أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - من دلفة الشرطة الى مزراب المستعربين















المزيد.....

من دلفة الشرطة الى مزراب المستعربين


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 7008 - 2021 / 9 / 3 - 02:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعلنت شرطة اسرائيل يوم الثلاثاء الماضي عن بدء عمل وحدة "مستعربين" سرية ضد العصابات الاجرامية في جميع انحاء البلاد وضد اعمال العنف والشغب ومكافحة الارهاب، خاصة في البلدات العربية.
وقد اطلق على الوحدة اسم "سيناء" وتم تجنيد عناصرها من ثلاثة مصادر رئيسية: الاول، قادة وضباط ومقاتلون خدموا في وحدات "حرس الحدود" التي نشطت في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي المناطق المتاخمة للحدود مع قطاع غزة؛ والثاني من مجموعات المقاتلين الذين خدموا فيما يسمى " الوحدة التكتيكية" الخاصة؛ أمّا الباقين فجنّدوا الى وحدة "حرس الحدود" من بين الوحدات الخاصة في الجيش.
لقد جاء اعلان الشرطة المذكور بعد اعلانها قبل اسبوعين عن اقامة وحدة "سيف" لمكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي وتعيين اللواء جمال حكروش رئيسًا لها.
تعكس هذه القرارات حالة التخبط والهلع الذي بدأ يتسرب الى صفوف قادة الشرطة الاسرائيلية؛ فتزايد وتائر العنف وأعداد الضحايا في معظم البلدات العربية، وبروز بدايات النشاط الاجرامي ضد مصالح بعض المواطنين اليهود، أو ضد بعض المسؤولين الرسميين، دفع ببعض الجهات الأمنية الى إعادة النظر في فهمها التقليدي لتلك الظواهر ولاحتسابها مجرد "مصائب قوم عند قوم فوائد"، أو وفق منطق مفاده، فليقتل العربُ العربَ، وليصرخ دمهم كي يعيشوا بخوف وبدون استقرار.
من الصعب أن نعرف اليوم عمق هذا التحول المفاهيمي ومن يدفع باتجاهه داخل دهاليز المؤسسة الحاكمة؛ ولكن من الجدير أن نتابعه بعناية وأن نتحقق من جدّيته، خاصة بعد أن بدأنا نسمع مؤخرًا عن تحوّلات لافتة في مواقف بعض القادة السياسيين والمسؤولين الأمنيين الذين اعلنوا بلغة قاطعة عن قناعتهم بأن ازمة تفشي العنف والجريمة في المجتمعات العربية بدأت تهدد أمن وسلامة الدولة، فنتائجها الكارثية سوف تؤثر على تماسك المجتمع في الدولة وعلى مكانتها وتأثيرها بين جميع المواطنين.
مع اعلان المفتش العام للشرطة عن اطلاق وحدة المستعربين "سيناء" وبدء نشاطها داخل البلدات العربية، اعلنت، مباشرة، عدة شخصيات قيادية ومؤسسات مدنية عربية معارضتها للقرار الذي اعتبر استفزازًا مدروسًا بحق المواطنين العرب.
كل ما قيل ضد هذا القرار صحيح، ويبرر ضرورة معارضته بالمطلق، تمامًا كما فعل رئيس اللجنة القطرية للرؤساء، المحامي مضر يونس، الذي أكد "على انه لم يتم طرح فكرة الاستعانة بوحدة "المستعربين" من قبل الطواقم الحكومية وقيادة الشرطة الاسرائيلية خلال المشاورات والاجتماعات التي عقدت مع وفد لجنة الرؤساء القطرية حول الخطة الحكومية لمكافحة العنف والجريمة؛ وذلك على الرغم من ان الشرطة ذكرت انها ستستعين بوحدات خاصة لمكافحة العنف والجريمة دون اي ذكر لطبيعة تلك الوحدات ودون ذكر وحدة المستعربين". في الواقع تكفي هذه الشهادة برهانًا على ان قرار اقامة "وحدة المستعربين"، لم يأت كنتيجة لتغيير جذري في عقلية جهاز الشرطة ازاء حق المواطن العربي بالعيش بأمن وبحرية وبكرامة ومن دون خوف؛ لا سيما انه أُسقط "من فوق" ومن دون اعدادت مسبقة لتسويغه، علمًا بأن الجميع يعرف عن "ثقافة كراهية العرب" التي تربت عليها وحدات "المستعربين"، ودورها التاريخي في نشاطات المنظمات الصهيونية، وممارساتها المتواصلة ضد المواطنين الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، وخلال المواجهات الاخيرة في شهر أيار المنصرم.
لقد برزت، الى جانب بيانات الساسة والقياديين، رسالة طارئة بعثها مركز "عدالة الحقوقي" الى المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، افيحاي مندلبليت، والى مفتش الشرطة العام ، يعقوب شبتاي، يطالبهما من خلالها بالعدول عن قرار اقامة "وحدة مستعربين تعمل في البلدات العربية" مع التشديد عى ان قرار اقامة تلك الوحدة يعتبر "عنصريًا وغير قانوني" ، كما واشار المركز الى "انعدام صلاحية الشرطة باقامة مثل هذه الوحدة والى ان القرار في هذا الشأن هو قرار عنصري يقع في خانة التنميط العنصري ويخلق نظامين لتطبيق القانون ، واحدًا في البلدات العربية وتجاه المواطنين العرب، وآخر في سائر البلدات".
