أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام شعبان حسن - إيران: تعثّر اقتصادي وتحركات احتجاجية















المزيد.....

إيران: تعثّر اقتصادي وتحركات احتجاجية


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6991 - 2021 / 8 / 17 - 19:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


شهدت الأحواز، عاصمة محافظة خوزستان، جنوب غربيّ إيران، انطلاق احتجاجات منتصف يوليو/تموز الماضي، واستمرت وتيرتها متصاعدة لمدة أسبوعين، بسبب شحّ المياه، وقد تجاوزت احتجاجات العطش المحافظة، وتضامنت معها مدن إيرانية، منها أذربيجان وأصفهان وسيستان وخراسان والعاصمة طهران، كما تزامن مع احتجاجات الأحواز.
مشهد احتجاجي متنوع من حيث المطالب والمشاركون، وكانت أغلب أسبابه اقتصادية، ما يعكس حالة غضب تتصل بأزمة عميقة، ضمّ المشهد الاحتجاجي تظاهرات واعتصامات وإضرابات في قطاع البترول والغاز، وعمال مصنع للسكر، وعاملين في القطاع الصحي والزراعي، بالإضافة إلى احتجاجات المتقاعدين، وأهالي بعض المعتقلين السياسيين.
ويمكن فهم وتحليل الاحتجاجات في منطقة الأحواز ذات الأغلبية العربية عبر ثنائية التمييز والتهميش، وما ينتجه ذلك من إفقار، وانخفاض جودة الحياة، وتعتبر خوزستان نموذجاً لعجز التنمية في الوصول إلى مناطق همشت في شرق إيران وغربها، يسكنها بعض القوميات، منها العرب والكرد، ويعانون خللاً في توزيع عوائد النمو، وغياب العدالة في توزيع الخدمات، بالإضافة إلى سوء البنية الأساسية، وشهدت منطقة الأحواز منذ مارس/آذار الماضي، نقصاً في إمدادات مياه الشرب، والزراعة، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء.
أهملت السياسة التنموية لفترات تلك المناطق بدعوى أنّها مناطق صراع، وستصبح كلّ المشاريع فيها حال الحرب مهددة، بجانب قدر من التمييز مُورس ضد الأقليات، والنظر إليهم كمصدر تهديد وكانفصاليين. ويتضح من التعامل العنيف مع المظاهرات والإهمال الطويل لمشكلات الأحواز، أنّ الدولة بخطواتها تلك، تمارس تمييزاً على أساس الاختلاف الثقافي والعرقي غير التمييز الطبقي.
الاحتجاجات في الأحواز
وبهذا السلوك غرقت تلك المناطق في مشكلات حياتية ومعيشية، ارتبطت بفترة الحرب، وزاد بؤس أوضاع أهلها نتاج استمرار آليات الإفقار والتخلف. وفي عام 2005، مع طرح أصوات حكومية رؤى حول تغيير التركيبة السكانية بالمنطقة، تفجرت احتجاجات واسعة، واستشعر السكان أن هناك نيات لدفعهم إلى الهجرة وإحلال سكان جدد، ويصل عدد السكان إلى 8 ملايين حسب مصادر، بينما آخر إحصاء لعام 2016 قارب عددهم 5 ملايين.
وخلال الاحتجاجات الأخيرة، تكشف الشعارات والمطالب ارتفاع معدلات البطالة والفقر قياساً بالمحافظات الأخرى، ومظاهر معاناة من التهميش، ويتعاظم ذلك مع شعور السكان بأن مناطقهم الغنية بالموارد الطبيعة، كالبترول والغاز (يعتبر حقل الأحواز من أغنى حقول النفط عالمياً ويمثل ثلاثة أرباع الإنتاج الإيراني) لا يتشاركون خيراتها، بل كانت ضمن مسببات المعاناة، واندلاع الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988).
وحتى أراضيهم الخصبة، أصبحوا أخيراً غير قادرين على زراعتها، ومواردهم المائية، ومنها نهر كارون، حوِّل جزء منها إلى مناطق أخرى، لذا بات الإحساس بالتمييز والظلم الاجتماعي العنوان الرئيسي لمعاناتهم التي عبّروا عنها خلال الاحتجاج.
لا يجني السكان المحليون ثمار التنمية والموارد، ولا يشعرون بأنّهم يتشاركون عوائدها، بل يتعرضون للعطش وقطع خدمات الكهرباء، ويعانون عجزاً في توفير مياه الزراعة، التي تُعدّ نشاطاً أساسياً في المحافظة، لذا يرفعون شعار "نريد الماء وأرضنا"، بينما أصوات من السلطة تتهمهم بأنهم سبب الأزمة لإصرارهم على زراعة الأرز، بينما يرى السكان أنّ مياه النهر تذهب لخدمة مشروعات ومناطق سكانية أخرى.
