أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - آدم الحسن - أزمة الثقافة العربية المعاصرة بين الحداثة و التحديث ( 1 )















المزيد.....

أزمة الثقافة العربية المعاصرة بين الحداثة و التحديث ( 1 )


آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7021 - 2021 / 9 / 16 - 20:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


خلال النصف الأول من القرن الماضي جلبتْ الرياح الآتية من الغرب الى البلدان العربية مصطلح ثقافي جديد هو ( الحداثة ) و مَنْ يَتَمعنْ بتحليل ما تحويه هذه الحداثة فسيجد انها عبارة عن محاولة لفصل الثقافة العربية المعاصرة التي يتم اعادة تَشْكِيلها في عصرنا الحالي عن الأصل الثقافي لها من خلال رفض الكثير من ما يحتويه الموروث الثقافي من ايجابيات أو من سلبيات قابلة للتصحيح .
تَشَكَلتْ الحداثة في عقول طيف واسع من المثقفين العرب على انها ضرورة للتقدم الحضاري من خلال الانفصال عن الأصل الحضاري لشعوب البلدان العربية , هذا الأصل الحضاري الذي يمتد في عمق التاريخ الى الاف السنين .
دعت الحداثة الى الانفصال عن بعض جوانب اللغة العربية بحجة انها عائق لمواكبة الأدب العالمي دون مراعات الى أن اللغة هي الوعاء الذي في داخله تنمو الشخصية الأصيلة للفرد من خلال اسلوب التعبير عن فرحه و انفعاله و حزنه و بإرثه في الموعظة و الحِكْمة .
امتدت يد الحداثة لجعل بعض جوانب الأغنية و الموسيقى السائدة بعيدة عن الأغنية و الموسيقى التراثية الأصيلة المتناغمة مع طبيعة المكان المناخية و التضاريس الطبيعية و البيئة المجتمعية , فصار الشباب يرقصون على انغام الروك اند رول الصاخبة و كأنها محاولة لارتداء لباس غربي لا ينتمي لا لهم و لا لطبيعة بيئتهم الاجتماعية .
فالحداثة المطلقة تعملْ على الغاء كل انواع الغناء الشعبي و الرقص الشعبي و حذف الأمثلة الشعبية حتى يتم تصفير المخزون الثقافي و الاستعاضة عنه بما هو غريب .
أما التحديث فهو التمسك بالأصل الحضاري و الموروث الثقافي و البحث عن سبل ممكنة لإضافات جديدة و البناء على الأسس القديمة في الأدب و الفن و الموسيقى و الشعر و الغناء و الفلسفة من خلال الاستفادة من إنجازات العقل الإنساني الذي ينتمي اليه إرث كافة الثقافات المختلفة و منها الثقافة العربية .
ليس الأدب و الثقافة العربية وحدهما من تعرضا للهجمة الحداثية التي تدعو الى التشبث الغير واعي بمخرجات الأدب القادم من الغرب نتيجة الانبهار بمنجزات العقل الغربي فقد تعرضت ثقافات و ادب شعوب أخرى عديدة لهذه الهجمة و يمكن تناول امثلة على ذلك :
الصراع بين الحداثة و التحديث في الثقافة اليابانية المعاصرة :
بعد الحرب العالمية الثانية و استسلام اليابان للمحتل الأمريكي تعرضت اللغة اليابانية و الثقافة اليابانية ذات العمق التاريخي الذي يمتد لآلاف السنين لهجمة حداثية غربية و تحديدا تلك الهجمة القادمة من امريكا حيث طالت أولى موجات تلك الهجمة الكتابة اليابانية , اذ كان الانبهار بالأحرف الصوتية الغربية سببا دعا عدد ليس بالقليل من المثقفين اليابانيين للتخلي عن الرموز الصورية و الأحرف الصوتية اليابانية و اللجوء الى الأحرف الصوتية الغربية في الكتابة بحجة أن الكتابة بالرموز الصورية و بالأحرف الصوتية اليابانية لا تتناسب و متطلبات المكننة الحديثة في الطباعة و النشر و نقل المعرفة العلمية و التكنولوجية لكون أن الكتابة اليابانية تعتمد على ثلاث اساليب مختلفة منها اثنان تعتمد على الرموز الصورية , عدد الرموز المهمة في كل واحدة منها هو بالآلاف , و اسلوب آخر للكتابة يعتمد على الأحرف الصوتية اليابانية .
مقابل هذه الهجمة الحداثية التي شنها الحداثيون اليابانيون على الكتابة اليابانية كانت هنالك مقاومة شرسة من قبل طيف آخر من الأدباء و المثقفين اليابانيين تحت شعار الحفاظ على الهوية اليابانية الأصيلة و قد تلقت هذه المقاومة دعما شعبيا عظيما قاده الكهنة البوذيون , لقد كان التمسّك بالجذور الثقافية اليابانية عبارة عن مقاومة شعبية لرفض أي نوع من انواع القطيعة المعرفية مع التراث الأدبي و الروحي الياباني كما طالب به الحداثيون اليابانيون .
لقد رافقت تلك المقاومة احتفالات جماهرية في معظم المدن اليابانية حضرها , نساء و رجال , اطفال و شيوخ , أدباء و فنانون و لم يغب عن ذلك المشهد الكهنة البوذيون , جميعهم باللباس الياباني التقليدي في احتفالات تخللها رقص و غناء ياباني و قرع للطبول في مشهد تراثي ياباني أصيل .
و الان . يمكن القول أن الحداثيين اليابانيين قد فشلوا في تهشيم الهويّة اليابانية و ساعدهم في ذلك عمل الكوادر الهندسية اليابانية الذين انجزوا تطوير اساليب حديثة لطباعة الرموز الصورية للكتابة اليابانية .
هنالك من يستغرب من شدة تمسك اليابانيين بأسلوب الكتابة بالرموز الصورية لكن سبب ذلك هو انه مع مرور الاف السنين اصبحت هذه الرموز الصورية جزء من ثقافة و أدب و حتى في اسلوب تفكير اليابانيين .
قد يساعد تناول المثل البسيط التالي في فهم سبب تمسك اليابانيين بأسلوب الكتابة اليابانية :
الرمز الصوري لكلمة الضوضاء يتشكل من دمج ثلاثة رموز صورية لكلمة المرأة ... ! اذا اجتمعت ثلاث نساء تحدث ضوضاء ...؟
فالرجل في الثقافة اليابانية القديمة يحب التأمل و المرأة تحب الكلام لذلك فأنهما يكملان كل منهما الآخر .. !
للرموز الصورية في الكتابة اليابانية تاريخ و فلسفة و معنى و روح و فكاهة لا يمكن لليابانيين التخلي عنه لكونها جزء أصيل من تاريخ حضارتهم الذي يمتد لفجر التاريخ .

