أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - من أوراقي - لاهوت الماء تقديس الماء عبر التاريخ














المزيد.....

من أوراقي - لاهوت الماء تقديس الماء عبر التاريخ


عيسى بن ضيف الله حداد

الحوار المتمدن-العدد: 7032 - 2021 / 9 / 28 - 11:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الماء كمقدس – أو لاهوت الماء
لقد حظي الماء بصفة التقديس حيث ظهر بهذه الصفة بأشكال عدة، وقد ظهر لها كآلهة، وعبادة لها حضورها.. فلنقتبس من أحمد سوسة في كتابه الموسوعي ص (155- 158) كنماذج:
لدى العموريين: لقد قدس العموريون في وطنهم الجديد نهر الفرات كمصدر لحياتهم ووجودهم، فمن أقدس آلهتهم هي آلهة المياه والينابيع، وقد عثر على تمثالها في حفائر ماري، وهو موجود في متحف حلب، وتشاهد هذه الآلهة في هذا التمثال (كرمز لها- كما أرى) وهي مرتدية ثوباً طويلاً يستر جسمها ولا يظهر منه سوى مقدمة القدمين والثوب مموج يشير إلى تموجات الماء ومجرى النهر، وقد مسكت الآلهة بيدها كأساً تنبجس منها المياه والخصب وعلى رأسها عمامة وفي جيدها طوق وفي معصمها سواران ويعلق أحمد سوسة، بكون هذا التمثال من اهم مجموعات النحت العموري في بلاد الرافدين.. .
[ خارج قوس: أسمح لنفسي بمقاربة مقتضبة، قد تكون خارجة عن القانون المعتمد من قبل التاريخ الرسمي: لا الماء والينابيع ولا غيرها من مظاهر الطبيعة هي بحد ذاتها في تماثيلها هي الآلهة، إنما هي تتجلّى كرموز للآلهة المختفية، وما يؤكد ذلك هذه اللوحة الفنية، المعبر عنها التمثال العموري، كل ما أنطوى عليه من تفاصيل رائعة المتمثل بالمرأة كواهبة للخصب والنماء]
يواصل أحمد سوسة قولهّ: "وكان عبادة الماء عن طريق الآلهة معروفة منذ أقدم الأزمنة في الشرق، فقد أله المصريون النيل ودعوه " أوسيرس ".. وعبد الساميون في العراق الإله "آيا" إله المياه، واتخذوا الرافدين، دجلة والفرات شعاراً مقدساً. يتألف هذا الشعار من كأس يتدفق منه مجريان رئيسيان يتكون كل منهما ثلاثة فروع، يُعتقد أنها تمثل الروافد الروافد الرئيسية الثلاثة التي تصب في كل من دجلة والفرات، أما العين الفوارة فهي تمثل منبع دجلة والفرات حيث كان السومريون يتصورون أن دجلة والفرات ينبعان من منبع واحد. وقد عثر في حفائر ماري على لوح ظهر فيه نقش لزمري- ليم آخر ملوك ماري مع الهتين تحمل كل منهما بيدها نفس الفوار العراقي الذي ينبع منه النهران دجلة والفرات.
مرة أخرى لا اتبنى مقولة عبادة الماء كإله، بل تقديسها، وثمة إله يسيرها، وهو هنا أوسييرس إله النيل، الإله "آيا" إله النهر والمياه، فيما بين الرافدين.. وفي ما يشبه اليقين لدي، يكون هذا النمط من التأليه يندرج في مفهوم اللاهوت الحلولي الكوني، ففي ظله كانت تتظاهر الآلهة في تعددها من خلال التخصص من إدارة النظام
الكوني..
لا يخامرني الشك بكون مأثور تقديس الماء حافظ على قداسته، بكيفية أو بأخرى في الأزمنة التالية، فقد ظهر لدى يوحنا المعمدان (النبي يحيى)، حيث جعل دعوته تبدأ في الغسل بالماء المقدس المتمثل بنهر الأردن، الذي مازال يحمل اسم نهر الشريعة (النهر المقدس).. كما كان طقس الغسل في الماء معتمداً لدى طائفة قمران في طقوسها المقدسة، وتبنتها المسيحية كرمز أو كطقس العبور إلى دائرة المقدس المسيحي. بيد أن الإسلام قلده الصورة العقلانية التي يستحقها: وخلقنا من الماء كل شيء حي.. فمن دون الماء لا بقاء..
ولعل الماضي المائي للصحراء، ودخول التصحر كدافع للحراك السكاني، وعشق الماء، قد كونت بمجملها الدوافع الخفية لإفراز لاهوت أو قل تقديس الماء بأشكاله المتعددة، حسب تجليات تطور المعرفة..



#عيسى_بن_ضيف_الله_حداد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أوراقي: مقدمات في الجغرافية التي صنعت اقاليمنا
- وقفة مع الهيمنة الفارسية (538-333 ق م): سنأخذها نموذجا للإمب ...
- مقدمات في مدارات التشكّل في منطقتنا (مقتطع من بحث مطول) التج ...
- االبحث عن موسى
- حوار – حول روايتي – على وهج الذاكرة
- قراءة معاصرة للحياة السياسية في سورية في زمن الخمسينات
- في قراءة معاصرة للحياة السياسية في سورية في زمن الخمسينات
- الماء كمقدس - في تاريخنا الحضاري
- كخلاصة للمناظرة مع فرويد في منهجه، كما ظهرت في موسى والتوحيد ...
- مقتطف من مخطوطة عنوانها المسار التاريخي للكتاب المقدس الحبري
- من علم الأديان تعريف بحركة القراء = حركة منشقة عن اليهودية ا ...
- ما بين بن ميمون والفلسفة
- مناظرة مع مشروع الدبلوماسية الروحية المتمثلة بمقولاتها المرك ...
- شعر - أناشيد الوجع
- وقفة نقدية مع منهج فرويد في موسى والتوحيد
- من ذكريات الأمس - على صدى هزيمة حزيران - نشرت
- وقفة مع ستينات القرن الماضي - كيف كنا - رؤية
- من اوراق الأمس - على طريق العرقوب
- معاناة باحث - من الواقع
- من حكايات قريتنا


المزيد.....




- زفاف -ملكي- لحفيدة شاه إيران الراحل و-شيرين بيوتي- و-أوسي- ي ...
- رواج فيديو لـ-حطام طائرات إسرائيلية- على هامش النزاع مع إيرا ...
- -نستهدف برنامجًا نوويًا يهدد العالم-.. هرتسوغ يبرر الضربة ال ...
- إجلاء واسع للإسرائيليين و-الحيوانات- من بيتح تكفا بعد الهجوم ...
- رئيس النمسا يعترف بعجز بلاده عن تقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- الخارجية الأمريكية والروسية توجهان نصائح لمواطنيهما المتواجد ...
- -سرايا القدس-: أوقعنا قوة إسرائيلية في كمين محكم شمال خان يو ...
- إسرائيل - إيران: في أي اتجاه تسير الحرب وإلى متى؟
- نتانياهو: قتل خامنئي -سيضع حدا للنزاع- وإسرائيل -تغير وجه ال ...
- كيف تتخلصين من -كابوس- البثور العميقة في الوجه؟


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - من أوراقي - لاهوت الماء تقديس الماء عبر التاريخ