ومن هنا يزداد شعورهم بالحرمان النسبي، وهي حالة شبيهة باحتجاجات أهالي الحوض المنجمي في تونس، وهي المنطقة الغنية بالفوسفات، لكنّ خيراتها منفصلة عن سكانها، ويعطي تاريخ محافظة خوزستان الاجتماعي صورة عن معاناة سكانها، الذين كانوا عرضة لآثار الصراع على الموارد بين إيران وجيرانها في فترات تاريخية سابقة، وعلى المستوى المحلي يظهر في الإقليم التناقض بين غنى الموارد وفقر الناس، ويأخذ طابعاً مناطقياً، ويستشعر البعض أنّه يأخذ طابعاً ثقافياً وعرقياً أيضاً.
مؤشرات اقتصادية
ويرتبط مشهد الاحتجاج الأعم بما فيه مشكلة الأحواز، بالظروف الاقتصادية بشكل أساسي، وأضافت آثار كورونا عبئاً مضاعفاً إلى اقتصاد يرهقه الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة، وزاد فيروس كورونا الأزمة، خصوصاً مع انتشاره، وعدم إمكانية محاصرته، لنقص اللقاحات والاعتماد على مصادر محدودة، تسجل منذ شهور يومياً عشرات آلاف من الإصابات بكورونا، بينما يموت المئات منهم يومياً، ومعها يتضح مشهد عجز البنى الصحية على الاستيعاب والقيام بدورها، بل إنّ هناك تقارير عن أنّ المدافن امتلأت بالموتى في بعض المناطق بسبب ضحايا كورونا.
وخلال العامين الماضيين زادت معدلات البطالة والفقر، وتعد بؤر الاحتجاج في غرب إيران وشرقها ضمن المحافظات الأكثر معاناة في هذا السياق، وتأثرت بشكل عام الشرائح الطبقية الوسطى والدنيا كثيراً، وتضررت الطبقة العاملة الإيرانية بشكل بالغ، ما جعلها تمارس احتجاجات مستمرة في قطاعات مختلفة، على رأسها قطاع البترول، كذلك تأثر القطاع الخدمي، وانخفضت عائدات النفط إلى النصف.
وأظهر التقرير الأخير لحكومة حسن روحاني، تراجع عوائد النقد الأجنبي في 2020 إلى 48 مليار دولار، وهو أقل من نصف عائدات 2018، وفقد ما يقارب مليون إيراني عمله خلال العام الماضي، وزادت معاناة المواطنين التدابير الحكومية التالية على الأزمة الاقتصادية، ومنها قرارات اقتصادية برفع أسعار الوقود 200 في المائة عام 2019، وهو ما أشعل احتجاجات في 100 مدينة، بينما توقع صندوق النقد أن يتجاوز معدل التضخم خلال العام 39 بالمائة بزيادة عن العام الماضي الذي كان في حدود 36.5 في المائة، بينما هناك تقديرات بأن معدل التضخم وصل إلى 50 بالمائة العام الماضي.
ويشير أحدث تقرير لجهاز الإحصاء الإيراني (إبريل/نيسان2021) إلى معدلات تضخم عالية تجاوزت 45 في المائة، في أسعار الغذاء، وخصوصاً في الريف والمحافظات غير الحضرية، ويتضح قدر المعاناة مع مؤشرات انخفاض دخل الفرد وسقوط شريحة من الطبقة العاملة في مأزق البطالة وتعمق أزمة المزارعين والعمال في قطاع الخدمات.
على جانب آخر، يظهر التفاوت الاجتماعي على المستوى الوطني، حيث تشير تقارير "فوربس" إلى زيادة عدد الأثرياء في إيران، بينما يزداد أيضاً عدد الفقراء حسب المؤشرات الرسمية الإيرانية، ويمكن بجانب المؤشرات الاقتصادية الكمية سماع أصوات المحتجين كقياس كيفي، إذ أشار رئيس رابطة المتقاعدين، أصغر بيان، إلى أن "60 بالمائة من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر، ما يهدد هؤلاء شبحُ الجوع، وخصوصاً أنّ ظروف كورونا الصعبة تقلص موائد سفرة الإيرانيين يوماً بعد يوم".
وهناك مؤشرات اجتماعية خطيرة بجانب البطالة والفقر وأزمة كورونا، وبعض مظاهر التمييز الاجتماعي والثقافي، منها ارتفاع معدلات العنف، ووصلت حالات الانتحار إلى 41 ألف سنوياً، حسب تصريح حبيب الله مسعودي، مساعد مدير الشؤون الاجتماعية، في بلد عدد سكانه 82 مليوناً. وإن كان للموت أشكال عديدة، منها كورونا، فإنّ مشاهد معاناة الفقراء توضح مدى القسوة التي تمارسها السلطات الاستبدادية، والتي تشعر الناس بضيق فرص الحياة، ومحاصرتهم في عملهم ومعيشتهم وجعلها أكثر صعوبة.
يمكن تأمل شعار رفعه المحتجون في تظاهرات الأحواز "قتلني العطش"، ليوضح أنّ أزمتهم المعيشية، كما كثير من فقراء العالم، هي مواجهة يومية وصراع مع الموت للانتصار للحياة بكرامة.

