أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - اختطاف … متلازمة عشق الطريدة للقناص














المزيد.....

اختطاف … متلازمة عشق الطريدة للقناص


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7034 - 2021 / 9 / 30 - 11:40
المحور: حقوق الانسان
    


[email protected]


في وثبة نوعية جميلة، خطفتْ أنظارَنا الدراما السعودية الفاتنة "اختطاف"، على مدى ثلاثة عشر حلقة عبر منصّة "شاهد VIP”. أدخلنا المسلسلُ عالمَ الجريمة من بابها الناعم الذي يتقاطعُ مع عالم المرض النفسي الذي خضع له صبيٌّ عاش طفولةً معذّبة مع أبٍ قاسٍ وأمٍّ لا حول لها؛ فشبَّ كارهًا للعالم وللبشر. لكنه قرر علاج أوجاعه عن طريق سرقة طفولة طفلة تعيش حياة سوية سعيدة مع أسرتها. خطف الصبيُّ طفلةً ليكبُرا معًا داخل قبو خفيّ في بيت ريفي مهجور، وأوسعها من ألوان التعذيب التي ذاقها من أبيه، حتى نشأت بينهما علاقةٌ شاذة تتأرجح بين العشق والامتلاك والإذلال. يفتحُ لنا المسلسلُ بابَه بعدما كبرت الطفلةُ المخطوفة وصارت فتاة جميلة في العشرين من عمرها مقيدةً بالجنازير مُلقاه في ظُلمة قبو موحش كئيب، وحيدةً إلا من طيفٍ وهميّ خلقته من خيالها تحادثه في وحدتها. هذا الطيفُ هو عقلُها الباطن الذي يحثّها على الهروب، لكن عقلها الواعي يرفضُ ويجادلُ جازمًا باستحالة الهرب من الخاطف الجبار الذي يحبسها في تابوت ضيق كلما عنّ لها الخروجُ عن أوامره. صارت الفتاةُ شوهاءَ مقوسةَ الظهر معوجّة الساقين مشوشة الفكر لا تتكلم إلا فيما ندر ولا تعرف من الحياة إلا خاطفها المتجبر "ماجد" الذي أدى دوره باقتدار الفنان السعودي "خالد صقر". أما الفنانة الجميلة "إلهام علي" فقد أدّت على نحو فائق دور الفتاة المختطفة "لينا" وكذلك شقيقتها التوأم المتطابق "خلود" التي تحيا مع أسرتها حياة كريمة وتستعد لحفل عرسها الوشيك، لولا أن أباها وأمّها لم ينسيا شقيقتها المخطوفة منذ عشرين عامًا، والمرارةُ من فقدها لم تبرح بيتهم ولا قلوبهم. فتقررُ "خلود" أن تضحي بعرسها وتظهر على شاشات التليفزيون دون نقاب لكي يتعرف الناسُ على وجهها، الذي هو صورة طبق الأصل من وجه شقيقتها المفقودة، علّ أحدًا يتعرف عليها ويدل على مكانها وشخصية المجرم الخاطف. وعلى الجانب الآخر يقرر الخاطفُ المريض أن يختطف الشقيقة التوأم حتى يُكمل مجموعته، تمامًا كما فعل "باتريك زوسكند" في رواية "العطر" أو "دون فاولر" في رواية "جامع الفراشات"، مع الضحايا من العذراوات الجميلات. فالمريضُ النفسي عادة لا يكتفي بضحية واحدة بل يسعى لإكمال المجموعة مهما كلفه هذا من إهراق لدماء الأبرياء، تمامًا مثلما يصطاد الهاوي فراشاتٍ ملونةً ليصبّرها في ألبوم، ويقضي عمره في محاولة إتمام المجموعة.
المسلسل السعودي الجميل "اختطاف" قصة وسيناريو وحوار المبدعة السعودية "أماني السليمي" وإخراج البريطاني "مارك إيفرست" المتخصص في أفلام الجريمة والاختطاف. أبدع مدير التصوير "أليزاندرو مارتيلا"في صنع كادرات بارعة مشوقة تخطف الأبصار. وأبدعت الاستايلست "بسمة الفحل" في رسم التناقض الفادح بين المُختطَفة البائسة في ملابسها الرثّة وتوأمها الأنيقة المدللة. أما الموسيقى التصويرية التي وضعها "باسم مارديني" فكانت في ذاتها بطلا حقيقيًّا في الدراما، تتماوج بين إيقاع موسيقى الرعب في مشاهد الخوف، ورقرقات النغم الطفولي في مشاهد نوستالجيا الطفولة وعروسة الطفلة المختطفة.
