أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جعفر المظفر - سياج بيتي (2)














المزيد.....

سياج بيتي (2)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 7000 - 2021 / 8 / 26 - 19:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وبعد أن أكملت مشروع السياج العالي على أمل ردع اللصوص حين التفكير بتسلقه ورصعت أعلاه بشظايا الزجاج التي تزيده تحصينا أخبرني صديق حضر حفل الإفتتاح أنه كان قد سبقني إلى كل ذلك, لكن اللصوص تغلبوا عليه وسرقوا داره للمرة الثالثة.
صديقي المتخصص بعلم الإحباط تابع يقول
- كما أنت تفكر بالطريقة التي تقطع أرزاق اللصوص فهم يفكرون من جانبهم أيضا للتغلب عليك. غدا سوف تراهم يضعون على السياج أكثر من وسيلة لعبوره دون خدش. في حالتي إستعملوا إسفنجا مضغوطا من ذلك الذي يستعمل في المقاعد وأسرة النوم, وساعدهم على الوصول إلى أعلى السياج درج صغير من الألمنيوم الخفيف الوزن.
تابع السيد المُحْبِط :
- ربما يثيرهم تحصينك للسياج معتبرين ذلك من باب التحدي فتروح أنت وأهلك ضحايا على طريقة المرحومة (براقش).
سألت نفسي وأنا أبتسم بنصف فم:
- أما كان الأجدر بصديقي أن يواصل إحباطه لي دون اللجوء إلى الإستعانة ببراقش, لأن هذه الأخيرة كما هو معروف كان إسما لكلبةٍ عَوَتْ على أعداء كانوا يبحثون عن أهلها الهاربين إلى غار فتعرف الأعداء على مكان قومها من خلال عوائِها, ثم قاموا بذبحها وأهلها بعد أن لم يشفع لهم الغار, ولهذا قيل جنت على نفسها براقش.
تابع الصديق.. إبني سياجا حديديا يلتف حول البيت وينتهي على شكل قفص لحراسة السيارة ثم إقتني كلبا بوليسيا.
ولما كان أحد مرضاي مسؤولا أمنيا فقد تبرع لي بكلب حراسة من نوع الجيرمان شبر الذي تم جلبه من مدرسة الشرطة في بعقوبة, وكان الكلب ما زال صغيرا الأمر الذي سهل علي تعليمه.
وسأقول أن من أهم دوافع السرقات في أيام الحصار هي العوز والفاقة لكن من الضروري القول أن سقوط النماذج القيادية كان أهم منها, فالمثل الشائع يقول إذا كان رب البيت بالدف ناقراً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص ....
صحيح إن النماذج السياسية التي تقود نظام ما بعد الإحتلال الأمريكي قد أمعنت وتفننت باللصوصية والفساد إلى حد الخيال حتى صاريصعب تخيل تكنيك وحجم السرقات التي تقوم بها هذه الزمر, لكننا والحال هذه بتنا نعرف أن هؤلاء فاقدي ولاء وأتباع, خاصة " للغارة" إيران, وهم لا ينظرون إلى الدولة العراقية غير غنيمة حرب من الحق توزيعها.
الواقع أن بإمكانك أن تراهن على ذيل وتبعٍ إذا ما صار بإمكانك إستخلاص الرحيق من جيفة وليس من الأزهار.
ومع كل ذلك فإن علينا أن نعترف أن سرقات بيوت المواطنين ما بعد الإحتلال صارت أدنى من تلك كانت عليه في أيام الحصار. والسبب أن وجهة اللصوص صارت هي الدولة بدلا من البيوت, ولأن أغلب اللصوص تحولوا إلى مسؤولين وصارت بأيديهم مفاتيح قاصاتها.
حتى إذا ما صرفت إهتمامك لدراسة أسباب الفساد وتمظهراته وتشكيلاته فستنتهي إلى قناعة أننا لم نعد في مواجهة فساد بل بتنا في مواجهة عملية نهب منظم يشارك فيها جميع سياسيي وإداريي النظام نزولا إلى (فراشي) الدوائر وصاحب منقلة الشاي الذي غالبا ما تعطى له مهمة الدليل الذي يوجه الناس ويعلمهم على أبسط الطرق التي تكفل لهم إنجاز معاملاتهم دون تعب أو صداع.
وبسبب ذلك خفَّ كثيرا الإقدام على سرقة البيوت بعد أن صار متاحا سرقة الدولة.
وهل ظل هناك من هو بحاجة إلى تسلق الأسيجة بعد أن باتت خزائن النفط في جعبته ؟!, ولهذا عرفنا أن سرقة البيوت لم تتراجع أو تتلاشى بسبب صحوة أخلاقية وإنما بسبب التراجع الرهيب لهذه الصحوة.
وتبقى أن حاجتنا للحديث عن همومنا مع نظام صدام لم تتراجع حتى مع تصاعد التنبيهات التي تؤكد على أن تلك العودة سوف تساهم بتلميع صفحة هذا النظام الحالي أو بإطالة عمره. وأخشى أن تكون غاية البعض من هؤلاء هي مسح آثام النظام السابق بممسحة النطام اللاحق.
وسأقول لو أن كل أهل الأرض قد إشتغلوا لمسح آثام النظام الحالي لما وجدوا إلى ذلك سبيلا. وعليه أسأل ما الذي يخيفنا من ذكر الإثمين في وقت واحد إذا ما كان همنا أن نبحث عن النظام الأفضل من النظامين وليس الأقل سوء بينهما ؟
فليسمح لنا بعض الأخوة, أن نتحدث عن تاريخ العراق على راحتنا ونحن نعدهم بأننا لن نتخلى أبدا عن فضح النظام الحالي حتى لو كانت الموضوعة التي نكتب عنها مختصة بالحديث عن البهارات الهندية.
وسأقول أن الحديث عن ثقافة الأسيجة يبقى مهما بقدر إرتباطه بطبيعة المتغير في الخطاب المجتمعي والسلطوي للدولة العراقية على مختلف أنظمتها, وفي عهد صدام فقد قُدر للأسيجة أن ترتفع تديجيا للتخفيف من غارات اللصوص الذين غالبا ما كانوا يعجزون عن الوصول السهل إلى خزائن الدولة فيستسهلون الوصول إلى خزائن الناس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع القسم الثالث من (سياج بيتي)



