أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - نحو بناء الوطنية السورية الجامعة














المزيد.....

نحو بناء الوطنية السورية الجامعة


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 6984 - 2021 / 8 / 10 - 19:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو الموقع الجيو - استراتيجي أحد أهم أسباب تعقيد المسألة السورية، حيث أضحت سورية ميداناً لتنافس القوى الإقليمية والدولية، وربما يمضي السوريون أوقاتاً عصيبة لريثما يستطيعون إعادة بناء وطنيتهم الجامعة.
لقد شهدت سورية في عشرة أعوام ما لم تشهد مثله في نصف قرن سابق، إذ تغيّر أغلب السوريين، تغيّرت مدنهم وقراهم وأعمالهم وعلاقاتهم وتصوراتهم عن أنفسهم وعن غيرهم.
فمنذ بدء الحراك الشعبي في آذار/مارس 2011، ومع تصاعد العنف المحض الذي بدأته سلطة آل الأسد، باتت أغلب المكوّنات السورية تستشعر نفسها كجماعات وهويات عابرة للكيان، وتتخيل نفسها أقرب الى دول ومجتمعات خارج بلادها، أكثر مما تستشعر قرباً وتماهياً مع المكوّنات الوطنية ضمن الكيان السوري. مما أدى إلى تداعي الإطار الوطني للصراع لمصلحة الانتماءات الفرعية، ما دون الدولة الوطنية الجامعة. ولا شك أنّ سلطة آل الأسد كانت الرائدة في تحطيم الإطار الوطني للصراع، كما أنّ ظاهرة الأسلمة المتطرفة للثورة، خاصة مع وجود الجهاديين الأجانب، تركت آثاراً على انهيار الإطار الوطني تدريجياً.
وهكذا أضحى الصراع صراعاً مركّباً، تختلط فيه مطالب الحرية والكرامة والانتقال السياسي من الاستبداد إلى الديمقراطية مع الحرب الأهلية ومع الصراع الإقليمي والدولي.
ويتعدى انهيار الإطار الوطني النطاق السياسي والجغرافي إلى النطاق الزمني أيضاً، إذ لدينا من يعيشون زمناً أصولياً لا يتغير، يستعيدون فيه بواكير الإسلام المفترضة، ومن يعيشون زمن سلطة آل الأسد " الأسد أو نحرق البلد "، وفي الوقت نفسه هناك من تنشدّ أنظارهم إلى الوطنية السورية الجامعة.
ونرى أنّ خيار الوطنية الجامعة يمكن أن يضع السوريين في وضع أفضل لمواجهة تحديات المستقبل، إذ إنّ التفكير في المعطيات الراهنة يقتضي التأسيس لتصور جديد لهذه الوطنية، يقوم على النظر إلى المكوّنات السورية المختلفة كمكوّنات تأسيسية متساوية الحقوق والواجبات، ويؤسس لامتلاك السوريين دولتهم، ويسهم في تكوّنهم كمواطنين أحرار متساوين. وبذلك يمكن لمطالب الحرية والكرامة والتغيير أن توفر أسباباً قوية للانحياز لها والوقوف إلى جانبها من جميع مكوّنات الشعب السوري.
وفي الوقت نفسه يجدر بنا أن نسلك حياداً إيجابياً تجاه القضايا والقوى الإقليمية والدولية، لئلا نغرق في الصراعات التي تتجاوزنا حجماً وقدرة. ويبقى العامل الذاتي الوطني حجر الأساس في أي تعامل مع المبادرات والجهود الإقليمية والدولية التي تقارب المسألة السورية، فمن دون قيادة سياسية متماسكة، من غير تلك التي خبرناها طوال السنوات الماضية، تمتلك رؤية سياسة واضحة ومطمئنة لسائر المكوّنات السورية، على قاعدة احترام الحقوق والخصوصيات، تأخذ في اعتبارها المعادلات الإقليمية والدولية، وتؤكد للجميع أنّ سورية المستقبل ستكون عامل استقرار وسلام لمصلحة الجميع، وبناء سرديتنا كقضية انعتاق إنساني ديمقراطي عام، ستبقى الأمور عائمة، مفتوحة على غير ما هو منشود.
