أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية - عصام شعبان حسن - أنثروبولوجيا المرض وحروب كورونا السياسية















المزيد.....

أنثروبولوجيا المرض وحروب كورونا السياسية


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 21:47
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية
    


أصبح فيروس كورونا مرعباً، بحكم توسعه وانتشارهز صحيحٌ أن أعداد الوفيات من مرضاه محدود، قياساً بأنواع أخرى من فيروساتٍ وأوبئةٍ عرفتها البشرية، لكن تواتر الأخبار عنه، بشكل لحظي في مناطق العالم باتساعها، يعمّق صورة المرض، الخطر العالمي الذي استدعى إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ ودخول الوباء إلى مرحلة وصفتها بالخطرة، بينما آثاره الاقتصادية ضخمة من دون حاجة إلى تفصيل، أو تعداد خسائر لحقت بأسواق المال، وقطاع البترول ومختلف قطاعات الإنتاج والتصدير والاستيراد، وزاد من آثاره أنه ضرب مركزاً تجارياً وصناعياً ضخماً كالصين، ثم انتقل إلى عدة دول آسيوية، بما فيها منطقة الخليج العربي، وتوسع في بلاد أوروبية وبشمال أفريقيا، فأصبح الخوف مشهداً عمومياً لدى الإنسانية، كعولمة الاقتصاد تماماًز ليس الخوف وحسب من المرض، لكن آثاره أيضاً وغموضه وعدم القدرة على حصاره، أو الكشف عن علاج له حتى الآن، مخيفةز مشهد من العجز العالمي ينعكس على مجمل الأنساق الاقتصادية والثقافية والسياسية أيضاً، وكما يهدّد المرض البشر، يتجاوز التحدّي المؤسسات الطبية إلى مؤسسات الحكم في الدول، ويتعاطى معها الفرد والجماعات بمنظورٍ لا يخلو من السياسة أيضاً، أو التوظيف السياسي للحدثز
وتنظر الأنثروبولوجيا وفروعها إلى الظواهر المرضية من زوايا متعدّدة في التناولز فالأنثروبولوجيا الطبية تركز على دراسة العلاقات المتبادلة بين المرض والأنساق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والبيولوجية، وهي، في نشأتها الأولى، اهتمت بدراسة معتقدات الشعوب عن المرض والصحة وطرق العلاج، الشعبية والمحلية، بما فيها الثقافات التي تعطي للسحر مكانةً في تفسير الأمراض، بل والعلاجز وفي الستينيات، أخذت بعداً تطبيقياً، مهتماً بدراسة المؤسسات العلاجية، وتحليل الأدوار والصراعات فيها، فضلاً عن القيام بأدوار الدعم النفسي والاجتماعي للمجتمعات التي تعاني مشكلات الأوبئة والفيروسات، بغرض تحقيق المرونة والتكيف والقابلية للعلاج، أو ما يعرف بتقاطعه مع الأنثروبولوجيا النفسية بالدعميْن، النفسي والاجتماعي، الذي يركز على علاقات الشخصية والثقافة والمرضز وهدفت جهود المتخصصين منهم إلى معالجة أثر الرهبة المصاحبة لانتشار الفيروسات أو الأمراض المصحوبة بآثار نفسية واجتماعية، كتقديم الدعم لمن يتعرّضون لعمليات البتر أو أمراض السرطان والإيدز، وسبق أن قدّمت منظمة الصحة العالمية، عبر الأنثروبولوجيين، دعماً نفسياً للمصابين بفيروس إيبولا في أفريقيا، وهو ما يمكن الاستفادة منه حالياً، فالأنثروبولوجيا لا تقتصر على أنها علم للتحليل والتفسير، بعد أن أصبحت تطبيقية وضرورة تنموية وتفيد هنا الأنثروبولوجيا السياسية في فهم وتحليل ما صاحب المرض من ملامح سياسية على المستويين، الرسمي وغير المؤسسي، خصوصاً في ما يتعلق بتفسير المرض وانتشاره ومصدره، بل ونتائجه التي تغيرت حسب موقع المفسر، ونزوعه السياسي والفكريز فمن الإيمان بنظرية المؤامرة، وبأن جهة ما (غالباً يشار إلى أميركا) خلقت الفيروس، وصدّرته إلى الصين لتعطل حركتها الاقتصادية، إلى تفسيرات أكثر تخلفاً وتتخذ رداءً دينياً، كالقول إن الصين كدولة شيوعية عوقبت بشكل إلهى، رداً على بعدها عن الإيمان وغلبة الإلحاد على أهلها، وفي المقابل تعليقات متعصّبة عن مشهد الحرم المكي بلا مصلين أو إلغاء صلاة الجمعة في إيران، في تهكّم على الدين والرموز الدينية أو استخدام لها في غير موضوعها، وبصورة متخلفة، لإثبات صحة رأي سياسي أو عقائديز