(( يتبع ))



#آدم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد الريعي و الأنظمة الاستبدادية
- هل سيتشكل حلف ناتو اسرائيلي امريكي عربي ..؟
- ما سبب خشية امريكا من طريق الحرير الجديد ... ؟
- التضخم و علاقته بأجمالي الناتج المحلي للدول الصناعية
- مستقبل العراق ... و ثمن العودة للحاضنة العربية
- تسونامي افغانستان و التفكك التدريجي لحلف الناتو ..!
- مؤتمر بغداد للتعاون و الشراكة ... الأهداف و النتائج
- بعد الهروب الأمريكي ... أفغانستان الى اين ... ؟
- الحالة العراقية و الحالة الأفغانية ... مقارنة قسرية بين حالت ...
- عشرون سنة من السياسة الأمريكية الفاشلة في افغانستان ( 2 )
- عشرون سنة من السياسة الأمريكية الفاشلة في افغانستان ( 1 )
- سوريا الى اين ... ؟
- الممانعة الأمريكية في تحول الاتحاد الأوربي الى دولة اتحادية
- المحور الإقليمي لصد و محاربة الإسلام السياسي ( 2 )
- المحور الإقليمي لصد و محاربة الإسلام السياسي ( 1 )
- ماذا يلوح في افق التوتر المتنامي في منطقة الخليج ...؟
- التدخل الإيراني في العراق ... هل حقا هو التدخل الأكبر ...؟ ( ...
- التدخل الإيراني في العراق ... هل حقا هو التدخل الأكبر ...؟ ( ...
- التدخل الإيراني في العراق ... هل حقا هو التدخل الأكبر ...؟ ( ...
- الإسلام السياسي و الديمقراطية ... طريقان لا يلتقيان ( 2 )


المزيد.....




- الرئيس الجزائري: البشرية فقدت أمام معاناة الفلسطينيين في غزة ...
- شاهد: الاحتفال بمراسم -النار المقدسة- في سبت النور بكنيسة ال ...
- مجهولون يعتدون على برلماني من حزب شولتس في شرق ألمانيا
- تصاعد الخلافات في جورجيا بعد طرح مشروع قانون مثير للجدل يرفض ...
- هاليفي يوجه رسالة للجيش الإسرائيلي من وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يوثق غارة جوية استهدفت بلدة طير ...
- مسؤول إسرائيلي: التقارير عن صفقة سيتم الكشف عنها يوم السبت س ...
- جنرال فرنسي: باريس ليست مستعدة الآن للمشاركة في النزاع الأوك ...
- تقرير عبري: البرغوثي قد يطلق سراحه إلى غزة ضمن المرحلة الأول ...
- نشطاء يرشقون بالبيض القيادي اليميني المتطرف الفرنسي إريك زمو ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - آدم الحسن - أزمة الثقافة العربية المعاصرة بين الحداثة و التحديث ( 1 )