أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هادي فريد التكريتي - الأنفال مجزرة الحقد العنصري ..!















المزيد.....

الأنفال مجزرة الحقد العنصري ..!


هادي فريد التكريتي

الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 09:45
المحور: حقوق الانسان
    


" الأنفال " أسم سورة قرآنية ، وكلمة " الأنفال " الواردة في الآية الأولى من هذه السورة ، تعني الغنائم التي يتم الحصول عليها في الحرب ، وكيفية تقاسم هذه الغنائم بين المسلمين المساهمين في الحرب ضد قريش ، والمنتصرين عليها ، ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين )
لقد اتخذ النظام الفاشي ، وقيادته البعثية ، هذا الإسم ، " الأنفال " عنوانا لجريمة العصر المرتكبة في ربيع العام 1988 ، بحق الشعب الكوردي ، ولم أجد رابطا يربط بين اسم هذه الجريمة ، " الأنفال " ، وتقسيم الغنائم ، فهي لم تسفر عن غنائم ، إلا بالمفهوم المجازي " للغنائم " ، حيث أسفرت عن قتل أكثر من 100ألف مواطن عراقي ـ كوردي ، وُدفن آخرون أحياء في مقابر جماعية ، توزعت على مناطق مختلفة من العراق ، لم يسلم منها حتى الطفل الرضيع ،كما صاحبت هذه الجريمة المروعة ، استباحة لحرمة شرف الكثيرمن النساء الكورديات، وُعزل الأطفال عن أمهاتهم ، والرجال عن عائلا تهم ، مع تدمير آلاف القرى الكوردية ، وتهجير آلاف المواطنين من مناطق سكناهم إلى مناطق صحراوية متاخمة للحدود الأردنية والسعودية ، وهذا السبي هو النتيجة المنطقية لمفهوم " الأنفال " الفاشي والعنصري ، باركها كل القوميون والعنصريون العرب ، والكثير من المشايخ و" العلماء " المسلمين ، الذين أنزلوا صدام الفاشي ، آنذاك ، منزلة الأنبياء وأضفوا عليه هالة النبوة والقداسة ، وكل ما احتوته سورة " الأنفال " من صفات أودعها الله في نبيه ، ألصقوها زورا بصدام الفاشي .

إضفاء الطابع الديني والقومي ، على هذه الجريمة النكراء ، محاولة لم تنطلِ على الشعب العراقي ، الذي يعيش مأساة الحكم الفاشي آنذاك ، منذ إعلان الحرب على إيران ، إن لم يكن قبل هذا الوقت ، إلا أنها جازت على الكثير من الشعوب العربية والإسلامية ، نتيجة لتضليل ديني ، وإثارة لمشاعر قومية ـ عربية ـ عنصرية ، فلا رأس النظام هو البديل عن النبي محمد ، ولا الكورد هم المشركون المناوئون للدعوة الإسلامية ، إنما هي محاولة لتزييف الأسباب والدوافع الكامنة وراء ارتكاب الجريمة ، وأن ُيظهروها بمظهر الحرص على الإسلام ووحدة أراضي العراق ، المحكومة بنظام قومي ـ فاشي ، وهذا الأمر لم يخلُ من فبركة مستشاريه ، القوميين والإسلاميين ، الطامعين بالمال والجاه ، المحيطين بهذا النظام ، من أجل كسب عطف وتعاطف القوى القومية والإسلامية ، دولا ومنظمات وأفردا ، في شتى بقاع الأرض ، وهذا ما حصل ، نتيجته ، سكوت مطبق على هذه الجريمة ، ليس على عدم إدانتها عربيا ودوليا فقط ، وإنما عاونتها دول ومنظمات دولية ، للحيلولة دون طرحها على مؤتمرات المنظمات الدولية ، وهيئة الأمم المتحدة ، وهذا الواقع لم يكن بعيدا عن مساهمة الدول العربية وجامعتها المؤيدة للنظام الفاشي ،والدول الغربية ، وأمريكا ، التي كانت داعمة النظام في حربه ضد إيران ، وأمدته بكل أنواع الأسلحة ، حتى المحرمة دوليا ، التي استخدمت في هذه المجزرة .