ولا تغيب المكايدات السياسية عن المشهدز فثمّة نقد لدول اتخذت قراراتٍ ترى فيها محاولة لتقليل المخاطر بمنع السفر إليها، أو المطالبة بشهادات صحيةٍ تفيد بخلوّ من يزورها من فيروس كورونا، فيردّ آخرون على الإجراءات بالمثل، وكأن مقاومة المرض معركة دبلوماسية، كسحب سفير دولة يقابله سفير الدولة الأخرى، وليس الفهم أن المرض خطِرٌ عالمياً، ويجب أن يتعاون الكل في تحجيمه ومقاومته، والبحث عن سبل علاج له، وحماية كل إنسان، أياً كان وطنه وجنسيته ودينه ومعتقداته، ولكل دولة أن تتخذ ما تراه مناسباً في ذلك، من دون تهويل أو توظيف سياسي يعمّق الهوة المتسعة أصلاً بين حكومات وشعوب عربيةز
يكشف كثير مما يجري في الوطن العربي من نقاشاتٍ في الفضاء العام بشأن كورونا مؤشراتٍ على ضحالة وتخلف في الفكر السياسي والاجتماعي، وأزمة نظم مستبدة وحكومات غير كفوءة، غير قلة الحيلة، ومنها ما يتعلق ببنود الصحة التي لا تكفي العلاج أصلاً، فما بالكم بقدوم خطر حالاً؟ وتعكس بعض التصريحات والخطابات الهروب من المشكلة التي تتطلب إجراءاتٍ وجهوداً واهتماماً بمنظومة الحماية الصحية إلى ملاسنة ودفاع مؤيدين عن النظام السياسي، وكأن التخوف من المرض غير مشروع، وربما دخلت في تهمة ترديد الإشاعات، وهنا تؤثر المصالح والتحيزات السياسية في رسم المشهدز