في الحلقة الأخيرة انتهت الدراما نهاية دراماتيكية تراجيدية، تسخر من قانون التوقعات المنطقية، ولا تطفى ظمأ المشاهدين بالقصاص من المجرم الخاطف الذي نجحت المباحثُ والشرطة السعودية في التعرف على شخصيته وتضييق الخناق عليه، وإعادة المختطفتين إلى حضن أسرتهما. "خلود" عادت لسعادتها في انتظار عرسها الوشيك، بينما "لينا" تصوم عن الكلام بعد تحريرها من الخطف وعودتها إلى بيت أبيها، وكأنها تُضمر أمرًا خطيرًا تنتوي تنفيذَه، لأنها لم تستطع التكيّف مع حالة الرغد والحنو الأسري الذي انتقلت إليه بعد الحبس والتعذيب والإذلال عشرين عامًا. لن أحرق النهاية بسردها في مقالي هذا، حتى لا أفسد الدراما على مَن لم يشاهدها بعد. تلك النهاية أغضبت الكثيرَ من المشاهدين الذين انتظروا على مدى 13 حلقة أن يشاهدوا لحظة إعدام المجرم الذي حرم فتاة من طفولتها وصباها وأغرق أسرةً في لجّة الحزن والألم عشرين عامًا. فمعاقبة المجرمين في الدراما والأفلام تمثّل للمشاهدين راحةً نفسية ورجاءً في عدالة الله على الأرض قبل السماء. ولكن لقانون الفن رأيًا آخر تحكمه قوانيُن الفنّ وعلم النفس الغامضة التي لا يعرف أسرارها إلا الضالعون في دراسة النفس البشرية وأمراضها وخبيئتها. انتهت الدراما نهايةً فنية رفيعةً غير متوقعة. وربما هي شديدة المنطقية من فرط لا معقوليتها، تؤكد نظرية "متلازمة استوكهولم" في الوشيجة الأبدية التي تتكون بين الضحية والجلاد، أو بين الطريدة والقناص.
تحية احترام لكل من شارك في هذا العمل الجميل "اختطاف"، وتحية احترام للدراما السعودية الواعدة بإذن الله.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا نكون مرايا عمياء!
- قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!
- مرضٌ اسمُه التطرُّف!
- 200 جنيه … تتلصَّصُ على المجتمع!
- كيف تصيرُ مشهورًا وجماهيريًّا؟
- أمّي ... التي تموتُ كلَّ عام!
- سألتُ نجيب محفوظ: هل تعرفُ اسمَ طاعنك؟
- الرئيس السيسي … فارسُ التنوير الجسور
- أعلنها الرئيسُ: مسألة وعي!
- السيسي … قائدٌ يُنجِزُ … ثم يُعلن
- سمير الاسكندراني … وأبي!
- هاتزعل منّي يا ريس!
- فريال … فارسةُ مصرَ الذهبية
- العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي
- العيّل بيجي … من رزقنا!
- صحوةُ الضمير الإنساني
- فنُّ التعليم … عبقريةُ مُعلّمة
- في الوحدةِ يصنعُ الإنسانُ كُرةً … أو يُطلقُ رصاصة
- درس علا غبور… في مناهج التعليم المصري
- نستحقُّ حياة كريمة… ولا يليقُ بنا أن نقلق!


المزيد.....




- نتنياهو يناشد زعماء العالم منع مذكرات اعتقال لقادة إسرائيل
- ترامب يعلن استعداده لاستخدام الجيش لطرد المهاجرين غير الشرعي ...
- مفوض الأونروا: لم يُطلب من سكان رفح بجنوب غزة إخلاء المدينة ...
- في غياب آخر الشهود.. من سيحكي للطلاب قصص الحرب العالمية الثا ...
- رئيس الوزراء البريطاني: المملكة المتحدة لن تقبل عودة طالبي ا ...
- قانون تجريم العلاقات المثلية والتحول الجنسي في العراق يثير ح ...
- -سنقضي عليهم باتفاق أو بدونه-.. نتنياهو يؤكد أمام عائلات الأ ...
- المرشد الإيراني يلغي حكم إعدام أكبر رجل أعمال متورط بالفساد ...
- -دعسًا ودهسًا بالسيارة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي ...
- أعضاء بالكونغرس الأمريكي -يحذرون- المحكمة الجنائية الدولية م ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - اختطاف … متلازمة عشق الطريدة للقناص