10 اغسطس 2021



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سد النهضة في مجلس الأمن .. المواقف والخيارات
- مظاهرات السودان .. أزمة الدولة والثورة
- في السودان... الطعام مطلب ثوري
- عن تكتيك المقاومة وخسائر العدو
- تظاهرات الإسكندرية .. ملامح من أزمة التخطيط العمراني
- أصدقاء مصر وتمويل السد
- حوادث القطارات وعدالة الخدمات في مصر
- قطار الصعيد .. حضور شعبي يحاكم غياب التنمية العادلة
- عبير موسي... إذ تستثمر الأزمة وتنتصر للثورة المضادة
- حوادث العمل في مصر... دلالات ومؤشرات
- لكي لا نفرط في التفاؤل
- سد النهضة .. الأزمة المصرية ودروس الفشل
- أنثروبولوجيا المرض وحروب كورونا السياسية
- مصريات في مواجهة كورونا
- ذكرى يناير وفرص تجدّد الحراك في مصر
- ضبط الثقافة لخدمة السلطوية
- أزمة السودان ووهم المراهنة على التطبيع
- الشباب المصري وغياب السياسة .. المشاركة بعد 30 يونيو
- عن التحرّش في مصر ومواسمه
- مستقبل مصر لا تبنيه البطاطين


المزيد.....




- حرب غزة تصرف صندوق بيزوس عن استثمار 30 مليون دولار في إسرائي ...
- وزير المالية الأوكراني يعترف بوجود صعوبات كبيرة في ميزانية ا ...
- تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التضخم بالربع الأ ...
- انخفاض أسعار مواد البناء اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في الأسو ...
- نمو الاقتصاد الأمريكي 1.6% في الربع الأول من العام
- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام شعبان حسن - إيران: تعثّر اقتصادي وتحركات احتجاجية