لا أعرف كيف ستتابع "اللجنة القطرية للرؤساء" هذه القضية المقلقة، مع ان رئيسها، مضر يونس، كان قد اعلن انه "سيجري مشاورات وسيدعو الى جلسة للجنة القطرية ولكافة الهيئات والفعاليات الناشطة بهدف التباحث حول التطورات واتخاذ موقف موحد ضد الزج "بالمستعربين" في البلدات العربية". فمع ايماني الكامل بأهمية هذه الخطوة وبصدق وجدية صاحبها، يبقى الرهان على نجاحها في حكم المغامرة المستحيلة، لأننا نعرف ما تعانيه معظم مجالسنا البلدية والمحلية، حتى اننا لا نخطيء اذا قلنا في حالة بعضها مجازًا : "من غص داوى بشرب الماء غصته.. فكيف يصنع من غص بالماء". ويكفي اللبيب غصة كي يفهم.
بالمقابل، يحظى "مركز عدالة الحقوقي" بمكانة خاصة بين قطاعات نخبوية محلية وخارجية واسعة؛ ويتمتع أيضًا باحترام واضح داخل "الكاتدرائية القضائية" الاسرائيلية. فلقد واكبت طواقمه، خلال سنوات عمل المركز الطويلة، جملة من القضايا العربية العامة الهامة، امام محاكم الدولة؛ وقد احرز المركز ، في هذه المسيرة، عددًا من الانجازات، وواجه معها طبعًا عددا من الاخفاقات، وذلك كما يتوقع في حالة صراع مع نظام حكم عنصري ومع جهازه القضائي الظالم والمنحاز بشكل سافر وواضح.
أقول ذلك متوخيًا ألا يكتفي "مركز عدالة" وهو المتخصص في الدفاع عن حقوق الاقلية العربية داخل اسرائيل وصاحب الخبرة والرؤى التقدمية والمواقف الطليعية، بمطالبته المذكورة، ولا بالتوقف عند رفضه لاطلاق وحدة المستعربين ولا بالتأكيد المحق على عدائية الشرطة واجهزة امن الدولة، بل عليه أن يتجاوز هذا الدور والانتقال الى المبادرة لوضع تصور قانوني حقوقي شامل يتم فيه التعرض الى هذه الآفة من جميع جوانبها.
يعيش مجتمعنا حالة ارهاق خطيرة؛ فعلاقاته مع الدولة، من دون الدخول في تفاصيلها، تخطت، من جهة، عتبة الالتباس الهوياتي والتجاذبات التقليدية، ووصلت الى حالة من التنافر الصادم والعدائية الحتمية، وفقد، من جهة ثانية، معظم المظلات السياسية الحامية، والمرجعيات الاجتماعية الرادعة، والأحزمة القيمية الواقية.
وفي غياب دور الدولة الطبيعي في حماية مواطنيها، وجدت عناصر الاجرام، على اختلاف انتماءاتها ودوافعها، تربة خصبة، فتكاثروا مثل الشر المنفلت، مستفيدين من اهمال وتواطىء مؤسسات الحكم وغض ابصارها عن الدماء المسفوكة في شوارع بلداتنا وعن استشراء العنف واشاعة حالة الهلع بين المواطنين.
قد تتيح هذه الأيام فرصة أمام "مركز عدالة" لاطلاق مبادرة تاريخية تتناول قضية استفحال الجريمة والعنف المستشري ولتضع رؤية مهنية جدية وجريئة حول مسبباتها، ومقترحات لكيفية مواجهتها؛ مع التأكيد على سياسات حكومات اسرائيل المتعاقبة ومسؤليتها عن تناميها وعدم مواجهتها ومحاربتها ومعاقبة المتورطين فيها؛ وفي نفس الوقت تتضمن تشخيصًا صريحًا لمفاعيلها المحلية.
قد تكون هذه المهمة كبيرة على "مركز عدالة" لوحده، لكنه يستطيع، بسبب قدراته ومكانته وخبرته، ان يشرع بها، وأن يدعو لمساهمة عناوين اخرى، معنية وقادرة، لتأخذ دورها في هذه المهمة الكبرى .
قد تكون هذه الأيام مواتية؛ فعلى ما يبدو بدأت بعض الجهات داخل المنظومات، الامنية والسياسية، التي ترسم سياسات الدولة الاستراتيجية، تستشعر خطر هذا الانفلات الجرائمي الجهنمي المتفشي في المجتمع العربي، على سلامة وامن مجتمعاتهم اليهودية؛ ولنا فيما أعلنه وزير القضاء، جدعون ساعر، قبل يومين، اشارة بليغة، قد تشي بما يجري هناك . فعندما خاطب موظفي وزارته بمناسبة الاعياد حثهم قائلًا : "أعطوا الأولوية لمحاربة منظمات الاجرام ، زوّدونا بمزيد من الآراء .. نحن بعيدون عنهم، لأسفي، مسافة سنوات. هذه حرب على مستقبل اسرائيل، فنحن كدولة لا نستطيع ان نسلّم بوجود مساحات في النقب والجليل وجنوب تل ابيب واللد، تعيش خارج نطاق سلطتنا. على جميع مؤسسات الدولة ان تتجنّد لمقاومة هذا النوع من الارهاب. كل يوم انا اتذكر ان بعض المواطنين في اسرائيل يعيشون في حالة خوف ولا يحظون بحماية القانون. هذا الوضع يبعد النوم عن اعيني". ثم أوجز حاسمًا وواضحًا بما بدأ، هو وغيره، من قادة ومسؤولين يشعرون به، فقال: "لقد صاروا موجودين هنا، وليس فقط داخل المجتمع العربي. بنظري هذا هو التهديد الاكبر على مستقبل دولة اسرائيل". ما أوضح ما قال!
لا اعتقد ان تصريح الوزير ساعر جاء من فراغ، أو بهدف المزايدة، ولا لأنه يسعى إلى تحسين صورته بين العرب وامام العالم. فمن أراد ان يصدقه ليدق أبواب وزارة القضاء، ومن لا يريد تصديقه فليتجهز لمعركته القادمة مع وحدات "المستعربين"، ولنستخر النائب منصور عباس؛ عساه يأتي من عندهم الفرج، فلا خاب من استخار..



