أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - شام-الفصل الحادي والعشرون















المزيد.....

شام-الفصل الحادي والعشرون


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 6270 - 2019 / 6 / 24 - 13:57
المحور: الادب والفن
    


بدأ العام الدراسي، وجاءت دفعة جديدة من الطلاب، في الوقت الذي تشرذمت دفعتنا وتوزّعت على مختلف الأقسام.
اخترت التصوير، لأنه بقي الخيار الأفضل.

في السنة الثالثة كان لدينا الوقت للجلوس في كافتيريا أبو رياض ودراسة الدفعة الجديدة من الطلاب، أقصد الطالبات، بفضل جرعة زائدة من الشعور بالثقة، ومعرفة المزيد من ألاعيب المكر والشيطنة، لكن، بالرغم من ذلك، كنّا نقع في بعض الحماقات.

ومن هذه الحماقات، أنني وقعت في حبّ عبير، حتى آخر شعرة من جسمي. عرفت منذ البداية أن المسألة برمتّها مجرد نزوة، فعبير تنحدر من عائلة برجوازية دمشقية منذ أيام العثمانيين.
ولن يُخطئ المرء حينما ينظر إليها، فهي لم تكن ترتدي نفس الثياب مرّتين، جميلة وحسنة التغذية، وشعرها بلون القشّ.

كنّا نجلس معاً على السطح، هي تتحدث، وأنا أدخّن. أحببت الإصغاء إلى لهجتها الشامية الساحرة التي تُناسب تماماً الذين على شاكلتها.

أتجنب السكر، لأنني لا أستسيغ السكارى المتهيجين والمتقيئين الذين يتغوطون في سراويلهم من شدة السكر، لكنني شربت ذاك اليوم البراندي الحمصي مع مهيار حتى كاد أن يُغمى علي، وعدت إلى الكلية منتظراً عبير.

كنت مجنوناً بها.
حينما أنهت الدرس النظري في قبو الكلية، مشيت معها في شارع مرشد الخاطر باتجاه السبع بحرات، وأذكر أنني كنت قد حضّرت كلماتي بشكل جيد.

وحينما بحت لها بحبي، قالت لي بكل لطف أنها تحبني كصديق.
أية قذارة مؤلمة أوقعت نفسي فيها!

عدت إلى غرفة مهيار، التي كانت بباب منفصل عن شقة عائلته، ورويت له ماحدث وأنا أكاد أبكي، فضحك مني دون أن أشعر بأية سخرية.

حاولت أن أنسى تلك الحادثة دون جدوى، فهي تحسّني بالخجل إلى اليوم.
لكم أضعت من الوقت في أمور تافهة، لكن رأسي كان مليئاً بالفتيات، مثل بقية الشبان.

في اليوم التالي اعتذرت من عبير وأشرت إلى أن ما بدر مني كان بسبب الكحول. أبله أنا.
مشروع صداقتنا كان قد إنهار.

تحدث بعض الزملاء عن إصابة أسعد عرابي بانفصام الشخصية، فألّفت دعابة مفادها أنه يدعو دائماً الآخر ليدخل الغرفة قبله. في الوقت الذي كنت ماأزال أعاني من آلام الخاصرة، وجعلني الأمر أنتقل من أخصائي إلى آخر. آخرهم كان من خريجي السوربون، كما ذُكر على لوحة إسمه في الشارع، علاوة على مقالة مطّولة عن مآثره.

إستنتجَ أنني أعاني من حساسية في القولون، بسبب عملي المفرط في مجال الفن التشكيلي والسينما، هكذا.
وحين اشتريت الحبوب التي وصفها لي، وكلفتني ثروة، وعرفت أنني يجب أن أتناول نصف حبّة في اليوم شعرت بالذعر.
في البيت قرأت نشرة المواصفات المطويّة كثيراً بأحرفها المجهرية، وكانت تتحدث عن عقار للمصابين بانفصام الشخصية.

لحسن حظي، قَبِلَ الصيدلاني بإعادة علبة الحبوب. وتوقّفت عن كل الدعابات التي لها علاقة بانفصام الشخصية.

كنت أكتب كثيراً، في تلك الفترة، في جريدة البعث ومجلة جيل الثورة. ولأن عبد الله أبو هيف كان يعمل في المجلة أيضاً وهو رقّاوي، فقد دعانا المركز الثقافي في الرقة، هو وحسن م. يوسف وأنا إلى إحياء أماسي أدبية وسينمائية.

