أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - السعيد عبدالغني - أقنعة المبدع_ السعيد عبدالغني















المزيد.....

أقنعة المبدع_ السعيد عبدالغني


السعيد عبدالغني
شاعر

(Elsaied Abdelghani)


الحوار المتمدن-العدد: 7045 - 2021 / 10 / 12 - 03:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


نرتدي الأقنعة لكي لا نواجه الآخرين بحقيقتنا.ونوازع الأمر كثيرة ربما خوفا من فقدانهم ،وربما خوفا من تجريم وجودنا بجوارهم، وربما خوفا عليهم من صدمة الاختلاف الكبيرة بيننا وبينهم وربما خوفا عليهم إن كانوا يمسونا عائليا من نظرة المقيدين لهم.وإن كنت على علم بسيكولوجيتهم وبمعارف أكبر عنهم وعنك فهذه هي المأساة.أي إن كنت كاتبا وتخفي أفكارك وتستخدمها بتبطين في شكل شخوص ولا تَسَلم أيضا من النعت بهويات شخصوك الخيالية بالنسبة لهم،الحقيقية بالنسبة لك.

نرتدي الكثير من الأقنعة أمام عائلتنا، أمام المجتمع، أمام الذات، أمام دور النشر والكُتاب الآخرين.. والخ،أمام كل ما يمثل سُلطة ممكنة أو له خاطر شعوري لدينا أو لديه منفعة شخصية لنا.

القناع أمام العائلة :
هو أصعب الأقنعة وأشدهم ثقلا على وجهنا، لأن التصريح بالهوية ممكن أن يتم إلى طردنا من البيت،إن لم يكن لدينا عملا يكفل لنا سكنا وحياة.وفي هذا العالم المقيد إن صرحت بهويتك لن تجد أحدا بجوارك ولا أحدا يدعمك ولا أحد يقبل أن يشغلك.

وقد حدث معي ذلك ولم أكن أشعر بذنب مِن ما في رأسي بل كنت أشعر بقدسية حريتي وقد كلفني ذلك الكثير ،الضرب والسباب والنبذ والتحقير في النظرات والنعت بالكسل والفراغ.والآن أفكر ماذا لو كنت أخفيت كل هذه الأفكار عن الدين والحريات أمامهم،وماذا كنت سأجني من دعم أو بشكل آخر كنت بطنت آرائي بمغلفات لا ترك الموروث ونقده كله.

وأسباب هذه الحرية في نظر المقيدين أنها رغبة في الاختلاف والظهور وإن كانت رغبة في ذلك فهذا المبدع الحر كان ممكن يستخدم نشاطه الإبداعي فيما يتناسب مع مجتمعه ويكون أكثر شهرة وأكثر تأثيرا وأكثر ظهورا.

المشكلة أن هذا القناع له مبررات من الذين يلبسونه وهي العلاقة العاطفية الطفولية مع أفراد العائلة وأهمهم الأم فأتذكر بعض الناس في قريتي قالوا لأمي أني ملحدا وقد أحدث ذلك بلبلة ووصلت إلى حد الإغماء عليها واصفرار وجهها تماما.والذي قال لها ذلك لم يكن ينوي سوى إيذائها ومعايرتها ليس لخوف عليّ إن كان هذا مدعاة خوف من الأساس.

يتم النعت من أقرب الناس لك بيولوجيا بالشيطنة والحقارة والجنون والكفر وإن كُنت ذات رهافة سيؤثر ذلك عليك وتغرق في متاهات التبرير ومحاولة تبرير إنسانيتك ومحاولة إفهامهم إنسانيتهم.وكذلك في الكآبة الإضافية على كآبة الفكر وعدمية الحياة ولامعناها، فالطاقة المبذولة في ذلك عظيمة جدا والطاقة الممتصة من النبذ تقريبا هي كانت كل الطاقة التي لدي. فإن حاولت إقناع عقلك بأن ذلك جهل لن تستطيع إقناع شعورك بالأمر ،فالكثير الكثير من الأفكار لا يعترف بها الشعور، ولا يتقبلها ويغرق في جلد ذاته بحقارته .

القناع أمام المجتمع :
إن جهرت بفكرك المختلف والمخالف لكل السائد والأعراف سيصنفوك في خانة المجانين والملحدين والكفار،والتصنيف ذلك من أبشع التصانيف في المجتمع الإسلامي،كونه يتبعه إهدار لحياتك ودمك فالنصوص واضحة في معاملة الكفار والمجانين واستلابهم حقوقهم بفرح تحقيق الأمر الإلهي.


ضِف إلى ذلك الوحدة التي كلفها لك وعيك والتي تجعل الناس تنفر منك وتبعتد عنك حتى أصدقائك الذين كانوا يشاركونك كل شيء حتى اختلفت ونقدت كل شيء يؤمنون به ـفمرة كنت أدخن الحشيش حتى قال لي بعض المشاركين "أنت ملحد،نحن نفعل كل شيء ولكن لا نقترب من الله"وتشاجرنا لدرجة أني مسكت لياقة أحدهم ومسك لياقتي وهو لا يعرف نظرتي للأمر ولا لله بل كل ما يعرفه هو البوستات التي أقوم بكتابتها على الفيسبوك فيها لفظ الله بدون حمد وثناء.

