أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - راحلة فى - الخريف - الى حضارة - البحر - و زمن - الماء -















المزيد.....

راحلة فى - الخريف - الى حضارة - البحر - و زمن - الماء -


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7020 - 2021 / 9 / 15 - 22:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


راحلة فى " الخريف " الى حضارة " البحر " وزمن " الماء "
---------------------------------------------------------------



حتى ألفظ أنفاسى الأخيرة ، سأظل محيرة ، وان كانت هذه الحيرة تمتعنى ،
لماذا كل شئ فى موسم الخريف 21 سبتمبر – 21 ديسمبر ، يبدو أجمل ، وأروع ،
وأكثر الهاما ؟؟.
لا أعرف أسرار الخريف ، ولا أجبره على البوح بها . على العكس ، اننى فى غاية الامتنان له . فهو الموسم ، الذى يشبهنى ، ويعلمنى ، ويقوينى ، وينشطنى ،
وبنعومة ، يمحو عن جسدى ، وروحى ، بصمات الصيف اللزجة .
الخريف ، يضفى سحرا ، على كل لمسة ، وكل همسة ، وكل كلمة ، وكل حركة . قُبلات العِشق فى الخريف ، أحلى من مذاق النبيذ ، والكتابة فى الخريف ، لانهائية الخيال ، والنوم فى الخريف يأتى بدون أقراص منومة ، أو مهدئات .
الأشياء فى الخريف ، ترتدى أثوابا ليست كالأثواب ، ترقص برشاقة الأسماك ، والشمس التى لم أقع يوما فى غرامها ، تصبح حبيبا أهفو الى السكن فى أحضانه .
الخريف ، يستلمنى جثة هامدة ، مرهقة ، منهكة ، مستاءة ، متذمرة ، ويسلمنى الى الشِتاء ، طاقة متفجرة بالعنفوان ، والتألق ، والجاذبية ، التى تغفر للكون جميع طفراته الشيطانية .
أكثر الأشياء التى أحبها فى نفسى ، وأفتخر بها فى كل الأوقات، صيفًا وشتاءً، فى الربيع وفى الخريف، فى وقت السلم ، ووقت الحرب، حينما تطلع الشمس من مخدعها ، وعندما تعود إليه، فى أوقات الفرح النادرة ، وفى أوقات الأحزان الغادرة، فى وقت الصحة ، وأوقات المرض، هى أننى «مختلفة جدًا» عن الآخرين والأخريات . لست مثل السبعة مليارات ، الذين يمشون على سطح كوكب الأرض. «مختلفة جدًا» ، منذ يومى الأول ، على سرير الولادة، وسأظل «مختلفة جدًا» حتى اليوم الأخير على سرير الموت.
أحد الأمور التى تجعلنى «مختلفة جدًا» هو أننى لا أذهب إلى «البحر» إلا فى أوقات الخريف . يدهشنى كثيرًا ، لماذا لا يذهب الناس إلى «البحر» ، إلا فى موسم الصيف؟ . أعتقد أن السبب هو «سوء فهم» ، لما تعنيه كلمة «البحر».
يظن الناس أن «البحر» وعاء للاستحمام ، ترطيبًا وتخفيفًا من شدة حرارة الجو ، ومن قسوة الرطوبة . وهذا خطأ فادح ، يمارسه الجنس البشرى منذ البدء، ويستوجب طلب المغفرة من «البحر» فورًا، وتقديم الاعتذار اللائق.
مَنْ يدرك معنى «البحر»، والغاية من وجوده وطبائعه ، بالتأكيد سيذهب إليه فى وقت الخريف ، حينما يختفى الجميع ، بأُسَرهم وعائلاتهم وصخب أطفالهم .
وأنا لست فقط أحب السباحة فى الخريف ، ولكنها هى الدليل الوحيد على أن هناك موسما جديدا ، يكتب حروفه على أوراق حياتى . لذلك فأنا أتهيأ للسفر إلى «البحر»، بعد بدء الخريف فى 21 سبتمبر من كل عام ، أغتسل فيه من أزمنة
الصحراء ، وثقافة الغبار ، وأخلاق الرمال .
بعد أيام قليلة سوف أرى «البحر» الفيروزى ، يمتد حيث الأفق اللا نهائى.
الى «البحر» أسافر هروبًا من تصحر القلوب ، وجفاف العقول ، والغبار الخشن المختبئ ، فى أكثر العلاقات حميمية.
فى «البحر» سألقى ملابسى وحقيبتى وأشيائى وذكرياتى، بين الأمواج ترتمى سفينتى المتعبة المشتاقة إلى إبحار دون رجوع، على صفحة «الماء» ،
أو على صفحة «الورق» أسبح ضد التيار.
مع التيار ، تصبح السباحة والكتابة ، أكثر إمتاعًا، يعاندنى التيار يخيفنى بالدوامات ، يسحبنى بعيدًا عن الشاطئ، يحرض ضدى العشب والأسماك والصخور والعيون المتطفلة، وأواصل لا مبالية رحلتى مع «البحر» ورحلتى مع «القلم».
