حول الانذار الاخير الذي تبعثه الينا كوارث تغير المناخ 1-2

عدلي عبد القوي العبسي

الحوار المتمدن-العدد: 6987 - 2021 / 8 / 13 - 07:11
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

بالتوازي مع استمرار ارتفاع درجه الحراره و ازدياد وتيره حدوث واتساع نطاق الكوارث المناخيه الناجمه عن هذا الارتفاع او ما يسمى بالاحترار العالمي تزداد سخونه النقاشات حول مصداقيه نظريه الاحتباس الحراري ويزداد التشكيك في كونها الدليل المفتاحي لفهم ما يحدث من تغير للمناخ
تاتي ردود الفعل السلبيه ويزداد الضجيج والصخب المشكك لدى العلماء الانتهازيين كلما ارتفعت وتعالت نداءات انصار البيئه وخبراء الامم المتحده وعلماء المناخ الى ضروره التدخل العاجل
والتحرك الاممي الفعال للحد من مسببات تغير المناخ و ضروره تنفيذ كل مقررات المؤتمرات والاتفاقيات المناخيه واشهرها اتفاقيه باريس للمناخ 2015وكل السياسات المطروحه في هذا المجال الراميه الى الزام جميع الدول الصناعيه بخفض انبعاثات الكربون الى مستوى يسمح باحتواء الاحترار
عند درجه مئويه واحده ونصف 1.5 قياسا بمستوى ما قبل الثوره الصناعيه الثانيه
ولكن لماذا تحدث هذه المحاولات المستميته التي يبذلها معادو نظريه الاحتباس الحراري
لانكار مسئوليه النشاط البشري في حدوث الاحترار العالمي وبالتالي انكار مسئوليه النظام الراسمالي
في تدمير الطبيعه والاخلال بالتوازن البيئي المناخي
الجواب واضح والدوافع معروفه تستنبطها من نص السؤال فهؤلاء في الغالب هم ابواق مدافعه عن مصالح كبار الاحتكارات العالميه الصناعيه الراسماليه المسببه للانشطه الملوثه للجو وهؤلاء العلماء ليسوا اكثر من مجرد خدم لدى البورجوازيه الصناعيه وفئاتها الاكثر تقليديه وعفونه !!
نحن هنا بصدد علماء وباحثون يفبركون الكثير من التفسيرات المغلوطه ويزعمون انها علميه وموضوعيه
لتحقيق غرض اثاره الشكوك و البلبله في الاوساط العلميه ولدى النخب الاداريه والساسيه وفي اوساط الجماهير ككل
هم اذا ينشرون هذه الخزعبلات والاكاذيب لغرض التشويش على حقيقه ماثله للعيان وهي حقيقه عدم عقلانيه الانتاج الصناعي الراسمالي
الكثيف
الغير ملتزم بيئيا
المدفوع بجنون الربح
والمعتمد على حرق الوقود الاحفوري كالنفط والفحم
صاحب النشاط الصناعي الضار و المسئول الاساس عن قذف كميات مهوله من الغازات المسببه للاحتباس الحراري بالاضافه الى مسئوليته عن انشطه بشريه اخرى لا تقل خطوره كازاله الغابات وتربيه الماشيه على سبيل المثال