تتكرر حالة الإسقاط، فثمة مَن لا يرى في الدولة كياناً ديمقراطياً، ولا تتمتع بالشفافية، ما يدلل على ندرة المعلومات أحياناً بأنها إخفاء مقصود للمعلومات، من دون افتراضاتٍ تتعلق بمحدودية الإمكانات للمنظومة الصحية أو المسؤولين عنهاز وتشكل مجمل هذه الصورة لدى الجمهور مساحات توجس وخوف غير قليلة، وإنْ حاول بعضها التغطية عليها بالسخرية، بوصفها أداة مقاومةز وفي ظل ضبابية الصورة، ربما ذهب بعضهم إلى انتشار الفيروس، بينما ينفي المؤيدون للنظام حالة التوجس، ويرى في جهود الدولة ما يكفي لمواجهة الأزمة، وفي هذا تنازع واضح مغلف سياسياً، وإنْ كان له أساس موضوعي، ويزيد مناخ التوجس وفرص انتشار الإشاعات، غياب الحقائق والمكاشفة حول عدد المصابين، أو الحاملين للفيروسز
حتى وقت قريب، لم تعلن مصر ظهور حالات كورونا فيهاز وحتى الحالات الأولى، كان مصدر اكتشافها بلاغات منظمة الصحة العالمية عن أشخاص قدموا من مصر، وثبتت إصابتهم بالفيروس، ما دفع السلطات المصرية إلى فحص المخالطين بهمز وكان من الممكن أن تكون حالة التوجس الملحوظة مصرياً أقل، لو كانت هناك جهود أو خطوات أو مراكز صحية متاحة للكشف عن الفيروس، ولكن شحّ المعلومات، وعدم توافر أماكن للفحص أربعة أشهر، جعلا عدم اليقين ومساحات عدم الثقة تزدادز وقد أعلنت وزارة الصحة المصرية، أخيراً، تجاوز عدد حاملي الفيروس 50 شخصاً، وقد تظهر حالات أخرى، وهذا يستدعي أن تتخذ خطواتٍ للمواجهة، منها مراقبة واتخاذ كل الاحتياطات في المدارس والجامعات وأماكن التجمع، بما فيها مراعاة إجراءات السلامة والنظافة وتوفير أدواتها، القيام بأدوار توعوية وقوافل صحية بالقرى والأحياءز بالإضافة إلى توفير مراكز صحية في كل منطقة مخصصةٍ للكشف عن الفيروس بأسعار رمزية، أو بالمجان كما كانت حملة الكشف عن فيروس سي، وإن كانت حملة فيروس سي قد موّلها البنك الدولي، فلماذا لا تخاطب السلطات المصرية هيئات الصحة الدولية، وغيرها من منظماتٍ، لتوفير سبل الوقاية والكشف، إن لم تكن كافية في مصر، أو لا تكفي الموارد لها؟

أخيراً، لا بد أن يقتنع الجميع بأن الحق في العلاج والصحة والكشف الطبي ليس إطاراً للنزاع السياسي، ولا يجب أن يُستغل لتحصيل مبالغ مالية، كما حدث مع طالبي السفر المصريين إلى الخارج، وطُلب منهم دفع ما بين 65 و160 دولاراً لتوقيع تحليل فيروس كورونا الخطر حقيقي في مصر، في ظل عدد سكان مرتفع، ووسائل مواصلات مزدحمة ومؤسسات تعليمية كثيفة العدد، وضعف إمكانات القطاع الصحي والمتمنّى أن تمرّ الأزمة بسلام مصرياً وعربياً، وعالمياً أيضاًز



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصريات في مواجهة كورونا
- ذكرى يناير وفرص تجدّد الحراك في مصر
- ضبط الثقافة لخدمة السلطوية
- أزمة السودان ووهم المراهنة على التطبيع
- الشباب المصري وغياب السياسة .. المشاركة بعد 30 يونيو
- عن التحرّش في مصر ومواسمه
- مستقبل مصر لا تبنيه البطاطين
- احتجاجات فرنسا... أزمة الاقتصاد والديمقراطية
- مؤشرات الجوع في مصر
- عن تقرير مصر في مجلس حقوق الإنسان
- ضرورة الكتلة التاريخية.. في نقد الحالة المصرية
- تمرّد محمد علي والحراك المصري
- العمالة غير المنتظمة: تهميش قيمة العمل والإنسان
- عن أبطال التغيير العربي وبطلاته
- جامعة حلمى شعرواي
- شهيد القطار.. موجز عن المأساة في مصر
- تجاوز الطائفية والطبقة السياسية
- المرحلة الانتقالية في السودان.. انتصار منقوص واحتواء للمعارض ...
- فيسبوك-.. الصراع على العقول والمجال العام
- عن المفقودين والسجناء.. في مصر وغيرها


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية - عصام شعبان حسن - أنثروبولوجيا المرض وحروب كورونا السياسية