أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رلى الحروب - صدام وأزمة المثقف العربي















المزيد.....

صدام وأزمة المثقف العربي


رلى الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 07:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعترف أنني كلما شاهدت الرئيس العراقي صدام حسين في القفص يحاكم على أيدي مجموعة من أدعياء القانون والعدالة تحركهم أصابع أمريكية كما يحرك الممثل دماه في مسرح العرائس كلما شعرت بالمرارة والغصة وانتابتني مشاعر القهر والغضب، على الرغم من أنني لم أكن يوما من المتعاطفين مع هذا الزعيم، خاصة بعد خطئه الاستراتيجي بغزو الكويت، وبعد إعدامه لأقرب المقربين إليه وبعد ما فعله نجلاه وأسرته ببعض العراقيين والعراقيات!!!

هذه الأخطاء جميعها لم تكن إلا ثمرة السلطة المطلقة والتفرد بالحكم دون إفساح المجال للمشورة والرأي المخالف، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، والشواهد على ذلك كثيرة، صدام واحد منها، ولكن المدهش أن الحكام في الدول التي تدعي الديموقراطية بعضهم لا يقل سوءا في تفرده بالقرارات عن صدام، والرئيس الأمريكي بوش خير مثال لهذه الطغمة التي تتسم بديكتاتورية دفينة مع أنها ترأس دولا عريقة في الديموقراطية !!!

وإن كنا نجد العذر لصدام تاريخيا واجتماعيا وسياسيا باعتباره ابن ثقافته وبيئته، وابن العراق الذي قال فيه الحجاج: والله يا أهل العراق ! إنكم لأهل شقاق ونفاق! وإنني أرى رؤوسا أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها!! فما هو عذر بوش الذي ورث الديموقراطية أبا عن جد، والذي حاربت بلاده الانجليز لتنال استقلالها وترسي ديموقراطية حقة منذ قرنين!! ما هو عذر بوش الذي أشبع العالم تنظيرا في الحرية والديموقراطية والذي ما فتئ يزعم أن بلاده مستهدفة من قوى الإرهاب بسبب تلك الحرية والديموقراطية؟!!

وإن كنت لا أتفق مع الحجاج في رأيه ذاك، لأن تعميم السمات على الشعوب أمر خطر وغير مقبول من معظم جمهور العلماء، إلا أن التاريخ الحديث والقديم مليئ بالأسانيد التي ربما كانت تعطي مقولة الحجاج وزنا ودلالة، وما يحدث اليوم من جرائم بشعة بعد انهيار الدولة وسيادة قانون الغاب إثر اقتحام الديموقراطية الأمريكية الباهرة العش العراقي قد يكون واحدا من تلك الأسانيد!!!

من السخرية بالفعل أن يحاكم صدام على ما يسمى جرائم ارتكبت قبل عشرين عاما، في حين يبقى بوش وبلير طليقين على جرائم ترتكب كل يوم في العراق تسببا فيها أحيانا بشكل مباشر وأحيانا أخرى بشكل غير مباشر، ولكنها في جميع الأحوال مسؤوليتهم المباشرة، فالعراق بلد تحت الاحتلال وجيش الاحتلال مسؤول عن كل الماسي في العراق على الأقل في نظر القانون الدولي!!!

حين نعلم أن مشرحة بغداد وحدها قد استقبلت ثلاثة آلاف جثة مقتولة خلال الشهر الماضي ، فإن الرقم يشير إلى أن ثلاثين ألف عراقي على أقل تقدير سيكونون قد فقدوا أرواحهم بنهاية هذا العام بفعل جرائم التصفية العرقية الطائفية التي تلعب فيها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية وغيرها أدوارا مباشرة، هذا عدا بالطبع عن الآلاف التي قتلت مباشرة بأيدي قوات الاحتلال منذ بدء الغزو، ومئات الالاف من الأطفال والشيوخ المرضى الذين لا يجدون دواء ولا ماء ولا غذاء يحميهم من مصير محتوم!!!

في الدجيل يدعي فريق الادعاء أن صدام قد عاقب بضع عشرات بالإعدام جزاء لهم على مؤامرة دبرت لاغتياله، تبين من أقوال الشهود أن أغلبهم أحياء يرزقون!! أما بوش وبلير فقد تسببا ويتسببان في قتل مئات العراقيين يوميا دونما ذنب أو جريمة، والأدلة متوفرة والشواهد حية وقائمة، فلماذا لا يحاكم الرئيسان من باب العدالة إن كان هنالك من عدالة في عالم فقد كل القيم واستحالت فيه قوانين الأخلاق مسخا شائها ينفر منه الجميع؟!!!