حزبان بيئيان

تحدث هذه المحاولات المريبه والخبيثه والجاهله لتبرئه مسئوليه النظام الراسمالي في تدمير الطبيعه من خلال تيارين بيئيين بارزين رجعيين اخذا يتشكلان بمرور الزمن :
اولهما : تيار العلماء البورجوازيين الانتهازيين وهو التيار الذي يروج ويصر على مسئوليه العوامل الطبيعيه في حدوث الاحترار او التبريد
حدوث العصر الجليدي ( تغير مدار الارض او ميل الارض عن محورها )
حدوث الاحترار ( ازدياد نشاط البقع الشمسيه & ازدياد حدوث البراكين )
فهم يقولون بان كوكب الارض على اعتاب الدخول في عصر جليدي جديد
ويؤكدون ان الفتره التاريخيه التي عاش فيها البشر خلال الاف السنين الماضية هي فتره احترار بين عصرين جليديين
وان التاريخ قد اكد لنا حدوث اربعه عصور جليديه كان يحدث بينها فترات من الدفء والاحترار
وعلى هذا فالعوامل الطبيعيه هي المتحكمه بالمناخ ولاعلاقه للبشر ونشاطهم الراسمالي الصناعي به !! لاننا بحسب رأيهم نعيش الفتره الاخيره من مرحله الدفء والاحترار !! العابر المؤقت (مابين الجليدي ) واننا على وشك الدخول في عصر جليدي جديد !!!
لكن ما ينبغي ملاحظته هنا هو انهم يخلطون بين ما هو زمني مرحلي وما هو تاريخي جيولوجي
فاذا كانت الارض حقا على وشك الدخول في عصر جليدي خلال العقود او القرون القادمه
فان هذا لا يمنع القول ان البشر في العصر الصناعي الراسمالي قد تسببوا خلال القرن الماضي والى الان بارتفاع درجه الحراره درجه مئويه واحده وان هذا قد سبب حدوث تغير في المناخ لمسناه
في تقلبات حدوث الجفاف والفيضانات والاعاصير والحرائق ووتيره حدوثها واتساع نطاقها وانتشارها وحدتها وازدياد المنخفضات المداريه وحدوث التقاطب الثنائي للضغط الجوي في المحيطين الهندي والهادي شرقا وغربا ظواهر النينيو ولانينيا والنينيو الهندي
وتغيرات انماط الهطول المطري والحراره والرياح ككل في العديد من الاقاليم الجغرافيه في العالم
فما هو حادث وطارئ ومصطنع بفعل البشر لا يمنع حدوث ما هو فلكي و جيولوجي تاريخي
فكون اننا ربما ندخل عصرا جليديا بشكل بطئ تتغير وتيره حدوثه فجأه لا يلغي حقيقه ان
البشر حاليا يسخنون جوهم المحيط ويعبثون باستقرار مناخ كوكبهم الازرق الجميل وبالتالي
يضعون وجودهم الاجتماعي والحياتي على المحك

طبعا ، اعداء نظريه الاحتباس الحراري من خلال الترويج الكثيف لهذه المزاعم السخيفه والمغرضه التي حبست عقول الناس في اقفاص من الوهم واللامبالاه
يسعى هؤلاء الرجعيون الانتهازيون للتغطيه على حقيقه واضحه وضوح الشمس وهي حقيقه ارتفاع درجه حراره جو الارض وبتصاعد ملحوظ خلال المائه عام الماضيه بسبب ما اجمع عليه الاف العلماء ومن مختلف البلدان والمراكز والمنظمات الامميه ان السبب الرئيس وراء الاحترار هو الاحتباس الحراري الناتج عن مفعول غازات الدفيئه المقذوفه الى الجو بفعل حرق الوقود الاحفوري بتلك الكميات الضخمه الناتجه عن نشاط المصانع والمركبات وغيرها

فعلى سبيل المثال فقد ازدادت نسبه غاز ثاني اوكسيد الكربون في الجو ب 30% عن مستواها قبل حدوث الثوره الصناعيه الثانيه ( 1860- 1930 ) وكذلك الغازات الاخرى ازدادت نسبتها بارقام متفاوته من 18% الى 50%
وهو ما تسبب في ارتفاع درجه الحراره بمقدار يقارب درجه مئويه واحده خلال المائه عام الماضيه
هذا الارتفاع هو المسئول الاكبر عن حدوث هذه التغيرات المناخيه والكوارث المناخيه وكلما ازداد الارتفاع نصف درجه او درجه او درجتين تزداد المخاطر كما سنبين لكم لاحقا
كيف ان علماءالمناخ قد وضعوا عده سيناريوهات مستقبليه لذلك في تقريرهم الشهير الذي رعته الامم المتحده قبل سنوات
المعنون ب ( اخفضوا الحراره : مواجهه واقع مناخي جديد )
سنذكر هذا لاحقا

التيار الثاني يضم مهتمون بالمناخ من اختصاصات شتى ولكن مهووسون بفكره المؤامره
نظريه المؤامره المناخيه (مشروع هارب )

