل، باسم ذلك الحرج، تهافت نواب الحركة الاسلامية ودعمهم المطلق لحكومة اسرائيل؟ أو أن نبرر للوزير فريج وغيره مثل تلك الانزلاقات واستعمال نفس اللغة واتهامات اليمينيين بحق القادة العرب، لدرجة انه حاز على تصفيق العنصري ايتمار بن جبير؟
نعيش، نحن المواطنين العرب، في خضم أزمة حقيقية؛ وما نراه يتداعى أمامنا، منذ انتهاء عملية الانتخابات الاخيرة واقامة حكومة بينت -لبيد، بدعم من الحركة الاسلامية وحزب ميرتس، ما هي الا اعراض لتلك الازمة الخطيرة ولنتائجها.
واذا عدنا لقضية المجزرة في كفر قاسم، فسنجد انها قد حظيت عبر السنين بادانات شعبية ومؤسساتية اسرائيلية واسعة، وذلك بخلاف ما يدور من نقاشات داخل المجتمع الاسرائيلي حول مجازر اخرى نفذتها المنظمات الصهيونية، على اختلافها، بحق المواطنين الفلسطينيين في قرى ومدن عديدة خلال عامي 1947و 1948. ويكفينا ان نتذكر هنا خطوة رئيس الدولة السابق رؤوبين ريفلين، الذي قرر ، في العام 2014، مشاركة أهالي كفر قاسم في الذكرى الثامنة والخمسين للمجزرة، رغم تحذيرات مستشاريه، ووقف امام النصب التذكاري وأعلن : "جئت اليكم اليوم، كفرد من ابناء الشعب اليهودي، وكرئيس لدولة اسرائيل، كي اقف امامكم، عائلات الضحايا والجرحى، لأتألم معكم في هذه الذكرى". لقد كان ريفلين الرئيس الاسرائيلي الاول الذي بادر بنفسه لزيارة كفر قاسم في ذكرى وجعها، محاولًا تضميد بعض من جرحها الذي ما زال مفتوحًا؛ فلماذا تغيب هذه الحقيقة عن نواب الاسلامية وعن وزراء ميرتس ؟ ولماذا لم يحاولوا اقناع حكومتهم بدعم القانون واغلاق واحدة من دوائر الدم الكثيرة في تاريخ السيرة والنسيرة الفلسطينية؟
انني أسأل وأعرف الجواب؛ فنهج نواب الاسلامية الذرائعي وتحييد دور النائب مازن غنايم الوافد من احضان القومية التجمعية، ومهادنة حزب "ميرتس" لسياسة بينت-شاكيد، أو مقايضتهم مصلحة بمصلحة، سيتسببوا بتقويض شروط تعاقدنا التاريخية مع الدولة، والى تغييب احد اركان تلك الشروط، وهو دور هويتنا الجامعة وما ترتب ويترتب عليها من حقوق وواجبات في ترسيم حدود علاقتنا مع النظام السياسي المركزي.
من المؤسف حقًا ان يسقط قانون مجزرة كفر قاسم في زمن حكومة مدعومة من نواب اسلاميين واحزاب "يسارية" وذلك ساعة اختارت فيه جريدة "هآرتس" ان تخصص افتتاحية عددها الصادر يوم الاربعاء الماضي تحت عنوان "اعتراف واعتذار وتعلم" وتختتمها بامنية قالت فيها : "الآن، مع التحالف الحالي في الكنيست، هناك فرصة لتصحيح الظلم التاريخي والاعتراف رسميًا بمسؤولية الدولة عن هذه الجريمة، والاعتذار الكامل والصادق لعائلات الضحايا ودمج قصة المجزرة في المناهج الدراسية ". ولكن .. بينت وأمثاله، من أهل اليمين والعنصريين، يعرفون معنى اعتراف دولة اسرائيل بمجزرة واحدة، ويستشعرون ما قد يترتب على تحمّلهم الرسمي لمسؤوليتها، ولذلك، لأنهم يعرفون، أنهم سوف يستمرون بمحاولاتهم لاجهاض كل مبادرة من شأنها ان تغلق هذه الدائرة، وكيلا تفتح أخرى.
لم يتردد الرئيس ريفلين، في العام 2014 ولم يحرج مثل حرجكم اليوم، حين اعلن أمام العالم وقال: "ما حصل في كفر قاسم هو جريمة نكراء يتوجب علينا أن ننظر اليها مباشرة، ولزامًا علينا ان نعلّم الأجيال القادمة عن هذا الفصل العصيب وعن خلاصاته" .. هكذا قالها بدون تأتأة وبلا مناورات.
أما عندنا فمن لم يتعلم من "قرش شدمي" لن تنقذه الخطط الخماسية ولا المليارات.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين على ميعاد مع الوجع في موسم الجوع الكبير
- محكمة تجميد العدل العليا
- بين غزة وكفرقاسم، مواطنة ودموع وهوية
- حفرة الأمل ونفق الحرية
- بين اياد شفاعمرو وعزيز عمان ، ميدالية واعتذار
- من دلفة الشرطة الى مزراب المستعربين
- من هزم من في أفغانستان؟
- الأسرى الاداريون، قلقون كأن الريح تحتهم
- -سيف- نفتالي بينيت وعرب ال 48
- محمود درويش الحاضر بين صفورية وسيدني
- القاضي جورج قرّا ضد المحكمة العليا الاسرائيلية
- سهى جرار..رحيل مفجع، في زمن - الشر العادي-
- كم نحن بحاجة الى لم الشمل
- الغضنفر
- حكومة بينيت-عباس،ابنة الانتهازية والالتباس
- ما العمل؟ كان سؤالنا الأكبر ولم يزل
- -يدًا بيد- وحكومة إسرائيل القادمة
- في - الشيخ جراح- يبكون فيصل الحسيني
- رسالة الى رئيس وقادة جهاز المخابرات العامة، - الشاباك-
- ماذا بعد ان استردت الهوية روحها؟


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - كفرقاسم: من لم يتعلم من - قرش شدمي- لن تنقذه المليارات