|
الواقعية وخداع النفس
غمكين ديريك
الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 07:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاعتراف بالذنب فضيلة ، والاعتراف بالهزيمة والفشل يساعد على البحث في اسباب الفشل وتلافيها في المعارك القادمة وفي المستقبل ، ولكن الاصرار على انه المنتصر في انكر الهزائم يدل على البعد عن الواقع والاصرار على الهزيمة ، لانها فقدت كافة مقومات النصر والتقدم ، وفقد مقومات وجودها كفكر وايديلوجية ، واصبحت تتقوقع في خيالاتها السلفية والنجاحات التي حققتها في وقت تصاعد وتيرة نضالها . الواقعية هي فن الممكن ، ولا اقصد بذلك السياسة في كل الاحوال ، ولكن هي تحقيق ما يمكن ان يتحقق بالاستناد الى المقومات والمواد المطلوبة لتحقيق هذا الهدف ، وامكانية تجميع هذه القوى وتركيبها وترتيبها وفق الهدف المحدد ، ولكن ان لم تكن تملك مقومات تحقيق الهدف استراتيجيا وتكتيكيا ، وتتعلق بالشعارات والروح المعنوية التي قد تؤهلك الى الوصل الى المستحيل ، فهذا يعتبر ضربا من الخيال ، لان عصر البطولات وعصر رجالات الابطال قد ولى ولايمكنها ان ترجع مرة اخرى ، في ظل المتغيرات الحالية من سيطرة التكنولوجيا وثورة المعلوماتية ، ولايمكن تحقيق الاحلام بالحلم والتمني ، بعيدا عن الواقع . ان ما تعانيه منطقة الشرق الاوسط تحديدا هي البعد عن الواقعية والتغلغل في الشمولية والفكر السلفي ، والعمل بالتمنيات ، وعدم تحديد قدراتها ومتطلبات المرحلة الراهنة ، وبذلك يقع في فخ الازدواجية والانفصام في الشخصية والسياسة والفكر ، ويتجه اما الى الارهاب والتطرف او الى الاستسلام والخنوع ، ولكن كلا الحلين يعتبران من الحلول الشرق اوسطية البعيدة عن الابداع والتعددية والتلائم مع الوسط والمحيط ، ولم تحقق هذه المنطقة بعد فترات الفتح الاسلامي ( وان اعتبرناه فتحا حضاريا وليس احتلالا) لم تحقق اي تطورات اجتماعية او ثقافية او علمية او تكنولوجية تذكر ، وبقيت تعيش على ميراثها القديم ولم تطور هذا الميراث ، بل ادختلها في تعقيدات لايمكن الخروج منها ، واصبحت تعاني من التكلس والصدأ ، ولم تعد تتماشى مع متطلبات العصر ، وياخذ مكانا رجعيا في المجتمع الدولي ، هذا بالاضافة الى الجهود التي تعمل على اظهارها كقوة ارهابية عالمية . ولكن بغض النظر الى صحة النظرية او بطلانها ، فان المنطق في تطبيقها على ارض الواقع والعقلانية في التعامل مع المتغيرات هي الاساسية في تحقيق النظرية او فشلها ، ولايمكننا ان نجزم بان النظرية الفلانية كانت صحيحة ولكنها فشلت في الواقع ، او النظرية المتداولة الان في المجتمع والممارس بها هي خطأ وغير صحيحة ولكنها لاقت النجاح في الممارسة العملية واصبحت من احدى الموروثات الاجتماعية والثقافية والسياسية ، لان المصلحة الاجتماعية والفردية تتطلب هذا ، اي بمعنى اخر ان العلاقات الاجتماعية والسياسية تحكمها المصالح بشكل عام ، وان كانت هذه المصالح اقتصادية او ثقافية او اجتماعية ، ولايمكن ان نتحدث عن نظرية او عمل انساني دون التفكير في المصلحة ( وقد تكون مصلحة روحية بحتة ، الا انها تبقى مصلحة ) العامة والخاصة او المصلحة القومية او الوطنية او.. الخ . منذو شهر كامل اندلعت الحرب بين اسرائيل وحزب الله على الارض اللبنانية ، والتي تشببت الى اكثر من الف قتيل وجرح واعاقة المئاة ، بالاضافة الى تدمير البنية التحتية للدولة اللبنانية وتشريد اكثر من مليون مواطن لبناني الى دمشق وحدها ، ولكن الحاكم الاول والاخير لهذه الحرب هي النظرية الشمولية المسيطرة على طرفي الصراع ، فحزب الله يعتقد ان العلم يجب ان تسوده لون واحد من الثقافة والمجتمع الانساني