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هزم من في أفغانستان؟
- الأسرى الاداريون، قلقون كأن الريح تحتهم
- -سيف- نفتالي بينيت وعرب ال 48
- محمود درويش الحاضر بين صفورية وسيدني
- القاضي جورج قرّا ضد المحكمة العليا الاسرائيلية
- سهى جرار..رحيل مفجع، في زمن - الشر العادي-
- كم نحن بحاجة الى لم الشمل
- الغضنفر
- حكومة بينيت-عباس،ابنة الانتهازية والالتباس
- ما العمل؟ كان سؤالنا الأكبر ولم يزل
- -يدًا بيد- وحكومة إسرائيل القادمة
- في - الشيخ جراح- يبكون فيصل الحسيني
- رسالة الى رئيس وقادة جهاز المخابرات العامة، - الشاباك-
- ماذا بعد ان استردت الهوية روحها؟
- مواطنة بين زغرودة وصاروخ
- الهوية بين اغواءات المصالح وتعدد الولاءات
- ماذا لو رُشّح مواطن عربي لرئاسة اسرائيل؟
- من أجل اقامة جبهة:مواطنون ضد الفاشية
- ويبقى السؤال أمامنا ، ما العمل؟
- الحركات الإسلامية بين نداءات المقاطعة والدعوة للاندماج


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - من دلفة الشرطة الى مزراب المستعربين