أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - الاحتلال الناعم الخفيّ















المزيد.....

الاحتلال الناعم الخفيّ


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6996 - 2021 / 8 / 22 - 12:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


نهاد أبو غوش
يتردد في الآونة الأخيرة مصطلح "تقليص الصراع" في وصف لمقاربة إسرائيلية قديمة – جديدة عرضها المؤرخ الإسرائيلي ميخا غودمان في كتابه "المصيدة"، وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت عن تبني جوانب منها. وهذه المقاربة هي شكل من أشكال إدارة الصراع من دون بذل جهود جدّية لحلّه، وبالتالي هي تتبنى مبدأ إدامة الاحتلال، ولكن مع تلطيفه وتخفيف أثره على الفلسطينيين، وتلافي أسباب الاحتكاك اليومية، ومن ثمّ تجنيب إسرائيل سيل الانتقادات الدولية التي تمسّ سمعة دولة الاحتلال ومكانتها وبالتالي قد تعرضها لعقوبات مستقبلية، فضلا عما يحمله نمط الاحتلال الحالي من عبء أخلاقي لكون إسرائيل تتحول يوما بعد يوم إلى دولة تمييز عنصري "ابارتهايد" فاقع.
وقد عرض المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) في نشرة المشهد الإسرائيلي مطلع الشهر الحالي، ملخصا لهذه الرؤية من إعداد الباحث وليد حباس الذي شارك أيضا في ندوة متخصصة لهذه الغاية مع مديرة المركز هنيدة غانم، ومدير مركز مدى الكرمل مهند مصطفى، وخلاصة مفهوم "تقليص الصراع" تتركز في تجميل الاحتلال وإدامته، واتخاذ عدد من الخطوات التي تقلل الاحتكاك مع الفلسطينيين، مع بقاء السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الأراضي المحتلة بما يشمل القدس الموحدة، والاحتفاظ بالمستوطنات بل وتوسيعها، والسيطرة على المناطق المصنفة (ج) وعلى الحدود والمعابر والأجواء والموارد والمياه، وعدم التطرق نهائيا للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وبخاصة حق تقرير المصير وإنهاء الاحتلال.
تقليص الصراع وتجميل الاحتلال بحسب هذه الرؤية يشمل تكريس فصل غزة عن الضفة، وتمكين الفلسطينيين من السفر والانتقال عبر الضفة الغربية من دون الاحتكاك بجنود الاحتلال والحواجز، وتسهيل سفر الفلسطينيين عبر الجسر وحتى عبر مطار اللد، واتخاذ مبادرات وخطوات ملموسة لتحسين حياتهم الاقتصادية بما في ذلك زيادة تصاريح العمل في إسرائيل، وإقامة مناطق صناعية، ورفع القيود الواردة في بروتوكول باريس، بل تذهب هذه المقاربة – التي يطرحها المؤرخ غودمان وليس نفتالي بينيت- إلى حد استعداد إسرائيل للاعتراف بدولة فلسطينية والمبادرة لمطالبة الأمم المتحدة بذلك من دون تعيين حدود هذه الدولة.
جوهر هذا الاقتراح إذن هو تكريس وتثبيت ما آلت إليه تطبيقات اتفاق أوسلو من واقع حالي، أي الحكم الإداري الذاتي المحدود، واعتبارها سقفا لطموحات الفلسطينيين الوطنية، مع تحسينات ظاهرية لنمط حياتهم، هي في الحقيقة تخفيف للقيود المشددة والانتهاكات اليومية والتدخلات الفظة من قبيل الاقتحامات والمداهمات اليومية والاغتيالات والاعتقالات وهدم المنازل والمنشآت، والتنكيل بالفلسطينيين على الحواجز والحدود. كما أن الاقتراح بعناصره الرئيسية وثيق الصلة بالرؤية التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قبل سنوات والقائمة على استحالة إيجاد حل سياسي مع الفلسطينيين في هذا الجيل، والاستعاضة عن ذلك بإنجاز "سلام اقتصادي"، وهذه الرؤية جرى تطويرها لاحقا إلى الصيغة التي عرضتها صفقة القرن بين ترامب ونتنياهو، والتي تبنت التسوية الإقليمية وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وتأجيل الحل مع الفلسطينيين إلى ما بعد إنجاز هذه التسوية الإقليمية المزعومة.