القوة والعسف والإرهاب ، لن تجِدي ِ نفعا في غمط حقوق الشعوب المناضلة من أجل حريتها واستقلالها ، فوسائل القهر والبطش والتضليل ، ربما تؤخر بعض الوقت من الإنتصار ، إلا أن النتيجة المحققة ، في نهاية المطاف ، ظفر الشعوب بما ناضلت من اجله .
فمن بين ركام الحرائق والخراب ، والقتل الذي شمل آلاف الضحايا ، مجهولين ومعلومين ، ولما تمض بعد على مجزرة الأنفال بضع سنين ، تحققت للشعب الكوردي بعض أهداف نضاله ، بقيام سلطة وطنية كوردية في العام 1992، والنظام الفاشي لم يزل قائما ، وهو يشاهد اندحاره في معركته العنصرية ، على الرغم من جبروت آلته العسكرية ، وما تسببت فيه من جرائم ، راح ضحيتها آلاف الأبرياء والشهداء من الشعب الكوردي .
مسيرة الشعب الكوردي ، تتعمق يوما بعد آخر ، ولازالت تغذ السير باتجاه تطوير أساليب عملها ، لتجذير ممارساتها الديموقراطية التي حصلت عليها ، فتقديم الأفضل مرتبط بوعي الجماهير وتطويره ، واستجابة نظام الحكم لمطالبها مرتبط بالفهم الحقيقي لحاجات هذه الجماهير ، والنهج الذي تنتهجه وتمارسه القوى القومية الكوردية التي قادت ، وتقود حاليا ، نضاله السياسي ، مرتبط ، أيضا، بتجاوز أخطائها المرتكبة في الماضي والحاضر ، بحق القوى السياسية القومية الوطنية والديموقراطية العراقية وفي كوردستان ، سواء أكان هذا بالتضييق على الحريات العامة ، وخاصة حرية رأي الكتاب والمثقفين الكورد ، أو باتخاذ مواقف شوفينية من القوى القومية الأخرى ، فبدون إطلاق حرية المواطنين ، صاحبة المصلحة في التطوير والتقدم ، لم تتعزز انتصارات هذا الشعب ، كما ، ودون تفعيل مبادئ التضامن والكفاح المشترك مع القوى الوطنية والديموقراطية العربية العراقية ، الذي آلت نتائجه لما نراه اليوم من واقع لازدهار كوردستان العراق ، تبقى انتصارات الشعب الكوردي مهددة بالإرتداد وبالسقوط ، إذا ما تسلمت الحكم قوى قومية ، أو إسلامية ، تنزع نهجا غير وطني وغير ديموقراطي ، فالنضال المشترك الذي خاضته القوى الوطنية والديموقراطية العراقية بشكل عام ، والحزب الشيوعي العراقي بشكل خاص ، إلى جانب هذا الشعب ، ومساندته لكفاحه ونضاله ، منذ أقدم عهود الحكم الوطني ، كان ولا يزال ضمانة حقيقة لتقدم وازدهار فدرالية كوردستان ، وتمتع شعبها بالحرية والأمن والسلام ، فظرفنا الراهن ، والعراق يمر بمفترق طرق ، يفرض على القوى الكوردية ، بمختلف فصائلها ، وعلى القوى الوطنية والديموقراطية العربية ، وقوى الإسلام السياسي المعتدلة ، التعاون فيما بينها ، والتضامن مع بعضها ، من أجل إحلال السلم الأهلي بين الطوائف الدينية ، شيعية وسنية ، والقوميات والأديان ، التي تتعرض للتصفيات ، من قبل غلاة الإرهابيين والمتطرفين التكفيريين الإسلاميين ، وميليشياتهم التي تلاقي الدعم والتأييد من دول الجوار ، ودول أخرى كثيرة داعمة للإرهاب ، لها مصلحة حقيقية في بقاء الوضع الراهن العراقي ساحة للقتل والدمار ، وهذا الواقع لن يجعل كوردستان ـ العراق وشعبه الكوردي بمنجى ، عما تخطط له الدوائر الإقليمية والدولية ، من إعادة الوضع الكوردستاني إلى سابق عهده ، فتجارب الحركة الكوردية ، في الماضي ، كثيرة وغزيرة ، حيث تمت التضحية بنضال الشعب الكوردي ، نتيجة لتوافق المصالح الأجنبية ، مع ضرورة حفاظ الدول الإقليمية على أمنها ,وتركيبتها السكانية ، التي ُتَشِكل القومية الكوردية مساحة وكثرة ، أكثر مما هو في العراق عددا ومساحة ، وبعبارة أخرى ، تلاحم نضال القوى الوطنية والديموقراطية العراقية ، بكل إثنياتها الدينية والطائفية والقومية ، وتعاونها الدؤوب ، في البرلمان وخارجه ضرورة وطنية ، وصمام أمان ، في عدم عودة فاشية جديدة ، قومية أو دينية لحكم العراق .