اذا ثاني هذه المحاولات المسمومه والمتهافته تتمثل في الترويج لنظريه المؤامره في حدوث تغير المناخ
و ابرز هذه النظريات تزعم تأثير ما يسمى ب( مشروع هارب ) وهو مشروع بحثي علمي غربي قيل ان الغرض منه هو دراسه الغلاف الايوني و اجراء ابحاث علميه تساعد في تحسين الاتصالات والمراقبه
والمؤامره هنا بحسب زعمهم هي ان مشروع هارب HAARP والكلمه هنا هي اختصار ل ( برنامج ابحاث الترددات العاليه للشفق القطبي الشمالي )هو سلاح مناخي يستخدم في اطار حرب المناخ قد تم تصميمه لغرض التلاعب بالمناخ عبر ارسال موجات عاليه التردد من خلال هوائيات ضخمه في مركز ابحاث الغلاف الايوني في ولايه الاسكا الاميركيه
الى الغلاف الايوني (الايونوسفير ) وتوجيه حزمه الطاقه الكهرومغناطيسيه المرتده الى البقعه المستهدفه
فتسبب حدوث موجات حاره متطرفه وجفاف وامطار وفيضانات بل وحتى حدوث الزلازل عبر التأثير على الصفائح التكتونيه
زعم الكثير من العلماء والاعلاميين من دول شتى ان هناك بالفعل استخدامات اميركيه لهذا السلاح
في دول عديده نتج عنها التسبب بحدوث كوارث شتى
وعلى اساس هذه المؤامره المزعومه ستكون الحوادث الكارثيه المناخيه الاخيره في تركيا واليونان والجزائر وفيضانات المانيا والصين هي من تدبير المؤامره الشيطانيه الاميركيه عبر وسيلتها الخبيثه المزعومه : مشروع هارب التخريبي
والذي يعتبر في نظرهم وسيله من وسائل حروب الجيل الخامس يتم استخدامها او تجريبها لاكثر من مره واكثر من مكان يتم استهدافه


وقبل التعليق ووضع الملاحظات على هذه التهويلات والمبالغات والافكار الهذيانيه اليمينيه الفاشيه
لابد اولا من التنبيه على انني لا استبعد وجود نشاطات امنيه عسكريه اميركيه من هذا النوع تستهدف استخدام التقنيه الفيزيائيه المناخيه في التلاعب بالمناخ
ولكن استبعد فقط مدى تأثيرها ونطاق تجربتها ونجاعتها كون الابحاث والتجريب لا يزال في طور البدايه وما الضجيج حول هذا الموضوع الا من قبيل شن الحروب النفسيه لارهاب الدول المقاومه والمنافسه للغرب الامبريالي ككل والمنافسه لاميركا على وجه الخصوص
وقد رد الكثيرون على هذه المزاعم الساذجه بالقول اذا كانت اميركا تمتلك هذا السلاح حقا بهذه الضخامه والتمكن والقدره فلماذا لم تستخدمه في درء الكثير من الكوارث التي حدثت وتحدث سنويا فيها كحرف مسار الاعاصير مثلا والتي تضرب السواحل الاميركيه كل عام وتتسبب بالخسائر البشريه و الماديه التي تصل احيانا الى متوسط مائتي مليار دولار سنويا !!
سنأتي على ذكر موضوع هارب لاحقا
ولنرجع الى موضوع الاحترار والجدل الدائر حوله

فيزيائيه الاحترار

ولكن لابد من تقديم بعض المعلومات الهامه التي ربما لا يعرفها الكثير من الناس باستثناء ذوي الاختصاص العلمي وهي المعلومات الضروريه لفهم موضوع المقاله بشكل افضل
فالغازات المسببه للاحتباس الحراري المقذوفه للجو وعلى رأسها غاز ثاني اكسيد الكربون وبخار الماء والميثان تعمل على امتصاص الاشعه تحت الحمراء طويله الموجه المنبعثه من سطح الارض وهي اشعه حاره
ليتم الاحتفاظ بها في الجو المحيط مما يسبب حدوث السخونه في الجو
هذا المفعول يشبه مفعول الصوبه او تأثير البيت الزجاجي ولهذا يسمى علميا كذلك Green house effect
ولقد ازداد تركيز ثاني اكسيد الكربون في الجو من 270جزء في المليون مع بدايه الثوره الصناعيه الثانيه الى 380 جزء في المليون واكثر في ايامنا هذه بنسبه زياده مستوى الغاز في الجو تقارب ال 30 %
وفي المقابل ازدياد درجه حراره الجو ما يقرب من درجه مئويه واحده عن مستواها في العام 1860
وهي السنه الفعليه للدخول في ما سمي بالثوره الصناعيه الثانيه