يمكن اعتبار هذه المقاربة الإسرائيلية لاحتلال ناعم وخفي لا يلمس الفلسطيني العادي أثرا له في حياته اليومية، حلا لمشكلات إسرائيلية سياسية وأخلاقية قبل أن تكون محاولة لحل مشكلات الفلسطينيين وتخفيف معاناتهم، والتدقيق في المواقف الدولية من الاحتلال يظهر أن معظم ما ما تتعرض إسرائيل من انتقادات في الحلبة الدولية سببه الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني وأرضه ومقدساته، وليس بسبب الاحتلال في حد ذاته الذي يمثل الجريمة الأساسية بحق الفلسطينيين وكل ما ينشأ عنه هي نتائج وظواهر ملازمة للاحتلال. واللافت والمؤسف في الوقت عينه أن التركيز على ممارسات الاحتلال وفظائعه وليس على الاحتلال يتسرب يوميا إلى الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، بل حتى إلى الخطاب العربي والفلسطييني، مع ضرورة الإشارة هنا إلى أن جميع الاتفاقيات التي أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مع إسرائيل لم تتطرق بتاتا إلى قضية الاحتلال، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى "إنهاء الاحتلال" باعتباره جوهر الحل السياسي المنشود.
إسرائيل لم تتبنّ حتى الآن رسميا مقاربة "تقليص الصراع"، وما زال الأمر في حدود إعجاب نفتالي بينيت ببعض عناصر هذه الرؤية واستخدامه المصطلح في كلامه قبل أسابيع، وربما كان استخدامه لهذا المصطلح من قبيل إظهار أنه رئيس وزراء جدي وليس مجرد رئيس صدفة وتسوية عابرة كما هو فعلا، وبالتالي الإيحاء بأن بينيت صاحب رؤية وحلول، ويبدو أن تبني مثل هذه الرؤية لن يكون أمرا سهلا في ضوء الخريطة السياسية الإسرائيلية المعقدة، وطبيعة التحولات الجارية في إسرائيل، والثقافة العنصرية التي نشأت وتعززت لدى قطاعات واسعة من الإسرائيليين سواء كانوا من الجمهور العريض أو لدى كبار المسؤولين في الدوائر الحكومية والأمنية والعسكرية، فعقلية الترحيل الجماعي (الترانسفير) وما يرتبط بها من سياسات لتهجيرالفلسطينيين وجعل حياتهم أمرا لا يطاق، ما زالت حاضرة في الممارسات اليومية الإسرائيلية. كما أن التطرف والعنصرية والاستهانة بحياة الآخر غير اليهودي، عزز منطق وسلوك "العصابة" والتصرف بمنطق ثأري وانتقامي وممارسة العقوبات الجماعية ضد شعب كامل، بدل منطق الدولة والمؤسسات والقانون الذي تنسبه إسرائيل لنفسها من باب التبجح والدعاية.
ليس من السهل على حكومة بينيت بحكم تركيبتها وطبيعة مكوناتها تبني خيار انعطافي كخيار "تقليص الصراع"، لكن مبدأ إدامة الاحتلال وتلطيفه وتخفيف وطأته عن الفلسطينيين سيبقى حاضرا في المداولات الإسرائيلية والأميركية والدولية، والخشية تكمن في أن يشكل ذلك ستارا لحجب المشكلة الأساسية وهي الاحتلال، أما الخشية الأكبر فهي أن يشتري العالم هذه البضاعة المغشوشة وأن تنطلي على بعض العرب والفلسطينيين.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصلاح منظمة التحرير ومؤسساتها
- سيزيف الفلسطيني
- قضية نزار وقميص عثمان
- حكومة نفتالي بينيت: فرصة لجسر الهوّة مع اميركا
- إدارة بايدن وحكومة بينيت – لابيد : الاستفادة من رحيل نتنياهو ...
- العلاقات بين إدارة بايدن وحكومة بينيت-لابيد (1)
- إنهاء الاحتلال أم تحسين شروطه
- العشيرة والعائلة على حساب الهوية الوطنية الجامعة
- نحلم بالميداليات
- عن الحراكات الاحتجاجية في فلسطين : سماتها وشعاراتها (2)
- الحراكات الجماهيرية سماتها وتطورها ومطالبها (1)
- مصر في مأزق وجودي
- إسرائيل ملاذ آمن لجرائم التكنولوجيا
- حرية عبادة اليهود في المسجد الأقصى أم حرية تنفيذ الأبارتهايد
- فتح التي في خاطري
- معالجة شاملة لأزمتنا الشاملة
- الغضنفر أبو عطوان
- غسان كنفاني : المثقف العضوي بحق
- إسرائيل تدير الجريمة لتفكيك المجتمع العربي والسيطرة عليه
- إسرائيل تنظر للعربي كمشكلة أمنية


المزيد.....




- القضاء التونسي يصدر حكمه في جريمة قتل بشعة هزت البلاد عام 20 ...
- -بمنتهى الحزم-.. فرنسا تدين الهجوم على قافلة للصليب الأحمر ف ...
- خلافات بسبب تعيين قادة بالجيش الإسرائيلي
- تواصل الحراك الطلابي بعدة جامعات أمريكية
- هنغاريا: حضور عسكريي الناتو في أوكرانيا سيكون تخطيا للخطوط ا ...
- تركيا تعلق معاملاتها التجارية مع إسرائيل
- أويغور فرنسا يعتبرون زيارة الرئيس الصيني لباريس -صفعة- لهم
- البنتاغون يخصص 23.5 مليون دولار لشراء أسلحة لكييف ضد أجهزة ا ...
- وزارة العدل الأمريكية تتهم سيناتورا من حزب بايدن بتلقي رشوة ...
- صحيفة ألمانية تتحدث عن سلاح روسي جديد -فريد ومرعب-


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - الاحتلال الناعم الخفيّ