وأتذكر بعض الحكايا التي قيلت لي من أصدقاء حقيقيين خالفوا السائد والعرف بأن القرية حكمت عليهم في المسجد بالكفر وأقاموا خطبة كاملة عنهم.رغم أن كل الأفعال الشيطانية التي ينعتونها بذلك يقومون بها هم أنفسهم من مثلية وجنس خارج الزواج والخ،لكنهم يقومون بها بتبرير ديني ليس تبرير حرية حيث الدين تسمح نصوصه اللولبية بتبرير كل شيء.

والمجتمع الذي ينبذ كل الأفعال التي يظنها محرمة يقوم أناسه بفعلها بشكل كبير جدا،رغم هذا التحريم الكبير ،ولا يقوم بها حتى الناس العادية بل الشيوخ.

تم النظر لي باحتقار وتم الابتعاد عني وتم غلق أبواب البيوت في وجهي من آباء أصدقاء والقول لهم بأني غير مرحب بي في بيتهم، لهذه الحرية الحرة والعارية.

الآخر مشارك في وحدتي وفي هواجسي مهما ابتعدت ومهما كنت متوحدا ومهما انعزلت.والذي يؤكد ذلك أن أحلامي وقسط منها يدور حول صلبي ورجمي.

القناع أمام دور النشر والكُتاب الآخرين :
هذا القناع الذي يواجه المنفعة الشخصية والتعبير فلا تجد بسهولة من ينشر لك ويجب إن لم تكن ذا سمعة جيدة أن لا تكون ذا سمعة سيئة فالأفضل أن تكون مغمورا.

وفي هذا المجتمع العربي لا يتم التعامل مع النصوص على قدر جودتها بل على قدر كاتبها وإن كنت حرا ومجاهرا، فذلك سيؤذيك في النشر لتكتمل وحدتك ولينطمس إبداعك فإيجاد الأحرار في هذا المجتمع السلطوي المقيد يشبه البحث عن معنى للحياة.



القناع أمام الذات :
هذا هو أخطر قناع وأكثرهم مأساوية وأكثرهم تشويها لملامحنا الحقيقية لأنه إن لبسه الكاتب أو المبدع الحر بالعموم سيؤثر على إنتاجه وسيؤثر على مصداقية ما يقدمه وسيعيشه في مفارقات كثيرة وتضادات كثيرة بين مفاهيمه.وإن تم لبسه لفترة طويلة يصبح له دلالة تاريخية فيه وسلطة عليه.فهو يمسخ مفاهيمه كلها ولن يعبر بحرية بل سيعدل دوما على كل ما يكتبه ليدخله الإطار ويهذبه.

ولكن القناع يولد قناعا حتى تذهب الهوية الحقيقية ولكني لا أتحدث عن مفهوم الهوية هنا الضائع بين كل هذه الأقنعة بل عن سوسيولوجيا الأقنعة.

فإن لبست قناعا وأنا وحدي،في رأسي،على ورقتي،فهذا له نازعين إما الاستلاب وقهر الأقنعة الأخرى، وإما لعدم قدرتي على مواجهة ذاتي الحقيقية التي بشّعها المجتمع والآخر والعالم وخوّفني تارخي النفسي منها.

لا ألبس الأقنعة ولا أُخرس لساني إلا لسبب فكري بعيد عن الخوف من ما سألاقي،وهو عدمية كل شيء التي تفرد أحيانا ما يسمونه بالتهور في الدفاع عن أشخاص حتى هم بالنسبة لأنفسهم مذنبين ومجانين ووسخين.



#السعيد_عبدالغني (هاشتاغ)       Elsaied_Abdelghani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد المجتمع العربي 1_السعيد عبدالغني
- المدارس الفنية : الدادائية
- مناقشة قصيدة آن سكستون _أريد أن أموت_
- لا تنقل اللغة مواجيدي يا إلهي
- التداخل بين الشخصيات ريفيو لفيلم عباس كيارستمي كلوز أب
- كسّرت صليبي يا إلهي ولم أنظر لأعلاه
- سينما المخرج اليوناني ثيو أنجيلوبولوس
- المشانق
- قصة قصيرة-سيرة مجنون-_السعيد عبدالغني
- قصة قصيرة_الهوس بسطح البيت في الفجر_
- قصائد إلى أدونيس
- إلى فان جوخ
- آراء الشعراء الكبار أدونيس وقاسم حداد في شعري
- أناشيد الأناركية والمحو
- صوفيات سريالية
- رسالة إلى المغنية روناهي مامو
- تأملات في فلسفية في الفوضى
- قصيدة للسورية،للعراقية،لليبية،لليمنية،للسودانية،السعيد عبدال ...
- نثر للشاعرة البولندية آنا كامنيسكا،ترجمة السعيد عبدالغني
- سوسيولوجيا الخول في المجتمع العربي ،السعيد عبدالغني


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - السعيد عبدالغني - أقنعة المبدع_ السعيد عبدالغني