أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جدعان الشايب - حق مشروع... قصة














المزيد.....

حق مشروع... قصة


أحمد جدعان الشايب

الحوار المتمدن-العدد: 7011 - 2021 / 9 / 6 - 02:28
المحور: الادب والفن
    


وماذا بعد؟
مبلغ عشرة لا يؤثر على جيب فيجعله مفلسا.. أما الألف تملأ الجيب.. وتغمض العين.. وتريح النفس.
من نافذة الخيمة المطلة على الساحة.. أختلس نظرات قلقة.. تركت العسكر في بلبلة.. يدورون في أماكنهم بعد التدريب.. يبدو أنهم لم يجدوا شيئا.. إنها مشكلة.. وهي فرصة تصيب أو تخيب.. ولكن ماذا لو خابت ولم يفهمني القيّم على الجند؟.
سوف لن يبيتوا ليلتهم حتى الشروق.. سيظلون يبحثون حتى تتقطع ظهورهم وأرجلهم من التعب.. إن لم يفهمني هذا القيّم سأعزله وأعيّن غيره ممن يمتلكون فطنة واستعدادات أكثر لفهم أفكاري و... ما هذا ؟؟
لماذا توقف بعضهم عن البحث؟.. كأنهم يتذمرون.. ويجلسون مرهقين.. هه.. يبدو أنها صابت.. قد يجدون مخرجا لأنفسهم.. أرى القيّم يشير بأصابعه العشر.. هم مئة جندي.. من كل واحد عشرة.. صارت ألفا.. إن صابت ولم تخب.. هذا يعني أنني أختص بأفكار لامثيل لها عند أحد.. وقد يكون أحد المدربين مباشرا في طلبه وطرحه.. لكنه سينكشف أمره ويفتضح بين جميع العسكر.. وقد ينتقل خبره للأسواق والمجالس والأحياء وفي كل مكان.. أما الأفكار الخاصة بي فما أكثرها.. خذوا كل شهر فكرة وحيلة إن دعت الضرورة لها.. فكرة لا تخطر على بال ساحر.. ويصدقها العسكر.. مساكين يصدقون كل شيء.
هذا ما أستطيع فعله.. إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب.. كن ماكرا كثعلب.. الرياضيون يتعاطون المنشطات.. أمام سمع العالم وبصره ليفوزوا ويتفوقوا.
أدباء وشعراء يداهنون ويتملقون.. رجال دين ألسنتهم سيوف تقطع رقاب المعترضين على ظلم الحاكم.. فنانون يحشون في الخزائن مالا يقدر على حمله بعير بلا جهد ولا نصب.. سياسيون يقلبون الحقائق.. ليظل كل شأن بين أصابعهم.. تجار يكذبون ويدلّسون في بضائعهم غشا وخداعا.. قضاة يتسابقون في جعل الباطل حقا والحق باطلا .. ويجمعون ما لا يعقل من الهبات.. ومنهم من يساوم.
إني أسكن في خيمة ويرتعون في قصور.. طعامي مغمّس بالرمل والتراب.. ويلتهمون ما لذ وطاب على متون الموائد.. أكتسي الخيش والخشونة.. وينعمون بالحرير والقصب.. أشرب آسن الماء مع الخيل والبعران.. ويكرعون الخمور والنبيذ والماء الزلال.. أبيت ليلي متقلّبا مسهّدا على الشوك والحطب.. ويحلمون على سرر فارهة مفروشة بالريش.. ومرصعة بالذهب.
خيمتي في آخر ساحة التدريب.. الخيل في غاية التعب.. رُبطت برباط متين.. أجسادها مغسولة بالعرق.. أراها خدرة نائمة.. ومنها ما غدا هرما متهالكا.. أما السيوف والنبال والرماح والسهام.. فاعوجّت وتثلّمت وراحت تتآكل.
الحيلة التي خطرت لي في آخر حصة التدريب.. جرّبتها.. أستطيع بها أن أحصل على مال غير الجعالة التي أتسلمها في آخر كل شهر.
بعد أعوام قليلة.. وبهذا الجهد العظيم.. قد لا يحتاج قائد الجيش لخدمات التدريب التي أقدمها للعسكر.. أو قد تنتهي جيوشنا من غزوالقلاع والحصون.. وأعود إلى أهلي خالي الوفاض.. بعد أن تزحف السنون على شبابي.. ويدب الهرم في صلبي وأشيخ أنا أيضا. ولم يعد لي نفع كخيلنا.. ولا يجد عيالي ما يقيم أودهم.. ولا يحصلون إلا على الفتات.
