أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هادي فريد التكريتي - ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!















المزيد.....

ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!


هادي فريد التكريتي

الحوار المتمدن-العدد: 1599 - 2006 / 7 / 2 - 02:36
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


احتلال العراق من قبل القوات البريطانية ، أثناء الحرب العالمية الأولى ، كان نتيجة لاندحار القوات التركية وتراجعها أمام القوات البريطانية ، وطيلة فترة الحرب وتواجد قوات الاحتلال البريطانية على الأرض العراقية ، كانت الحكومة البريطانية تنشر وعودها ، على مختلف المستويات الوطنية والدولية ، بتصميمها على تشكيل حكم وطني للعراق ، ومنحه استقلالا سياسيا . بعد انتهاء الحرب ، نكثت كل دول الحلفاء ، ومن ضمنها بريطانيا ، بعهودها التي قطعتها لشعوب المنطقة العربية ، فكانت ثورة العشرين هي الرد الحاسم على قوات الاحتلال البريطاني ..
إن الميزة التي تميزت بها ثورة العشرين ، كون قادتها رجال دين وشيوخ عشائر ، لم يعلنوا عن هوية لهم ، غير الهوية الوطنية العراقية ، وساهم في إدارة الصراع ، قبل الثورة وبعدها ، شخصيات عراقية وطنية ، مساحة حركتها مثلت العراق كله ، بكل أطيافه وتقسيماته ، القومية والدينية والمذهبية ، وعندما فشلت الثورة ، كان جزاء الثوار والداعمين لها السجن والنفي والإبعاد ، دون تفريق أو تمييز بين شخصية وطنية وأخرى دينية ، على أساس قومي ـ عنصري ، أو ديني طائفي ، فالكل عراقيون ووطنيون ، ساهموا من اجل حرية واستقلال الوطن . فشل ثورة العشرين وعدم تحقيق أهدافها الوطنية التي قامت من أجلها ، لم يكن سببه عدم كفاءة الثوار وقيادتهم ، مقارنة بعدد ومقدرة ، ما كان عليه جيش الاحتلال الإنكليزي ، من تسليح وتجهيز ، فرغم أهمية هذا الواقع على أرض المعركة ، إلا أن الثوار كانت لهم انتصاراتهم على جيش الاحتلال ، في مواقع كثيرة ومتعددة ، تشهد عليها الرارنجية وأرض الدليم ومنطقة ، التي جسدتها أهازيج الثوار ، من بعضها " الطوب أحسن لو مكياري " و " جلينا من ذبح الصوجر " كما فشلها لم يكن نتيجة خطابها السياسي ، فعلى العكس من هذا تميز خطاب الثورة والثوار الموجه للعراقيين بالوطنية ، دون أدلجة فكرية وسياسية ، ولم يكن معبرا عن توجهات قومية ـ عنصرية أو دينية ـ طائفية ، وهذا ما حقق للثورة إجماعا وطنيا تفتقر إليه الكثير من ثورات القرن الماضي ، الخلل ونقطة الضعف التي أدت إلى الفشل ، هو عدم قدرة الثوار على صياغة برنامج وطني ـ سياسي يؤسس لتشكيل دولة حديثة ، يكون بديلا عما تريده وتفكر به إدارة الاحتلال .
التاريخ يسطر ما جرى في الماضي ، ويترك الدراسة والتحليل لعبره ونتائجه للأجيال اللاحقة ، وما يحصل لنا في عراق ثورة العشرين ، من مآس رهيبة ، وجرائم فضيعة ، وويلات خربت البلد ودمرت الشعب ، بعد أكثر من ثمانين عاما من تلك الثورة الواعية والحكيمة ، رغم فشلها قادت الشعب إلى وحدة حقيقة ، أذهلت إدارة الإحتلال وقيادته ، فتجاهل التاريخ ، وجهل قراءته ، قراءة واعية ، أو عدم قراءته أصلا ، يفسر الفشل الذي أحاق بالقوى السياسية العراقية المتصدرة لحكم العراق ومعالجة التردي الحاصل ، فما غاب عن ثورة العشرين وقيادتها الوطنية آنذاك ، تغيبه قسرا دولة المحاصصات الطائفية والعنصرية ، إلا وهو المشروع الوطني البديل لحكم النظام الفاشي ، وبديله المنفذ حاليا ، هو مشروع طائفي متخلف يحقق للمحتل كامل أهدافه التي توخاها من احتلاله العراق ، وحقق للعراق وللعراقيين ، فتنة طائفية سوداء ، عجزت عن تحقيقه قوات الإحتلال البريطانية ، أثناء احتلالها للعراق ، وحتى بعد فشل ثورة العشرين . وليس مصادفة أن تناط مهمة بدء احتلال العراق وحماية جنوبه بالقوات البريطانية ، فهي لتذكير العراقيين ، بأن أسباب فشل الاحتلال البريطاني للعراق ، ما عادت هي الأسباب نفسها التي تؤرقهم ، فالطائفية التي عجزت قوات الاحتلال البريطاني عن إشعال أوارها آنذاك ، تؤججها اليوم وتغذيها ، وتنفذها ، قوى قومية ودينية عراقية ، ومشاريع المصالحة الوطنية يجري تفريغها من محتواها الوطني ، وهدفها الإنساني ، فبين العراقيين تاريخيا ـ وثورة العشرين شاهد على هذا ـ لم يكن هناك تناحر طائفي ، بل على العكس ، سلم ووئام ومحبة ، وإلا ما كانت هناك علاقات حب وزواج عادية ، وصداقات وشيجة ، وعلاقات إنسانية أخرى كثيرة ومختلفة ، تحققت بين شيعة وسنة ، ولما كان هناك من سكن وتنقل مواطنين للعمل ، جري آنذاك ، وفي كل العهود من الحكم الوطني ، بكل حرية في كل المناطق المختلفة من العراق دون تمييز ، يجري ترحيلهم اليوم إلى مناطق اغتراب إنسانية ، وفق مخططات طائفية مصحوبة بفتاوى لقيادات غبية وجاهلة .العراق وشعبه لا يحتاج لمصالحة بين مواطنيه ، المجبولين ، بداهة، على المحبة وعمل الخير ، ما يحتاج المصالحة ويفتقر إلى صحوة الضمير ، هم قادة الحكم الطائفي بشقية ، السني والشيعي ، المتعطشة للسلطة وللجاه وللإثراء السريع ، وهي نفسها تقود هذه المليشيات المتناحرة باسم القومية ـ العنصرية والدينية ـ الطائفية ، المتسببة في الحالة البائسة والمتردية التي يشهدها العراق ، والضحايا هم أبناء الشعب العراقي التي يقع عليها القتل والدمار .
السيد المالكي ، رئيس الوزراء ، يفرغ مبادرته من أي إطار لتحقيق نجاح ما : ـ أولا ، بسبب معارضة أغلب عناصر كتلته البرلمانية على هذه المبادرة ، أسوة بما هو عليه الحال من مؤتمر الوفاق ، الذي عقد في القاهرة ، وثانيا : لم تطرح هذه المبادرة على مؤتمر عراقي ، يضم مختلف القيادات السياسية والكتل العراقية الوطنية والقومية والدينية ، بمختلف طوائفها ، والقوى المستقلة الأخرى ، المساهمة في السلطة أو من خارجها ، لمناقشتها وللإستماع إلى ردود أفعال الحضور والمشاركين ، إنما أوكل الأمر وفق ما أعلنه المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء : ( " للهيئة الوطنية العليا " لإدارة مشروع المصالحة والحوار الوطني وللقوى السياسية أن تقدم وجهات النظر والآراء والمقترحات للمساهمة في إنجازها ) دون أن يعلمنا عن قوام هذه الهيئة وتشكيلتها ، سوى اسم السيد أكرم الحكيم ، الذي هو لا يخرج عن طور ومقاسات الطائفية ، ورؤيتها للمصالحة وفق منظور يتماشى مع الكتلة التي جاءت بالسيد المالكي إلى رئاسة الحكومة ، والسيد أكرم الحكيم إلى ترأس هذه الهيئة . وثالثا : التعتيم على القوى التي ترغب بالمصالحة ومكوناتها ، وهذا ما يلحق ضررا كبيرا بمصداقية المبادرة ، ويجعلها حوارا بين شياطين وأشباح لتهديد الشعب العراقي وإلحاق الرعب في قلبه ، من أجل تنفيذ مخططات طائفية لاحقة . كشف الحوار ورفع اللثام والأقنعة عن المتحاورين ومطاليبهم والأهداف التي يرمون إليها هو السبيل إلى مصالحة حقيقة وليس العكس ..
رابعا ، ما يجب ان تبدأ به " المصالحة " وقبل كل شيء ، هو إنهاء أي دور وأي قدرة لنشاط المليشيات الطائفية ، من أية جهة كانت . فالسيد المالكي ، وضع يده على الجرح الحقيقي الذي يعاني منه الشعب العراقي ، وشخص بوضوح وشجاعة ، الدور الذي تمارسه المليشيات في عدم استقرار الأوضاع الأمنية في العراق ، فهو خير من يخبرنا ، لأنه من أهلها ، عندما قال " لا نتصور استقرارا أمنيا مع وجود المليشيات .." فعلينا أن نصدقه ، وهي فعلا العقدة الحقيقة لاستقرار الوضع الأمني والمعاشي للشعب العراقي ، وبدون هذا يبقى الحديث يدور في حلقة مفرغة ، عن كل المشاكل التي تحيط بالعراق وأهله ، والتي تجاوزتها ثورة العشرين بدهاء وفطنة ، ونفاذ بصيرة ، وعمق وطنية قادتها الأبرار ، رضوان الله والخلق عليهم ..
30 حزيران 2006



