أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - رقّ الحبيب














المزيد.....

رقّ الحبيب


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 7040 - 2021 / 10 / 7 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


تصوّر فنّاناً تشكيلياً يضع أمامه عشرات الألوان، ويقوم بنقلها إلى خامته البيضاء، جريئاً دون تردّد.
تُفكّر كيف بوسعه أن يُنهي عملاً فيه كل هذا الكمّ والركام من الألوان، التي بدت غير مُنسجمة، لا بل مُتنافرة.
بعد أربع ساعات يُحقّق مُعجزة.
أو شيف أمامه، على طاولة المطبخ، عشرات الأنواع من الخضار، اللحوم، الأسماك والطيور، يقول لك أمهلني أربع ساعات، فتفكّر: مُستحيل. كيف له بمزج وخلط كل هذه المحتويات وتقديم وجبة شهيّة؟ خطأ! لأنّك ستتناول أشهى وأطيب وجبات حياتك.
هكذا فعل محمد القصبجي حينما اختلى بأمّ كلثوم لمدة أربع ساعات عام ١٩٤٤ ليُلحّن لها «رقّ الحبيب».

كانت أمّ كلثوم قد تجاوزت مرحلة الطقطوقات الموسيقية التي غلبت على السنوات العشرين الأولى من القرن العشرين، والتي كانت، في الأصل، لإرضاء مجون الخديوات وطبقة النبلاء. وكانت أيضاً تحتلّ المرتبة الأولى دون مُنازع، تاركة المكانة الأولى والثالثة لتتنافس عليها ليلى مُراد وأسمهان، وحتى الشابة ألكسندرا نقولا بدران اللبنانية السورية المولودة في ميرسين التركية (التي سمّاها يوسف وهبي بنور الهدى)، وطامحات عديدات أردن ركوب موجة الشهرة في مصر السابحة في أضواء السينما والغناء والمجد.
ورغم أنّ محمد القصبجي كان قد سبق له تلحين العديد من أغاني الآنسة/السيّدة كوكب الشرق، بدءاً بأغنية «قال إيه حلف ما يكلمنيش» عام ١٩٢٦، وخلال عقد الثلاثينات، ودخول الشاب رياض السنباطي على الخطّ عام ١٩٣٥، إلّا أن التعاون المُذهل هذا لم يُتوّج قبل رقّ الحبيب.
الشاعر أحمد رامي، الذي كتب أشهر أغاني السيّدة، والمُتيّم في حبّها أيضاً، إلى جانب قصب (هكذا كانت تُسمّي القصبجي)، كتب رقّ الحبيب.

لن أكون أولّ من يُعمّد هذه الأغنية الأعجوبة إلى واحدة من أهمّ الأغاني في تاريخ الموسيقى العربية، بل أكثرها عبقرية وصادمة. صادمة بسبب تنوعّ مقاماتها وإنسجامها في نفس الوقت.
في مطلعها (رقّ الحبيب وواعدني وكان لو مدّة غايب عني) يستعمل النهاوند، ثمّ يُحوّل إلى مقام راست (صعب عليّ أنام أحسن أشوف في المنام)، ويعود مرّة اخرى إلى نهاوند (غير اللي يتْمنّاه قلبي). وهنا تأتي المُفاجأة التي أذهلت مُختصي الموسيقى وذوّاقتها، حينما يقلب الطنجرة رأساً على عقب ويستعمل الراست (سهرت أستنّاه، وأسمع كلامي معاه)، ليعود إلى اللازمة الموسيقية نهاوند دو.
وهكذا يقفز من غصن لأخر برشاقة بلبل، فيزاوج بين مقامات السوزناك والنكريز والراست وحجاز كار كرد وحجاز وكرد والبياتي.

نجاح هذه الأغنية جعل مسيرة كوكب الشرق تُقسم إلى قبل رقّ الحبيب وبعد رقّ الحبيب. حتى أنّ رياض السنباطي الذي لم يخف غيظه وحسده حاول تقليد القصبجي على نحو واضح في «سلوا قلبي غداة سلا وتابا» عام ١٩٤٦.

الغريب أن أمّ كلثوم وضعت قصب خلفها كعازف عود فحسب إلى يوم مماته عام ١٩٦٦، إن لم أذكر مساهمته في وضع ثلاثة ألحان لها في فيلم «فاطمة» عام ١٩٤٨.
لا يتعلّق الأمر بعدم رغبته. هو كان يتحرّق في الواقع لتقديم المزيد إلى ثومة، ليُؤكّد ولعه وحبّه المكتوم لها. وقد قام بتلحين عدّة أغانٍ لم تثر إعجابها فأعطتها للسنباطي حيناً، ولمحمد الموجي أحياناً اخرى.
يقول قصب في حوار نادر لمجلة الشبكة عام ١٩٥٨ «أنا اليوم عازف في فرقة أمّ كلثوم». يُكمل الصحفي «ومُلحّن أمّ كلثوم»، فيقول «لا، ده كان من زمان. أنا عبد في طاعة مولاته. هكذا تُحتم عليّ لقمة العيش. أنا هويت وانتهيت يا أستاذ، خلاص، لم يبق مني إلا أنامل جرداء. قل عني إني بقايا ملحن، بل بقايا شخص، أنا عملت ما بوسعي وخرجت بأمّ كلثوم في أكثر من عشرة ألحان قدّمتها لها ولكنها أھانتني. وعندما تُهينني فهذا يعني أحد أمرين، إمّا أني فاشل وهذا رأيها، أو أنها رجعية وهذا رأيي».



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القليل عن السينما الإيرانية
- الحصى لمن حصى
- جدّدت حبّك ليه
- أراك عصي الدمع
- ستورمي
- في قطار ياباني عابر
- في الحب
- الموت كل يوم
- مدينة الساتيلايت
- صديقي فريدريك
- االضباع
- شام-الفصل السابع والعشرون والأخير
- شام-الفصل السادس والعشرون
- شام-الفصل الخامس والعشرون
- شام-الفصل الرابع والعشرون
- شام-الفصل الثالث والعشرون
- شام-الفصل الثاني والعشرون
- شام-الفصل الحادي والعشرون
- شام-الفصل العشرون
- شام-الفصل التاسع عشر


المزيد.....




- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...
- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...
- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - رقّ الحبيب