أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - مفهوم وكيفيات التربية على المواطنة المتساوية














المزيد.....

مفهوم وكيفيات التربية على المواطنة المتساوية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 6953 - 2021 / 7 / 9 - 23:40
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


المواطنة مفهوم سياسي تبلور في سياق بناء الدولة الحديثة، وهي لن تترسخ ممارسةً إلا بترسيخها مفهوماً، من خلال ربطها بمفهوم " الحداثة السياسية "، وكل دولة لا يكون فيها المواطنون متساوين في الحقوق والواجبات تظل مهددة في استقرارها واستقلالها، بل تصبح مع الزمن " دولة فاشلة ". وليس المطلوب لإنجاح مبدأ المواطنة صهر المواطنين في قالب واحد، بل اندماجهم وفق الحد الضروري الذي يضمن لهم العيش المشترك، أي أنه اندماج لا يلغي التنوّع والاختلاف، بل يعتبرهما ثراءً إيجابياً مطلوباً.
إنّ التربية على المواطنة ترتبط بثلاثة مستويات: أولها، التعليمي الذي يتعلق بالمناهج الدراسية، والأساليب التدريسية بحيث تصبح مادة حاضرة في علاقة التلميذ بالمربّي، وعلاقتهما معاً في المنهج الدراسي، بما يجسد قيم الكرامة والمساواة والحرية وحق الاختلاف والاعتقاد والحق في المشاركة. وثانيها، التربوي الذي يتطلب دروساً تطبيقية وورشات عمل وندوات، حسب المراحل العمرية، إضافة لأسلوب حياة يومي في علاقة الطالب بالأستاذ والإدارة، بما يؤدي إلى تكوين شخصية منفتحة على الآخر، وقبول حق الاختلاف، وثقافة المساواة وقيم المواطنة. كل ذلك من خلال عملية بناء وتراكم وتطور تدريجي طويل المدى. وثالثها، الثقافي والمجتمعي، إذ لا يكفي حشو رؤوس الطلاب بالمعلومات عن الحرية والمساواة والعدل واحترام حق الاختلاف، لكنّ المهم أن يمارسوا تلك الحقوق، من خلال إعلاء قيم الحياة والمساواة والعيش المشترك في المجتمع.
وإذا ما زُرعت هذه القيم، منذ الصغر، فإنها ستزدهر وتصبح جزءاً من ثقافة المجتمع، التي لا يمكن التجاوز عليها، خصوصاً أنّ الناس سيمارسونها كسلوك يومي، سيكون من الصعب انتهاكها، لأنها ستصبح عادة يصعب اقتلاعها.
إنّ التربية على المواطنة تتطلب، إضافة إلى المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية، شعور المواطن بـ " مواطنيته "، من خلال اشتراكه في الشأن العام لوطنه، خاصة في عصر مواقع التواصل الاجتماعي التي تيسّر له إمكانية التعرّف على أنماط حياة المواطنين في الدول الأخرى، حيث يتمكن من التواصل مع الآخرين، ويتعرّف على حجم الحريات التي يتمتعون بها، في الفكر والتعبير والتنقل والتملك والعمل.
وطبقاً للمستويات السابقة، فإنّ مشروع التربية على المواطنة، ليس مشروعاً تعليميا ًأو تربوياً فقط، وإنما هو مشروع اجتماعي – تربوي – ثقافي، يتعلق بالعقل والتنوير والقيم والحقوق، التي لا يمكن أن تكون إلا بدمج المجالات المختلفة، الفردية والاجتماعية والثقافية والقانونية والسياسية.
إذن لابدَّ من تكريس المواطنة لاحتضان تنوّعنا، العرقي والديني والفكري والسياسي، إثراءً لجدلية تطورنا، وليس سبباً للصراع والفتنة اللذين يؤديان إلى التآكل الذاتي والانهيار.
وهكذا، ينبغي التركيز على الجيل الناشئ وتهيئته ليكون سلّم الانتقال التدريجي لسورية الجديدة، القائمة على المواطنة والديمقراطية، واعتماد الكفاءة والنزاهة والولاء للوطن والشعب، أسساً حصرية لعلاقاتنا الداخلية، وليس الانتماءات الفرعية، القومية والطائفية والمذهبية.
لقد أكدت ثورة الحرية والكرامة أنّ حالة المواطنة والاندماج الاجتماعي في سورية تتسم بإعادة إنتاج وترسيخ الأطر والعلاقات التقليدية، الطائفية والمذهبية والعشائرية والقومية، وما تنطوي عليه من انقسام اجتماعي يهدد وحدة المجتمع السوري.
من هنا، فإننا أحوج ما نكون إلى التربية على المواطنة السورية، باعتبارها عملية شاقة ومتواصلة، بعد نصف قرن من هيمنة نظام الاستبداد على حياة السوريين، إذ ينبغي السعي إلى إعادة تكوين المواطن السوري، وتنمية وعيه بنظام حقوقه وواجباته، وتطوير مستوى مشاركته في الشأن العام وحياة جماعة المواطنين الآخرين، باعتبار ذلك وسيلة من وسائل تنوير المواطن بحقيقته، من حيث أنه عضو حرٌّ في الدولة السورية، ويتساوى مع سائر مواطنيها في الحقوق والواجبات، ويشارك في حياتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
إنّ إشاعة مفهوم المواطنة، في التنشئة السياسية والاجتماعية والثقافية، يؤدي إلى نمو الوعي العام بأهمية الحوار مع الآخر، بوصفه وسيلة لتحقيق التضامن الاجتماعي، وبوصفه وسيلة لمحاولة التوصل إلى الأحكام الرشيدة.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيفيات بناء الوطنية السورية الجامعة
- تساؤلات الحداثة لمستقبل سورية
- مخاطر البعد الديني في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي
- تحديات الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين وسبل تجاوزها
- حديث هشام جعيّط عن الأمة الثقافية
- أربع وخمسون عاماً على هزيمة العرب الكبرى
- ثلاث وسبعون عاماً على النكبة الفلسطينية
- مخاطر الطائفية السياسية على مستقبل الدولة السورية
- الخلفية الثقافية للكارثة السورية
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (2)
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (1)
- جمال الأتاسي وتحديث الفكر القومي
- في ضرورة تحديد الأولويات ومراجعة الأهداف
- مضامين الانتقال السياسي في سورية
- آفاق الثورة السورية
- الثورة السورية المغدورة
- أسباب تعثّر الاتحاد المغاربي
- مقاربة الاتجاه الماركسي القومي لبناء الدولة القومية
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (5)
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (4)


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - مفهوم وكيفيات التربية على المواطنة المتساوية