#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمانية الدولة ضمانة للديموقراطية..!
- لحية العنزة ..والسروال الشرعي ..!
- الحكومة وخططها الأمنية ..والمليشيات ..!
- عن صراحة ابن عبود مؤتمر اتحاد كتاب السفارة العراقية في السو ...
- الزرقاوي والمتياسرون ..!!
- المليشيات ..ووعود المالكي ..!!
- ..!أمجاد نعاديها
- الطبقة العاملة ..وطموح حزبها السياسي ..!!
- الشخص المناسب في المكان المناسب ..!
- الديموقراطية والواقع في العراق ..!
- الذاكرة العراقية ..!
- الأئمة من قريش ..!!
- الدستور هو المشكلة ..!!
- مصداقية ساستنا ..ووطنيتهم ..!
- باقة من الورد ..للحزب الشيوعي العراقي في عيده ..!
- عدوى الديموقراطية ..وعمرو موسى ..!
- المقاومة ..والدفاع عن الوطن ..! !2 2
- المقاومة ..والدفاع عن الوطن ...!! 12
- الدجيل ..وحلبجة ..!
- المأزق العراقي ..والحل في قراءة التاريخ ..!


المزيد.....




- إعلام إيراني: إسرائيل تهاجم مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الر ...
- زيلينسكي يعول على حزمة أسلحة أمريكية موعودة لأوكرانيا
- مصر تحذر من استمرار التصعيد الإسرائيلي الإيراني على أمن المن ...
- لحظة استهداف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (فيديوها ...
- لقطات من داخل مستشفى الفارابي بمدينة كرمنشاه غربي إيران عقب ...
- ترامب: الأمر مؤلم لكلا الطرفين.. إيران لن تنتصر بالحرب على ا ...
- هل مقعد 11a هو الأكثر أماناً على الطائرات؟
- نتنياهو: إسرائيل على طريق النصر وعلى سكان طهران إخلاء المدين ...
- -سي إن إن-: ترامب يتجنب المواجهة مع إيران لكن الجمهوريين يحث ...
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزي ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هادي فريد التكريتي - ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!