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كان يا مكان .. سياج بيتي
- كابول وبغداد .. عن معنى الدولة ومعنى الطرف الثالث والسلاح ال ...
- الرئيس الصح في الزمن الخطأ .. القسم الثالث والأخير
- الرئيس الصح في الزمن الخطأ*
- 17 – 30 تموز الرئيس الصح في الزمن الخطأ
- إسمع بالمَعِيدي خير من أن تراه
- التمرحل السياسي والنظرية اللوئية
- النظرية اللَوْئِية وقراءة تاريخ العراق المعاصر
- عن حسن العلوي وهلوساته
- في نقد النظرية البعثية
- رأس (أبو جعفر المنصور).
- الحشد ليس مقدسا وبعض مقاتليه الأبطال في الحرب ضد داعش قد يتح ...
- البحث عن الذات الفكرية والهوية البعثية*
- إسرائيل الدور إسرائيل الدولة
- قراءة في الدفاتر العتيقة .. صراع الحتميات التاريخية*
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (5)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (4)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (3)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (2)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (1)


المزيد.....




- راكب في مقصورة أمتعة على متن طائرة.. هل هي فكرة سديدة؟
- في فيتنام.. مسار قطار يقدم تجربة جديدة لركابه الأثرياء
- لحظات مرعبة عاشتها الأم.. مشتبه به يسرق سيارة بداخلها رضيع ف ...
- ألمانيا تدعو إلى تحقيق بعد تقرير CNN بشأن انتهاكات مزعومة بح ...
- مصر.. قرار جديد من نيابة بورسعيد بحق المتهمة بتخدير طفلها لا ...
- لماذا أبرمت الهند اتفاق تشابهار مع إيران رغم التحذير الأمريك ...
- -السِكّين - وسلاح سلمان رشدي للدفاع عن حرية الكلمة
- TikTok يختبر الميزة المنتظرة!
- ماذا حدث في بشكيك؟.. الجالية المصرية بقرغيزستان تصدر تعليمات ...
- البيت الأبيض يسخر من -عناق- الرئيسين الصيني والروسي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جعفر المظفر - سياج بيتي (2)