شغلتنى دائمًا العلاقة بين «السباحة» و«الكتابة»، أتأمل الخيوط المشتركة بين حركة الجسم فوق الماء ، وحركة العقل فوق الورق . عاشقة أنا للسباحة ، إلى حد الهوس ، وأمارسها يوميًا على مدار العام . وعاشقة أنا الكتابة ، إلى حد الجنون ، وأمارسها يوميًا دون انقطاع . ويدفعنى هذا العشق ، لإيجاد علاقة ما بين تدفق الماء وتدفق الكلمات. بين السباحة والكتابة . بين الماء والحضارة. بين البحر والثقافة.
قبل إقامة صداقة مع أى شخص، امرأة كانت أو رجلًا، أسأله: هل تجيد السباحة؟ . هل أنت فى تواصل دائم مع الماء؟ . هل تثقفت على أمواج البحر؟. وتجئ الاجابة دائما ، لتجعلنى أعيش بدون أصدقاء . منْ يريد أصدقاء ، ولديه
" البحر " ؟؟.
أؤمن مثل الفيلسوف «طاليس» 624 – 546 ق. م ، بأن الماء هو أصل كل الأشياء ، ليست مصادفة أن نسبة الماء فى جسم الإنسان ، هى النسبة نفسها للماء على كوكب الأرض ، ثلاثة أرباع . الانسان أحد تجليات الكون .
لقد ضلّت البشرية منذ بعيد الطريق ، إلى السعادة والتناغم والمحبة والسلام، لأنها عاجزة عن التواصل الدائم الحقيقى مع الماء «أصل الحياة» .
لا ينتابنى شك فى أن مأساة البشر، تكمن فى ابتعادهم عن قيم وأخلاقيات وعواطف ، تشكل فى مجموعها ما أسميه «حضارة الماء».
كيف نتوقع خيرًا من حياة تخاصم أصلها؟ . كيف يرتقى البشر وهم منفصلون عن جوهر الوجود؟ . الناس مؤرقون بالبحث عن الفلوس والنفوذ والسيطرة والتملك، ليس لديهم الوقت أو الفلسفة ، للبحث عن أصل الحياة.
من الإنصات لموسيقى للكون ، نكتشف أجمل الغناء، ومن قاموس المطر نتعلم فن الشِعر ، كل النبوءات العظيمة كانت تبشر بزمن الماء، الأفكار الراقية الخالدة ، كُتبت كلها بلغة البحر.
«البحر» يعلمنا الانفتاح اللا نهائى ، وتقبل الأفق الذى يحتوى على كل الألوان . ثقافة «البحر» متجددة، ثرية، مدهشة، لا تعرف التنميط والرتابة ، والجمود .
مع «البحر» أدركت التشابه بين السباحة والكتابة، فكما «الماء» أصل الحياة،
«الكلمة» أصل الحضارة، «السباحة» تنظف جسد الإنسان، «الكتابة» تنظف جسد شعب، جزء كبير من عشقى للشيخ السيد درويش ، أن اسمه «السيد درويش البحر».
«البحر» فى الخريف ، معجزة حقيقية، معجزة مدهشة، فلماذا يقولون لنا إن زمن المعجزات فد مضى وفات؟ .
لا خير فى إنسان يخاصم «البحر» فى الخريف . والإنسان الذى لا يقرأ «البحر» فى الخريف ، هو غارق فى الأمية ، ولو معه ألف ماجستير ، ومليون دكتوراه ، ويجيد التعامل مع أعقد الأجهزة الالكترونية .
من الأغنيات التى تثير فى وجدانى الشجن النازف فى صمت ، " الأوراق
المتساقطة فى الخريف " أو les Feuilles Mortes بالفرنسية وهى بالانجليزية
The Autumn Leaves
وقد غناها فرانك سيناترا ، وايف مونتان ، وغيرهما ، من شدة عذوبة اللحن ، وما تثيره أوراق الخريف المتساقطة ، من ذكريات الحب ، والاشتياق .
أفتح للخريف ، مسام الجلد ، والعواطف ، والحنين الى المجهول ...
أعد أشيائى ، ألم أوراقى ، وأحزانى .......... والى " البحر " راحلة .
-------------------------------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسان أهم من رأس المال
- السيد درويش البحر .. اسرار وعنفوان وطزاجة وخلود - البحر-
- الفقر والمحتل الأجنبى وسُلطات الذكور
- السنبلة الممتلئة بالقمح
- القٌبلة اختصار
- هيا يا مصر افعليها ولا تخافى خفافيش الليل وخفافيش النهار
- عقليات وأخلاق بعض أصحاب التعليقات على الكُتاب والكاتبات
- أربع قصائد
- كلمات الرئيس السيسى عن اعادة التفكير فى المعتقد الدينى
- قصة حب ترقص على ايقاعات المستحيل
- أسلمة أوروبا وخدعة فصل الدين عن الدولة
- قصيدة ما أحتاج اليه
- تدوس على الخطوط الحمراء ولا تشرب من كوكتيلات الترقيع
- السيطرة على - ألم البشر والسيطرة على - حرية - البشر
- قصيدة نختبئ تحت الغطاء
- ثلاث قصائد
- - أسلمة - الموجة الحارة بضاعة فاسدة قاربت على الافلاس
- أديب يكتب لنا من تحت التراب
- 3 أغسطس ... ميلاد رجل يفرحنى
- نقد الاجماع المتواتر للفكر العلمانى


المزيد.....




- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - راحلة فى - الخريف - الى حضارة - البحر - و زمن - الماء -