الا وهو الفكر الاسلامي السيعي ، واسرائيل تعتقد ان الشعب اليهودي هو الشعب المختار وعلى العالم قبول هذا وتطبيق اوامر الدولة الاسرائيلية الكبرى وتامين حمايتها من العالم الذين يعتبرون من الدرجة الثانية ، ومنذ عقود والصراع مستمر بين هذين النظريتين وان كانت موازين القوى لم تتجه لصالح اي منهما ، الا ان مجموعة مصالح عالمية هي التي تحكم بهذه الصراعات من جهة اخرى ، وما اجتماع مجلس الامن الا بعد شهر من اندلاع الحرب الا دليلا قاطعا على هذا ، ولكن ان عدنا الى الساحة العملية نجد ان حزب الله خسر سلاحه وساحته الاساسية ( جنوب لبنان ) بالاضافة الى الخسائر التي لاتقدر والتي تكبدها الدولة اللبنانية ، ( مع العلم ان حزب الله يعتبر نفسه هو الرابح والمنتصر في هذه الحرب لان الله يدعمه واستطاع ان يوقف غطرسة اسرائيل والحاق الخسائر بها ، ومن جانب الاخر لم تربح اسرائيل في هذه الحرب حسب ما كان مخططا لها وهي ان توسع نطاق حمايتها ودفاعاتها وسيطرتها على الاستراتيجية العسكرية في الشرق الاوسط ، بل فشلت في حماية مواطنيها من الهجمات الصاروخية لحزب الله . والقوى الدولية تحاول الاستفادة من ميزان القوى وتحقيق ما يمكن ان يتحقق لها في هذه الحرب من مصالح دبلوماسيا واقتصاديا وسياسيا ، وحسب مصالحها تتجه نحو تصعيد الصراع او تهدئته ، وتبقى هذه القوى الواقعية وصاحبة السياسة العملية هي المنتصرة في حرب لبنان على حساب حزب الله واسرائيل ، وسيتم تمرير الالاف من الصفقات العسكرية والتجارية مقابل مواقفها ودعمها او رفضها لهذا او ذاك ، (ويقال مصائب قوم عند قوم فوائد ) واستوقفني خبر ملفت للنظر حول هذه المقولة وهي ازدياد السياح الخليجين في دمشق وخاصة الكويتين ، وذلك بسبب توفر اللحم الابيض بكثرة هذه الايام مع الهجرة المليونية للشعب اللبناني الى سوريا ، وبشكل عام فان هؤلاء السواح لايريدون للحرب ان تضع اوزارها ، ومن مصالحهم الاستمرار في تشريد العديد من العوائل الى سوريا ، ويتمنون لو كان لبنان جارا لدولهم .
#غمكين_ديريك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل المهدي قادم... ام الشرق الاوسط الجديد
-
الحركة الكردية السورية والمجلس الوطني او مؤتمر الوفاق
-
الاول من ايار كان عيدا للعمال
-
ليلة سقوط دمشق
-
المفهوم القومي لدى الشعوب السورية
-
اذار.... المراة والانتفاضة ونوروز
-
اذار اول خطوة سليمة نحو الديمقراطية 12
-
الحراك الديمقراطي والتنظيم في سوريا
-
المراة بين الواقع وطموح الشعارات
-
المعارضة الكردية بعد خدام
-
ردا على رياض الترك (م. طلب هلال الثاني ) 2
-
نحن ومعوقات الديمقراطية
-
القضية الكردية بين الانكار و الوجود
-
دراسة تحليلية في البنية التنظيمية للحركة الكردية في سوريا
-
قصة ميليس
-
الرجل يعرف بكلمته التي لن تتغير ولو طارت راسه
-
رسالة إلى إعلان حلب
-
من بين المتاهات
-
هل ستتساوم قامشلوعلى كرديتها
-
شذرات سياسية
المزيد.....
-
أفعى سامة تباغت كلبا وتلدغه أثناء سيره مع صاحبه في غابة.. شا
...
-
دليلك لمعرفة الأشخاص الذين يجب أن تقدم لهم الإكرامية وقيمة ا
...
-
كيف يمكن للمرء العيش في القارة القطبية الجنوبية؟ هل يغط بسبا
...
-
حزب -التضامن الجورجي- يناشد بوتين إلغاء التأشيرات للمواطنين
...
-
خلال أسبوع.. منع دخول 900 شخص بشكل غير شرعي إلى ألمانيا
-
أدلة جديدة تثبت ارتباط الأرق المزمن بأطعمة شائعة
-
الخبراء الروس يطورون مسيّرة قتالية بمواصفات مميزة
-
هل يؤثر تناول المسكنات في فعالية التخدير؟
-
أمراض تسبب مشكلات في السمع
-
طبيبة: لا يوجد نباتي واحد بين المعمرين
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|