الفكر والعقيدة القومية ، بغض النظر عن المنشأ والعنصر ، على مختلف العهود ، هي السبب في المجازر التي حدثت للشعوب ، في مختلف المراحل التي مر بها تاريخ هذه الشعوب ، وهي أيضا ، العقيدة القومية ، التي تسببت في مجزرة الأنفال بحق الكورد ، وحلبجة والقبور الجماعية ، والمجازر الأخرى التي ارتكبها النظام الفاشي العراقي ، بحق الشعب العراقي ، بمختلف قومياته وطوائفه ، فلا تجب إدانتها فقط ، لعدم تكرارها مستقبلا من حاكم أو حكومة ، وإنما الضرورة تستوجب تثقيف الشعب العراقي وأجياله القادمة ، بهذه المجازر ، أسبابها ومسبباتها ، والنتائج التي تمخضت عنها ، وتدريسها في كل المراحل الدراسية ، وإدخالها في كل مناهج مراحل المدارس العراقية ، وحتى أعلاها شأنا ، بوضع جوائز تقديرية لتشجيع البحوث المتميزة ، ولشهادات الدكتوراه التي تعالج عنصرية الفكر القومي وجرائمه ، ولما أصاب الكورد أكثر من غيرهم من هذه جرائم هذا الفكر ، ولأنهم يشغلون مواقع متميزة في الحكم ، واتخاذ القرار ، فعليهم تقع هذه المسؤولية ،التي تتناول معالجة هذا الفكر المنتج لهذه الجرائم ..على الأجيال أن تتذكر جريمة العصر ، " الأنفال "...!



#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الذات ..وصراحة المسؤول..!
- عشتار وتموز ..وقصة الخلق العراقية ..!
- أمريكا عدوة الشعوب ..!
- الكورد الفيلية ..والمحكمة الجنائية العراقية العليا ..!
- من الذي شبك سيار الجميل ..؟؟
- في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة 14 تموز ..!
- الكورد الفيلية ضحية حكم عنصري وفاشي ..!
- !...خاطرة / عن حسن سريع ..وقطار الموت
- ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!
- علمانية الدولة ضمانة للديموقراطية..!
- لحية العنزة ..والسروال الشرعي ..!
- الحكومة وخططها الأمنية ..والمليشيات ..!
- عن صراحة ابن عبود مؤتمر اتحاد كتاب السفارة العراقية في السو ...
- الزرقاوي والمتياسرون ..!!
- المليشيات ..ووعود المالكي ..!!
- ..!أمجاد نعاديها
- الطبقة العاملة ..وطموح حزبها السياسي ..!!
- الشخص المناسب في المكان المناسب ..!
- الديموقراطية والواقع في العراق ..!
- الذاكرة العراقية ..!


المزيد.....




- مغنية تردد النشيد الوطني الأميركي بالإسبانية بدل الإنجليزية ...
- تورك: تقليص تمويل حقوق الإنسان يضعف المساءلة ويمنح الطغاة شع ...
- اختراق أمني حتى النخاع؟ الإعدام شنقا بحق إيراني متهم بالتجسس ...
- اللجنة الدولية للصليب الأحمر: تدهور متواصل في الوضع الإنساني ...
- السوداني: يحق لإيران الدفاع عن نفسها وفق قوانين الأمم المتحد ...
- تحذير أممي: نحو مليوني فلسطيني معرضون لخطر المجاعة بسبب الحر ...
- السجن مدى الحياة لطبيب سوري شارك بتعذيب معتقلين
- فيديو: عراقيون يتظاهرون في بغداد دعما لإيران وغضبا من إسرائي ...
- مقتل 20 فلسطينياً قرب مراكز توزيع مساعدات في غزة، والأونروا ...
- الأوضاع الكارثية في قطاع غزة تتصدر أعمال الدورة الـ59 لمجلس ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هادي فريد التكريتي - الأنفال مجزرة الحقد العنصري ..!