قبل الاستيلاء على القلعة.. جمعت فصيل العسكر الذي أتولى تدريبه للهجوم والمباغتة.. طالت فترة التدريب حتى فاحت رائحة العرق من الأجساد وصاروا يلهثون.
في نهاية حصة التدريب .. صرفت أفراد فصيلي للراحة.. استعدادا للهجوم.. ورحت أبحث بلهفة عن شيء ادّعيت فقدانه بين أقدام العسكر. أصابتهم حيرة وارتباك.. فما كادوا يستريحون حتى نهضوا يبحثون عن شيء أبحث عنه.. ويسألونني.
- عم تبحث يا سيدنا؟.. ماذا فقدت؟
لكني لا أرد .. كنت منشغلا بالبحث عن لا شيء.. يقول بعضهم.
- سيدي.. نبحث نحن.. واجلس أنت في خيمتك لترتاح قليلا.
قلت بمكر.
- لم أجد في حزامي جعالة الشهر التي تسلمتها أمس.. فقدتها لتوي.. ابحثوا .. ابحثوا.. لا تتوقفوا.. سقطت مني هنا بين أقدامكم.. ابحثوا وستجدونها حتما.
تركتهم يبحثون.. يلوبون.. يتخبّطون.. يقلبون الأشياء على أطراف الساحة.. وكنت في خيمتي أنتظر مجيء القّم عليهم ليبلغني أنهم تعبوا ولم يجدوا شيئا.
ومع ذلك سآمره أن يحضر ألف درهم بأية وسيلة يشاء مع جماعته.. أفضل لهم من حبسهم وتعذيبهم جميعا.. فهل صار للنقود أجنحة لتطير؟. بعضهم يجري مسرعا إلى خيمته ليحضر عشرة.. ها هو يرفع ذراعيه شاكرا لهم.. ينصرفون إلى خيمهم.. بينما يقبل القيّم إلى خيمتي.. أتمدد بسرعة في وسط الخيمة.. ها هو يدخل قائلا.
- تفضل سيدي وجدنا المبلغ المفقود بعد جهد وتعب
قلت مبتسما وأنا أقبض على الألف درهم.
- أين وجدتها؟.. مع من كانت؟.
توقف لحظة.. بحث بعينيه عن لا شيء.. ضغط صدغيه وجبهته.. هز رأسه.. قال.
- لم أعد أذكر بالضبط.. يبدو وجدناها تحت حجارة الساحة.
قلت بإصرار.
- إني على ثقة من فطنتكم.. أنا أحب كل أفراد فصيلي .. لأنهم يتصفون بالفطنة والكياسة.. وسعدت كثيرا لأنكم اكتشفتم الطريقة المناسبة لمعرفة مكان المبلغ.
وقبل أن يخرج القّيم نبهته آمرا له.
- انتبه.. أنا واثق أن مثل هذا المبلغ.. سيضيع مني في آخر كل شهر.. لكنكم ستجدونه لي في أي مكان من هذه البلاد.. اذهب واسترح.
آآآه .. الآن سأريح هذا الرأس المصدوع.. طلبات النساء لا تنتهي.. يا رجل.. كيف تمضي كل تلك السنين دون أن تُعْمِلَ تفكيرك.. وتستغل قدراتك الذهنية.. لتحصل على إقطاعة أو مزرعة.. كغيرك من القادة؟. فلماذا كنت تخبئ هذه الأفكار المدهشة؟ لم يبق أمامك الكثير من الوقت.. لن يفيدك الندم.. وفي كل حال.. الزيادة لا تضر.. طلبات النساء لا تنتهي هذه الأيام. منذ اليوم.. ستتوقف الاتهامات الدائمة من زوجتك وأولادك وأهلك.. منذ اليوم ستكون أيامك بخير.



#أحمد_جدعان_الشايب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشوار العذاب
- البدائل لأساليب التدريس القديمة.
- الصرخة.. وعناق الأرض...... قصة
- طرق التعليم التقليدية.. القمع الأسري والمدرسي للأطفال
- خفقات القلب الأخيرة.... قصة
- أسود.. وأسود.... قصة
- أهمية الكتاب والقراءة.. وتعميم الثقافة.
- مأساة إيزادورا...... قصة
- الغلس....... قصة
- الكمين....قصة عن أحداث الجزائرفي نهاية القرن الماضي
- ضد الفطرة....( قصة)
- وسوسات التحدي الكبير
- الجرح............... قصة
- عليّ بحماري.................قصة
- المأزوم
- أسف
- القناع
- حمزة رستناوي.. وإسقاطات جلجامش على الحياة
- في يوم عيد
- تآلف


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جدعان الشايب - حق مشروع... قصة