نحن اليوم مدعون لإبداع الأفكار والرموز والقيم الوطنية الجامعة، فلا سبيل أمامنا للتحرر من السيطرة الأجنبية بالتوجه نحو الماضي. فقد أحرز الحراك الشعبي السوري إنجازات هامة في بدايات انطلاقه، بفضل سلميته ووطنيته الجامعة، فكسر حاجز الخوف الذي هيمن طويلاً على حياة السوريين، وأظهر للملأ شجاعتهم واستعدادهم للتضحية من أجل حريتهم وكرامتهم، وأبرز تصميمهم على التغيير وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
إنّ الشعب السوري يريد الحرية والحياة الكريمة في ظل دولة وطنية، مدنية، هي دولة حق وقانون لجميع مواطنيها، وسلطة وطنية عامة هي سلطة القانون الذي يضعه الشعب لنفسه بإرادته الحرة. والحل المجدي الوحيد يكمن في قيام الدولة، التي عمادها المواطنة الكاملة القائمة على دستور عادل لا يميّز بين المواطنين على أساس ديني أو مذهبي أو قومي.
يستدعي هذا، قبل أي شيء آخر، العودة إلى ذاتنا، واستعادة الروح الأولى للحراك الشعبي والمبادئ التي كانت تمثله، في الحرية والكرامة وحق الشعب في تقرير مصيره، ورفض المساومة على القضية التي ضحى من أجلها ملايين السوريين. فمن دون إحياء هذه الروح من جديد، وتعميم إشعاعها في قلوب أغلب السوريين، لن يبقى هناك أي معنى لمعركتنا الراهنة، وسيتحول الكفاح البطولي المرير الذي خاضه شعبنا، منذ عشر سنوات، إلى اقتتال مجاني، عبثي.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول منظومة الولاء لسلطة آل الأسد
- اللامركزية الإدارية الجغرافية الموسّعة في سورية المستقبل
- مكانة سورية في الاستراتيجية الروسية للشرق الأوسط (2 - 2)
- مكانة سورية في الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط (1 - 3) ...
- مفهوم وكيفيات التربية على المواطنة المتساوية
- كيفيات بناء الوطنية السورية الجامعة
- تساؤلات الحداثة لمستقبل سورية
- مخاطر البعد الديني في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي
- تحديات الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين وسبل تجاوزها
- حديث هشام جعيّط عن الأمة الثقافية
- أربع وخمسون عاماً على هزيمة العرب الكبرى
- ثلاث وسبعون عاماً على النكبة الفلسطينية
- مخاطر الطائفية السياسية على مستقبل الدولة السورية
- الخلفية الثقافية للكارثة السورية
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (2)
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (1)
- جمال الأتاسي وتحديث الفكر القومي
- في ضرورة تحديد الأولويات ومراجعة الأهداف
- مضامين الانتقال السياسي في سورية
- آفاق الثورة السورية


المزيد.....




- -تنمر وخيانة-.. المتحدث باسم خارجية إيران عن الضربات الأمريك ...
- من فوردو إلى أصفهان.. إليكم تسلسل هجوم أمريكا الزمني على منش ...
- الصواريخ الإيرانية تخرق القبة الحديدية.. دمار كبير يصيب عدة ...
- هل -انتهى- البرنامج النووي الإيراني بالفعل كما أعلن ترامب؟
- هل تم استهداف محطة بوشهر النووية جنوب إيران؟
- مؤتمر صحفي لوزير الدفاع الأمريكي : -دمّرنا البرنامج النووي ا ...
- ضربات إيرانية متواصلة على إسرائيل تحدث اضرارا بمواقع مختلفة ...
- مضغ العلكة قبل الأكل.. حيلة غذائية أم فخ للجهاز الهضمي؟
- ما القصة وراء تسريب 16 مليار كلمة مرور؟
- إيران تمتص أثر الضربة الأميركية وتخفي طبيعة ردها القادم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - نحو بناء الوطنية السورية الجامعة