كانت أول مرّة أقف أمام الجمهور، وأتناقش معهم بعد محاضرتي القصيرة، وعرفت كم أنا سيء وخجول ولا أصلح للوقوف أمام الحشود
.
أيام الثلاثاء، وقبيل عروض أفلام النادي السينمائي في الكندي، قدمتني عصام ميرزو إلى إبنتها عزة، وكنت أعرف، مسبقاً، زوجها نصر الدين البحرة.

ذُهلت من إقبال تلك الشابة الجميلة المهذبة على مشاهدة أفلام النادي، وصرتُ أهاتفها أحياناً، وحين وصل الأمر إلى موعد في حديقة السبكي، تدخّلت عصام، وقالت لي، نيابة عن نصر الدين وأيضاً لأننا زملاء في الكلية، أن أكفّ عن مغازلة عزة. «عمرها لا يتجاوز الستة عشر عاماً»، أضافت عصام.

لم أذهب إلى حديقة السبكي، ولم تشأ عزة أن تحييني بعد ذلك في أمسيات يوم الثلاثاء.

كلفتني مجلة جيل الثورة بإجراء مقابلة مع وفد برلماني من ألمانيا الشرقية. ورغم أن الأمر خارج نطاق اختصاصي واهتمامي، إلا أنني وافقت، لأنني كنت الوحيد القادر على إجراء المقابلة باللغة الإنكليزية.
هكذا قال رئيس التحرير.

كانوا ثلاثة برلمانيين، اقترحوا أن نتناول الغداء معاً في مطعم الفندق. وبينما كنّا نأكل ونحتسي الڤودكا، أنهيت المقابلة بعد سيل من الأسئلة السخيفة.

كان هناك متسع من الوقت، بعد أن طويت صفحات كرّاسي وأقلامي، فصرنا نتحدث ونضحك في أمور كثيرة اخرى، بينما وجوه الضيوف تزداد إحمراراً، وتتحشرج أصواتهم.

خطر لي، على نحو لم أتوقعه بنفسي، ربما بسبب الڤودكا، أن أسأل سؤالاً افتراضياً عن، إذا حصل أن حكومتكم، في ألمانيا الشرقية، أقصد الديمقراطية، سمحت لمواطنيها بالهجرة إلى ألمانيا الغربية. كيف سيكون الأمر.
ضحكوا جميعاً، وقال الذي كان يتحدث أكثر من الآخرين «لن يبقى سوى أعضاء الحكومة، أعضاء البرلمان والشتاسي».

قربي، في القصاع، من بيت نشأت حمارنة، سهّل من زيارته أكثر من قبل. أحياناً كنت أطرق على الباب، فتفتح لي إيمي، زوجته الألمانية، ولم يكن نشأت قد جاء من عيادته بعد، فأجلس معها في المطبخ لنحتسي فنجان قهوة وندخن السكائر.
مرّة وجدتها بعيون حمراء، وعرفت أنها بكيت لفترة طويلة. قلقت وسألتها عمّا جرى، فقالت أنها كانت بزيارة السجن، وكان نور الدين مصاباً بالإسهال، ولم يسمحوا له باستعمال الحمام، لأنه كان مشغولاً، فتغّوط الرجل في سرواله.

والقصة، أنها (أيمي) كانت تذهب مرّة كل أسبوع إلى سجن المزّة، بعد أن تحمّل السيارة بأطباق مختلفة من الأطعمة، التي كانت تجيد طبخها، إلى نور الدين الأتاسي، صلاح جديد وعدد آخر من رفاقهم، الذين زجّت الحركة التصحيحية بهم إلى السجن.

الأتاسي توفي في باريس عام ١٩٩٢، بعد اثنين وعشرين عاماً في السجن، وبعد إصابته بمرض السرطان أُطلق سراحه، أما جديد فأنه توفي في السجن عام ١٩٩٣.

على سطح الكلية توطدت صداقتي مع خيرو، توفيق ناغواي، علاوة على منذر ومهيار، اللذين كانا قريبين. وبعدئذ، انضمت إلينا سميّة وآخرين، لنشكّل شلّة.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شام-الفصل العشرون
- شام-الفصل التاسع عشر
- شام-الفصل الثامن عشر
- شام-الفصل السادس عشر
- إنتخابات الدانمارك البرلمانية وشبح العنصرية المتزايد
- شام-الفصل الخامس عشر
- شام-الفصل الرابع عشر
- شام-الفصل الثالث عشر
- شام-الفصل الثاني عشر
- شام-الفصل الحادي عشر
- شام-الفصل العاشر
- شام-الفصل التاسع
- شام-الفصل الثامن
- شام-الفصل السابع
- شام-الفصل السادس
- شام-الفصل الخامس
- شام-الفصل الرابع
- شام-الفصل الثالث
- شام-الفصل الثاني
- شام-الفصل الأول


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - شام-الفصل الحادي والعشرون