لماذا لا يحاكم وزير الداخلية العراقية السابق والحالي على الجرائم البشعة التي تتم يوميا بحق السنة العراقيين والمقيمين العرب في أقبية الداخلية الجهنمية التي بات سجن الباستيل الشهير بجوارها يبدو كقصر الإليزيه؟!!!

كل تقارير المنظمات الحقوقية العراقية والدولية -بما فيها الأمريكية ذاتها- تشير إلى أن غالبية المحتجزين في هذه القبور هم من الأبرياء، فأين العدالة وأين حقوق الإنسان وأين قيم الديموقراطية؟! وحتى لو لم يكونوا أبرياء، فهل نقبل بما يمارس ضدهم من تعذيب بشع لا يتصوره عقل في تلك السراديب الشائهة المخجلة التي يبدو سجن جوانتانامو بجوارها نزهة في البرية!!!

رغم كل أخطاء صدام، فإن الرجل قد نجح في نقل العراق ليصبح قوة عظمى في المنطقة علميا وثقافيا وتربويا، ناهيك عن اقتصاديا وزراعيا وصناعيا، وحتى اجتماعيا ومدنيا، ونجح في ضمان الأمن والاستقرار لبلد كان يعاني على الدوام من الاضطرابات -رغم قسوة القبضة التي وظفها لتحقيق ذلك الهدف والتي لا نقرها رغم فاعليتها- فلماذا يحاسب هو في حين أن زعماء اخرين في المنطقة يرتكبون بحق شعوبهم ما هو أمر وأفظع ويبقون تلك الشعوب – على النقيض من صدام- في غياهب الجهل والتخلف والأمية والفقر؟!

حتى لو لم يكن لصدام أي حسنات على الإطلاق، فكيف يمكن يمكن للمثقف العربي أن يرى زعيما عربيا يحاكم بأيد غير عربية، وأن يكون قضاته وجلادوه هم بوش وبلير وزبانيتهما؟!

لو كان الشعب العراقي هو الذي انقلب على صدام وحاكمه، لهان الأمر، ولما وقع المثقف العربي في الأزمة التي يعيشها اليوم، ولكن المعضلة أن هذا الزعيم قد خلع بفعل قوة احتلال أجنبية استباحت أرض العراق وماءه وهواءه ونساءه وأطفاله ورجاله ولم تترك شبرا ماديا أو معنويا أو تراثيا إلا ودمرته لعشرات السنين إلى الأمام، فكيف نقبل فوق ذلك كله أن تأتي تلك القوة لتحاكم رئيس العراق السابق بدعوى حقوق الإنسان والحرية والعدالة في حين أنها هي ذاتها تفتقر إلى الشرعية والمصداقية؟!!

على الزعماء العرب أن يتعظوا، وعليهم أن يسارعوا إلى منح شعوبهم كافة حقوقها السياسية والمدنية وأن يبادروا إلى تطبيق الديموقراطية الحقة المنسجمة مع ثقافتنا وبنائنا الاجتماعي كي لا تداهمهم يد العدالة الأمريكية بالطريقة ذاتها حين تستنفد غاياتهم وتحرق أوراقهم وتستغني أميركا عن خدماتهم!!

هناك زعماء آخرون مرشحون لسيناريو صدام في المنطقة، وعليهم المبادرة إلى فتح أبواب الحريات وتحصين جبهتهم الداخلية كي لا يعيد التاريخ نفسه، ويجد المثقف العربي نفسه أمام المزيد من الأزمات النفسية التي تلقي الأمة كلها في أحضان اكتئاب سياسي لن يكون شفاؤه يسيرا !!!



#رلى_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استقالة عباس
- ملامح الشرق الأوسط الجديد
- الإعلام العربي ودعاوى الموضوعية
- خطأ جسيم ستعقبه ندامة!!!
- إنه نصرالله!!!!
- عالم خطر، ولكن.....!!!
- السم ممزوجاً بالعسل !!!!
- الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة
- الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة!!!!
- نصر الله وعبد الناصر!!!
- إلى أين تقودنا هذه الحرب؟!
- سوريا تقرر!!


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رلى الحروب - صدام وأزمة المثقف العربي