العلم ضحيه التسييس والتشويه والتحريف

يعود هذا الاكتشاف العلمي المهم (الاحتباس الحراري ) الذي ظهر في تلك الفتره للعالم السويدي الشهير ( ارهينيوس ) الذي دخل في جدل حاد مع مجايليه من العلماء
والذي ربما كان احد ملهمي ماركس وانجلز في الفكره العبقريه التي تقول
ان النظام الراسمالي يدمر الطبيعه عبر تلويث البيئه
لينقسم العلماء لاحقا ازاء هذه الظاهره الخطيره الى ما يشبه حزبين بيئيين
حيث مال الاشتراكيون في الغرب ومعهم بعض الليبراليين الى مناصره البيئه والدعوه الى مواجهه ظاهره الاحتباس الحراري بينما ذهب الرأسماليون الى المكابره والانكار وعدم الاكتراث بمصير الارض والبشر وراحوا يمررون السياسات الاقتصاديه التنمويه المعاديه للبيئه
فجل ما كان يعنيهم هو الاستثمار من اجل الربح الربح اولا والربح اخيرا
و اخذوا يبررون ويجملون انشطتهم الضاره بالبيئه بوضعها تحت عناوين براقه من قبيل
التنميه والتحديث والرفاه و ووو
لتبدوا الامور مذذاك وكأن السياسي والايديولوجي والمصلحي الاقتصادي يطغى على ما هو علمي موضوعي بحت وماهو انساني واخلاقي صرف له علاقه بصحه و مصير البشر !!
لكن وكلما تقدم الزمن و تتالت المراحل وبدأت تتضح اكثر واكثر مظاهر الاختلال البيئي وبدأت العواقب السيئه تفعل فعلها كلما سمعنا صيحات البيئيين تتعالى وتزداد تأثيرا في الناس حتى تبلورت افكارهم ومبادراتهم
و مواقفهم السياسيه الانسانيه والاخلاقيه في تيار فكري سياسي و قوه سياسيه لا يستهان بها في مجتمعات الغرب الاوروبي والاميركي
وهكذا حتى وصلنا في العقود القليله الماضيه الى انعطاف مهم حيث تحول التعاطي مع موقف الناس ووعيهم تجاه الاحتباس الحراري وتغير المناخ الى مسأله حيويه اساسيه يتم وضعها على رأس الاولويات الاستراتيجيه التنمويه البيئيه المستدامه
عند البعض
وبنفس الوقت مجرد عنوان سياسي و وسيله للتكسب الانتخابي واداه لهزم الخصوم السياسيين
لدى البعص الاخر
ولان الامور تطورت ووصلت ضمن سياق الصراع السياسي الاجتماعي الطبقي بين الفقراء الضحايا افرادا وشعوبا والاثرياء المستهترين افرادا وشعوبا الى درجه تدخل الهيمنه الراسماليه في العلم بشكل فاضح
وتشويه النظريات العلميه ذات النفس البيئي وانكارها والتحريض عليها خدمه لمصلحه استمرار الانتاج الضار بالبيئه واستمرار تدفق الارباح الى جيوب الاثرياء من مالكي الشركات الكبرى وجيوب خدمهم السياسيين و الاعلاميين
وهو ما يحدث مع نظريه الاحتباس الحراري التي كسبت الى صفها الغالبيه العظمى من علماء المناخ والبيئه وكبار خبراء اداره الموارد الطبيعيه وكل علماء العلوم المرتبطه بالمناخ
الكثير من هؤلاء وقفوا الى جانب النزاهه والحياد في نشاطهم ولم يكن موقفهم العلمي نابع من مسبقات ايديولوجيه وسياسيه وانما من وقائع ملموسه وادله وبراهين علميه لا يرقى اليها الشك
ومن خرج عن هذا المسار الملتزم علميا واخلاقيا هم العلماء والباحثون المأجورون او المؤدلجون ممن يميلون الى ترهات وخزعبلات اليمين البورجوازي الفاشي الرجعي
وهم العاملين في مراكز بحثيه تخدم سياسه ارباب الصناعات ونخب اليمين السياسي الفاشي
هؤلاء الاخيرون هم من ابتكروا لنا اطروحات براءه النشاط البشري من التسبب بالاحترار وظواهر تغير المناخ وراحوا يدافعون ويستميتون في الحديث عن العوامل الطبيعيه الذي ذكرتها اعلاه
في محاوله منهم كما قلنا للتضليل والخداع وحمايه مصالح استثمارات صناعيه فاقده للترشيد البيئي
وضاره بالبيئه والصحه البشريه ومسببه للكوارث المناخيه
يتبع

#عدلي_عبد_القوي_العبسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات