أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله تركماني - تحديات الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين وسبل تجاوزها














المزيد.....

تحديات الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين وسبل تجاوزها


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 6925 - 2021 / 6 / 11 - 20:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بداية لا بدَّ أن نعترف بأنّ بلادنا تضم تعدداً وتنوعاً دينياً ومذهبياً يشكل صورة حضارية مشرقة للتنوّع والتفاعل والعيش المشترك، ومستقبل سورية لا يستقيم في ظل قيادات تعيش حالة تنافس غير منضبط يمكن أن ينقلب في أي وقت إلى فوضى، مثلما هي حال ساحة المكوّنات الإسلامية والعلمانية، التي تغرق في بحر من الخلافات رغم ما تدّعيه من وحدة الأهداف، وتؤكده حول وجود خلافات محدودة في أساليبها، لكنّ الغريب أنها لا تجد ما يكفي من مشتركات تدفعها إلى اعتماد الحوار في علاقاتها، والإقرار المتبادل بحق كل منها في تقديم قراءة مختلفة حول ما تطرحه حاجات الواقع السوري الراهن من قضايا ومسائل ومشكلات، لأنّ وجود الاختلاف، وبالتالي الحوار، ضروريان لتشكيل فضاء الحرية المفتوح.
وفي الواقع تثير إشكالية البديلين الممكنين في سورية ما بعد التغيير جملة تساؤلات: هل ثمة ضرورة لعلاقة ما بين الدين والدولة؟ وإذا كان الجواب بنعم كيف تكون؟ وما هي تجلياتها ومحدداتها وحدودها وإيجابياتها وسلبياتها؟ وأية سلطة ستنشأ في حالة هيمنة الإسلاميين وبالتالي أية ديمقراطية؟ وما مدى قدرتهم ورغبتهم في احترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان؟ وما الذي يريده العلمانيون على صعيد ماهية الدولة والمواطنة السورية وطبيعة الحكم؟ وما هي فرص التوافق ومخاطر الصراع بين البديلين الممكنين؟
معوّقات الحوار:
• يطرح التوزع بين منطقي العلمانيين والإسلاميين أكثر من سؤال منهجي ومعرفي بخصوص تأصيل مفهوم العلمانية وتوطينه في المجال السياسي السوري، بل إنّ الاجتهاد الأكبر يعود إلى الإسلاميين، برفع اللبس عن مفهوم مفصلي في تشكُّل مجال سياسي مؤثث على التعددية، وحق الاختلاف، والتنافس، والتكافؤ في الفرص، وما إلى ذلك مما هو مندرج ضمن سقف الدولة المدنية.
• إنّ التحدي الكبير الذي يواجهه الإسلاميون السوريون يتجسد في موقفهم من المساواة بين المواطنين، بغض النظر عن أي معطى آخر: ديني، أو طائفي، أو قومي. بما تقتضيه هذه المساواة من أن تكون مرجعيتهم الإسلامية حاضنة حضارية تتسع لجميع صنوف الاختلاف السياسي والديني داخل المجتمع السوري. وعليه: كيف سيجسدون المرجعية الإسلامية عملياً؟ وما هي مكانة الإسلام في دستور سورية المستقبل؟ وما هو موقع الشريعة الإسلامية في التشريع السوري القادم؟ هل هي أحد مصادر التشريع أم المصدر الرئيسي؟ كيف يمكن التكيّف السياسي الشامل مع ما أحدثته الثورة من تغيّرات في الثقافة السياسية السورية، أم أنهم يريدون تكييف أهداف الثورة لأهدافهم؟
ولعلَّ التحديات والأسئلة كثيرة، وكلها تتعلق بمفهوم مدنية الدولة، وديمقراطية الحكم، والموقف من مفهوم المواطنة، ومنظومة الحقوق والحريات للجميع من دون تمييز. ويبقى التحدي الأساسي المطروح هو النأي بالمسألة الدينية عن صراعات الشرعية السياسية والتجاذبات الأيديولوجية، وتحويلها إلى سياج معياري ضامن للقيم المدنية المشتركة (الديانة المدنية بلغة جان جاك روسو).
• أما التحدي الذي يواجهه العلمانيون فهو الاعتراف بأنّ الحالة الإسلامية السورية هي جزء من النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي، فلا يمكن تجاهل وجودها أو التلويح بخطرها من قبل بعض العلمانيين، وذلك لسبب بسيط، هو أنّ الديمقراطية اليوم لا تحتمل أي خطاب إلغائي أو استئصالي لأي من المجموعات السياسية حتى لو اختلفنا معها. على أنّ خطأ التعاطي مع الإسلاميين كتيارات دينية وأيديولوجية جامدة من دون النظر إليهم كحركات اجتماعية وقوى سياسية تؤثر وتتأثر بما يدور حولها، يحرمنا من إمكانية البحث عن فرص التوافق من أجل بناء سورية المستقبل.
محددات التجاوز:
• المساواة بين المواطنين، بغض النظر عن أي معطى آخر: ديني، أو طائفي، أو قومي.
• التكيّف الشامل مع ما أحدثته الثورة من تغيّرات في الثقافة السياسية السورية، واعتبار قيم الثورة السورية، المتمحورة حول الحرية، تمثل مرجعية سياسية لكل القوى التي تريد القطع مع الماضي وإدخال البلاد نهائياً في مرحلة ديمقراطية.
• النأي بالمسألة الدينية عن صراعات الشرعية السياسية والتجاذبات الأيديولوجية، وتحويلها إلى سياج معياري ضامن للقيم المدنية المشتركة.
• المصالحة بين مجتمع مؤمن ودولة لا دينية، أي دولة تحترم الدين وتصون الحريات الكاملة لرعاياها المؤمنين لممارسة شعائرهم الدينية، المتعددة والمختلفة والمتباينة، من دون أن تتخلى عن مدنيتها.
• عدم التشجيع على الاستقطاب الأيديولوجي وتقسيم المجتمع على أساسه، وإنما الاشتغال بأدوات الفعل السياسي (بلورة برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية).
• الدولة ذات وظيفة سياسية بحتة، ورهاناتها متعلقة بمصالح الشعب السوري، وعلاقتها مع أطياف المجتمع علاقة تعاقدية. من مقتضياتها أن تكون على مسافة واحدة من المكوّنات السورية في إطار مفهوم " المواطنة "، ومن مقتضيات ذلك أن تقف حيادية تجاه الدين.
• دستور الدولة يفسر طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة وهو المرجعية الوحيدة التي يعود إليها الطرفان عند الاختلاف، فليس هناك فرق، على مستوى القانون والواجبات والحقوق، بين الأفراد بسبب لونهم أو إثنيتهم أو دينهم، فجميعهم مواطنون.
• العمل بمنطق وفاقي والبحث عن أوسع ائتلاف ممكن للانتقال بسورية من حالة الدمار الحالي إلى أفق ديمقراطي أرحب.

وهكذا، ثمة احتمالان ينضجان في واقعنا الراهن: احتمال أن نذهب إلى مصالحة تاريخية بين أطراف السياسة والمجتمع، خاصة بين العلمانيين والإسلاميين، تتيح انتقالاً آمناً نحو نظام ديمقراطي بديل، نقبله جميعاً لأنه من اختيارنا، واحتمال نقيض يعني تحققه ذهابنا من أزمتنا الراهنة إلى حال مفتوح على الاقتتال والفوضى. هذان الاحتمالان هما بديلان تاريخيان للواقع السوري الحالي، يمثل أولهما فرصة وثانيهما كارثة. ولكي يرجح احتمال الفرصة فلنعمل من أجل توحيد جهود كل المواطنات والمواطنين، من أجل بناء مجتمع الحرية والكرامة في سورية المستقبل.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث هشام جعيّط عن الأمة الثقافية
- أربع وخمسون عاماً على هزيمة العرب الكبرى
- ثلاث وسبعون عاماً على النكبة الفلسطينية
- مخاطر الطائفية السياسية على مستقبل الدولة السورية
- الخلفية الثقافية للكارثة السورية
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (2)
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (1)
- جمال الأتاسي وتحديث الفكر القومي
- في ضرورة تحديد الأولويات ومراجعة الأهداف
- مضامين الانتقال السياسي في سورية
- آفاق الثورة السورية
- الثورة السورية المغدورة
- أسباب تعثّر الاتحاد المغاربي
- مقاربة الاتجاه الماركسي القومي لبناء الدولة القومية
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (5)
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (4)
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (3
- أهم دروس الثورة التونسية في ذكراها العاشرة
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (2)
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (1)


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله تركماني - تحديات الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين وسبل تجاوزها