أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام شعبان حسن - رغيف العيش- وسؤال عن دور الدولة وأزمة الاقتصاد














المزيد.....

رغيف العيش- وسؤال عن دور الدولة وأزمة الاقتصاد


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6991 - 2021 / 8 / 17 - 20:15
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


يعاود مخطط رفع سعر الخبز في مصر فتح النقاش بشأن الانحيازات الاجتماعية للسلطة، وسؤال عن دور الدولة، وما تجسّده سياساتها الاقتصادية، التي ظهرت خلال تطبيق ما يسمّونه "الإصلاح الاقتصادي" منذ 2016، الذي ارتكز، أساساً، على معالجة عجز الموازنة، عبر زيادة الإيرادات من عوائد الضرائب ورفع أسعار الخدمات، مع تخفيض النفقات المتعلقة بالدعم. وقد خلفت هذه الإجراءات أعباءً ثقيلة، خصوصاً على الطبقات الفقيرة وشرائح وسطى، تمثلت بارتفاع مستوى الأسعار والخدمات وزيادة الضرائب. وعلى الرغم من قسوتها، وهي الحقيقة التي لا تنكرها السلطة، لم تُحسن مستويات معيشة المواطنين، كما وعدت الحكومات المتعاقبة، أو ما بشّر به صندوق النقد الدولي، بل العكس ما جرى، تعمّق الخلل بين الأجور وتكاليف المعيشة أكثر مما مضى، وتجاوز ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات 400%، وهي النسبة نفسها التي تدرس الحكومة تطبيقها على رغيف الخبز.
من خلال إجراءات البرنامج الاقتصادي، استطاعت الحكومة المصرية تحقيق فائض أولى العام الماضي بـ 104 مليارات جنيه، لكن هذه النتيجة لم توقف سياسات القسوة الاقتصادية المتجاورة مع نمط حكم لا يسمح بالتنظيم وحرية التعبير، هكذا لتستمر سياسات القهر الاقتصادي جناحاً ثانياً للسلطوية، والثانية لا غنى عنها في تحقيق الأولى، وتمرير إجراءات رفع أسعار الخدمات والسلع تحت سطوة الخوف وغياب هيئات شعبية معبّرة عن الناس.
يبرّر المدافعون عن هذه الإجراءات موقفهم بشعاراتٍ عموميةٍ بشأن إصلاح الاقتصاد، وتعاطي الدواء المرّ، والحفاظ على الدولة، لكن الشعار الأخير، الحفاظ على الدولة، يكرّر للترهيب، ومع غموضٍ في مضمونه، أي دولة ونموذج تنموي يريد المصريون، وما الذي يريد أن يقنع به أصحاب الشعار الناس لتمرير إجراءات وسياسات قاسية، لن تُجملها شعارات دعائية وتبريرات غير مقنعة.
غلب على النقاش في مصر بشأن رفع سعر الخبز تجاهل جذور الأزمة الاقتصادية التي تنجم عنها البطالة والفقر، وتعجز معها الدولة عن إنجاز كفايةٍ في الإنتاج. وبدلاً من طرح أسئلة بشأن مراجعة دور الدولة ومسار السياسات الاقتصادية، تُطلَق الشكوى ويُزجَر المواطنون بوصفهم سبباً للأزمة، يلتهمون بنود الموازنة التي تعاني عجزاً. يصوّر هؤلاء أن الاقتصاد سينتعش، إذا ما قُلِّصَت بنود الدعم، في إيهام الناس بأن سبب أزمة الاقتصاد بنود الدعم، وليس ضعف الإنتاج واعتماد الخزانة العامة على الضرائب بشكل ضخم. وفي سياق النقاش، بشأن رغيف الخبز الذي يقلقهم انخفاض سعره، لا تجري مناقشة جدّية بشأن تعزيز الإنتاج الصناعي والزراعي وزيادته، بما فيه ضرورة التوسّع في زراعة القمح، التي تُعَدّ مصر الدولة الأولى في استيراده عالمياً، وحتى بعيداً عن جذور الأزمة الاقتصادية المتعلقة بنمط الاقتصاد الحالي، يُتجاهَل البحث عن بدائل لتخفيض الدعم، وإعادة توزيع الأعباء، وبنود الدعم، بما فيها دعم الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال، بما تحتويه من بنود دعم المصدّرين، غير الإعفاءات والمزايا الاقتصادية لرجال الأعمال، وسد أبواب الفساد.
ما زال بعضهم يبرّر تجاور سياسات اقتصادية قاسية مع السلطوية، ويرى أن مصر تعبّر، تبني جمهورية جديدة، لكن ظلال الكباري (الجسور) والعاصمة الجديدة لا تخفي حقائق عن معاناة متجسّدة تروي تفاصيلها أحوال الناس، ومؤشّرات الفقر والتفاوت الطبقي، والبطالة في أوساط المتعلمين، وأمراض اجتماعية مقلقة، منها عنف ظاهر وجرائم مستجدّة على الأسرة المصرية. لم يسأل أصحاب الدعاية أنفسهم عن تكلفة سلة السلع الغذائية الأساسية، وما قدر الأعباء التي يمكن أن تضيفها حركة رفع الأسعار ومنها الخبز والغذاء، لأن هؤلاء، ببساطة، منفصلون عن واقع الناس ومعيشتهم ومعاناتهم الحياتية، ومهمتهم تبرير كل إجراء تتّخذه السلطة.
قد تكون زيادة أسعار الخبز خطوةً يمكن تمريرها، كما ارتفاعات للأسعار، شملت سلعاً وخدمات، لكن الإجراء، في حد ذاته، الذي يطاول الشرائح الأشد فقراً، تعبير عن قسوة ظاهرة. وبحسابات الاقتصاد وتكاليفه، لا يشكل قدر الدعم (40 مليار جنيه) مبلغاً ضخماً، إذا ما قورن في حفظ كرامة قطاع من المواطنين وحمايتهم من الجوع، غير أن هذا الدعم، في النهاية، مقتطع من ضرائب المصريين، الذي يقارب تريليون جنيه، وهو مقارنةً بالدعم الموجه إلى رؤوس الأموال أو بنود أخرى، ليس مبلغاً ضخماً، لكن إلغاءه يعبّر عن انفصام بين عملية اتخاذ القرار وواقع الفقراء الذي تتغنّى به الجمهورية الجديدة، ودالٌّ، في الوقت ذاته، على مسار تراجع أدوار الدولة الاجتماعية.
مع هذا القرار وغيره من سلسلة قرارات مشابهة، تترك أعباءها الاجتماعية، ولا تحسّن أحوال الناس، تصبح تصورات بعضهم أو تصديقهم أن المسار الاقتصادي سيأتي بحياة كريمة مجرّد أمنيات، لا تستند إلى مؤشراتٍ تدعمها. أما سؤال الحفاظ على الدولة ودورها، فهو يحتاج إلى إعادة طرح من أصحابه، أي دولة يسعى إليها هؤلاء، وبأي حال يمكن أن يصدّق الناس الوعود بتحسين أوضاعهم عاماً بعد آخر، في ظل تراكمٍ للأعباء، وصل إلى محطةٍ رغيف العيش.
وفي النقاش الدائر بين مؤيدي القرار، بكل السبل، وبمداخل صحية واقتصادية ودينية، تبريرات لا تصدّق، وتحمل قدراً من استهانة بالآثار المترتبة عليه، ومنها زيادة عدد من يفتقدون الأمن الغذائي، رفع سعر الخبز، مع ما سبقه من تقليص أوجه دعم بعض السلع، مؤشّر دالّ على انسحاب الدولة من ادوارها الاجتماعية، ولا يعتدّ هنا بمبرّرات أن الدعم لا يصل إلى مستحقيه، فقاعدة بيانات الخبز المدعم، تُجدَّد باستمرار، ولها اشتراطاتٌ تربط بين الدعم والدخل، ويحذف منها سنوياً غير المستحقين. تبقى الحقيقة أن هناك من يرى أن دعم رغيف العيش عبء، وأن الأسعار منخفضة، ويجب زيادتها. هكذا يدار الأمر، وكأن الدولة شركة، من دون اكتراث بمفهوم أدوار الدولة ووظائفها، أو ما تأسّست عليه من مفهوم العقد الاجتماعي. وحتى لو أخذنا بهذا التصوّر، أن الدولة شركة، فإن للمنتجين والمساهمين في رأس مالها وأصحابها المصريين مراجعة نتائج وسياسات مجلس إدارتها والتعبير عن آمالهم.

15 اغسطس 2021



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران: تعثّر اقتصادي وتحركات احتجاجية
- سد النهضة في مجلس الأمن .. المواقف والخيارات
- مظاهرات السودان .. أزمة الدولة والثورة
- في السودان... الطعام مطلب ثوري
- عن تكتيك المقاومة وخسائر العدو
- تظاهرات الإسكندرية .. ملامح من أزمة التخطيط العمراني
- أصدقاء مصر وتمويل السد
- حوادث القطارات وعدالة الخدمات في مصر
- قطار الصعيد .. حضور شعبي يحاكم غياب التنمية العادلة
- عبير موسي... إذ تستثمر الأزمة وتنتصر للثورة المضادة
- حوادث العمل في مصر... دلالات ومؤشرات
- لكي لا نفرط في التفاؤل
- سد النهضة .. الأزمة المصرية ودروس الفشل
- أنثروبولوجيا المرض وحروب كورونا السياسية
- مصريات في مواجهة كورونا
- ذكرى يناير وفرص تجدّد الحراك في مصر
- ضبط الثقافة لخدمة السلطوية
- أزمة السودان ووهم المراهنة على التطبيع
- الشباب المصري وغياب السياسة .. المشاركة بعد 30 يونيو
- عن التحرّش في مصر ومواسمه


المزيد.....




- هتكسب أضعاف الفلوس اللي معاك في شهر واحدة بس .. مع أفضل 6 شه ...
- حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- -قضية الذهب الكبرى-.. قرار جديد من هيئة مصرية بحق رجل الأعما ...
- ستاندرد أند بورز? ?تخفض تصنيف إسرائيل طويل الأجل 
- اعملي ألذ صوص شوكولاته للحلويات والتورتات بسيط جدا واقتصادي ...
- تباين أداء بورصات الخليج مع اتجاه الأنظار للفائدة الأميركية ...
- صندوق النقد: حرب غزة تواصل كبح النمو بالشرق الأوسط في 2024
- لماذا تعزز البنوك المركزية حيازاتها من الذهب؟
- كيف حافظت روسيا على نمو اقتصادها رغم العقوبات الغربية؟
- شركات تأمين تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد عمليات الاحتيال


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام شعبان حسن - رغيف العيش- وسؤال عن دور الدولة وأزمة الاقتصاد